الأردن.. تجربة فريدة للنهوض بالقطاع الخاص
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
د. يوسف بن حمد البلوشي
yousufh@omaninvestgateway.com
نجحت المملكة الأردنية الهاشمية في الصمود أمام تحديات استثنائية طالتها من مختلف الأصعدة؛ الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ناهيك عن شح الموارد وموقعها الجغرافي في منطقة مُلتهبة بالتوترات والنزاعات.
ولا تزال المملكة الأردنية الهاشمية ملاذًا آمنًا لشعوب المنطقة العربية التي تُعاني من عدم الاستقرار، وهو ما يُؤكد قدرة الاقتصاد الأردني على التكيف والنمو في أصعب الظروف.
ونسلط الضوء هنا على أبرز الجهود الأردنية في التعامل مع التحديات الإقليمية والعالمية؛ وذلك من خلال تبنّي المملكة لمبادرات وسياسات مُتعددة، تهدف إلى تعزيز المرونة والقدرة على التكيف في ظل الظروف المُتغيرة. ومن بين هذه الاستراتيجيات، إيجاد آلية التشاور الفعّالة مع القطاع الخاص؛ فمن خلال مبادرة سامية من جلالة الملك عبد الله الثاني عاهل الأردن، تأسست آلية لعقد اجتماعات منتظمة ودورية مع شركات القطاع الخاص؛ بهدف الاستماع المباشر إلى تحديات رجال الأعمال، وقد ساهمت هذه الخطوة الرائدة بشكلٍ كبيرٍ في إيجاد حلول لتحديات القطاع الخاص، وتحقيق نجاحاتٍ اقتصاديةٍ ملموسة، على الرغم من التحديات البنيوية وتعقيدات السياق الإقليمي.
وبالإشارة إلى المستجدات الاقتصادية للأردن الشقيق، فقد سجّل الاقتصاد الأردني في العام 2023، تسارعًا في نمو اقتصاده بعد أن تعافى من تأثير صدمة "جائحة كورونا"؛ لينمو الناتج المحلي الحقيقي بما نسبته 2.7%. ويُعزى هذا التحسن إلى النمو القوي في القطاعات الخدمية مثل النقل والاتصالات، والتمويل والتأمين، وتجارة الجملة والتجزئة، والسياحة والسفر، إلى جانب تعافي قطاع الصناعة والزراعة. وتُشير توقعات المؤشرات الاقتصادية الرئيسية لعام 2024 إلى استمرار التعافي مدفوعًا برؤية التحديث الاقتصادي، التي أُطلقت برعاية جلالة الملك عبد الله الثاني في يونيو 2022، وبالإصلاحات الهيكلية الرامية إلى تحفيز النمو وسط مخاوف جديدة من تأثيرات إقليمية على الاقتصاد جرّاء العدوان على غزة.
وفي هذا الإطار كذلك، تُشير الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بسلطنة عُمان، إلى أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية قد ارتفع خلال عام 2021 بنسبة بلغت 33.8 بالمائة ليصل إلى حوالي 61 مليونًا و855 ألف ريال عُماني مقابل 46 مليونًا و236 ألف ريال عُماني في عام 2020. وأشارت الإحصاءات إلى أن حجم الاستثمار الأردني في سلطنة عُمان قد وصل بنهاية عام 2021 إلى حوالي 230 مليونًا و400 ألف ريال عُماني. وتُعدُّ العلاقات العُمانية الأردنية نموذجًا مميزًا من العلاقات الوطيدة بين الدول، فمنذ بداية النهضة العُمانية المباركة في 1970، وقف الأردن إلى جانب سلطنة عُمان، في تأكيد على عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين البلدين. وكانت سلطنة عُمان دائمًا حاضرة سندًا للأردن في مواجهة التحديات، ولم تدّخر جهدًا في دعم قضاياه وتوجهاته. وقد أرسى دعائمَ هذه العلاقة المميزة المغفورُ لهما السلطان قابوس بن سعيد والملك الحسين بن طلال -طيّب الله ثراهما- وأكمل مسيرتها المباركة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق وجلالة الملك عبد الله الثاني حفظهما الله. وتتميز العلاقات العُمانية الأردنية بالتطابق في وجهات النظر حول مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية، كما يلتقي البلدان في تبنّي النهج الوسطي السلمي والمتوازن الداعم للشرعية الدولية. وتُؤكّد هذه العلاقة المميزة أهمية التعاون والشراكة بين الدول العربية، وتُمثل نموذجًا يُحتذى به في تعزيز العمل العربي المشترك.
