شكك رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض في إمكانية تنفيذ خطة الرئيس الأميركي جو بايدن لإنهاء الحرب على قطاع غزة ، والتي تبناها مجلس الأمن الدولي بأغلبية ساحقة في 10 يونيو/حزيران الماضي.

وتدعو الخطة إلى تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية ( حماس )، وتوسيع المساعدات الإنسانية، ومن ثم إنهاء الحرب بشكل دائم.

وجاء تشكيك فياض خلال مقال كتبه في مجلة فورين أفيرز الأميركية، إذ يرى أنه ليس هناك يقين كبير بشأن كيفية تنفيذ خطة بايدن "على الرغم مما أحدثته الحرب من خسائر فادحة في الأرواح والدمار والبؤس الذي لا يوصف".

ويعتقد فياض أن تنفيذ الخطة الأميركية سستكتنفه صعوبات جمة، وذلك لأن الحكومة الإسرائيلية أعلنت أنها لن توقف هجماتها ما لم تتمكن من تحقيق "نصر تام"، علما أن القضاء على حماس قضاء مبرما يظل هدفا إسرائيليا بعيد المنال.

لا توافق

وكان سلام فياض قد تولى رئاسة أول حكومة طوارئ (عرفت بحكومة تصريف الأعمال) في 15 يونيو/حزيران 2007 بتكليف من الرئيس  محمود عباس ، وذلك بعد يوم من إعلانه حالة الطوارئ في أراضي السلطة وحلّ حكومة الوحدة الوطنية برئاسة  إسماعيل هنية ، إثر سيطرة كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- على قطاع غزة.

واستقال فياض من رئاسة الحكومة في أبريل/نيسان 2013، بعد تباين في وجهات النظر بين مؤسستي الرئاسة ومجلس الوزراء.

ووفق فياض، ليس هناك حتى الآن توافق في وجهات النظر حول كيفية إدارة قطاع غزة بعد الحرب، بل إن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار -الذي يمكن أن يمهد الطريق لتهدئة مستدامة- أصبح يستعصي تدريجيا على التحقق.

وعزا السبب وراء هذا المسار السلبي إلى الخوف أكثر منه إلى الجهل. وقال إن الجهل بحقائق الوضع لم يكن بالتأكيد هو السبب بقدر ما كان "التردد في مواجهتها أو إعطاء الأولوية لها".

دعوة للتوحد

وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني السابق على ما سبق أن كتبه في المجلة الأميركية نفسها في الخريف الماضي، حين دعا قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية أن تتحد تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، التي يتعين عليها أن تقبل بانضمام حركة حماس، فضلا عن الفصائل المهمة الأخرى، إلى عضويتها.

ويرى أن توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية عنصر أساسي لتمكين السلطة الفلسطينية من الاضطلاع بدورها الصحيح في حكم كل من غزة والضفة الغربية بما يتوافق مع تفويضها عند إنشائها في عام 1994.

واعتبر أن القوى العالمية العظمى -بموافقتها على قرار مجلس الأمن الدولي- تكون قد اتخذت الخطوة الأولى نحو قبول هذه الرؤية.

ولفت إلى أن القرار الأممي أكد -بالإضافة لدعوته إلى إنهاء القتال- على "أهمية توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية". لكن فياض يستدرك أن الإقرار بذلك لا يعدو أن يكون الخطوة الأولى في هذا الاتجاه.

ومضى رئيس الوزراء السابق إلى التأكيد على أن حركة حماس لن تختفي عن المشهد، وستظل موجودة حتى بعد أن ينجلي غبار الحرب.

حماس صمدت

وقال فياض إن حركة حماس صمدت تحت وطأة القوة العسكرية الإسرائيلية في جيب من الأرض -(في إشارة إلى قطاع غزة)- استغرق من إسرائيل بضع ساعات فقط للاستيلاء عليه في حرب يونيو/حزيران عام 1967.

وأضاف أن الحركة سوف تؤكد بكل ثقة أنها منتصرة في الحرب، وهو ما كان له أثر في تهدئة الأصوات المعارضة، خاصة في قطاع غزة، مما جعلها تصمد أمام التشكيك في قرارها بمهاجمة إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وعلى النقيض من ذلك، ستجد إسرائيل -بحسب فياض- صعوبة في الادعاء بأنها فازت، وستفشل في تحقيق معظم -إن لم يكن كل- أهداف الحرب المعلنة، ولا سيما الإطاحة بحماس من حكم غزة.

ويتوقع فياض أن تشكل مؤسسات حركة حماس -بما في ذلك شرطة غزة- جزءا لا يتجزأ من واقع ما بعد الحرب، مضيفا أن هذا لا يوحي، بطبيعة الحال، أنها ستكون قادرة على التعامل مع "المهمة الجسيمة" المتمثلة في إعادة تعمير القطاع المدمر لوحدها.

