البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية لمدة عام
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
بيروت "أ ف ب": أرجأ البرلمان اللبناني اليوم الانتخابات البلدية لعام، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، ممدداً ولاية المجالس الحالية للمرة الثالثة خلال عامين، انطلاقاً من تعذّر إجرائها خصوصاً في جنوب البلاد جراء القصف الاسرائيلي.
وتجري الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان كل ست سنوات. وتمّت آخر مرة عام 2016، وكان من المفترض حصولها عام 2022، إلا أن البرلمان أقرّ تأجيلها لمرتين منذ ذاك الحين جراء تداعيات الانهيار الاقتصادي المستمر منذ أكثر من أربع سنوات، في بلد نادراً ما تُحترم فيه المهل الدستورية.
وأفادت الوكالة أن مجلس النواب أقرّ "تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31-5-2025".
وجاء في الأسباب الموجبة للتمديد أن الاستحقاق "يأتي في ظرف أمني وعسكري وسياسي معقّد نتيجة العدوان الاسرائيلي المفتوح على لبنان".
وتشهد الحدود الجنوبية تبادلاً للقصف بشكل شبه يومي بين حزب الله وإسرائيل منذ بدء الحرب في قطاع غزة قبل أكثر من ستة أشهر. وأرغم التصعيد أكثر من 92 ألف شخص على النزوح خصوصاً من القرى الحدودية منذ السابع من أكتوبر، وفق منظمة الهجرة العالمية. ولم يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم حتى الآن.
وتمّ إقرار التمديد رغم اعتراض كتل برلمانية على رأسها كتلة حزب القوات اللبنانية ونواب مستقلين، بينما أيّده حزب الله وحلفاؤه والتيار الوطني الحر الذي يتزعمّه الرئيس السابق ميشال عون.
وقال النائب ملحم خلف، وهو في عداد 13 نائباً انتخبوا إثر احتجاجات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية في 2019، بعد انسحابه مع عدد من زملائه من الجلسة، "نرى أن هناك عصيانا على أحكام الدستور وتعليقا لأحكام الدستور". وأضاف "أهلنا في الجنوب بأمس الحاجة لإعادة انتظام الحياة السياسية".
وكان رئيس البرلمان نبيه بري أكد في وقت سابق أنه لا يمكن استثناء الجنوب من الانتخابات البلدية، بعد مطالبات أبرزها من القوات اللبنانية بإجراء الاستحقاق في موعده.
وقال رئيس حزب القوات سمير جعجع في تعليق على منصة "إكس"، "حَرَم محور الممانعة (حزب الله وحلفاؤه) والتيار الوطني الحر اللبنانيين مرة من جديد فرصة انتخاب سلطات محلية"، مشيرا الى أن البلديات هي السلطات الوحيدة "التي بقيت تقريبا وحدها مع الناس تحاول معالجة ما استطاعت من مشاكلهم بعد الانهيار والشغور وعدم الاستقرار".
وتلعب المجالس البلدية دوراً بارزاً في توفير الخدمات الأساسية للسكان. لكن دورها تراجع كثيراً خلال السنوات الماضية على وقع الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد منذ 2019 وتضاؤل الاعتمادات الممنوحة لها من أجل القيام بمهامها واستقالة العديد من أعضائها.
وليس تأجيل مواعيد الاستحقاقات الدستورية أمراً جديداً في الممارسة السياسية في لبنان. وغالبا ما يؤخر نظام التسويات والمحاصصة القائم بين القوى السياسية والطائفية، القرارات المهمة، وبينها تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس، وهو منصب شاغر منذ قرابة السنتين، أو الانتخابات البرلمانية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الانتخابات البلدیة
إقرأ أيضاً:
شريف سليمان يكتب: فيتو الرئيس في الانتخابات
في كل دولة تراهن على مستقبل سياسي مستقر، تُعدّ الانتخابات لحظة فارقة تُظهر مدى احترام المؤسسات لإرادة المواطنين. لكن عندما يدق الرئيس ناقوس الخطر ويطلق "الفيتو" علي عوار بعض الاجراءات ويطالب بإعادة الانتخابات و تتردد الأحاديث حول تدخلات غير معلنة، يتحول المشهد الانتخابي من ممارسة ديمقراطية إلى جرس إنذار يقرع في لحظة دقيقة.
الانتخابات الأخيرة طرحت أسئلة صعبة حول مدى نزاهة العملية برمتها، خاصة مع تزايد الحديث عن تدخلات تؤثر في من يترشح ومن يُستبعد.
هذا الواقع خلق انطباعًا عامًا بأن العملية الانتخابية لا تسير بشكل طبيعي، وأن هناك اعتبارات غير واضحة تلعب دورًا في توجيه النتائج قبل أن تذهب أصوات الناخبين إلى الصندوق.
العوار هنا لا يقتصر على تفاصيل إجرائية، بل ينعكس على جوهر المشاركة السياسية، ويجعل المواطن يشعر أن المساحة التي تُركت له للاختيار باتت أضيق مما يجب.
تأتي أهمية هذا العوار من تأثيره المباشر على البرلمان القادم. فالبرلمان ليس مجرد مقاعد تُملأ، بل هو مؤسسة تبنى شرعيتها على ثقة الناس.
وحين يشعر المواطن أن بعض المقاعد حُسمت مسبقًا، أو أن المنافسة كانت شكلية، فإن الثقة في البرلمان تُصاب بضرر يصعب إصلاحه.
البرلمان الذي لا يولد من إرادة واضحة وصريحة للناخبين، سيعاني من ضعف القدرة على الرقابة الفعلية و اهتزاز صورة الاستقلالية أمام الرأي العام و محدودية القدرة على تمثيل دوائره بشكل حقيقي و غياب الزخم الشعبي الذي يمنح القوة لأي مؤسسة سياسية.
فمجرد تداول فكرة فساد الانتخابات الأمر يعكس أزمة ثقة في البيئة السياسية وإحساسًا عامًا بأن هناك من يحاول إعادة تشكيل الساحة الانتخابية بعيدًا عن مشاركة المواطنين.
هذا الشعور وحده كافٍ ليكون ناقوس خطر يستدعي مراجعة شاملة لآليات الاختيار والترشح، ويؤكد أن أي إصلاح سياسي يبدأ من احترام العملية الانتخابية كحق أصيل لا يُمسّ.
السؤال الذي يفرض نفسه بعد كل ما سبق: كيف يمكن المطالبة بالثقة في برلمان لم تمر ولادته عبر بوابة انتخابات واضحة ونزيهة؟
الثقة لا تُفوض ولا تُفرض، بل تُبنى من خلال عمليات شفافة يشعر فيها المواطن أن صوته يغيّر، وأن القانون يقف على مسافة واحدة من الجميع.
الخلاصة
الحديث حول الفيتو الرئاسي في الانتخابات ليس جدلًا سياسيًا عابرًا، بل مؤشر على أزمة تحتاج معالجة.
فالمشهد الانتخابي بما يحمله من عوار، ينعكس مباشرة على البرلمان القادم، وعلى دوره، وعلى شرعيته أمام الناس.
إصلاح العملية الانتخابية لم يعد رفاهية… بل ضرورة تفرضها حماية الدولة ومؤسساتها من اهتزاز الثقة العامة، وضمان أن البرلمان القادم يعبر عن إرادة حقيقية لا تقبل الشك.