وتتوفر آفاق واسعة لتطوير الشراكة بين عُمان والأردن إلى مستوى استراتيجي في مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية والأمنية. ويتضمن هذا التطوير: العمل وفق إطار تعاون واضح المعالم، ووفق خطة عمل مُتفق عليها للمدى المتوسط والطويل. وتشمل الشراكة الاستراتيجية ترتيبات وتفاهمات للتعاون في مجالات الاستثمار وإدارة وتقاسم العوائد من مشاريع مشتركة، التي يمكن أن تعود بالفائدة على الطرفين. وتنطوي هذه الترتيبات على التزامات مُتبادلة. وتحقيق هذه الشراكة لن يتم إلّا من خلال دراسة عميقة وتشبيك وثيق بين الاقتصادين، بقيادة شركات القطاع الخاص في البلدين. وتوجد عوامل مُتعددة تُعزِّز الفرص لتطوير الشراكة الاستراتيجية بين عُمان والأردن، ومن بين هذه العوامل: الجغرافيا المتميزة؛ فعلى سبيل المثال، تتميز سلطنة عُمان بموقع استراتيجي يجمع بين الشرق والغرب، مما يجعلها مركزًا للتواصل بين أسواق أوروبا وآسيا، ويوفِّر لها سهولة الوصول إلى ممرات النقل البحري الرئيسية في العالم، وبالتالي يتسنى لها التواصل بسهولة مع دول الخليج العربي وأفريقيا وشبه القارة الهندية. كما يمثل الموقع الاستراتيجي للأردن، حلقة وصل بين منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا؛ مما يجعله مركزًا رئيسيًا لشبكات النقل والخدمات اللوجستية. وبفضل هذه القُدرات، يتمتع البلدان بإمكانيات استثنائية لتعزيز التعاون الاقتصادي، وخاصة في قطاع اللوجستيات والصحة، والأدوية، والبنية الأساسية، والتطوير العقاري، والصناعات الغذائية، وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة.
وفي ظلّ التوجيهات السامية والرؤية الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- تسعى سلطنة عُمان إلى إرساء نهجٍ اقتصادي مُتكاملٍ ومُتجدد يُعزّز من قدرتها على مواكبة التطورات العالمية وتحقيق التنمية المستدامة. ويستدعي هذا النهج تبنِّي مبادرات استراتيجية للتواصل بشكل فعَّال ومباشر- دون وساطة حكومية- مع الشركاء في القطاع الخاص والمستثمرين؛ للدفع قُدمًا في تنفيذ التوجُّهات الاستراتيجية وإيجاد حلول للتحديات التي تواجه القطاع الخاص. وأن تُعقد هذه اللقاءات وفق أجندة واضحة بقيادة غرفة تجارة وصناعة عُمان، التي يتعين قيامها بالدور المنشود منها في التحضير الواضح والمتكامل للتحديات واقتراح الحلول الفعالة بشكل متوازن يراعي طبيعة المرحلة التنموية للسلطنة. وهنا نرى أهمية انعقاد هذه اللقاءات بصورة دورية (كل شهرين) على المستوى القطاعي، بحيث يتم التركيز على قطاع واحد مُعيّن، يجري اختياره بعناية وفق قدراته التشغيلية والتصديرية ومزاياه النسبية، ومدى انتشاره في محافظات السلطنة المختلفة. على أن يُنظَّم اللقاء وفق محاور مُعدّة بعناية، وبعد تحليل دقيق للوضع الراهن والفرص والتحديات. ونؤكد أهمية أن يُراعى في هذه اللقاءات اختيار ممثلي القطاع المستهدف من شركات ورجال القطاع الخاص، عددٌ من المعايير المرتبطة بحجم الأعمال، والتوزيع الجغرافي، وفئة الاستثمار، ودعوة عدد من المستثمرين الأجانب وفق معايير اختيار دقيقة.
