تفاقمت الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تزامنا مع اتساع الهوة في مفاوضات وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، وعلى الرغم من التغير الطفيف في الموقف الأمريكي وطرحها مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار إلى جانب مبادرتها بالإنزال الجوي للمساعدات على شمال غزة، إلا أن كل هذه الخطوات بمثابة محاولة أمريكية فاشلة لتبييض وجهها أمام العالم، بعدما كشفت تقارير أخيرة عن ابرامها مائة صفقة سلاح مع إسرائيل، إلى جانب استعداداها لمناقشة خطة اجتياح رفح مع الوفد الإسرائيلي الذي يعتزم زيارة واشنطن الأسبوع الجاري.

١٠٠ صفقة سلاح أمريكية لإسرائيل

وشهد شهر مارس الجاري تطورات أمريكية متناقضة بشأن غزة، ففي التاسع من مارس الجاري، طرحت النائبة الأمريكية الديمقراطية براميلا جايبال، التي تساؤلات عن المغزى من إنزال المساعدات الأمريكية جوا على قطاع غزة فيما تعد أمريكا أكبر ممول لإسرائيل عسكريا؟. وأشارت في حديثها مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية إلى أنه "لا بد من إحداث تحول في السياسة الأمريكية قريبا للاستفادة من نفوذ تمويلها لإسرائيل لإدخال المساعدات فورا إلى غزة". وفي نفس السياق، أبدى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري استغرابه من الموقف الأمريكي قائلا "لا الرصيف البحري ولا عمليات الإنزال الجوي فوق غزة ستمنع المجاعة"، ووصف فخري الخطوة الأمريكية لإنشاء رصيف بحري على شاطئ غزة بالـ"خبيث" إذ أن الولايات المتحدة تقدم في الوقت نفسه قنابل وذخائر ودعما ماليا لإسرائيل.

وفي مستهل شهر مارس الجاري، كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريرا أكد أن الولايات المتحدة وافقت على أكثر من ١٠٠ صفقة عسكرية شبه سرية لبيع السلاح لإسرائيل، لم تعلن سوى عن اثنتين منها فقط، منذ بداية حربها المستمرة على قطاع غزة.

وأوضحت واشنطن بوست أنها حصلت على معلومات قالت إنها "سرية"، بأن المبيعات تضمنت آلاف الذخائر الموجهة، والقذائف الخارقة للتحصينات، والقنابل والدروع وغيرها من الأسلحة الفتاكة، ووصفت الصحيفة هذه الصفقات بأنها "نقل هائل للقوة النارية"، خاصة بعد التحفظات التي أبداها مسؤولون في الإدارة الأمريكية على تجاهل إسرائيل لنداءاتهم المتكررة المتعلقة بطريقة إدارتها للحرب على قطاع غزة، بهدف الحد من الخسائر في صفوف المدنيين والسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة، والامتناع عن الخطاب الداعي إلى تهجير الفلسطينيين.

اجتياح رفح بين التواطؤ الأمريكي والضغط الإسرائيلي 

ومع انهيار جهود إقرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي، اتجهت الأنظار صوب مدينة رفح بجنوب القطاع حيث يستعد جيش الاحتلال لشن عملية عسكرية في المدينة التي تكتظ بمليون ونصف المليون نازح.

ورغم إعلان مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنه اعتمد الخطة العسكرية لاجتياح رفح إلا أن وسائل إعلام عبرية شككت في قرار نتنياهو حيث قالت صحيفة واي نت والقناة الـ١٢ العبريتان في تقرير لهما الجمعة الماضية إنه يبدو ورقة ضغط ضد حركة حماس.

وأوردت القناة الـ١٢ العبرية وموقع «واي نت» المناقشة المحتدمة بين نتنياهو ووزراء حكومة الاحتلال بحيث شككوا في قرار بيبي بشن عملية عسكرية في مدينة رفح.

وأوضح التقرير، أن رئيس حزب الأمل الجديد جدعون ساعر، توجه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، وسأل: «ماذا عن رفح؟ قلنا إنه إذا لم يكن هناك اتفاق حتى شهر رمضان، فسندخل»، ورد «نتنياهو»: «لم نقل إن رمضان سيكون في رفح، قلنا إننا سنمضي قُدمًا وفقًا للخطط في هذه المرحلة».

