الوطن:
2024-06-02@20:57:40 GMT

«إعادة الإعمار».. معركة قادمة لا محالة

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

«إعادة الإعمار».. معركة قادمة لا محالة

كيف سيحمى سكان قطاع غزة ذكرياتهم بعد انتهاء الحرب؟ كل شىء دمر، مسحت أحياء بالكامل من خريطة غزة، حتى إنها أصبحت مجهولة فلم يتعرف أصحابها على ملامحها، تاهت وسط الركام، والدمار، وشهوة الانتقام، كل هذا امتزج مع أنقاض البيوت المنتشرة فى كل مكان، والشوارع المجرفة، والأحياء التى أصبحت من الماضى، تحولت غزة ومحافظاتها إلى خراب مدروس، ودمار ممنهج، لا شىء فيها قابل للعيش، بعد أن نسف جيش الاحتلال كل مقومات الحياة.

البنية التحتية (كهرباء وماء وصرف صحى) والصحية والتعليمية والاقتصادية، كنوع من تيئيس الفلسطينيين، وإجبارهم على ترك ديارهم وتهجيرهم إلى غير رجعة، فى إطار سياسة التهجير القسرى الذى أعلنت عنه حكومة الحرب منذ السابع من أكتوبر.

«غزة خاوية على عروشها».. لا شجر ولا حجر ولا ماء ولا غذاء.. لكن الأهم أن إسرائيل فشلت فشلاً ذريعاً فى تنفيذ مخططاتها لتهجير السكان، رغم القتل والاعتقال والتدمير الفاشى الذى لحق بكل زاوية فى قطاع غزة.

باستثناء المتغير على الأرض الذى خلقته ظروف الحرب وتكيف معه سكان غزة، فحلت الخيام بدلاً من الجدران الأسمنتية لإيواء النازحين، واكتفوا بكسرة خبز جافة متعفنة فى معظم الأحيان تسد رمقهم، واستعانوا بما تيسر من كساء لستر أجسادهم، وشربوا مياه البحر بعد تكريرها وتنقيتها من الملح، واعتادوا القصف المدفعى والجوى المتواصل، فأصبح جزءاً من مكتسبات حياتهم الجديدة، وتأقلموا مع صوت القذائف الصاروخية وزخات الرصاص التى لا تنقطع.

هذه هى غزة وهؤلاء من يستحقون العيش على أرضها! غير أن السؤال الذى يشغل البال الآن فيما لو تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، كيف ستنهض غزة من كبوتها، ويعود ضخ الدماء إلى شرايينها، بعد أن تنفض عنها غبار الحرب، ويدفن مواطنوها جراحهم وآلامهم وشهداءهم، لتستأنف مسيرة إعادة الإعمار؟.

بالطبع لن تكون عملية إعادة الاعمار إجراءً سهلاً ومتاحاً دون قيود، إذ من المؤكد أن إسرائيل سوف تستخدم هذه العملية، كجزء من حربها ضد حماس، وهذا يعنى أنها سوف تسمح بإدخال المعدات ومواد البناء والآليات والفرق البشرية، بشروط محددة وعلى مراحل زمنية متعددة، وستطلب مقابل أى مرحلة ثمناً مرتبطاً بضمان صمت حماس على ما يجرى خارج حدود القطاع، بمعنى أن تقبل حماس بفك الارتباط بين غزة والضفة الغربية والقدس، فضلاً عن فك تحالف حماس نفسها مع إيران وحزب الله.

ومن المتوقع أن فشل الاجتياح الإسرائيلى لغزة سيفضى إلى تبدل جوهرى فى استراتيجية إسرائيل خلال مرحلة ما بعد الحرب، وطالما أن جنوب لبنان وغزة أصبحا مناطق عصية على الاجتياح والاحتلال، فإن الهدف الإسرائيلى الرئيسى سينتقل إلى الضفة الغربية باتجاه تسريع وتيرة الاستيطان، وضم المناطق الملحقة بالكتل الاستيطانية الكبرى، وشق الطرق التى تسهم فى عزل شمال الضفة عن وسطها، ووسطها عن جنوبها، والمخطط الرئيسى فى هذا الإطار هو ما يسمى A1 الذى يربط القدس بالأغوار الشمالية بما يشكل فصلاً جغرافياً يقسم الضفة الغربية إلى ثلاثة أجزاء غير متصلة فيما بينها.

إذن ستشكل عملية إعادة الإعمار فى غزة حرباً أخرى جديدة، قد تستغرق من الوقت والجهد الدبلوماسى الكثير، حتى إنه من الممكن أن تحدث انتكاسات فى هذا الملف، بما قد يؤدى إلى تصعيد عسكرى مرة أخرى.