نحن في هذا البلد العزيز نُدرك أننا أمام مرحلة مفصلية ونتطلع لتحقيق رؤية مُلهمة تسهم في نقل عُمان إلى مصاف الدول المُتقدِّمة، وهو ما يستوجب إحداث تغيير هيكلي في تركيبة الاقتصاد العُماني ليكون أكثر قدرة على خلق فرص العمل، وتنويع القاعدة الإنتاجية؛ ليصبح بلدنا العزيز أكثر رسوخًا وقدرةً على التكيف مع الأزمات والصدمات الخارجية التي أصبحت سِمَة هذا العصر. وبات هناك شبه إجماع على أن الأمر يتطلب تغييرًا جوهريًا في أدوار الفاعلين في الاقتصاد وتجديدًا في ديناميكية العلاقة بين الحكومة وشركات القطاع الخاص؛ وذلك لتفعيل مُحركات الاقتصاد نحو المزيد من الاستثمار والإنتاج والتصنيع والتصدير وتقديم الخدمات والتي تعتبر أدوارًا أصيلة لشركات القطاع الخاص. وذلك لن يتأتى دون العمل وفق منهجية واضحة وإرسال رسائل واضحة لمجتمع الأعمال المحلي والأجنبي لتمكين القطاع الخاص لتنفيذ الأدوار المنوطة به. ولا يعني هذا انحسار لدور الحكومة بأجهزتها المختلفة وإنَّما إعادة ترتيب الأدوار بما يتفق مع احتياجات المرحلة التنموية الشاملة الحالية والمقبلة، بحيث تُركِّز الحكومة على تمهيد الأرضية وتجهيز الأُطر والمُمكِّنات المناسبة للقطاع الخاص لينهض ويقوم بدوره في رفد الميزانية وخلق فرص العمل والحصول على العملة الأجنبية.
وخير ما نختم به هذا المقال، النطق السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزه الله- "إنَّ عمل الفريق هو دائمًا ناجح، وإن شاء الله في هذا البلد نعمل كفريق في كافة المجالات".
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تقرير حكومي: 500 إجراء إصلاحي لتعزيز دور القطاع الخاص خلال 3 سنوات
استعرض رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، تقريرا أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، يوثق ويرصد مجموعة من الإجراءات الإصلاحية التي تبنتها الحكومة المصرية خلال الفترة من مايو 2022 إلى ديسمبر 2024، بهدف تذليل العقبات أمام تفعيل دور القطاع الخاص، وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص العمل، وتشجيع الاستثمارات، ورفع معدلات التصدير.
تأتي هذه الإجراءات في إطار التوجه الاستراتيجي للدولة نحو تحقيق معدلات نمو يقودها القطاع الخاص، بما ينسجم مع الأهداف الرئيسة لوثيقة سياسة ملكية الدولة.
وأكد الدكتور أسامة الجوهري مساعد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أن الحكومة المصرية تبنّت خلال هذه الفترة حزمة واسعة من الإصلاحات التي تستهدف تعزيز دور القطاع الخاص باعتباره محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي.
وأوضح أن إجمالي الإجراءات الإصلاحية المنفذة بلغ نحو 500 إجراء موزعة على ستة محاور رئيسية، تشمل: إصلاحات السياسة النقدية وسعر الصرف، تعزيز المنافسة والحياد التنافسي، دعم القطاع الصناعي، تحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال، إصلاح الأطر القانونية والتنظيمية، وتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة.
وفق التقرير، فإن محورَي "تحسين بيئة الأعمال ودعم الاستثمار" و"تشجيع القطاع الصناعي" استحوذا على النصيب الأكبر من هذه الإصلاحات، بواقع 189 و134 إجراءً على التوالي، بما يمثل نحو 64.6% من إجمالي الإجراءات المنفذة.
كما أظهر التقرير أن عام 2024 وحده شهد تنفيذ 321 إجراءً إصلاحيًا، بنسبة 64.2% من إجمالي الفترة، تركز معظمها في ثلاثة محاور رئيسية: دعم الاستثمار، إصلاح الإطار المؤسسي والتشريعي، وتشجيع الصناعة، بواقع 121 و96 و83 إجراءً على الترتيب، وبما يمثل نحو 93.5% من إجمالي إجراءات العام.
