فى ظل ما يحدث فى العالم من تقلبات واضطرابات اقتصادية وأزمات متتالية تتأثر بها مختلف دول العالم، بات من الضرورى أن تضع كل دولة خطط واستراتيجيات للتعامل مع الموقف وتبحث عن بدائل وآليات أخرى لإنقاذ اقتصادها والنهوض به، لذلك فالدولة المصرية تعمل جاهدة على وضع تصورات وحلول للتعامل مع تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية.
وفى ضوء ذلك لاقى الاقتراح برغبة الذى تقدمنا به فى مجلس الشيوخ بشأن إنشاء منطقة حرة أفريقية فى مصر لجذب وتشجيع الاستثمار، تأييداً وتوافقا بين البرلمان والحكومة والتأكيد على أهمية تنفيذه وتفعيله، فوافقت عليه لجنة الشئون الاقتصادية والمالية والاستثمار وأعدت تقريرها بشأنه للعرض على المجلس، وجاءت هذه الإجراءات فى وقت قياسى، وفى جلسة مجلس الشيوخ يوم الأحد الماضى، صوت المجلس بالموافقة على تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والمالية والاستثمار بشأن الاقتراح برغبة وإحالته للحكومة لاتخاذ اللازم بشأن تنفيذ ما ورد به من توصيات.
ووصول تقرير المجلس عن هذا المقترح وتوصيات اللجنة البرلمانية لتفعيله وتنفيذه إلى الحكومة فهذه خطوة جادة نحو التفعيل، حيث أن التقرير أكد على أهمية إنشاء منطقة حرة أفريقية فى مصر فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية نتيجة تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، وهو ما يمكن أن يساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية وزيادة التعاون الاقتصادى والتبادل التجارى بين مصر ودول القارة، فى ظل ما تمتلكه العديد من الدول الأفريقية من مقومات وموارد طبيعية وخامات للعديد من الصناعات الواعدة وتحتاج لاستغلالها وتنميتها، وأنه يمكن أن يساهم فى زيادة الصادرات وتوفير العملة الصعبة، فضلا عن التأكيد على أهمية تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، والاستفادة من الشراكات الاقتصادية للدولة المصرية مع المؤسسات الاقتصادية الدولية.
إن فكرة إنشاء منطقة حرة أفريقية جاءت من منطلق المزايا الكبيرة التى تتمتع بها المناطق الحرة والتى يمنحها القانون حوافز عديدة وإجراءات مرنة تشجع على الإنتاج والاستثمار والتصنيع، وإنشاء منطقة حرة أفريقية سيساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة الصادرات وتوفير العملة الصعبة، فى ضوء مستهدفات تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة فى أفريقيا، ويمكن للدولة المصرية الاستفادة من تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية واتفاقية «الكوميسا» والتجمعات الاقتصادية الأخرى التى تعزز التعاون بين الدول الأفريقية، على أن تتمتع المنطقة الحرة الأفريقية بكافة مقومات ومزايا المناطق الحرة العامة والخاصة، والتركيز على المشروعات الاستثمارية والتنموية المتعلقة بصناعات واعدة وذات ميزة تنافسية فى مصر وأفريقيا لضمان نجاح الفكرة.
ولا شك أن القارة الأفريقية تتمتع بمقومات هائلة تشجع على الاستثمار، ولديها موارد طبيعية عديدة تحتاج لحسن الاستغلال والتسويق الجيد لاستقطاب الاستثمار الأجنبى وجذب كبرى الشركات العالمية؛ وهناك اتفاقيات وتكتلات اقتصادية يمكن استغلالها لتعزيز التعاون الاقتصادى، مثل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية وتجمع «الكوميسا» الخاص بإنشاء السوق الأفريقية المشتركة، وغيرها، ويمكن الاستفادة منها فى إنشاء منطقة حرة أفريقية فى مصر تتركز فيها صناعات ذات ميزة تنافسية داخل القارة الأفريقية ولتكون بوابة لجذب الاستثمارات العالمية فى مختلف دول القارة، وهو ما سيساهم فى توطيد العلاقات بين مصر ودول القارة، ويمكننا توقيع بروتوكولات تعاون مع الدول الأفريقية التى يتوفر لديها مواد خام للاستفادة منها فى توطين الصناعات المستهدفة، بالإضافة إلى الترويج والتسويق الجيد بمزايا ومقومات المنطقة الحرة فى الأسواق والمحافل الدولية لجذب الشركات العالمية فى مختلف المجالات للاستثمار فى مشروعات داخل المنطقة الحرة.
وعلى الحكومة أن تستعين بالخبراء الاقتصاديين والمتخصصين لبحث آليات تنفيذ إنشاء منطقة حرة أفريقية وتحديد مكانها والحوافز التى ستقرر لها، مع ضرورة الاستفادة من الإعفاءات والتخفيضات الضريبية والجمركية المقررة لصالح المناطق الحرة فى مصر، والدولة المصرية ترتبط بالقارة الأفريقية ارتباطا أصيلا، وتربطها علاقات وطيدة بدولها، وعلى مدار السنوات الأخيرة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى عملت مصر بقوة على تعميق تعاونها وعلاقاتها مع الدول الأفريقية، وكثفت جهودها لبناء وترسيخ أسس التعاون المشترك فى مختلف المجالات.
