إنها مناسبة كريمة يقول عنها الله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» (سورة البقرة الآية: 183)

هذا النداء العظيم نداء الحبيب الأعلى سبحانه وتعالى لأحبابه الكرام من المؤمنين الذين رضوا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً ورسولاً، الله تعالى ينادى على عباده المؤمنين فيقول (يا أيها الذين آمنوا) أى يا من آمنتم بالله إليكم هذا الخبر السار، إليكم هذه المناسبة التى كلها فرح وكرامة من الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين، كتب عليكم الصيام أى: فرض عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم أى: كما فرض على الأنبياء السابقين لسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأقوامهم.

نفهم من هذا أن الصيام كان مفروضاً على الأنبياء السابقين كسيدنا نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، عليهم السلام وغيرهم من الأنبياء.

يقول سيدنا معاذ رضى الله عنه وهو أعلم الأمة بالحلال والحرام: والعبرة هنا بأصل الصوم لا بأشكاله وصوره وفروعه والمعنى: أن الصوم فرض على الأمم السابقين من قبلنا باعتبار أنه صوم إنما الكيفية والأيام تختلف عن شريعة سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم.

هذا باب يفتح المنافسة لعباد الله المؤمنين الذين يريدون أن يسابقوا إلى رضوان الله تعالى ليس فقط فى أمة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بل حتى فى الأمم السابقة من قبلنا.

هذا باب الصائمين قد فتح فى هذه الأيام المباركات التى يقول عنها النبى صلى الله عليه وسلم (إذا كان أول ليلة فى شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يُفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادى منادٍ: يا باغى الخير أقبل، ويا باغى الشر أقصر.) (رواه الإمام الحاكم فى المستدرك)

هذا الشهر الكريم الذى نستلهم خيره ونتنسم عبيره من تقوى الله يخبرنا النبى صلى الله عليه وسلم أنه إذا كان أول ليلة من رمضان ماذا يحدث يا رسول الله؟ الرسول هنا سيفصح عن صفحة من صفحات الغيب، عن أمر لا يعلمه أحد إلا من خلال الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أن أول ليلة من رمضان المبارك تغل الشياطين وتسلسل وتقيد وتضعف وسوستها أو تنعدم،

وتفتح أبواب الجنة وفى هذه الليلة المباركة يحدث أمر عظيم فى السماء قد يغفل عنه أهل الأرض، والنبى صلى الله عليه وسلم يعلمنا ما الذى يحدث فى السماء (فتحت أبواب الجنة) يبشر النبى أمته بأن هذه الليالى المباركة تفتح أبواب الجنة المليئة بالملائكة والنعيم والخيرات والبركات وكأنها عروس تزف إلى خطابها يفيح عبيرها لعباد الله الذين يصومون ويصونون صومهم ويحفظونه. وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، والحمد لله على هذه البشرى بانزواء جهنم وإغلاق أبوابها فهذه أيام الجنة أيام الطاعة أيام مناجاة الله تعالى، إنه موسم الخيرات وموسم البركات وموسم رفع الدرجات عند رب الأرض والسماوات سبحانه وتعالى. ونادى مناد من قَِبَل الرحمن: أن يا باغى الخير أقبل ويا باغى الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة، هذا أوان الذين يبغون الخيرات، الذين يقومون لله بالأسحار من المؤمنين والمؤمنات، هذا أوان عودتنا جميعاً إلى الله تعالى

قال العلماء فى معنى الصوم: هو حفظ النفس عن الطعام والشراب والشهوة المباحة فى نهار رمضان وصون الباطن عن ارتكاب المحرمات.