فيما يتعلق بالمحور الأول الخاص بإصلاحات السياسة النقدية وتعزيز مرونة سعر الصرف، أوضح التقرير أنه تم تنفيذ 11 إجراءً إصلاحيًّا، ما يمثل 2.2% من إجمالي الإجراءات التي نُفذت خلال الفترة من مايو 2022 إلى ديسمبر 2024. وكان من أبرز هذه الإجراءات إعلان البنك المركزي المصري في مارس 2024 التزامه بالتحول التدريجي نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، إلى جانب تمديد الأفق الزمني للمستهدفات الجديدة، لتسجل 7% (± 2 نقطة مئوية) بنهاية 2026، و5% (± 2 نقطة مئوية) بنهاية 2028، في إطار توجهه نحو تطبيق نموذج متكامل لاستهداف التضخم.
وساهمت الإصلاحات النقدية وتحرير سعر الصرف في تعزيز الثقة بالاقتصاد المصري وتحسين بيئة الاستثمار، لا سيما في ظل التوجه نحو إطار مرن لاستهداف التضخم. وقد انعكس ذلك، إلى جانب اتفاقيات استثمارية استراتيجية كبرى، على مؤشرات تدفق رؤوس الأموال، حيث سجل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي 2023/2024 نحو 46.1 مليار دولار، وهو مستوى غير مسبوق، بالتوازي مع تحول استثمارات المحافظ إلى صافي تدفقات داخلة بلغت 14.5 مليار دولار.
أما في المحور الثاني المعني بتعزيز المنافسة والحياد التنافسي، شهد تنفيذ 14 إجراءً إصلاحيًّا، بنسبة 2.8% من إجمالي الإصلاحات المنفذة خلال الفترة.
وشمل ذلك الإنجاز الكامل للأهداف المرحلية لاستراتيجية جهاز حماية المنافسة (2021- 2025)، عبر تنفيذ الأنشطة المخططة في محاورها الأربعة. كما تم بدء تطبيق نظام الرقابة المسبقة على التركزات الاقتصادية (الاندماجات والاستحواذات) اعتبارًا من يونيو 2024، في خطوة نوعية لتعزيز الشفافية والعدالة في بيئة السوق.
وانعكاسًا لتلك الجهود، حصل جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية على جائزة شرفية من البنك الدولي وشبكة المنافسة الدولية تقديرًا لمساهمته في تعزيز سياسات المنافسة خلال عام 2024، وذلك من خلال مبادرته الريادية بإنشاء "نموذج محاكاة لسلطات المنافسة العربية" تحت مظلة شبكة المنافسة العربية.
وفيما يتعلق بالمحور الثالث الخاص بتشجيع القطاع الصناعي، أوضح التقرير أن هذا المحور شهد تنفيذ 134 إجراءً إصلاحيًّا، ما يمثل 26.8% من إجمالي الإصلاحات المنفذة خلال الفترة. ومن بين أبرز التدخلات إصدار قرارات وزارية مهمة لتيسير الإجراءات الصناعية، مثل اعتماد شهادات الإشراف الصحي وصلاحية المنتجات الغذائية من الهيئة القومية لسلامة الغذاء اعتبارًا من مطلع عام 2025.
كما شملت الإجراءات تيسيرات لوجستية وجمركية واسعة، أبرزها تفعيل العمل في المواني طوال أيام الأسبوع والعطلات الرسمية، ما ساهم في تقليص زمن الإفراج الجمركي وإتاحة 960 فرصة تصديرية بقيمة تقديرية بلغت نحو 2.3 مليار دولار.
وفي دعم التمويل للقطاعات الإنتاجية، خُصصت أرصدة تمويلية بقيمة 67.5 مليار جنيه لما يقرب من 2600 عميل خلال الفترة من يوليو 2023 إلى يونيو 2024، وُجِّه منها 96% لتمويل رأس المال العامل، واستحوذ قطاعا الصناعة والزراعة على 78% و22% من تلك التمويلات على التوالي. كما أُطلقت في ديسمبر 2024 مبادرة جديدة لدعم القطاعات الصناعية ذات الأولوية بقيمة 30 مليار جنيه، إلى جانب إعادة تفعيل برنامج الإقراض المُيسر للصناعة وحزمة من الحوافز والإعفاءات للمشروعات الصناعية.
