يشعر المعلمون بالقلق نهاية كل عام دراسي، إزاء ما يعرف باسم "التراجع المعرفي الصيفي" للتلاميذ، نتيجة فقدان التعلم بسبب الغياب عن المدرسة.

وتتضح المشكلة بدرجة أكبر بين الأسر ذات الدخل المنخفض، التي لا تلحق أطفالها بالمعسكرات الصيفية، أو أي أنشطة أخرى تثري معارفهم.

ومن الوسائل التي يمكن عن طريقها التغلب على هذا التراجع المعرفي، تشجيع الأطفال على القراءة من أجل المتعة، وهي عملية يتم ربطها بفوائد تعليمية وصحية كثيرة، من بينها تعزيز قدرات المخ، وزيادة القدرة على التعاطف مع الآخرين، والحد من التوتر وبناء مفردات لغوية جديدة.

وتشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يقرؤون من أجل المتعة من المرجح أن ينجحوا في اختبارات القراءة، ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن ليندساي ماركزاك -كبيرة مديري الأبحاث والتحقق في "سكولاستيك" أكبر ناشر لكتب الأطفال في الولايات المتحدة- قولها إن تأسيس مكتبات بالمنازل قد يُحدث تغييرا حقيقيا يشجع الأطفال على القراءة.

وأضافت ماركزاك "عندما تتاح للصغار الفرصة في اختيار الكتب التي يريدونها، فستكون لديهم القدرة على اختيار القصص التي يحبونها بدرجة أكبر، وإذا كان لديك القرار إلى حد ما في اختيار الموضوعات التي ستقرأها، فمن المرجح أنك ستقبل على القراءة".

وأوضحت أن إتاحة مجموعة متنوعة من الكتب ذات العناوين المختلفة تدفع الأطفال إلى البحث عن الموضوعات التي تروقهم، وأضافت "ما دام التلاميذ يقرؤون، فلا يهم شكل ما يقرؤونه"، مشيرة إلى أنه قد يكون الكتاب روايات ذات غلاف ورقي، أو قصصا مصورة، أو روايات وثائقية، أو من الكتب المسموعة، فالخيارات لا حصر لها، وقالت "حتى لو قدمنا للطفل مجموعة صغيرة مكونة من 5 كتب محدودة الفصول، فيمكنها منع تراجع القدرة على القراءة، وكل كتاب إضافي يقرأه الطفل يمثل إضافة".

عندما تصبح القراءة نشاطا جماعيا، يشعر الأطفال بأنهم جزء من كيان أكبر، ومن المرجح بدرجة أكبر أن يستمتعوا بها (بيكسلز) قراءة جماعية

ولفتت ماركزاك إلى أن الأنشطة البسيطة قد تشجع الأطفال على مزيد من القراءة، وإحدى هذه الأنشطة القراءة معا والقراءة بصوت عال.

كما أن تجميع أفراد الأسرة معا، لقراءة كتاب ومناقشة القصة، يعد وسيلة رائعة لإشراك الأطفال وإثارة اهتمامهم بالقراءة.

ويمكن أن يتناوب أفراد الأسرة على القراءة بصوت عال، وتبادل أفكارهم حول مضمون الكتاب. وعندما تصبح القراءة نشاطا جماعيا، يشعر الأطفال بأنهم جزء من كيان أكبر، ومن المرجح بدرجة أكبر أن يستمتعوا بها.

ومن جهة أخرى، تتيح الزيارات لمكتبة عامة الفرصة لاطلاع الأطفال على مجموعات متنوعة من الكتب وبشكل غير مكلف ماديا، وتعرض المكتبات العامة الكتب وأيضا مسابقات في القراءة، وغير ذلك من أنشطة.

التعود على ممارسة القراءة اليومية خلال فترة التوقف عن الدراسة قد يؤكد للأطفال مدى متعة القراءة (الألمانية)

من جانبها، توجه أمينة مكتبة دالاس العامة هالي كرال نصائح في هذا المجال، وتقول إن على الآباء أن يمثلوا نموذجا إيجابيا يقلده الصغار، "فعندما يشاهد أطفالكم أنكم تجعلون القراءة تحتل الاهتمام الأول لديكم، فمن المرجح بدرجة أكبر أن يقتفوا أثركم".

والتعود على ممارسة القراءة اليومية خلال فترة التوقف عن الدراسة قد يؤكد للأطفال مدى متعة القراءة.