ورد «ساعر»: «طبعًا قُلت، الوزراء غادروا هنا وقالوا أيضا علنا إنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فسوف يدخلون رفح»، ورد «نتنياهو» على ذلك بإخلاء المسئولية: «لقد وافقنا على رفح ولكننا ننتظر تحرك السكان، ونحن نستعد لمثل هذه الخطة».

وانضمت للمناقشة المحتدمة وزيرة النقل الإسرائيلية ميري ريجيف، التي هاجمت أيضًا وزير الدفاع يوآف جالانت، الذي حث الوزراء على مناقشة مسألة السيطرة على غزة في اليوم التالي، تدخلت أيضًا في المناقشة - وانتقدت المستوى العسكري: «قلنا إن رمضان ليس شرطًا، لذا لماذا لا ندخل رفح لقد تم الاتفاق منذ زمن طويل على أن نتقدم إلى رفح، لقد وعدتم منذ زمن طويل بالتحضير بنفس البرامج الإنسانية لنقل السكان، تركتهم يرتاحون في رمضان، أنت تحرسهم وقريبًا سوف يبيع لنا سكان غزة الغذاء من بين الكثير من المساعدات الإنسانية». وأضاف وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين: «يبدو في هذه اللحظة وكأنها عملية وليست حربًا»، وحاول رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي، تهدئة الأوضاع، وبينما ينتظر الجيش موافقة القرار السياسي على دخول رفح، أوضح: «رمضان ليس شرطًا لشيء، سنقاتل خلال شهر رمضان وترون كم من العمليات والغارات الجوية التي نقوم بها». وبعد إعلان مكتب «نتنياهو»، تناول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أيضًا مسألة دخول رفح، وقال إن الولايات المتحدة بحاجة إلى رؤية خطة عمل واضحة وقابلة للتنفيذ في رفح - ولم نر واحدة حتى الآن. وأشار إلى الرد الذي قدمته حماس فيما يتعلق بصفقة الرهائن ووقف إطلاق النار، قائلًا إن الولايات المتحدة تعمل مع مصر وقطر وإسرائيل على سد الفجوات المتبقية، وأن المحادثات حول هذا الموضوع تجري حاليًا.

طريقة أمريكية مختلفة لاجتياح رفح

وكان وزير الخارجية الأمريكي صرح في ٢٢ مارس الجاري وهو يستعد لمغادرة إسرائيل أكد أن عملية رفح "ليست الطريقة المناسبة لتحقيق هدف إسرائيل في القضاء على حماس، مضيفا أن من يخاطر بقتل المزيد من المدنيين فهو يخاطر بإحداث قدر أكبر من الفوضى في إيصال المساعدات الإنسانية، ويخاطر بعزل إسرائيل بشكل أكبر حول العالم وتعريض أمنها ومكانتها على المدى الطويل للخطر”.

وكشف وزير الخارجية الأمريكي عن أن إدارة الرئيس جو بايدن، ستقدم “طريقة مختلفة” لتل أبيب لتحقيق أهدافها عندما يصل وفد إسرائيلي إلى واشنطن الأسبوع المقبل، موضحا أن الأمر يتطلب حقًا خطة إنسانية وعسكرية وسياسية متكاملة".

وجاءت تصريحات بلينكن في ختام جولته القصيرة بالمنطقة والتي استهلها بزيارة السعودية نهاية الأسبوع الماضي ولقاء ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، واتجه بعد ذلك إلى القاهرة والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحث خلال زيارته تطورات الأوضاع في قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي ما تسبب في استشهاد وإصابة عشرات الآلاف من الشعب الفلسطيني.

ومع انتهاء زيارة بلينكن للمنطقة، وصل الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيرش إلى مصر، وتفقد خدمات الإسعاف المصري بمعبر رفح، وعقد اجتماعا داخل معبر رفح مع فرق الإغاثة التي تعمل في قطاع غزة، وزار المصابين الفلسطينيين في مستشفى العريش بشمال سيناء. 

وكرر جوتيرش تحذيره من اجتياح مدينة رفح الفلسطينية، منوها إلى أن الرعب والجوع يلاحقان سكان غزة والوقت حان لوقف فوري لإطلاق النار.

