تزعم المليشيات الحوثية أن تصعيدها في البحر الأحمر ليس له أي انعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي اليمني، في واحدة من المغالطات التي تسوقها لتضليل الرأي العام الداخلي، لتبرير استمرارها كأداة وذراع للمشروع الإيراني في المنطقة.

منذ بدء التصعيد الحوثي في البحر الأحمر في نوفمبر 2023م، أعلنت أكثر من 23 شركة من كبريات شركات الشحن العالمية توقف مرور سفنها وناقلاتها عبر باب المندب وتحويل مسار الرحلات إلى رأس الرجاء الصالح.

اعلان هذه الشركات يؤكد أن ابقاء منطقة البحر الأحمر وخليج عدن مسرحا لعمليات استهداف السفن سيجعل من باب المندب منطقة خاوية من حركة الملاحة البحرية، ما سيضاعف من قيمة التأمين والنقل والشحن إلى موانئ المنطقة وعلى رأسها اليمن.

كما أن هذا التصعيد سيدمر ما تبقى من حركة ملاحية في الموانئ اليمنية، وسيجعل أغلب الخطوط الملاحية تكتفي بالشحن إلى اليمن إلى أقرب ميناء دولة أجنبية مثل الشحن لميناء صلالة أو موانئ جيبوتي أو موانئ جدة ونقل البضائع برا من عمان والسعودية، أو بحرا عبر قوارب وسفن أصغر من موانئ جيبوتي.

هذه الخطوط الإضافية ستزيد من تكلفة وصول السلعة إلى المستهلك اليمني، قبل تعرضها للجبايات والإتاوات، وهوامش الربح التي لا تخضع لأي رقابة، وفي ظل كساد كبير في الأسواق نتيجة انهيار القدرة الشرائية للمواطنين في ظل انقطاع المرتبات وارتفاع نسب البطالة واستمرار أ.مة السيولة

كما أن استمرار التصعيد وإطالة أمده سينعش الخطوط الملاحية عبر الموانئ الأخرى، حيث أطلق ميناء صلالة العماني خيارات خدمة متعددة الوسائط توفر بديلاً لإعادة التوجيه حول رأس الرجاء الصالح، الناجم عن استمرار انقطاع الملاحة في البحر الأحمر.

وذكر موقع (World Cargo news) أن ميناء صلالة أطلق خيارات الخدمة البديلة استجابةً للاتفاق بين شركات الشحن بأن انقطاع الملاحة في البحر الأحمر سيستمر.

ونقل الموقع عن بيان للميناء تأكيده أنه "لا يلزم أي تحويل من الطرق الرئيسية للشحن من الشرق إلى الغرب إلى خليج عمان، مما يوفر تحويلة لن تستغرق شاحنات النقل لعبورها سوى 4-5 أيام من الطرق الرئيسية للشحن من الشرق إلى الغرب".

ويتمثل البديل في طريق بري مؤقت يمتد من ميناء صلالة، ويصل إلى ميناء جدة السعودي، الواقع في منتصف الساحل الشرقي للبحر الأحمر، حيث تبدأ النقطة الأكثر أماناً، التي يمكن أن تستمر منها الرحلة بحرا نحو قناة السويس، مما يقلل وقت العبور الإجمالي مقارنةً بالمسار المحول حاليا.

ويقع ميناء صلالة العماني على الطرق البحري الرئيسي بين جنوب وشرق آسيا وأوروبا وشمال أفريقيا والأمريكتين، وأعالي الخليج مع شرق أفريقيا، وتبلغ سعته السنوية 5 ملايين حاوية TEU، إلا أنه يجري حاليا تأهيله لزيادة سعته بنسبة 30٪.

وقبلها أطلقت شركة "الجسر العربي" للملاحة، مسارا بحريا جديدا بين ميناء العقبة الأردني ونويبع المصري كخط جديد بديل وحيوي لنقل الصادرات الأردنية المتجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، بالتزامن مع وجود اضطرابات في حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وإعلان عديد من شركات الشحن الكبرى إيقاف عملها في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

وتؤكد بيانات البنك الدولي أن استمرار اضطرابات الشحن في البحر الأحمر تسببت في تناقص عدد السفن المارة عبر قناة السويس بنسبة 66 % ما يؤكد أن الاستهداف طال جميع الشركات وجميع الوجهات وليست جهات محددة كما تزعم المليشيات.