وانعكست هذه الإصلاحات بشكل إيجابي على أداء القطاع الصناعي، حيث مثّل قطاع الصناعة 15.7% من الشركات الجديدة المُسجَّلة خلال العام المالي 2023/2024، وسجّل 13% من إجمالي رؤوس الأموال المُصدرة. كما شهدت المناطق الصناعية توقيع 218 عقد مشروع جديد باستثمارات تتجاوز 5.1 مليار دولار. وعلى مستوى الصادرات، ارتفعت الصادرات السلعية المصرية إلى 40.8 مليار دولار في عام 2024، مقارنةً بـ35.8 مليار دولار في عام 2023، بمعدل نمو بلغ 14%.
وفيما يخص المحور الرابع المتعلق بدعم الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال، أوضح التقرير أن الدولة نفذت 189 إجراءً إصلاحيًّا، ما يمثل النسبة الأكبر (37.8%) من إجمالي الإصلاحات خلال الفترة من مايو 2022 إلى ديسمبر 2024.
وشملت هذه الإصلاحات حزمة من التسهيلات الضريبية لتحسين العلاقة بين المستثمرين ومصلحة الضرائب، وتيسير الأنشطة الاقتصادية، إلى جانب إطلاق الرخصة الذهبية التي حصلت عليها 46 شركة حتى مارس 2025، بما يعكس ثقة متزايدة في جدية الدولة في تيسير إجراءات التأسيس والتشغيل.
كما أصدر جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر عبر 33 وحدة شباك واحد:
* 2، 616 رخصة مؤقتة للمشروعات الجديدة
* 242 رخصة نهائية
* 1، 499 رخصة مؤقتة لتوفيق الأوضاع القائمة
وفي دعم بيئة التصدير.. بين التقرير أنه تم ضخ 70 مليار جنيه في إطار برنامج المساندة التصديرية لأكثر من 2.500 شركة بين عامي 2019 و2024، بما عزز من تنافسية الصادرات المصرية في الأسواق الخارجية.
وشهد عام 2024 محطة استثمارية فارقة، بتوقيع أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر مع دولة الإمارات لتطوير وتنمية مدينة "رأس الحكمة" بقيمة 35 مليار دولار، مع توقعات بجذب استثمارات إضافية بقيمة 150 مليار دولار، واستقبال نحو 8 ملايين سائح. ومن المقرر أن تحصل الدولة المصرية على نحو 35% من أرباح المشروع، ما يعزز عائداتها من الأصول غير المستغلة.
وفيما يتعلق بالأثر الاقتصادي المباشر لهذه الجهود، أشار التقرير إلى أن الاستثمارات الخاصة سجلت قفزة كبيرة من 213.5 مليار جنيه في العام المالي 2016/2017 إلى نحو 700 مليار جنيه في 2023/2024، بما يعكس تحسن بيئة الأعمال وزيادة ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، رغم التحديات العالمية.
كما ارتفعت استثمارات القطاع الخاص إلى 148.5 مليار جنيه بالأسعار الثابتة خلال الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، ما يمثل 53.3% من إجمالي الاستثمارات، وبمعدل نمو سنوي بلغ 35.4% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وفيما يتعلق بالمحور الخامس المعني بإصلاح الأطر القانونية والتنظيمية والمؤسسية، أوضح التقرير أن الحكومة نفذت 128 إجراءً إصلاحيًا خلال الفترة من مايو 2022 إلى ديسمبر 2024، بما يمثل 25.6% من إجمالي الإصلاحات المنفذة.
ومن أبرز هذه الإجراءات، صدور مشروع قرار تنظيم وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، بهدف تعزيز التنسيق وتذليل المعوقات أمام المستثمرين، بالإضافة إلى إصدار قائمة مفصلة بالأنشطة الاقتصادية الخاضعة لضوابط تنظيمية للاستثمار الأجنبي، بما يدعم الشفافية ويعزز مناخ الثقة. كما أصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتشكيل المجموعة الوزارية الصناعية لوضع وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية، بما يواكب أهداف تعميق التصنيع وتحفيز الاستثمار المباشر في هذا القطاع الحيوي.