وأوضح جوتيرتش عبر حسابه على منصة "إكس" الأحد الماضي في ثاني أيام زيارته إلى مصر أن أي هجوم آخر في غزة سيجعل الأمور أسوأ للمدنيين والرهائن ولجميع شعوب المنطقة، مضيفا أنه: "حان الوقت لوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية والإفراج الفوري عن جميع الرهائن".

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، وصل السبت ٢٣ مارس الجاري إلى مدينة رفح على الحدود مع غزة، بهدف دعم وقف إطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر الماضي.

جالانت في واشنطن

وتأكيدا لتصريحات بلينكن، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية في تقرير لها مساء السبت الماضي أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت سيبدأ الأحد ٢٤ مارس زيارة رسمية إلى واشنطن يلتقي خلالها كبار المسؤولين، وذلك بناء على دعوة نظيره لويد أوستن.

وستكون رحلة جالانت إلى واشنطن هي الأولى منذ بدء العدوان على غزة، ومن المقرر أن يجتمع مع أوستن وقادة وزارة الدفاع الأمريكية، كما سيجتمع كذلك مع مسؤولين كبار آخرين بالإدارة الأمريكية والكونجرس.

وأضافت هيئة البث الإسرائيلية أن جالانت سيبحث أيضا خطة اجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة وسير المعارك واستعادة المحتجزين الإسرائيليين، وإجراءات إدخال المساعدات لغزة.

وفي السياق نفسه، أعلن مكتب نتنياهو عن إرسال وفد "بناء على طلب الرئيس الأمريكي" للبحث في الهجوم البري الذي تعد له إسرائيل في منطقة رفح جنوب قطاع غزة، حيث، طلب بايدن الأسبوع الماضي أنه طلب من رئيس حكومة الاحتلال إرسال فريق إلى واشنطن لمناقشة سبل "تجنب عملية واسعة النطاق" في رفح.

يذكر أنه في التاسع من فبراير الماضي، أصدر مكتب «نتنياهو» بيانًا قال فيه إنه أمر الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لعملية مكثفة في رفح، وفي ٢٥ فبراير، قال «نتنياهو» لشبكة «سي بي إس»، إنه كان يجتمع مع ضباط الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق من ذلك اليوم لمراجعة خطتهم لإجلاء المدنيين من رفح وتفكيك كتائب حماس المتبقية هناك.

هل اجتياح رفح مجرد تهديد لـ«حماس»؟

وأشار التقرير العبري إلى أن حديث «نتنياهو» عن عملية وشيكة في رفح يبدو أنه موجه أكثر نحو الضغط على «حماس» للموافقة على صفقة الرهائن، وهو ما يتفق مع تصريحات رئيس حكومة الاحتلال في ١٤ مارس الجاري، وهو اليوم السابق لموافقته على خطة اجتياح رفح، حينما التقى عائلات الرهائن، وأخبرهم أن قطر مارست ضغوطًا على حماس بتهديدها بقطع التمويل، مُشيرًا إلى أن الضغط على قطر بدأ يؤتي ثماره، ودفعها لأول مرة إلى دفع حماس للموافقة على صفقة الرهائن.

وبحسب البيان الصادر من مكتبه عن هذا الاجتماع، زعم نتنياهو أن قطر بدأت في تهديد حماس بالقول: «سنطردكم، سوف نمنع عنك المال، هذه أشياء قيلت، وتأكدنا من أنها قيلت بالفعل وهذا تغيير، إنه أمر إيجابي».

تواطؤ أمريكي

تزامنًا مع التهديدات الإسرائيلة باجتياح رفح الفلسطينية، كشفت صحيفة بوليتيكو الأمريكية الخميس الماضي، عن موقف إدارة الرئيس جو بايدن، من شن إسرائيل عملية عسكرية في مدينة رفح.

وأوضحت «بوليتيكو» نقلًا عن مصادر لم تسمها، أن كبار المسئولين الأمريكيين أبلغوا نظراءهم الإسرائيليين أن إدارة بايدن قد تؤيد عملية محدودة، وستدعم إسرائيل في ملاحقة قيادات حماس العليا المختبئين في رفح أو داخل أنفاقها التحتية.

وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن أربعة مسئولين أمريكيين أوضحوا أن كبار مسئولي الإدارة لفتوا في محادثات خاصة مع إسرائيل إلى أنهم قد يدعمون خطة معينة في رفح تكون أقرب إلى عمليات مكافحة الإرهاب منها إلى حرب شاملة.

