لنجرِّب لجان الجُودِية والصُلْح لوقف الحرب
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
واحد من طرق وقف الحرب دفعُ الجنود و المقاتلين علي التمرد ضد قياداتهم العسكرية. يستند هذا التصور للحل علي الجوهر الإنساني للمقاتلين و حقيقتهم الإجتماعية دون شيطنة. ينتمي الجنود إلي عائلات و هي أجزاء من النسيج الإجتماعي للسودان و لهذه العائلات درجة من التأثير الإيجابي علي أبنائهم المقاتلين في صفوف الدعم السريع و الجيش.
لجعل ذلك ممكنا نحتاج جُهدَ الجميع من قيادات المجتمع المدني من النساء، السياسيين، النقابيين، المهنيين و الناشطين في المنظمات الأهلية هذا بالإضافة للإدارات الأهلية أين ما كان ذلك ممكنا و الأهم لجان المقاومة و مجموعات المتطوعين. بالإمكان بناء لجان كبري للجودية و الصلح لإيقاف الحرب في الحضر و البادية قوامها ذلك النفر الموصوف أعلاه. تقوم هذه اللجان بمخاطبة العائلات التي ينتمي إليها الجنود و الضباط بضرورة إعلاء قيمة الحياة و احترامها و عدم الإنجرار وراء الإنتقام و و غيره من الأفكار الهادمة للحياة و السلام و التعايش. و التركيز علي كشف حقيقة المستفيدون من هذه الحرب المجرمة من قيادات الجيش و الدعم السريع و أعوانهم ممن يبيعون موارد البلد لمصلحتهم الخاصة.
لأهلنا أرث عميق في هذ النوع من الممارسة لحل النزاعات و لقد اثبتت جدواها مقارنة بآليات حل النزاعات التي التي تتبناها المنظمات الدولية و الوسطاء الأجانب. آليات حل النزاعات المعتمدة عن المنظمات الدولية و الوسطاء الأجانب من حكاية قسمة السلطة و الثروة بين الفرقاء.
أساليب الأمم المتحدة في حل النزاعات المسلحة لم تأت من فراغ. هي توظيف للإرث الإنساني في إتمام السلام بعد الحرب. ما عند الأمم المتحدة الآن من بروتوكولات علي شكلة نزع السلاح، إعادة الإنتشار و الإدماج المعروف إختصاراً (دي دي ار) مناسب جدا إذا توفرت الإرادة عند قيادات القوي المتحاربة لإتمام السلام و إيقاف الحرب و هو ما لا يتوفر في حرب 15 ابريل 2023م المجرمة و القذرة. يمكننا أن نستخدم هذه الآلية و معيناتها بعد إتمام أعمال الجودية و الصلح و نشر فكرة الإمتناع عن القتال لما له من كلفة باهظة يدفع ثمنها المواطنون المدنيون.
سيكون من نتائج عمل لجان الجودية و الصلح إبطال المفعول الهدام لخطاب الكراهية علي أسس إثنية و مناطقية. و علي هذه االجان أيضا إرساء قواعد العدالة و المحاسبة عبر آليات جبر الضرر و طلب العفو و الإعتذار و توفير الأمان.
عندما يدرك الجنود أن المستفيد من الحرب هو قياداتهم و ليس الوطن بفهم ما يتم في مسألة بيع موارد البلد المعدنية و غيرها لمصلحتهم الخاصة، أظن أنهم سيدركون أنهم مجرد أدوات يتحكم في مصائرهم مجموعة من القادة الفاسدين. هذه الحقيقة العارية هي ما ستفتح عيون الجنود فيروا الصراع علي حقيقته الإقتصادية و السياسية.
يجب أن يسبق إنشاء لجان الجودية و المصالح حملات للتوعية بالحقيقة العميقة لهذه الحرب الإجرامية و تسمية المستفيدون منها علي المستوي الإقتصادي. هذا واجبنا جميعا و لتكن هذه شغلتنا الشاغلة في مداولاتنا في السوشيال ميديا و في كتاباتنا. و أقصد توضيح الحقائق حول المستيفيدون من هذه الحرب.
طه جعفر الخليفة
اونتاريو- كندا
10 مايو 2024م
taha.e.taha@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
موقع إيطالي: حالات الانتحار تكشف انهيار جنود إسرائيل بسبب كابوس غزة
سلط تقرير نشره موقع إنسايد أوفر الإيطالي الضوء على المعاناة النفسية العميقة التي يعيشها الجنود الإسرائيليون بعد مشاركتهم في الحرب على قطاع غزة ولبنان، معتبرا أن ارتفاع حالات الانتحار يكشف حجم الكارثة في ظل تجاهل رسمي للإحصاءات المفزعة.
وقال الكاتب أندريا أومبريلو إن دانيئيل إدري، وهو جندي احتياط في الجيش الإسرائيلي، أضرم النار في نفسه قرب مدينة صفد بعد أن خدم في غزة ولبنان، ليتحول من جلاد إلى ضحية بعد أن طاردته صور الأجساد المتفحمة التي لم يكن قادرا على نسيانها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس: انتحار 42 جنديا إسرائيليا منذ بداية الحرب على غزةlist 2 of 2الحرب على غزة تربك البنية النفسية لقوات الجيش الإسرائيليend of listوأضاف الكاتب أن اللهب الذي اختاره إدري ليُنهي به معاناته، يلتهم مبررات الحرب ومصالح الدولة التي حولت شبابها إلى جنود يمارسون القتل بشكل يومي، ثم ترتكهم وحدهم مع أشباح العنف الذي صنعوه بأيديهم ودمرهم في نهاية المطاف.