ختاماً، أتمنى أن تسرع الحكومة فى خطوات إنشاء المنطقة الحرة الأفريقية، وأن تدرس الفرص الاستثمارية التى يمكن استغلالها فى المنطقة الحرة، وآليات التعاون مع بعض الدول الأفريقية فى هذا المجال، بالإضافة إلى ضرورة تفعيل دور مكاتب التمثيل التجارى خاصة فى أفريقيا وأن تكون مكاتب دائمة، وأهمية وجود معارض دائمة فى أفريقيا للتسويق للمنتجات المصرية، وتطوير خطوط الشحن فى أفريقيا، علينا استثمار الفرص الاستثمارية لدفع عجلة الإنتاج والنمو الاقتصادي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حازم الجندى العالم دول العالم الدولة المصرية الدول الأفریقیة المنطقة الحرة أفریقیة فى فى أفریقیا فى مصر
إقرأ أيضاً:
اتفاقية تعاون بين «المناطق الحرة» و»القطرية»
أبرمت هيئة المناطق الحرة - قطر شراكة استراتيجية مع الخطوط الجوية القطرية، وستدعم هذه الشراكة منظومة الطيران لدى الخطوط الجوية القطرية، بما يساهم في توسيع أسطول طائراتها وتعزيز قدراتها التشغيلية.
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز البنية التحتيّة لدولة قطر ودعم قدراتها التنافسية كمركز عالميّ في مجالي الطيران والخدمات اللوجستية. وستعمل هذه الشراكة على دفع النمو الاقتصادي من خلال تأسيس مجمع متخصص في خدمات الطيران بمنطقة راس بوفنطاس الحرة، لتقديم خدمات الصيانة، ودعم توسيع الأسطول العالمي للخطوط الجوية القطرية وتعزيز كفاءته.
وقّع الاتفاقية سعادة الشيخ محمد بن حمد بن فيصل آل ثاني، الرئيس التنفيذي لهيئة المناطق الحرة – قطر، وم. بدر محمد المير، الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية.
تشتمل الاتفاقية على خطة شراكة تدريجية تبدأ بتطوير مركز متخصص في مجال صيانة وفحص وإصلاح (MRO) وحدات الطاقة المساعدة بمنطقة راس بوفنطاس الحرة، يليه تطوير مواقع ومرافق فنية متخصصة إضافية، إلى جانب إنشاء ممر معفي من الجمارك يربط المنطقة الحرة بمطار حمد الدولي وميناء حمد. وستقدم الخطوط الجوية القطرية امتيازات شحن للشركات العاملة في المناطق الحرة، وستدعو شركائها ومورديها، ومنهم الشركات العالمية في قطاع الطيران إلى تأسيس عملياتهم في المناطق الحرة في قطر.
وصرّح سعادة الشيخ محمد بن حمد بن فيصل آل ثاني، الرئيس التنفيذي لهيئة المناطق الحرة – قطر، «تندرج اتفاقية التعاون مع الخطوط الجوية القطرية ضمن خططنا واستراتيجياتنا الرامية إلى تعزيز مكانة دولة قطر كمركز رائد للخدمات اللوجستية والطيران. ونحن على ثقة، أنه وعبر تكامل الخبرات والقدرات لكل من هيئة المناطق الحرة - قطر والخطوط الجوية القطرية، سنتمكن من تطوير منصة متكاملة تستقطب المزيد من الشركات العالميّة لإنشاء مراكز لسلاسل التوريد وخدمات صيانة الطائرات وفحصها وإصلاحها في دولة قطر، مما يساهم بشكل مباشر في مسيرة الدولة نحو التنمية الاقتصادية المستدامة، بما يتماشى مع أهداف استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة لدولة قطر 2024-2030».
وبدوره، قال م. بدر محمد المير، الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية: «يسعدنا بإبرام اتفاقية التعاون مع هيئة المناطق الحرة - قطر لتطوير منشآت حديثة، ورعاية الخبرات المحلية والاستفادة منها في مجال خدمات صيانة الطائرات وفحصها وإصلاحها. حيث ستدعم هذه الشراكة الاستراتيجية مساعينا لتعزيز أسطول طائراتنا المتنامي، وستُمكّننا من تقديم خدمات من الطراز العالمي لشركات الطيران من المنطقة وخارجها. اضاف ومن خلال الاستثمار في البنية التحتية المتطوّرة وتطوير الإمكانات البشرية، سنواصل دعمنا لتحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 بشأن تعزيز مكانة دولة قطر كمركز عالمي للطيران، والتأسيس لمعايير جديدة في التميّز التشغيلي وموثوقيته».