ونوهت إلى أن سبب ترجيح الإدارة الأمريكية لهذا الخيار يعود إلى أنه يقلل الخسائر في صفوف المدنيين، ويقضي في الوقت نفسه على أهداف مهمة ورفيعة في حماس، ويخفض من المشاهد الدامية التي أدت إلى توتر الرأي العام وانتقاده للهجمات الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني المحاصر، وتعامل «بايدن» معها.

تحذيرات مصرية

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي حذر من أي عمل عسكري في مدينة رفح الفلسطينية المتاخمة للحدود المصرية، وأكد خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روتة في القاهرة، الأربعاء الماضي ١٣ مارس، أن ما تُمارسه سُلطة الاحتلال إزاء المدنيين في قطاع غزة، يُمثل انتهاكًا جسيمًا، للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ولقد حذرت مصر مرارًا من الخطط الإسرائيلية لجعل الحياة في قطاع غزة مستحيلة، كما تُحذر مصر أيضًا من المُخطط الإسرائيلي لشن عملية عسكرية برية في مدينة رفح الفلسطينية، بما يُهدد حياة ما يزيد علي مليون ونصف مليون نازح، تتحمل إسرائيل مسئولية حمايتهم وفقًا لقواعد القانون الدولي.

وقبل أن يصل روتة إلى القاهرة التقى «نتنياهو» في تل أبيب الذي أخبره أن دخول رفح ضروري لتحقيق أهداف الحرب، لتبقى عملية اجتياح مدينة رفح الفلسطينية بين الحتمية الإسرائيلية المدعومة بتواطؤ أمريكي، تواجهها تحذيرات مصرية، من خطورة هذه الخطوة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة حماس وإسرائيل مدینة رفح الفلسطینیة الولایات المتحدة حکومة الاحتلال عملیة عسکریة على قطاع غزة فی مدینة رفح إطلاق النار مارس الجاری فی قطاع غزة اجتیاح رفح إلى واشنطن إلى أن فی رفح

إقرأ أيضاً:

موقع إسرائيلي: السيسي يرفض لقاء نتنياهو وتفاقم الخلافات مع تل أبيب

أكدت وسائل إعلام عبرية، أن رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي لا يزال يرفض لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ظل تصاعد توترات سياسية وأمنية تشمل معبر رفح واتفاقية الغاز والحشود العسكرية في سيناء، إلى جانب مخاوف مصرية من إفادة مثل هذا اللقاء نتنياهو قبل الانتخابات.

ونقل موقع "زمان إسرائيل" عن مصدر مطلع، أن السيسي لم يعتزم في المرحلة الحالية عقد لقاء مع نتنياهو، رغم مساع إسرائيلية مكثفة لتحقيق ذلك، مشيرا إلى أن القاهرة شعرت باستياء متزايد من إسرائيل بسبب ملفات عالقة خلال الأشهر الأخيرة، ما قلل فرص أي اجتماع قريب، على الرغم من اهتمام كل من إسرائيل والولايات المتحدة بعقد هذا اللقاء.



وحذرت القاهرة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، التي اندلعت بعد أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، من أي عمليات عسكرية قد تدفع الفلسطينيين جنوبا باتجاه شبه جزيرة سيناء، واعتبرت هذا السيناريو خطا أحمر وتهديدا مباشرا لأمنها القومي.

وأوضح المصدر أن مصر ظلت قلقة من عدم استبعاد إسرائيل لهذا الاحتمال، خاصة في ظل خططها لتركيز مشاريع إعادة الإعمار الأولى في مدينة رفح جنوب قطاع غزة المحاذية للحدود المصرية.

وأشار موقع "معاريف أون لاين" إلى أن الخلافات تصاعدت حول معبر رفح، إذ سمحت إسرائيل بفتحه فقط للفلسطينيين المغادرين من قطاع غزة، وهي سياسة وصفها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأسبوع الماضي، بأنها محاولة لتقليص عدد سكان القطاع، وهو ما أكدت القاهرة رفضها القاطع له.



وازدادت حدة التوتر في أكتوبر/تشرين الأول عندما انسحب وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين من حفل توقيع اتفاقية مربحة للغاز الطبيعي مع مصر، معتبرا أن بنود الاتفاق مجحفة بحق إسرائيل، ما أثار غضب القاهرة وواشنطن.

