تعد الحرية من المفاهيم الأساسية التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها والاستمتاع بها في حياته اليومية. إلا أن مفهوم الحرية المعتدلة يظهر كتوازن رقيق بين حقوق الفرد والمسؤوليات المجتمعية. يشير هذا المفهوم إلى أن الحرية ليست مجرد فرصة للتمتع بالحقوق الشخصية، بل هي أيضًا التزام بتحمل المسؤوليات الواجبة نحو المجتمع.

تكمن أهمية الحرية المعتدلة في تجنب التطرف في ممارسة الحقوق الفردية على حساب استقرار المجتمع. يعكس هذا المفهوم توجيهًا لاستخدام الحرية بشكل متزن، حيث يتعين على الأفراد أن يدركوا أن حقوقهم تأتي مرفقة بالتزامات تجاه الآخرين والمجتمع بأكمله.

في سياق الحياة اليومية، يُظهر المفهوم الحديث للحرية المعتدلة تأثيره في مجموعة من المجالات. على سبيل المثال، في حرية التعبير، يتعين على الأفراد أن يستخدموا حقهم في التعبير بحرية، ولكن يجب أن يكونوا حذرين في تجنب إثارة الكراهية أو العنف. كما يعني الالتزام بالحرية المعتدلة في مجال الاقتصاد أن يتمتع الأفراد بحقوق اقتصادية، ولكن يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه تحقيق التوازن الاقتصادي وتفادي الاستغلال.

يشير مفهوم الحرية المعتدلة أيضًا إلى أهمية احترام حقوق الآخرين والتعاون في بناء مجتمع مزدهر. يعكس هذا التوجه قيم التسامح والاحترام المتبادل، حيث يكون لكل فرد دور مهم في تعزيز التفاعل الإيجابي وتحقيق التواصل البناء.

على الرغم من أهمية الحرية المعتدلة، يبقى التحدي في تحقيق التوازن بين حقوق الفرد والمسؤوليات المجتمعية. يتطلب ذلك جهدًا مشتركًا من الأفراد والمجتمع ككل، حيث يعملون سويًا على تعزيز ثقافة الحوار والتعاون.

في الختام، يمثل مفهوم الحرية المعتدلة نهجًا شاملًا يجمع بين حقوق الفرد والمسؤوليات المجتمعية. يشكل هذا التوازن الدقيق أساسًا لبناء مجتمع حر وعادل يعكس قيم التعاون والاحترام المتبادل.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الحرية مفهوم الحرية

إقرأ أيضاً:

ضريبة الأفراد والاقتصاد الكلي

 

خلفان الطوقي

منذ منتصف العام 2020، والمبادرات تتوالى، ومعظم هذه المبادرات هدفها تصحيح الأوضاع ولو بشكل تدريجي، ويمكن إيجاد المبررات المنطقية لتسويق القرارات المصاحبة لها، ولا بأس من تفاعل المجتمع سواء كانوا مع أو ضد أي قرار، وهذا طبيعي مع أي مجتمع حي، وما على متخذي القرار إلا بأخذ المفيد والأفضل من الآراء والأفكار البناءة لأجل الصالح العام، وينطبق ذلك مع القانون المقترح لضريبة الدخل على الأفراد، ومن هذا المنطلق يتم طرح هذه التساؤلات المجتمعية، وهذه أهمهما:

هل سوف تحقق ضريبة الدخل على الأفراد توظيف أعداد أكبر من العُمانيين؟ وهل ستحقق رفاهية إضافية؟ وهل هذه الضريبة سوف تزيد من المصانع في المناطق الصناعية المنتشرة في المحافظات؟ وهل تم احتساب كلفة سمعة عُمان ماليا أو ذهنيا عندما يتم تداول أن عُمان هي أول دولة خليجية تفرض ضريبة على الدخل، وهي أيضًا من الدول التي تفرض هذه الضريبة على مستوى الوطن العربي والشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ وهل تم احتساب كلفة العامل النفسي والمعنوي للفئة المستهدفة من أصحاب العمل من عُمانيين أو مقيمين أو الموظفين أصحاب الدخول ممن تتجاوز دخولهم السنوية مبلغًا معينًا ليكونوا من ضمن المُستهدفين لدفع هذه الضريبة؟ وهل هذه الضريبة سوف ترفع من معنوياتهم وتزيد من ولائهم لأعمالهم ودولتهم، أم ستزيد من سخطهم وتدفعهم لممارسات وسلوكيات غير محمودة؟ وهل سوف تؤثر هذه الضريبة إيجابًا أو سلبًا على تدفق استثمارات وروؤس أموال جديدة؟ وهل هذه الضريبة تعمل جنبًا إلى جنب مع البرنامج الوطني "نزدهر" أو تتقاطع وتتناقض معه؟