ويعتقد أن إسرائيل لم تحقق نصرها المنشود بل أدخلت نفسها في حرب لا نهاية لها، وأضرت بسمعتها الدولية، ولن يفيدها اتهامها لمعارضي الحرب بمعاداة السامية.

مصداقية أكبر

وعلى المدى القريب -وفق فياض- سوف تكتسب حماس قدرا أكبر من المصداقية داخل كل من غزة والضفة الغربية. وإذا لم تكن قد فعلت ذلك بالفعل، فإن كاتب المقال يرجح أن ينتهي بها المطاف إلى منافسة منظمة التحرير على تمثيل الشعب الفلسطيني.

ولعل الأمر الأكثر أهمية -برأي رئيس الوزراء السابق- هو فشل قيادة منظمة التحرير في توسيع صفوفها لتشمل جميع الفصائل والحركات السياسية الفلسطينية المهمة، وخاصة حماس والجهاد الإسلامي.

وشدد على أنه من الضروري أن تعرف جميع الأطراف المعنية أن السلطة الفلسطينية لن تكون قادرة على حكم المنطقتين ما لم يتحد الكيان السياسي الفلسطيني أولا.

ويجب أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية أكثر شمولا، ويتعين على السلطة الفلسطينية أن تحكم من خلال حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة، وفقا لأحكام قانونها الأساسي وبدعم من إجماع وطني واسع النطاق.

وختم بالقول إن الإخفاق في ذلك سيجعل قطاع غزة يعيش عقودا في "أكبر مخيم مفتوح في العالم".

المصدر : وكالة سوا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة منظمة التحریر رئیس الوزراء حرکة حماس قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

NYT: ستارمر يقترب من الاعتراف بالدولة الفلسطينية

أكد مدير مكتب صحيفة "نيويورك تايمز" في لندن مارك لاندلر، أن بريطانيا تدرس الآن بجدية أكبر الاعتراف بدولة فلسطينية، وهو تحول لافت مدفوع بـ"الاشمئزاز الشعبي" من صور الأطفال الجائعين في قطاع غزة والضغط الشديد على رئيس الوزراء كير ستارمر من قبل نواب حزب العمال الذي يتزعمه.

وجاء في تقرير أعده لاندلر للصحيفة أن "ستارمر لم يحذ  حذو الرئيس إيمانويل ماكرون عندما أعلن
الأسبوع الماضي أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين، وقال رئيس الوزراء البريطاني في بيان آنذاك إن الاعتراف يجب أن يكون جزءا من خطة أوسع نطاقا تؤدي في النهاية إلى حل الدولتين وأمن دائم للفلسطينيين والإسرائيليين".

وأوضح التقرير أن المسؤولين البريطانيين، الذين كشفوا هذه المعلومات، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المداولات الداخلية الحساسة، وقالوا إن الزخم يتزايد بسبب تصاعد الأزمة الإنسانية، مع ورود تقارير عن وفيات بسبب الجوع في غزة بعد أشهر من القيود التي فرضتها السلطات الإسرائيلية على المساعدات.

وأوضح أنه "لطالما دعم ستارمر حق الفلسطينيين في دولة مستقلة، لكن المسؤولين قالوا إنه قاوم الاعتراف الفوري لأنه اعتبره لفتة "استعراضية" إلى حد كبير لن تحسن الظروف على الأرض، بل قد تُعقّد المفاوضات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس".


ولم تُرضِ هذه الحجج أكثر من 250 عضوا في البرلمان من تسعة أحزاب، بما في ذلك حزب العمال، الذين وقّعوا رسالة إلى  ستارمر ووزير الخارجية، ديفيد لامي، يحثون فيها بريطانيا على الاعتراف بفلسطين في مؤتمر الأمم المتحدة هذا الأسبوع المخصص لحل الدولتين.

في حين أقرّ المشرعون بأن "المملكة المتحدة لا تملك القدرة على تحقيق فلسطين حرة ومستقلة"، إلا أنهم قالوا إن الاعتراف سيكون له تأثير بسبب دور بريطانيا في إنشاء دولة الاحتلال، وقال مؤيدون آخرون إن مثل هذه الخطوة ستشير إلى أن الحكومة تعترف بالمأساة التي تتكشف في غزة - وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي.

واستدعى رئيس الوزراء الوزراء من العطلة لحضور اجتماع طارئ لمجلس الوزراء هذا الأسبوع بشأن الحرب في غزة. ويأتي ذلك في أعقاب اجتماع  ستارمر مع الرئيس ترامب يوم الاثنين في منتجع تيرنبيري للغولف في اسكتلندا.