ويقول الإمام القشيرى رحمه الله تعالى (من شهد الشهر صام لله، ومن شهد خالق الشهر صام بالله، فالصوم لله يوجب المثوبة، والصوم بالله يوجب القربة. الصوم لله تحقيق العبادة والصوم بالله تصحيح الإرادة. الصوم لله صفة كل عابد والصوم بالله نعت كل قاصد. الصوم لله قيام بالظواهر والصوم بالله قيام بالضمائر. الصوم لله إمساك من حيث عبادات الشريعة والصوم بالله إمساك بإشارات الحقيقة، من شهد الشهر أمسك عن المفطرات ومن شهد الحق أمسك فى جميع أوقاته عن شهود المخلوقات. من صام بنفسه سُقِى شرابَ السلسبيل والزنجبيل، ومن صام بقلبه سُقِى شراب المحاب بنعمة الإيجاب. ومن صام بِسِرِّهِ فهم الذين قال فيهم الله تعالى «وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً» (سورة الإنسان: 21) شراب يا له من شراب!! شراب لا يُدار على الكف لكنه يبدو له من اللطف. شراب استئناس لا شراب كأس.

أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الصيام القرآن شهر رمضان صلى الله علیه وسلم أبواب الجنة الله تعالى من شهد

إقرأ أيضاً:

تنفيذ حكم القتل تعزيزًا بجانيين لتهريبهما الحشيش إلى المملكة

نجران

أصدرت وزارة الداخلية اليوم، بيانًا بشأن تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بجانيين في منطقة نجران، فيما يلي نصه:
قال الله تعالى: (وَلَا تُفْسِدُواْ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا)، وقال تعالى: (وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، وقال تعالى: (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَاد)، وقال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).

أقدم كل من/ عبدالعزيز أحمد حبيب قرو، و/ علي عبدالله أحمد إبراهيم (إثيوبيي الجنسية) على تهريب الحشيش المخدر إلى المملكة، وبفضلٍ من الله تمكنت الجهات الأمنية من القبض على الجانيين المذكورين، وأسفر التحقيق معهما عن توجيه الاتهام إليهما بارتكاب الجريمة، وبإحالتهما إلى المحكمة المختصّة؛ صدر بحقهما حكمٌ يقضي بثبوت ما نُسب إليهما وقتلهما تعزيرًا، وأصبح الحكم نهائيًا بعد استئنافه ثم تأييده من المحكمة العليا، وصدر أمر ملكيّ بإنفاذ ما تقرّر شرعًا.

وتمّ تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا بالجانيين/ عبدالعزيز أحمد حبيب قرو، و/ علي عبدالله أحمد إبراهيم (إثيوبيي الجنسية) يوم السبت 17 / 1 / 1447هـ الموافق 12 / 7 / 2025م بمنطقة نجران.

ووزارة الداخلية إذ تعلن ذلك لتؤكّد للجميع حرص حكومة المملكة العربية السعودية على حماية أمن المواطن والمقيم من آفة المخدرات، وإيقاع أشد العقوبات المقررة نظامًا بحق مهرّبيها ومروّجيها؛ لما تسبّبه من إزهاقٍ للأرواح البريئة، وفسادٍ جسيمٍ في النشء والفرد والمجتمع، وانتهاكٍ لحقوقهم، وهي تحذّر في الوقت نفسه كل مَن يُقدم على ذلك، بأن العقاب الشرعي سيكون مصيره.

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: إفتقادنا للهوية المصرية!!
  • تنفيذ حكم القتل تعزيزًا بجانيين لتهريبهما الحشيش إلى المملكة
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: هل التجارب غريزة بشرية؟
  • الدكتور يسري جبر: الكف عبادة يترتب عليه ثواب كفعل الخير تمامًا
  • فضل الصيام في شهر المحرم .. الصائم يفوز بـ 9 مكافآت إلهية
  • مدير شؤون القرآن بالأزهر: آية لا تحزن إن الله معنا ليست مواساة بل ثقة مطلقة بالله
  • د.حماد عبدالله يكتب: ما لنا وما علينا !!
  • موعد المولد النبوي 2025.. كم باقي على الإجازة؟
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • ما المقصود بـمكر الله في القرآن؟.. دار الإفتاء تجيب