ويعد باب المندب ممرا استراتيجيا مهما للتجارة ؛ ووفقاً لبعض التقديرات، فقد تعامل مع 25% إلى 30% من إجمالي شحن الحاويات، و12% من النفط المنقول بحراً، و8% من الغاز الطبيعي المسال المنقول بحراً، و8% من تجارة الحبوب في السنوات الأخيرة.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: فی البحر الأحمر میناء صلالة باب المندب

إقرأ أيضاً:

البحرية اليمنية تغيّر معادلة الصراع.. من البحر الأحمر إلى كسر الهيمنة الغربية

يمانيون | تقرير تحليلي
في خضمّ المواجهة المستعرة في البحر الأحمر، لم تعد العمليات اليمنية مجرّد ردود فعل على العدوان الأمريكي الصهيوني، بل تحوّلت إلى أداة استراتيجية تعيد رسم خارطة النفوذ العالمي في المنطقة.

هذا التحول، كما وصفته صحيفتا “ديلي ميل” البريطانية و”ذا إنترسبت” الأمريكية، يتجاوز الأبعاد العسكرية، ليبلغ مستوى عميقًا من التحدي السياسي والاستراتيجي للأطماع الغربية، ويكشف في الوقت ذاته تصاعد مكانة صنعاء كفاعل إقليمي محوري في معركة كسر الهيمنة وإعادة تعريف مفهوم الردع والسيادة.

صنعاء تُفكّك الأسطورة العسكرية الغربية
في تقريرها الموسع، كشفت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية عن أن الضربات اليمنية على السفن المرتبطة بالعدو الصهيوني أظهرت “هشاشة المنظومة الغربية”، مؤكدة أن الولايات المتحدة فشلت في حماية مصالحها البحرية رغم استخدام أحدث تقنياتها العسكرية.

الهجمات التي نُفّذت بصواريخ مضادة للسفن وطائرات مسيّرة محمّلة بالمتفجرات، لم يتم اعتراضها في معظم الحالات، ما يعكس عجز المنظومة الدفاعية التي كان يُفترض بها أن تضمن تفوقًا أمريكيًا في البحر الأحمر.

الصحيفة أشارت إلى أن الغارات التي شنّتها واشنطن على اليمن تجاوزت 1000 هدف، واستُخدمت فيها أكثر من 2000 ذخيرة متطورة، لكنها لم تتمكن من كبح جماح الهجمات اليمنية، التي باتت أكثر دقة وتعقيدًا، وهو ما وصفه المحللون بـ”الإخفاق الاستخباراتي والتكتيكي المزدوج” للولايات المتحدة و”إسرائيل”.

 انهيار الردع الأمريكي… وصنعاء في طليعة الصراع
ما تكشفه الهجمات اليمنية المتصاعدة، وفق التقرير، ليس فقط فشلًا في منع الضربات، بل انهيارًا لمفهوم الردع ذاته، الذي بنته أمريكا لعقود في المنطقة.

إذ لم يعد للتهديدات الأمريكية وزن يُذكر في معادلة صنعاء، بل قابلتها الأخيرة بتكتيكات هجومية شملت استخدام طائرات مسيّرة بحرية، وقدرات تنقل متقدمة، واستهداف دقيق ومباشر للسفن المعادية.

ولعل الأخطر في تقديرات الصحيفة أن صنعاء، التي كانت تُصنَّف – وفق المنظور الغربي – كأضعف حلقة في محور المقاومة، تجاوزت هذا التصنيف عمليًا، لتصبح اليوم الطرف الأكثر تأثيرًا في البحر الأحمر، بل والمبادر في تحديد زمن ومكان المعركة، بما يعكس مرونة استراتيجية وخبرة ميدانية راكمتها القوات اليمنية على مدى سنوات.

تكتيكات جديدة تربك تحالف العدوان
تقرير “ديلي ميل” يشير بوضوح إلى أن السفن التجارية الغربية والإسرائيلية، لم تعد تملك وسائل دفاع فعّالة أمام الطائرات المسيّرة اليمنية، ولا حتى ضد وحدات الكوماندوز التي تنفذ عمليات إنزال نوعية.