وبدا أن ترامب قد منح  ستارمر مزيدا من الحرية للاعتراف بدولة فلسطينية. فبعد رفضه لخطوة  ماكرون - حيث قال عن الرئيس الفرنسي الأسبوع الماضي: "ما يقوله لا يهم. أنا معجب به، لكن هذا التصريح لا وزن له" - لم يثنِ  ترامب  ستارمر عن اتخاذ نفس الخطوة.

وقال  ترامب عن  ستارمر يوم الاثنين، عندما سُئل عن الاعتراف: "لن أتخذ موقفا. لا أمانع أن يتخذ موقفا". أسعى لإطعام الناس الآن. هذا هو الهدف الأول، لأن هناك الكثير من الناس يتضورون جوعا.

ضغط  ستارمر على  ترامب لاستخدام نفوذه على إسرائيل لإدخال المزيد من الغذاء إلى غزة، ويبدو أنه أحرز بعض التقدم.

وأكد الرئيس إن الولايات المتحدة ستعمل مع بريطانيا ودول أوروبية أخرى لإنشاء مراكز غذائية "حيث يمكن للناس الدخول دون أي قيود". كان هذا انتقادا واضحا لنظام توزيع المساعدات الذي تديره مؤسسة غزة الإنسانية، التي يديرها متعاقدون أمريكيون وتدعمها إسرائيل. وقد قُتل مئات الأشخاص أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات.


وقدم ستارمر لترامب تفاصيل خطة أوروبية وبريطانية لإحلال سلام دائم في غزة، وفقا لداونينغ ستريت. وناقش رئيس الوزراء الخطة مع  ماكرون والمستشار الألماني فريدريك ميرز.

ووضع الجدل حول غزة  ستارمر، وهو محامٍ سابق في مجال حقوق الإنسان، في موقف حرج. فقد تعهد بالالتزام بالقانون الدولي في التعامل مع إسرائيل. وقد دفعه ذلك إلى سحب طعن الحكومة السابقة في مذكرات التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

ويميل ستارمر أيضا إلى تجنب الأعمال الرمزية. وقال منتقدو الاعتراف الفلسطيني إن مثل هذه الخطوة تندرج تماما ضمن هذه الفئة، ويمكن استخدامها بشكل أفضل كوسيلة ضغط في مرحلة لاحقة من الأزمة. كما قالوا إنها أثارت مجموعة من الأسئلة القانونية التي قد تزعج  ستارمر.

قال كيم داروش، مستشار الأمن القومي البريطاني السابق وسفير بريطانيا لدى الولايات المتحدة: "إنه قرار سياسي، لكنه ينطوي على مجموعة كاملة من المعايير القانونية. هل هناك حكومة تسيطر على أراضي الدولة؟ هل يمكنك إقامة علاقات دبلوماسية معها؟".

ويزعم آخرون أن بريطانيا تحركت بحذر شديد في الضغط على إسرائيل. فقد علقت بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل العام الماضي. وأعادت تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، التي اتهمها مسؤولون إسرائيليون بالتواطؤ مع مسلحي حماس.

في الشهر الماضي، فرضت الحكومة البريطانية عقوبات على عضوين من اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو، هما إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، لما وصفته بدورهما في التحريض على العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة. وتحركت بريطانيا مع أستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج، وهو تحرك منسق توقع بعض الدبلوماسيين استخدامه مجددا بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وكانت فرنسا أول عضو في مجموعة الدول السبع يعلن اعتزامه الاعتراف بدولة فلسطينية. ووصف  ماكرون هذه الخطوة بأنها جزء من "التزام فرنسا التاريخي بتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط". واعترفت النرويج وإسبانيا وأيرلندا بفلسطين كدولة العام الماضي.

وأدان نتنياهو هذه الخطوة، قائلا إن الدولة الفلسطينية قد تصبح "منصة انطلاق للقضاء على إسرائيل".

مقالات مشابهة

  • NYT: ستارمر يقترب من الاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • عبيدات يكتب ( نقلة نوعية في قطاع النقل العام )
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: العبور إلى حكومة الكفاءات
  • وزير خارجية فرنسا: إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتحقق بتنفيذ حل الدولتين للعيش في سلام وأمن
  • ستارمر: صور أطفال غزة مروّعة.. وترامب يتحدث عن خطط مع نتنياهو
  • روبيو: نقترب من وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن المحتجزين شرط أساسي
  • حماس:  لجوء الاحتلال لإنزال مساعدات جوًا فوق مناطق بغزة خدعة لذر الرماد في العيون
  • وزير الداخلية يسعى والقرار في مجلس الوزراء
  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو وترامب تلاعبا بعائلات الأسرى وحماس تريد إنهاء الحرب
  • مقرب من ويتكوف: “حماس” لم تطلب الكثير ونتنياهو لا يريد إنهاء الحرب