ومن المرجح بدرجة أكبر أن يتجه الأطفال للقراءة، في حال حصولهم على الكتب بسهولة، وتوصي كرال بنشر الكتب في جميع أنحاء المنزل، وتقول "إذا أتيح الكتاب في متناول اليد، فمن المرجح بدرجة أكبر أن يلتقطه الطفل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأطفال على على القراءة من المرجح

إقرأ أيضاً:

القراءة في مواجهة النظرة النمطية

تتشكل لدى البعض صورة نمطية عن بعض القراء في أنهم شريحة من المجتمع فشلت في علاقتها بالناس، أو أنهم لا يمتلكون أدوات كافية للاختلاط بهم، فكان خيارها البدهي هو الانعزال عنهم والتوجه للكتب والقراءة. وقد تتضمن هذه الصورة النمطية أيضًا أمورًا أخرى، تتعلق بالشكل واللباس والسلوك، وكأن للقارئ شخصية موحدة جامدة لا تتغير مهما اختلف الأشخاص؛ فهو شخص منطو ومنعزل عن الناس، وربما يعيش على هامش المجتمع، وغالبًا ما يلبس نظارة سميكة، ورغم أنه يعيش بين الناس فإنه في عالم لا يستأنس فيه إلا لصفحات الكتب.
وقد ورد تعريف النمطية في (معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية) للدكتور أحمد زكي بدوي (ص 410): القالب الجامد، الفكرة النمطية الثابتة (stereotype ): مجموعة من التعميمات المتحيزة والمبالغ فيها عن جماعة أو فريق من الناس، ويأخذ ذلك شكل فكرة ثابتة يصعب تعديلها حتى وإن توفرت الأدلة على خطئها.
ولو تساءلنا عن مصدر هذه الصورة عن القارئ؛ لتبين لنا أنها إما جاءت من أعمال السينما والدراما، وإما من خطاب اجتماعي متحيز ومتراكم ضدهم. ويختلف تشكل هذه الصورة النمطية وحجمها ودرجتها من مجتمع لآخر.
لكن وبعيدًا عن الصورة النمطية فإن القارئ- كما ينبغي له أن يكون- هو الشخص الواعي بماضيه المستشرف لمستقبله، يعيش حاضره كما ينبغي له أن يعيشه، ويخالط الناس حينما يكون ذلك ضروريًّا، لكنه ينكَبُّ على القراءة حينما لا ينعكس ذلك سلبًا على باقي ضروريات حياته؛ يأخذ من الكتب ما ينير طريقه، ويستلهم منها ما يفيده في بناء مستقبله وتلمس طريقه، لا لمجرد التسلية وتمضية الوقت أو هروبًا من واقع ما.
والسؤال هنا: هل على القارئ، للخروج من هذا المطب، أن يَنكَبَّ على قراءته ويترك للناس حرية تفسير ما يقوم به، أم أن عليه مسؤولية إقناع الناس بجدوى انعزاله الجزئي عنهم في محاولة لتحرير صورته من النظرة النمطية، وإعادة تعريف نفس القراءة بوصفها فعلاً إنسانياً مبهراً وعابراً للطبقات والشرائح، خاصة أن هذه الصورة النمطية لا تتوقف عند كونها مجرد توصيف اجتماعي لا يقدم ولا يؤخر، بل قد ينسحب إلى التأثير على كل من يفكر في الالتحاق بركب القراءة وعالم الكتب في مجتمع هو غير مهتم أصلًا بالقراءة؟
الحقيقة أنه لن يمكن أن يُجمع الناس على صحة أو خطأ سلوك أو تصرف ما، لكن يمكن أن يقدم بعض القراء تبريراً لتخصيص جزء من أوقاتهم للقراءة، وأن يعدوا ذلك نوعًا من توعية المجتمع بأهميتها. كما أن انعكاس قراءاتهم على سلوكهم هو أفضل ترويج للقراءة حتى مع غياب التبرير. وما من سبيل للتوعية بأهمية القراءة أفضل من عرض نماذج عن الأثرياء والرياضيين والإعلاميين ورجال الأعمال الذين كان للقراءة دور رئيس في نجاحاتهم، ما يساهم في تعديل النظرة النمطية الجائرة والسائدة عنهم.

مقالات مشابهة

  • استطلاع رأي: 70% من الإسرائيليين يرجحون اندلاع حرب مع إيران العام المقبل
  • القراءة في مواجهة النظرة النمطية
  • موعد إجازة منتصف العام الدراسي  2025- 2026
  • رأس السنة الميلادية 2026.. موعد الإجازة في المؤسسات الحكومية
  • عبد الرحيم حسن: اللواء محب حبشي محافظ بدرجة إنسان
  • تربطهما علاقة عائلية.. من هي جيلان الجباس خطيبة عمر مرموش لاعب مانشستر سيتي؟
  • "الإنسان أولًا".. دار الكتب تحتفي باليوم العالمي لحقوق الإنسان
  • 3 أسابيع.. خريطة إجازات 2026 للموظفين والطلاب
  • بعد واقعة سرقة مجوهرات بـ102 مليون دولار.. فضيحة جديدة تضرب متحف اللوفر بإتلاف مئات الكتب النادرة
  • تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف مئات الكتب بقسم الآثار المصرية