وانعكست هذه الإصلاحات على تحسن ملحوظ في مؤشرات الحوكمة الدولية الصادرة عن البنك الدولي، حيث ارتفع مؤشر الجودة التنظيمية بمقدار 2.4 نقطة ليصل إلى 26.9 نقطة في 2023 مقابل 24.5 في 2022.
كما تحسّن مؤشر سيادة القانون بـ 1.4 نقطة ليبلغ 44.3 نقطة، وحقق مؤشر فعالية الحكومة قفزة قوية بمقدار 7.6 نقاط ليصل إلى 42 نقطة في 2023 مقارنة بـ34.4 نقطة في العام السابق.
وبين التقرير أن هذا التحسن يعكس نجاح الدولة في تعزيز كفاءة الإدارة العامة وتطوير الإطار المؤسسي والتشريعي بما يدعم تمكين القطاع الخاص ويحفّز الاستثمار.
أما المحور السادس والأخير المتعلق بتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، فشهد تنفيذ 24 إجراءً (بنسبة 4.8% من إجمالي الإصلاحات)، أبرزها موافقة مجلس الوزراء في مايو 2024 على مشروع قانون تنظيم ملكية الدولة في الشركات المملوكة أو التي تسهم فيها، كخطوة تشريعية حاسمة لترسيخ أهداف الوثيقة.
وفي ديسمبر 2024، شرعت الحكومة في إعادة هيكلة شاملة للهيئات الاقتصادية وعددها 59 هيئة، بهدف معالجة التشوهات الهيكلية، ورفع كفاءة أدائها، وزيادة مساهمتها الفعلية في الناتج المحلي الإجمالي.
واستعرض التقرير أبرز نتائج الجهود الإصلاحية، والتي انعكست بشكل واضح على مؤشرات تمكين القطاع الخاص، استنادًا إلى أدوات قياس الأثر المعتمدة في وثيقة سياسة ملكية الدولة للأصول.
فارتفعت نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 74.8% خلال العام المالي 2022/2023، كما زادت مساهمته في الاستثمارات الكلية المنفذة إلى 37% في عام 2023/2024.
وعلى صعيد التشغيل، ارتفع متوسط مساهمة القطاع الخاص في توفير فرص العمل إلى 81.3% في عام 2023، مقارنةً بمتوسط بلغ 76.3% خلال العقد السابق (2013- 2022)، ما يعكس الأثر المتراكم للإصلاحات في دعم الديناميكية الاقتصادية للقطاع الخاص.
وفي ختام التقرير.. أشار إلى أن الإصلاحات التي نُفذت خلال الفترة (مايو 2022 - ديسمبر 2024) نالت إشادات دولية واسعة، أبرزها، البنك الدولي، الذي رحّب بقرارات البنك المركزي المصري في مارس 2024، خاصةً ما يتعلق بخفض قيمة العملة، وتوحيد سعر الصرف، ورفع أسعار الفائدة بـ 600 نقطة أساس، ما ساهم في كبح التضخم.
بجانب مركز الأبحاث العالمي "ستارت أب بلينك"، الذي صنّف منظومة الشركات الناشئة في مصر كواحدة من الأقوى في شمال إفريقيا، مدعومة بنمو واضح في ريادة الأعمال وتمويل رأس المال الاستثماري.
وشركة ماكينزي، التي أشادت بجاذبية البيئة الاستثمارية المصرية في ضوء التحولات المؤسسية الأخيرة.
فضلا عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، التي وضعت مصر ضمن الدول العربية القليلة التي أطلقت منصات إلكترونية لتسجيل الاستثمار الأجنبي، وهو ما ساهم في تحسين الشفافية وتيسير الإجراءات.
اقرأ أيضاًرئيس الوزراء يبحث فرص الاستثمار وتطوير العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة
رئيس الوزراء يستعرض مشروع تطوير المنظومة الإلكترونية لإنهاء إجراءات وصول السائحين للمطارات المصرية