انقسام في الحواضن القبلية للدعم السريع يهدد وضعها الميداني
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
الخرطوم- تسلم رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان رؤى من قيادات بارزة في قبيلة الرزيقات في دارفور، ورموز من قبيلة المسيرية، ومجموعات قبلية أخرى في ولاية غرب كردفان، لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 14 شهرا، والتي أدت إلى تفاقم الاستقطاب القبلي، وسط المكونات الاجتماعية التي تساند قوات الدعم السريع.
وتأتي أهمية هذه الخطوة أن قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" وغالب قواته ينحدرون من قبيلة الرزيقات، بينما تمثل قبيلة المسيرية ثاني أكبر مكون اجتماعي تنتمي إليه القوات.
شمل وفد قيادات "التنسيقية العليا لأبناء الرزيقات" المعتمد الأسبق بولاية شرق دارفور، الضيف عيسى عليو، والوزير السابق في السلطة الإقليمية لدارفور محمد يوسف التليب، ورئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين الصادق الرزيقي وآخرين.
وقال إعلام مجلس السيادة إن البرهان تسلم من وفد الرزيقات رؤية لمعالجة الأزمة الراهنة، وأوضح أن "التمرد لا قبيلة له"، واعتبر أن "هذه الحرب شخصية، خطط لها حميدتي وشقيقه عبد الرحيم للاستيلاء على السلطة، بمعاونة عملاء بالداخل والخارج"، وأشار إلى أن هناك قوى سياسية صغيرة تآمرت مع المليشيا تريد حكم السودان.
وأفاد قائد الجيش بأن "التمرد استعان بمرتزقة من الخارج"، مشيرا الى أن معلوماتهم المؤكدة تشير إلى أن 70% من مقاتلي الدعم السريع الموجودين في مصفاة الجيلي لتكرير النفط شمالي الخرطوم هم من المرتزقة الأجانب.
من جانبهم، أكد المتحدثون من "تنسيقية أبناء الرزيقات" خلال اللقاء وقوفهم ودعمهم للقوات المسلحة، وأعلنوا تبرؤهم مما تقوم بارتكابه من وصفوها بـ"مليشيا آل دقلو"، مؤكدين أن المشروع الذي تتبناه "تخريبي"، وتعهدوا بدعم "المقاومة الشعبية للدفاع عن الوطن".
كما التقى البرهان مكونات مجتمع ولاية غرب كردفان من قبائل المسيرية الزرق والعجايرة والنوبة والفلايتة والداجو ودينكا نقوك، وتسلم منهم "وثيقة عهد وميثاق"، تؤكد وقفتهم الصلبة بجانب القوات المسلحة، حسب إعلام مجلس السيادة.
وقال البرهان "الدعم السريع بالنسبة لنا انتهى، وتم حله بقرار من الشعب السوداني، وآل دقلو استغلوا بساطة وجهل بعض المكونات من أجل تعبئتهم وإقحامهم في القتال".
كما قال القيادي في قبيلة المسيرية والبرلماني السابق أحمد الصالح صلوحة إن قبيلته تساند القوات المسلحة، وإن "هذا اليوم أسود في تاريخ الدعم السريع، ولا يوجد دعم، بل هم مجموعة من اللصوص والقتلة".
"يمثلون أنفسهم"في المقابل، قال ناظر قبيلة الرزيقات محمود موسى مادبو في بيان، إن من التقوا البرهان يتبعون للنظام السابق، ولا يحق لهم التحدث باسم القبيلة التي لا يوجد في تنظيمها الهيكلي اسم "تنسيقية"، ورأى أن الحرب تستهدف القضاء على قبيلته، وحيا مقاتلي قوات الدعم السريع "الذين يخوضون الحرب نيابة عن المهمشين في السودان" حسب قوله.
كما قال ناظر عموم العجايرة -أحد بطون المسيرية- مختار بابو في بيان، إنه لم يفوض أحدا للتحدث باسم القبيلة، وقال إن الذين ذهبوا إلى مدينة بورتسودان لم يستشيروه، وبالتالي يمثلون أنفسهم ومواقفهم الشخصية.
غير أن المحلل والباحث في شؤون دارفور على منصور حسب الله، يرى أن تنسيقية أبناء الرزيقات تتكون من شخصيات لها وزنها السياسي والاجتماعي، ويشكل تحركها ضغطا على قيادة قوات الدعم السريع.
وحسب حديث الباحث للجزيرة نت فإن موقف تنسيقية أبناء الزريقات، سيشجع المجموعات القبلية التي تشكل حاضنة لقوات الدعم السريع في دارفور وكردفان لاتخاذ موقف مشابه، مثل قبائل البني هلبة والهبانية ومسيرية دارفور، مما سيدفع قيادة الدعم السريع إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب.
وسبق أن أعلن جميع زعماء القبائل السبعة في دارفور مساندتهم لقوات الدعم السريع في يوليو/تموز 2023، وقال زعماء قبائل البني هلبة والترجم والهبانية والفلاتة والمسيرية والتعايشة، إن الحرب الدائرة هي "معركة بين الحق والباطل، وضد فلول النظام البائد، الذين يستغلون القوات المسلحة للعودة إلى السلطة"، ودعت قيادات القبائل المذكورة أبناءها في الجيش للانضمام إلى الدعم السريع.
