حسن الورفلي (بنغازي)

أخبار ذات صلة مباحثات ليبية - أميركية حول إعادة الإعمار ودعم العملية السياسية البعثة الأممية تطالب السلطات الليبية بضمان أمن المواطنين

بحث رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في العاصمة طرابلس، أمس، الجهود الدولية لإجراء الانتخابات الليبية وفق قوانين عادلة وتوافقية، وضرورة توحيد الجهود المحلية في هذا الملف وإنهاء المراحل الانتقالية في ليبيا، بحسب ما نقلته منصة «حكومتنا» الليبية الرسمية.


وتطرق الجانبان خلال الاجتماع إلى ملف الإنفاق الحكومي لعام 2024، مؤكدَين ضرورةَ تحسين أوضاع الليبيين، والاستمرار في مشروعات التنمية ودعم التنمية المحلية، وضرورة دعم جهود المجلس الرئاسي الليبي لإنجاح ملف المصالحة الوطنية، باعتباره نواة أساسية للاستقرار.
 وفي سياق آخر، أكدت ستيفاني خوري نائبة الممثل الخاص للشؤون السياسية القائمة بأعمال المبعوث الأممي لدى ليبيا، أنها ستعمل على مساندة الشعب الليبي في تحقيق تطلعاته إلى السلام والاستقرار والديمقراطية. جاء ذلك في أول كلمة لها منذ توليها منصب نائب رئيس البعثة الأممية للشؤون السياسية بعد استقالة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي. وأضافت ستيفاني خوري أنه حتى تعيين ممثل خاص جديد للأمين العام، «تبقى بعثة الأمم المتحدة ملتزمة بمساندة الليبيين على تجنيب البلاد مخاطر الانقسام والعنف وهدر الموارد، وذلك من خلال تيسير عملية سياسية شاملة يملكها ويقودها الليبيون أنفسهم، بمن فيهم النساء والشباب ومختلف المكونات»، مؤكدةً التزامَها بالعمل على دعم إجراء انتخابات ليبية وطنية شاملة، حرة ونزيهة، لإعادة الشرعية للمؤسسات الليبية.
وشددت «خوري» على أن «البعثة الأممية سوف تواصل دعم عملية مصالحة وطنية شاملة مع كل الشركاء، والعمل مع الليبيين على التنفيذ الكامل والمستدام لاتفاق وقف إطلاق النار، ومعالجة انتشار الأسلحة، وتحسين وضع حقوق الإنسان وسيادة القانون»، داعيةً الليبيين إلى العمل معاً ومع البعثة «من أجل وحدة وسيادة واستقرار وازدهار ليبيا».
وتجري ستيفاني خوري سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع كل القوى السياسية والعسكرية الليبية، بهدف تحقيق اختراق في المشهد السياسي. وبحثت نائبة رئيس البعثة الأممية مع المكلف بتسيير ديوان وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الطاهر الباعور، ضرورةَ استمرار دعم جميع الجهود لإجراء الانتخابات، والسبل الممكنة لمساندة الشعب الليبي في تحقيق تطلعاته نحو الاستقرار، حيث جددَا تأكيدَهما على ضرورة استمرار دعم جميع الجهود لإجراء انتخابات ليبية وطنية شاملة، تلبيةً لتطلعات الشعب الليبي.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: المجلس الرئاسي الليبي ليبيا عبد الحميد الدبيبة محمد المنفي البعثة الأممیة

إقرأ أيضاً:

عن إلياس خوري وعن بيروت

لم أصدق أن بيروت التي كنت أتخيلها انتهتْ إلا ظُهر الأحد الماضي؛ حين قرأتُ نبأ رحيل إلياس خوري على فيسبوك. حينها أدركتُ فقط أن علاقتي الشخصية ببيروت التي لم أزرها يوما لم تكن أكثر من «نوستالجيا ثقافية». هكذا تندثر بيروت المتخيلة التي اكتشفتها لغة عبر الأدب؛ وهكذا تغيب معالمها بغياب أبرز معمارييها اللغويين في ذاكرتي.

غاب إلياس خوري في توقيت خطر وقاسٍ من عمر المدينة. فلم يكد مشهد رحيله يكتمل حتى دخل لبنان بعد يومين مرحلة جديدة من الحرب، إذ أعلن الإسرائيليون فعليا عن بداية حروب الخيال العلمي مع اللبنانيين، حين فجروا أجهزة البيجر واللاسلكي في أنحاء متفرقة من لبنان، ولم تتوقف تهديداتهم عن إعادة بلد الأرز إلى العصر الحجري.

بعد كارثة المرفأ المروعة في 4 أغسطس 2020، شعر إلياس خوري بموت مدينته كما لم يشعر من قبل طيلةَ حياته فيها. موتها البطيء والثقيل بدا له أشبه بموت اللغة؛ فموت المدينة يمحو حياة سكانها كما تمحو اللغة بموتها ذاكرة من يتحدث بها، كان عليَّ إذن أن أصدق حقيقة الانهيار قبل سنوات. كان عليَّ أن أصدق بأن «بيروت مدينة العالم» لم تعد موجودة بعد انفجار مرفئها الذي منحها الدور والوجاهة حين قرر إبراهيم باشا تطويره في القرن التاسع عشر، وربما كان علي أن أصدق انهيار بيروت المتخيلة قبل الكارثة بسنوات، حينما تصاعدتْ شكوى سكانها من رائحة النفايات، لكنني آثرتُ تأجيل الحقيقة لأن إلياس خوري ما زال يكتب مقاله بانتظام في «القدس العربي». استمراره بالكتابة، كتابة الحاضر كما يقول، كان كافيا بالنسبة لي حتى أشعر بأن بيروت زمنٌ مطلق يقاوم فناءه، مهما تخلَّف المكان عن مواكبة الأحلام ومهما انهارت بُنيته.

