لم أنزعج كثيرا من تدشين مركز "تكوين للفكر العربي"، إذ أنه لم يأت بجديد سوى أنه جاء بالمتربصين بالفكر الإسلامي لفيفا، وكعادتى لا أحب الحكم على الأشياء دون التثبت من صحة الأخبار والتأكد من المعلومات المتداولة، التى لا ترقى إلى درجة اليقين، وأول الأخبار التى ثبت كذبها، وقد اتخذها البعض ذريعة لمهاجمة الدولة، إذ سمحت بهذا التكوين، ووافقت على إنشائه، وتبين في النهاية أن هذا الكيان غير مرخص ولم يتم شهره رسميا، أما المؤكد واليقينى أنه تم تدشينه إعلاميا وبدا واضحا ضخامة التمويل والقدرة المالية مجهولة المصادر حتى الآن، وهذا ما سوف يتكشف من تحقيقات نيابة أمن الدولة إذا صحت الأخبار المتداولة بهذا الشان.
وفى لقائه مع الإعلامى عمرو أديب فى برنامج "الحكاية" يوم السبت الماضي قال إسلام بحيري عضو مجلس أمناء مركز "تكوين" عن الذين يهاجمون أفكارهم: "إنهم يعانون هشاشة رهيبة غير قادرة على المواجهة"، وإسلام بحيري هذا معروف بأفكاره المنحرفة وإعادة إنتاج شبهات أكل عليها الدهر وشرب، وتم الرد عليها فى حينها بل جمعها العلماء وردوا عليها جميعا بما لا يدع مجالا للجهل، الذى يعيد هؤلاء "التكوينيون" تدويره، وهو نفسه الذى يعانى هشاشة رهيبة فى الفكر، وغير قادر على المواجهة، بعد أن وعى الدرس من المواجهات المحدودة التى حدثت مع بعض علماء الإسلام، وخرج منها مفضوح الجهل، يلفه الخزى من كم المغالطات التى كشفها العلماء، وهذا ما جعله يشترط بعد ذلك على البرامج التى تستضيفه، أن يكون وحده، ولا يسمح بالمداخلات، حتى يكون الكلام من طرف واحد، فيلقى بخرافاته دون الرد عليها، ومهما بلغت ثقافة المحاور، فلن يستطيع الرد عليه.
ولأننى أزهرى تتلمذت فى كلية أصول الدين بالقاهرة على قامات كبيرة أصلت فينا عدم الانزلاق إلى التكفير، بل تربينا فى هذه المؤسسة العريقة على أننا لا نكره الكافر واضح الكفر، بل نكره منه كفره ومعتقده الفاسد، وفى الوقت نفسه نحب له الخير، وهو بضاعتنا التى نقصدها بالدعوة إلى الله وإلى العقيدة الصحيحة، ولا أدل على ذلك من أن الأزهر الشريف وعلى رأسه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، رفض تكفير الدواعش لمجرد انهم ينطقون الشهادتين ويستقبلون قبلتنا.
ولعل رائدنا فى عدم الانزعاج من الكفر قول الله تعالى: "ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ" (23: لقمان).
ومعلوم أن خطر المنافق على الإسلام أكثر من خطورة الكافر، لأن المنافق عدو خفي، والكافر عدو ظاهر، والعدو الخفي ضرره أكثر، وإيذاؤه أشد، ولذلك جعل الله المنافقين في أسفل النار، قال تعالى: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا" (145: النساء).
وقد حذر الإسلام من خطورة النفاق والمنافقين علي المجتمع الإسلامي، وأنزل الله عز وجل في القرآن الكريم سورة "المنافقون"، وفيها ذكر لبعض صفاتهم، قال تعالي: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ * وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" (المنافقون:4:1).
وفي السيرة النبوية بيان أسلوب وطريقة وحكمة معاملة النبي صلى الله عليه وسلم للمنافقين، مع بيان خطورتهم، فبلية المؤمنين بهم أعظم من بليتهم بالكفار المجاهرين والمحاربين، لأنهم لا يظهرون ما يعتقدون من كفر، ويعملون ويكيدون في الخفاء.
[email protected]
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إبراهيم نصر مركز تكوين تكوين
إقرأ أيضاً:
سنن نبوية قبل عيد الأضحي .. تعرف عليها
الأضحية هي سُنة مؤكدة ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكرت في الكتاب والسنة النبوية الشريفة، في قوله تعالى: "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ"، وفي السنة النبوية الفعلية حيث ثبت عن النبي أداؤه للأضحية كل عام منذ تشريعها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا" وثبت عنه أيضًا أنه كان يتولى ذبحها بنفسه.
وشرعت الأضحية في السنة الثانية من الهجرة النبوية وهو نفس العام الذي شرع فيه صلاة العيدين وزكاة المال حسبما ذكرت دار الإفتاء المصرية على موقعها الرسمي، في التقرير التالي نوضح أبرز السنن نبوية التي يجب أن تعرفها عند نحر الأضحية وفقًا لدار الإفتاء المصرية ومركز الأزهر للفتوى الإلكترونية.
1. عدم قص الشعر بأي قدر، سواء كان شعر الرأس أول اللحية والشارب وعموم شعر الجسم.
2. عدم قص الأظافر، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا".
3. الإسراع بنحر الأضحية في اليوم الأول، يوم العيد، عقب الصلاة، لما في ذلك من الإسراع إلى الخير، لقوله تعالى: " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، وقوله: " وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي ثم ينحر.
4. ربط المضحي الأضحية قبل يوم النحر بأيام استعدادًا للقربة وإظهار للرغبة فيها.
5. أن يعلق في عنق الأضحية شيء ليعلم أنه هدي أو اضحية، وإلباسها "الجل"، وهو ما يغطى به الدابة لصيانتها، تعظيمًا لتلك الشعيرة لقوله تعالى: "وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ".
6. سوق الأضحية إلى مكان نحرها سوقًا جميلًا لا يستخدم فيه العنف أو جرها من رجلها إليه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ".
7. أن ينحر المضحي بنفسه إن إستطاع ذلك، أو تولية غيره ممن يحسن النحر، ويستحب أن يشهد الأضحية، لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة: يَا فَاطِمَةُ، قُومِي إِلَى أُضْحِيَّتِكِ فَاشْهَدِيهَا.
8. أن يدعو قائلًا: إ"ِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِاسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ" ثم يذبح، ويستحب أن يعقب التسمية التكبير ثلاثًا والصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم والدعاء إلى الله بأن يتقبل.
9. الإنتظار حتى تسكن جميع أعضاء الذبيحة ولا يسلخ إلا بعد أن تزول الحياة عن جميع جسدها.
10. من السنة أن يأكل المضحي من أضحيته، ويطعم، ويدخر أيضًا
11. أن يطعم أهل بيته الثلث، وفقراء جيرانه الثلث، ويتصدق بالثلث