وفي سياق متصل، اتهم نتنياهو، والسفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة يحيئيل ليتر، ومسؤولون إسرائيليون آخرون، مصر مرارا بحشد قوات عسكرية في شبه جزيرة سيناء، معتبرين ذلك انتهاكا لمعاهدة السلام الموقعة عام 1979، بينما نفت القاهرة هذه الاتهامات بشكل قاطع.

وأشار الموقع إلى أن العلاقات بين نتنياهو والسيسي شهدت توترا مستمرا، إذ لم يتحدثا منذ ما قبل الحرب، ورغم محاولات نتنياهو في الأشهر الأخيرة تحسين العلاقات، لم يبد السيسي اهتماما بالانخراط في حوار في ظل غياب تغييرات جوهرية في سلوك إسرائيل تجاه مصر.

كما أضاف المصدر أن السيسي خشي أيضا من أن ينظر إليه باعتباره "داعما" لنتنياهو خلال عام الانتخابات الإسرائيلية.



وجاءت هذه المعطيات في وقت عمل فيه نتنياهو على تنظيم زيارة إلى القاهرة، آملا في لقاء السيسي وتوقيع صفقة بمليارات الدولارات لتزويد مصر بالغاز الطبيعي الإسرائيلي.

ووفق مصدر أمريكي رفيع المستوى، نسق المسؤولون الإسرائيليون هذه الجهود مع دبلوماسيين أمريكيين كبار.

وزار نتنياهو مصر علنا مرتين خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكانت آخر زيارة رسمية له في يناير/كانون الثاني 2011، إلى جانب اجتماعات أخرى عقدت سرا، ومنذ أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، الذي أشعل حرب "السيوف الحديدية"، تجمدت العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين إلى حد كبير، باستثناء التنسيق الأمني المستمر، لا سيما بين أجهزة الاستخبارات، والذي ركز على ملف الأسرى.

وبرزت خلافات إضافية حول السيطرة على معبر رفح، ورفض مصر استقبال اللاجئين من قطاع غزة، واحتمال مشاركتها في قوة الاستقرار الدولية المزمع إنشاؤها في غزة، إضافة إلى محاولات تهريب طائرات مسيرة من مصر إلى داخل الأراضي المحتلة.

وذكر الموقع أن صفقة الغاز المقترحة، المقدرة قيمتها بنحو 35 مليار دولار، حملت فوائد اقتصادية واضحة للطرفين، غير أن إيلي كوهين حذر من أن الصادرات الواسعة قد تضر بأمن الطاقة الداخلي لإسرائيل، ما دفع إلى تأجيل الاتفاق إلى حين تسوية الخلافات الأمنية الأوسع مع مصر.

في المقابل، رأى نتنياهو أن الصفقة تمثل فرصة لإظهار أن إسرائيل تعزز وتوسع اتفاقيات السلام التي أبرمتها بعد الحرب في المنطقة، ولتعزيز رؤيته طويلة الأمد القائمة على استخدام احتياطيات الغاز الطبيعي الإسرائيلية لتأمين إيرادات حكومية مستدامة.

مقالات مشابهة

  • موقع إسرائيلي: السيسي يرفض لقاء نتنياهو وتفاقم الخلافات مع تل أبيب
  • غرق 27 ألف خيمة.. كارثة إنسانية في غزة بسبب المنخفض الجوي وتضرر مليون نازح «عاجل»
  • واشنطن تطالب إسرائيل بإزالة الأنقاض والنفايات بقطاع غزة وتحمل التكلفة
  • إعلام عبري: إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بالتحرك لنزع سلاح حزب الله
  • واشنطن تلزم إسرائيل بدفع فاتورة دمار قطاع غزة
  • إعلام عبري: واشنطن طالبت إسرائيل بتحمل تكاليف إزالة الركام في غزة
  • "حماس": غزة تعيش كارثة حقيقية بفعل المنخفض الجوي ومنع الإعمار
  • رسالة تهدئة أمريكية.. زيارة عاجلة لاحتواء غضب تل أبيب وإصلاح الشرخ الدبلوماسي
  • ساعر: إسرائيل ملتزمة بإنجاح خطة ترمب
  • ضغوط أمريكية لتنفيذ المرحلة الثانية.. واشنطن تلزم تل أبيب بالتقدم في اتفاق غزة