يمكننا أن نتخيل بيروت على أنها حوار فريد بين الأدب والهندسة، أو مدينة صغيرة تتنافس على ما تبقى من مساحاتها المفتوحة أحلام المثقفين وخيالات المهندسين وطموحات رجال الأعمال والسياسيين. هنا أتذكر مشهدا بعينه لعمر أميرلاي في فيلمه «الرجل ذو النعل الذهبي»: يسلط أميرلاي عدسته «الجارحة» على رفيق الحريري وهو يتملى البحرَ والجبالَ والبيوتَ من شرفته العالية المطلة على سطوح المدينة، فيوقظه من أحلام يقظته بسؤاله: «دولة الرئيس، بيروت رح تكفيك؟» فيرد الحريري ضاحكا: «هذا سؤال ملغوم»!

بعد سنوات قليلة من انطفاء الكاميرا عن ذلك المشهد سينفجر الحريري في سيارته ببيروت. يكفي أن يقف المرء على الحفرة الهائلة التي خلَّفها الانفجار في الأرض ليدرك قوة الجريمة وإصرارها على نسف الحريري. دخلت المدينة بذلك اليوم في صدمة نفسية لم تستفق منها إلا على وقع الاغتيال التالي الذي راح ضحيته الكاتب والصحفي اللبناني سمير قصير بعد أقل من أربعة أشهر، والذي كان -للمصادفة الساخرة وحدها ربما- أحد الثلاثة الذين استعان بهم أميرلاي في فيلمه هذا برفقة إلياس خوري وفواز طرابلسي، ممن كانوا معارضين لمشروع «سوليدير» الذي تبنته حكومة الحريري لإعادة إعمار بيروت بعد الحرب الأهلية وتوقيع اتفاق الطائف.

كانت المشاريع الكبرى للمال السياسي في بيروت تكمل محو ما تركته الحرب من دليل وعبرة. وكانت مهمة الإسمنت هي محو بصمات الجريمة وتجاوزها دون التدقيق في الماضي ومحاسبة المذنبين. لذا فقد رأى إلياس خوري ورفاقه أن إعادة إعمار المدينة وفقا لمخطط سوليدير هو محو لذاكرتها وطمر للماضي المؤلم تحت الأسمنت دون معالجته: «كانت الفكرة ألّا نسمح للحرب وقَيم الرأسمال المتوحّش التي التصقت بها، عبر اتفاق الطائف وبَعده، أن تكون مهندس مدينتنا الوحيد. صحيح أنّ الحروب هي أكبر مهندس تنظيم مدني في التاريخ، لكنّ الصحيح أيضا هو أنّ البشر يعيدون هندسة ما صنعه توحّش الحروب بنكهة البُعد الإنساني الذي يدافع عن قيَم الحياة. غير أنّ محاولتنا الفاشلة كانت النذير الأوّل لمسار الخراب الروحي والمادي الذي سيجتاح وطننا الصغير».

لطالما جعلتني بيروت المتخيلة أتساءل: هل صيتُ أدبٍ ما ومكانته وشيوعه مرهون بصيت المدينة التي يُكتب فيها أو عنها؟ ألكلِ شاعر أو كاتبٍ مهم مدينة مهمة ينتمي نصه إليها؟ بتأمل عابر في تاريخ الأدب لا بد أن تستوقفنا حالات مدهشة وعظيمة لتقاطع سِير المدن بسِير أدبائها: نتذكر حلبَ أبي الطيب المتنبي وإسكندريةَ قسطنطين كفافيس وغرناطة لوركا وقاهرةَ نجيب محفوظ... أما بيروت فقد كانت الاستثناء في جغرافيا الأدب العربي منذ سبعينيات القرن الماضي، عجز سياسي يقابله تحقق ثقافي وانفتاح لا نظير له في العالم العربي. كان صغار الأدباء غير المتحققين والهاربين من القمع السياسي في بلدانهم يأتون إلى بيروت بحثا عن هامش للكتابة في صحيفة من صحفها، حالمين بأن يصبحوا نجوما كبارا، فقط لأنهم يكتبون من بيروت، وكأن المدينة قد أصبحت خِتم اعتراف أو علامة تجارية في تاريخ الأدب العربي المعاصر.

سالم الرحبي شاعر وكاتب عماني

مقالات مشابهة

  • رئيس المحكمة العليا يؤكد الحرص على مضاعفة الجهود للارتقاء بالأداء القضائي
  • لماذا نخشى المصالحة ؟!
  • رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى مصر: نحتاج حل شامل للقضية الفلسطينية
  • عن إلياس خوري وعن بيروت
  • امطيريد: البعثة الأممية لم تقدم أي حلول حقيقية وهي غير قادرة على تسيير الملف السياسي في ليبيا
  • بعد تكليفات القيادة السياسية للحكومة.. رئيس شباب النواب: قانون الرياضة على رأس الأولويات
  • حول تصريحات رئيس البرلمان الليبي عن التقارب المصري التركي
  • مصر تجدد دعمها للحل “الليبي-الليبي” وإجراء الانتخابات بالتزامن
  • الحقيقة والمصالحة !
  • السوداني والخزعلي يبحثان الاستحقاقات التشريعية والتنفيذية