فرق الحماية التجارية، التي لا يتجاوز عدد عناصرها ثلاثة، باتت عاجزة أمام تكتيكات الحوثيين المتطورة، ما جعل البحر الأحمر منطقة تهديد دائمة للمصالح الغربية.

ويضيف التقرير أن القوات المسلحة اليمنية، بعد إعادة هيكلة عملياتها، دخلت مرحلة جديدة من العمل البحري، تعتمد على التنسيق العالي بين الجو والبحر، والمباغتة، واستخدام أسلحة لا تكتشفها الرادارات بسهولة، وهو ما جعل من كل سفينة تمرّ في المنطقة هدفًا محتملاً، ومن كل تحرك أمريكي أو صهيوني خطرًا قابلًا للارتداد.

 “ذا إنترسبت”: صعود اليمن كقوة إقليمية مستقلة
أما التقرير الأمريكي في موقع “ذا إنترسبت”، فقد قدّم رؤية متقدمة للدور اليمني، بوصفه “تحولًا جيواستراتيجيًا” في المنطقة، لا سيما في ظل عجز التحالف عن فرض أي سيطرة جوية أو بحرية رغم كل ما أنفقه من موارد.

فالموقع الأمريكي أشار إلى أن واشنطن “أنفقت ملايين الدولارات وأطلقت آلاف الغارات، لكنها لم تستطع منع الهجمات اليمنية ولا تأمين الممرات البحرية”.

بل إن كل عملية جديدة من القوات المسلحة اليمنية تُحدث صدمة داخل أروقة القرار الأمريكي وتطرح علامات استفهام حول مستقبل الهيمنة العسكرية.

وفي السياق ذاته، اعتبر الموقع أن اليمن لم يعُد حليفًا تقليديًا لطهران فحسب، بل فاعلًا مستقلًا في هندسة موازين القوى الإقليمية، حيث بات يملك زمام المبادرة في البحر، ويتصرف وفق أولوياته الاستراتيجية، لا كأداة بيد الآخرين، بل كلاعب مكتمل السيادة.

اليمن يعيد صياغة المشهد… وصنعاء تقود مرحلة ما بعد الردع
في ضوء ما قدّمته “ديلي ميل” و”ذا إنترسبت”، لا شك أن اليمن، وبقيادة صنعاء، أصبح طرفًا رئيسيًا في معادلة الشرق الأوسط، ليس من حيث التأثير العسكري فقط، بل من حيث إعادة تعريف النفوذ والردع والسيادة.

فقد سقطت رهانات أمريكا و”إسرائيل” على تحييد اليمن، وانهارت منظومتهم الأمنية أمام ما وصفته الصحافة الغربية بـ”الضربات النوعية الخاطفة”.

وها هي صنعاء اليوم تُثبت أنها ليست فقط حاضرة في الدفاع عن فلسطين، بل قادرة على زلزلة المصالح الأمريكية في عمق البحر الأحمر.. وهذا ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة، عنوانها: صنعاء تقود معركة كسر الهيمنة الغربية، من البحر إلى فلسطين… ومن صنعاء إلى القدس.

مقالات مشابهة

  • البحرية اليمنية تغيّر معادلة الصراع.. من البحر الأحمر إلى كسر الهيمنة الغربية
  • اقرار امريكي بالهيمنة اليمنية البحرية
  • تداول 14 ألف طن بضائع بموانئ البحر الأحمر
  • نشاط مكثف بموانئ البحر الأحمر: تداول 14 ألف طن و878 شاحنة بضائع متنوعة
  • عبدالملك الحوثي : منع الملاحة على إسرائيل في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن قرار حازم ثابت .. ولن نسمح بإعادة تشغيل ميناء أم الرشراش
  • نتنياهو يطالب إدارة باستئناف قصف الحوثيين بعد التصعيد الأخير.. هكذا ردت واشنطن
  • تحذيرات أممية من المخاطر المتزايدة جراء التصعيد بالبحر الأحمر
  • “أسبيدس” ترفع تقييم المخاطر للسفن المرتبطة بـ “إسرائيل” في البحر الأحمر إلى “حرج”
  • تداول 18 ألف طن شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر
  • تطورات خطيرة في باب المندب.. حركة السفن تتراجع وسط تصاعد التوترات