دوافع المسيريةويعتقد الكاتب المتخصص في قضايا إقليم كردفان إبراهيم عربي أن تحرك مكونات مجتمع غرب كردفان، من المسيرية الزرق والعجايرة والفلايتة والنوبة والداجو ودينكا نوك، تعد خطوة جريئة رغم تأخرها، وأنها تسببت بقلق لقوات الدعم السريع، لأن المسيرية تمثل أكثر من 20% من القوة الضاربة للقوات.
وقال عربي للجزيرة نت إن دوافع قيادات المسيرية هو إنقاذ من تبقى من أبنائهم في قوات الدعم السريع، بعد مقتل آلاف منهم خلال المعارك، حيث طلبوا من البرهان منحهم فرصة لإقناعهم بالانسحاب، وطرحوا خطة في هذا الشأن، متوقعا عودة أعداد كبيرة من مقاتلي القبيلة من الخرطوم وولاية الجزيرة إلى ديارهم خلال المرحلة المقبلة.
غير أن المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "المجهر السياسي" الهندي عز الدين، يرى أن موقف قبيلتي الزريقات والمسيرية سيشكل ضغطا سياسيا ونفسيا على قيادة قوات الدعم السريع، وعلى زعماء القبائل المناصرة للقوات، ولكنه لن يؤثر على الأوضاع الميدانية والعسكرية.
وفي حديث للجزيرة نت قال المحلل إن المحك الحقيقي الذي تواجهه قوات الدعم السريع هي معركة الفاشر المستمرة، والتي تكتلت فيها حركات الكفاح المسلح -المكونة من إثنيات مناوئة تاريخيا لعربان دارفور والشتات- مع الجيش السوداني ضد الدعم السريع، وحالت دون تنفيذ خطته بالسيطرة على الفاشر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
انقسام خطير يهدد وحدة الخطوط الجوية اليمنية وسط تفاهمات غامضة بين صنعاء وعدن
تشهد شركة الخطوط الجوية اليمنية تطورات مثيرة تنذر بتكريس الانقسام المؤسسي بين فرعي الشركة في صنعاء وعدن، في ظل تفاهمات غير معلنة بين الطرفين، وتجاهل حكومي مريب، وسط صمت مجلس القيادة الرئاسي، وغموض يلف موقف السعودية الشريكة بنسبة 49% في الشركة.
ووفقًا لمصادر مطلعة، يجري الإعداد لمنح فرع صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين صلاحيات تشغيلية ومالية مستقلة، بما يشمل شراء طائرتين جديدتين من سلطنة عُمان لتعويض الطائرات الأربع التي دُمّرت في مطار صنعاء جراء غارات إسرائيلية مؤخراً، وكانت تُستخدم ضمن أسطول الشركة.
وتتجه إدارة صنعاء لتدشين نظام حجز ومبيعات مستقل عن النظام المركزي في عدن، ما يمنحها قدرة على تشغيل الرحلات وإدارة الإيرادات دون إشراف الإدارة العامة، ضمن خطوات تنسجم مع جهود الحوثيين لإطلاق كيان موازٍ للشركة.
كما كشفت المصادر عن تنسيق حوثي مع رجل الأعمال صالح دغسان، المدرج على لائحة العقوبات الأمريكية، لإنشاء ما يشبه "شركة يمنية بديلة" تعمل من صنعاء بعيداً عن أي رقابة حكومية، يقودها القائم بأعمال رئيس الشركة خليل جحاف، الذي يُعد الذراع الحوثية داخل الشركة.
ويحظى هذا المسار بقبول لافت من الطرفين، لا سيما مع تناغم واضح بين إدارة صنعاء وقيادة الشركة في عدن التي يمثلها محسن حيدرة، والتي باتت تتخذ قرارات اعتُبرت استسلاماً للأمر الواقع، منها تعيين مدير تنفيذي جديد دون التنسيق مع إدارة صنعاء، وصدور تعليمات من المدير التجاري تمنع توظيف كوادر شمالية في المكاتب الخارجية، ما أدى إلى إلغاء تعيينات سابقة.
في المقابل، تمضي إدارة صنعاء في تعزيز استقلالها عبر فصل نظام الحجز والمبيعات، ومواصلة تعزيز سيطرتها على مفاصل الشركة، مستفيدة من حالة الفراغ واللامبالاة التي تهيمن على الحكومة المعترف بها دولياً.
وترتبط جذور الأزمة بتوترات تعود إلى أكثر من عامين، حين بدأت الجماعة الحوثية بحملة للاستحواذ على الشركة، شملت تجميد أرصدة، احتجاز طائرات، وفرض قيود على حركة الموظفين بين عدن وصنعاء، إلى جانب تدخلات فنية وتشغيلية مباشرة.
وبينما كانت "اليمنية" تُعد من آخر المؤسسات التي حافظت على قدْر من الوحدة رغم الحرب، إلا أن المستجدات الأخيرة تنذر بتحولها إلى كيانين منفصلين، في ظل ما تصفه المصادر بـ"تخادم مريب" بين سلطات صنعاء وعدن، قد يُفقد الشركة ما تبقى من استقلالها، ويفتح الباب أمام تفكيكها بالكامل.