ونقل الكاتب عن والدة دانيئيل قولها لوسائل الإعلام الإسرائيلية إن العذاب الداخلي كان ينهش ابنها بعد الخدمة العسكرية، حيث طاردته رؤى من ساحات الحرب في غزة ولبنان، وعجز عن التحرر من رائحة اللحم المحترق وصور القتلى والمصابين.
وكان إدري قد عبر في الأيام التي سبقت انتحاره عن حاجته الماسة إلى دخول مستشفى للعلاج النفسي بسبب قلة النوم وذكريات الحرب، لكنه تلقى ردا مفاده وجود فترات انتظار طويلة.
"عقلي ينهار"وذكر الكاتب أن دانيئيل إدري كان يتيم الأب، وقد بحث في الخدمة العسكرية عن معنى لوجوده، خاصة بعد أن خسر صديقين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث طلب استدعاءه كجندي احتياط مدفوعًا بمزيج من الولاء واليأس.
من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أدى دانييل مهمة نقل جثث رفاقه القتلى، وهي مهمة حولت أيامه إلى معاناة لا تتوقف.
وفي رسالة إلى أحد رفاقه اعترف بتحوله إلى تهديد للمحيطين به قائلًا: "أخي، عقلي ينهار. لقد أصبحت خطرا، قنبلة جاهزة للانفجار".
إعلانوفقا للكاتب، فإن تلك الكلمات تكشف عن تبعات العنف الذي عاشه ومارسه، ثم رافقته إلى حياته العائلية وجعلت منه قنبلة موقوتة.
ولفت الكاتب إلى أن عائلة إدري طلبت أن يُدفن مع مرتبة الشرف العسكرية، لكن وزارة الدفاع رفضت هذا الطلب حتى الآن، لأن البيروقراطية العسكرية الإسرائيلية تعتبر أن الانتحار بعد التسريح من الخدمة يعني حرمان الجندي من التكريمات التي تُمنح للقتلى في المعارك.
ذكر موقع والا الإسرائيلي هذا الأسبوع أن عدد الجنود المنتحرين منذ بدء الحرب على غزة ارتفع إلى 43 بسبب أعراض ناتجة عن القتال
ارتفاع حالات الانتحاروبحسب الموقع الإيطالي، تكشف بيانات الجيش الإسرائيلي عن زيادة مذهلة في حالات الانتحار بين الجنود، حيث تم تسجيل 38 حالة بين عامي 2023 و2024، من بينها 28 حالة بعد بدء الحرب على غزة، مقارنة بـ14 حالة عام 2022، و11 حالة عام 2021.
ويؤكد الكاتب أن التعبئة الاستثنائية لـ300 ألف جندي احتياط عرضت الجنود لمستويات قصوى من العنف والضغط النفسي في غزة والمنطقة الحدودية مع لبنان، ويواجه الجيش الإسرائيلي حاليا عواقب إخضاع جنوده لتجارب تتجاوز حدود الاحتمال.
وتكشف الإحصاءات الرسمية -يضيف إنسايد أوفر- أن الانتحار يحتل المرتبة الثانية بين أسباب الوفاة في صفوف قوات الجيش الإسرائيلي.
ففي 2023، وقعت 558 حالة وفاة بين الجنود، منها 512 أثناء العمليات، و10 لأسباب طبية، و17 نتيجة للانتحار. وتُظهر البيانات الجزئية لعام 2024 تسجيل 363 حالة وفاة، من بينها 295 في عمليات عسكرية، و13 بسبب المرض، و21 حالة انتحار.
وتُبين تحليلات وسائل الإعلام الإسرائيلية أن ما لا يقل عن 11 جندي احتياط أقدموا على الانتحار بسبب مشاكل صحية نفسية مرتبطة بالخدمة العسكرية، منذ بداية الإبادة الجماعية في غزة.
وكان موقع والا الإسرائيلي قد ذكر هذا الأسبوع أن عدد الجنود المنتحرين منذ بدء الحرب على غزة ارتفع إلى 43 بسبب أعراض ناتجة عن القتال.
واقع مأساوييضيف الكاتب أن الإحصاءات تُظهر زيادة عدد الجنود الإسرائيليين الذين تخلوا عن الخدمة بسبب اضطرابات نفسية حادة. وتشير بيانات يناير/ كانون الثاني 2024 إلى أن 1600 جندي يخضعون للعلاج من اضطراب ما بعد الصدمة الحاد، في حين أن 75% من المحاربين القدامى احتاجوا إلى دعم نفسي.
وقد طبق الجيش الإسرائيلي تدابير طارئة، من بينها خدمة مساعدة مستمرة تعاملت مع 3900 مكالمة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ونشرت 800 مختص في الصحة النفسية.
غير أن هذه التدابير تصطدم -حسب الكاتب- بواقع موثق من نقص الإحاطة النفسية بالجنود، إذ تصف شهادات العائلات والمنظمات المدنية نظاما عاجزا عن مواكبة موجة الطلبات الكبيرة على الدعم النفسي.
واعتبر الكاتب أن قصة إليران مزراحي، جندي الاحتياط الذي خدم في غزة، تقدم مثالا واضحا على هذا الواقع الصعب. فبعد أشهر من العذاب النفسي، أقدم على الانتحار فور تلقيه استدعاء جديدا للخدمة العسكرية.
وفي مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، عبرت والدته بكلمات قاسية عن واقع يعيشه كثير من الجنود الإسرائيليين: "لقد خرج من غزة، لكن غزة لم تخرج منه أبدا".
وأشار الكاتب إلى أن منظمات قدامى المحاربين، ومن بينها "كسر الصمت"، توثق منذ فترة طويلة نقص الدعم النفسي للجنود بعد نهاية الخدمة، وحالة التكتم التي تُحيط بتجاربهم النفسية القاسية في مجتمع تحتل فيه المؤسسة العسكرية موقعا مركزيا.
إعلان