وهل تم احتساب كلفة ما سوف يتم كسبه مقارنة بما سيهرب من أموال من عُمان خاصة ممن لا يمكن رصد دخله الشهري أو السنوي بسهولة؟ وهل تساءل مقترحو قانون ضريبة الدخل على الأفراد لماذا لم تطبق باقي دول الخليج هذه الضريبة رغم أن معظم الدول الخليجية منتعشة اقتصاديا مقارنة بوضعنا الاقتصادي؟ وهل لدى مقترحي القانون دراسات توضيحية من جهات مختلفة توضح الاحتراسات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يجب أخذها في الاعتبار قبل الشروع في هكذا خطوة كتقرير متخصص وعميق ومستقل من البنك المركزي العُماني، وجهاز الاستثمار العُماني، ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ووحدة متابعة تنفيذ رؤية "عُمان 2040"، وغرفة تجارة وصناعة عُمان، وجامعة السلطان قابوس؛ من خلال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والأكاديمية السلطانية للإدارة، وكلية الدفاع الوطنية، والجمعية الاقتصادية العُمانية، ومجلسي الشورى والدولة، وغيرهم ممن لهم علاقة بهكذا تشريع بشكل مباشر أو غير مباشر؟ وهل هذه الضريبة سوف تشجع متوسطي الدخل من أصحاب الخبرات والكفاءات من المقيمين في عُمان على استمرار بقائهم في عُمان أو الإبتعاد عنها؟

وهل سيتشجع أصحاب الخبرات والكفاءات الأجنبية ممن كان يفكر في القدوم إلى السلطنة أن يقرر ويأتي إلينا، أو أنه سوف يُغيِّر رأيه ووجهته، ويذهب إلى دول أكثر جذبًا وتنافسية وانتعاشًا؟ وهل من المجدي ماليا لأن تُطبِّق عُمان هذه الضريبة في ظل تعداد سكاني بسيط ومستهدفين قلة قليلة جدا؟ وهل تم احتساب كلفة من سوف يتهربون أو يتحايلون أو يخرجون من اقتصاد الدولة ويكونون في خانة اقتصاد الظل أو الاقتصاد الذي لا يكون مرصودًا من أجهزة الدولة؟ وهل هذه الضريبة سوف تُشجِّع أو تُقلِّل من قدوم الأجانب للتملك العقاري الحر في المناطق الإنشائية الجديدة كمشروع مدينة السلطان هيثم أو مشاريع صروح أو مشروع المدينة المستدامة أو عايدة أو غيرها من مشاريع تستهدف أصحاب رؤوس الأموال ممن يبحثون عن ملاذ آمن لهم ولأهليهم  وأموالهم؟ وهل هذه الضريبة حل اقتصادي يراعي الاقتصاد الكلي أو أنه حل محاسبي فقط؟ وهل تم احتساب كلفة متابعة المستهدفين من وقت وبشر وأنظمة متطورة وغيرها من تبعات، وكلفة تتبع المخالفين وملاحقتهم إجرائيًا وقضائيًا؟

وهل سوف تستفيد بنوك السلطنة من الودائع أو أنها ستنتقل إلى البنوك الخليجة وغيرها من بنوك خارج عُمان؟ وهل يتوقع بعد تطبيق هذه الضريبة أن تكون عُمان أكثر جذبًا للفرص التجارية ومنتعشة اقتصاديا أم مُنفِّرة؟ وهل هذه الضريبة سوف تكون أحد عناصر نجاح البرامج الوطنية مثل "نزدهر" أو "تنويع" أو "تشغيل" أو أنه يركز فقط على برنامج "استدامة" دون النظر إلى باقي البرامج أو رؤية "عُمان 2040" عامة؟ وهل الضريبة المقترحة سوف تحقق تنوعا اقتصاديا، وكيف يكون ذلك ميدانيا؟

وهل من المتوقع أن لا يطالب الموظفون المستهدفون بهذه الضريبة بزيادة رواتبهم، خاصة أن عقودهم الوظيفية السابقة أو العقود المتفق عليها لم تتضمن هذه الضريبة؟ وهل من المتوقع أن هذه الزيادة لن ترفع من كلفة الإنتاج، وبالتالي كلفة الأسعار، خاصة إذا أصبحت ظاهرة المطالبة بزيادة الأجور عامة بين المُستهدفين من العُمانيين وغير العُمانيين؟

آخر هذه التساؤلات: هل العوائد والفوائد التي سوف تجنيها هذه الضريبة مرصودة بالأرقام؟ وهل ما ستخسره الدولة مرصود، سواء ما سوف تخسره بشكل مباشر من رؤوس أموال حالية أو مستهدفة، أو غير مباشر من كفاءات أو صناعات أو خبرات أو فرص وظيفية أو انتعاش وفرصا استثمارية؟

هذه بعض تساؤلاتي، وأترك باقي التساؤلات لأصحاب السعادة والمكرمين من أعضاء مجلسي الشورى والدولة، والمشرِّعين وأصحاب القرار، وكل من تهمه مصلحة عُمان وأهلها والمُقيمين عليها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • غزة تكشف للعالم أكذوبة الحرية وحقوق الإنسان في أمريكا
  • عدم التوازن بين أوميجا 6 و3 يعرضك لخطر الوفاة المبكرة!
  • شاب سعودي يروي تجربته مع الإصابة بالرباط الصليبي مرتين
  • ضريبة الأفراد والاقتصاد الكلي
  • حقوق أسيوط تعقد دورة تدريبية حول الدفوع الإجرائية في الدعاوى القضائية
  • بوليتيكو: بايدن يواجه صعوبة فى تحقيق التوازن بين دعم إسرائيل وإدانة الهجمات فى غزة
  • حقوق المؤلف والملكية الفكرية.. ندوة بـ«الأرشيف الوطني»
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية بالامارات يناقش أهمية حقوق المؤلف
  • "تضامن الدقهلية" تنظم ورشة عمل تدريبية للتعريف بقانون حقوق كبار السن 19 لسنة 2024
  • ورشة عمل تدربية بالدقهلية للتعريف بقانون حقوق كبار السن