وفى الجهة المقابلة يبدو واضحاً أن الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، ستعوض عن مواقفها السابقة المشجعة للعدوان على غزة، بشىء من السخاء فى تمويل المشاريع المتعلقة بإعادة الإعمار، حيث تقدر مصادر أمريكية نقلت عنها «وول ستريت جورنال»، أن التكلفة التقريبية لهذه العملية قد تصل إلى ما بين 18 و19 مليار دولار.

وتشمل تأهيل البنية التحتية وخطوط المياه والكهرباء والصرف الصحى، وبناء المستشفيات والمدارس، وتعبيد الطرق، وإزالة ركام المنازل المهدمة وإعادة بنائها، وقد تستغرق هذه العملية من الوقت ما بين ثلاثة وخمسة أعوام، وتشير المصادر نفسها إلى أن الولايات المتحدة لن تجد صعوبة فى إقناع الدول الأخرى بالمساهمة فى التمويل، كجزء من إحياء الأمل لدى الفلسطينيين، بأن السلام والهدوء سوف يمنحهم وأبناءهم فرصة لحياة أفضل فى المستقبل.

من المبكر الآن توقع مجريات المفاوضات الخاصة بإعادة الإعمار، لكن من المؤكد أنها ستكون مهمة صعبة وطويلة، ولعل العقبة الأهم هى إصرار إسرائيل على تقييد دخول مواد البناء خشية استيلاء حماس عليها، لإعادة بناء أو ترميم شبكة أنفاقها فى المستقبل، وهذا يعزز الاعتقاد بأن إسرائيل لن تسمح بدخول هذه المواد إلا بإشراف دولى تثق به، وآلية يمكن التحقق من جدواها فى منع حماس من استخدام هذه المواد فى أنشطتها العسكرية.

فى كل الأحوال يبدو أن المقترح الذى قدمته حماس سابقاً وأيدته إدارة بايدن بشأن إدخال عشرات الآلاف من البيوت المتنقلة، سيكون حلاً مؤقتاً وفعّالاً فى توفير الحد الأدنى من ضرورات الحياة بالنسبة للفلسطينيين فى القطاع، لكن هذا لا يشمل تنشيط جوانب جوهرية أخرى فى حياتهم خاصة ما يتعلق بالصحة والتعليم والخدمات الإنسانية بوجه عام.

ويبدو أنه سيكون على شعب غزة انتظار سنوات قبل العودة إلى ما كان عليه قطاع غزة قبل السابع من أكتوبر، وستحدد النتائج المباشرة وغير المباشرة للحرب، ما إذا كان الفلسطينيون سيرتضون الثمن الفادح الذى دفعوه فى الحرب، أم أنهم سيعتبرونه مبالغاً فيه، وهذا ما سينعكس على اختياراتهم السياسية فى المستقبل القريب.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: غزة شعب غزة إعادة إعمار غزة إعادة الإعمار

إقرأ أيضاً:

أمريكا: إسرائيل ستوافق على إنهاء الحرب في غزة

واشنطن - رويترز
 قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي اليوم الأحد إن الولايات المتحدة تتوقع موافقة إسرائيل على اتفاق إنهاء الحرب في غزة إذا وافقت عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأضاف كيربي في مقابلة على شبكة (إيه.بي.سي) "كان هذا اقتراحا إسرائيليا. نتوقع أنه إذا وافقت حماس على الاقتراح -كما نقل إليهم-... فإن إسرائيل ستقول نعم عليه".

مقالات مشابهة

  • أمريكا: إسرائيل ستوافق على إنهاء الحرب في غزة
  • إعادة انتخاب نجيب بوكيلة رئيسا للسلفادور للمرة الثانية
  • كيف ردت حماس وإسرائيل على إعلان بايدن عن مقترح لوقف إطلاق النار في غزة؟
  • حماس ترد على خطة بايدن لوقف العدوان على غزة وتذكر أسباب دعوته المفاجئة لخطوة غير مسبوقة
  • حين تعوض السياسة فشل الحرب
  • حماس ترد على خطة بايدن لانهاء الحرب في غزة
  • مراسل القاهرة الإخبارية يرصد أبرز ما طرحه جو بايدن في كلمته حول الشرق الأوسط
  • بايدن: المرحلة الثالثة من المقترح الإسرائيلي تتضمن إعادة الإعمار في غزة
  • محلل عسكري إسرائيلي يتحدث عن ورقة أخيرة بيد نتنياهو وحكومته في معركة رفح ويحذر من 7 جبهات
  • حركة الجهاد الإسلامي: نخوض معركة مصير والأسرى لن يخرجوا إلا ضمن صفقة تبادل