جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-09@14:40:04 GMT

إجازة الأمومة (2)

تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT

إجازة الأمومة (2)

 

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

في هذا المقال نستكمل ما بدأناه حول إجازة الأمومة التي تستحقها الأم العاملة وإجازة الأبوة التي يستحقها الأب، وكذلك إجازة رعاية الطفل التي يستحقانها معاً بالتنسيق فيما بينهما، وما لها من أهمية في تعزيز صحة الطفل، وتأكيداً على ما تضمنتهُ رؤية "عُمان 2040" من أهمية أن يكون المُجتمع مشمولاً بشبكة أمان اجتماعية فاعلة ومستدامة وعادلة.

لا شك أنَّ عدد أيام إجازة الأمومة 98 يومًا، وإجازة الأبوة التي تعدُّ الأولى على مستوى الإقليم لمدة 7 أيام، تأتي لتمنح ذلك الأب الذي تلقى بشارات السعادة بقدوم ذلك الضيف المنتظر بكل فرح وسرور، ليُسهم بدورهِ في تلبيةِ حاجات الأسرة خلال الأيام الأولى لولادة الطفل ويُساهم كذلك في رعاية الأم والطفل معًا.

وبحسب أحكام المادة (128) من قانون الحماية الاجتماعية، فإنَّ جهة العمل وحدها من يتكفّل بسداد نسبة 1% وهي قيمة الاشتراك المحددة لتمويل فرع إجازات الأمومة، ولا يتطلّب من الأم أو الأب هنا التقديم على طلب الإجازة لدى صندوق الحماية الاجتماعية، بل هي مسؤولية جهة العمل والتي يقع على عاتقها أيضًا صرف أجر الأم المستحقة لإجازة الأمومة بشكل طبيعي على أن تتقدم الأم بشهادة الميلاد لدى جهة العمل التي يقع على عاتقها تقديم طلب التعويض من الصندوق عن إجمالي الأجر، مضافًا إليه حصتها من الاشتراكات؛ أي لو كان أجر الأم 1000 ريال عُماني فنسبة مُساهمتها من الاشتراكات لفروع التأمين الاجتماعي بالصندوق تبلغ 8% أي مبلغ 80 ريالاً؛ وبالتالي هي تستلم فعليًا 920 ريالًا بعد خصم جهة العمل لحصتها، أما الصندوق فسيعوّض جهة العمل مبلغ 1000 قيمة الأجر كاملاً متضمناً مبلغ حصتها هي من الاشتراك، كما أنه لا يوجد عدد ولادات محدودة كما كان في الأنظمة السابقة؛ حيث أتاح قانون الحماية الاجتماعية للأم التعويض عن إجازة الأمومة لكافة ولاداتها، إضافة إلى أن قانون الحماية الاجتماعية وتحديداً في المادة (129) حظر على جهة العمل إلزام المؤمن عليها مباشرة بالعمل خلال فترة تمتعها بإجازة الأمومة.

وتوسَّع المُشرِّع في هذا الجانب؛ حيث أشارت المادة (131) إلى أنه في حال وفاة الأم عند الولادة أو خلال تمتعها بإجازة الأمومة، فإنه يحق للأب التمتع بالفترة المتبقية من إجازة الأمومة بهدف رعاية الطفل، وكذلك في حال وفاة الأم غير العاملة، فإنه يحق للأب المؤمن عليه أي الموظف التمتع بالإجازة المشار إليها.

كذلك فإنَّ المشرِّع العُماني لم يغفل الجانب الإنساني لبعض الأمهات العاملات اللائي يرغبن في العناية بأطفالهن لفترة أطول، لذلك وجُدت إجازة لرعاية الطفل وفقاَ لنص المادة (133) من قانون الحماية الاجتماعية.

وهنا.. فإنَّ الأم بناءً على طلبها يحق لها التمتع بهذه الإجازة والتي تبلغ مدتها 98 يومًا، شرط التقدم بطلبها خلال سنة واحدة فقط من انقضاء إجازة الأمومة، وهي ليست مدفوعة الأجر، وإنما مدفوعة الاشتراكات فقط، أي تدخل هذه الإجازة ضمن فترة الخدمة المحسوبة، ويسدد صاحب العمل الاشتراكات بشكل طبيعي ثم يتقدم بطلب استرداد هذه الاشتراكات من الصندوق، والذي يتكفّل بالسداد لصاحب العمل إجمالي حصص الاشتراكات البالغة 21.5% حصة الأم المؤمن عليها وحصة صاحب العمل، ويجوز هنا تقاسم فترة هذه الإجازة بين الأم والاب بالاتفاق فيما بينهما.

كما كفل قانون الحماية الاجتماعية حق الأم في التمتع بإجازة الأمومة مدفوعة الأجر حتى في حال تعرضها للتسريح القسري من العمل وتوقف سداد أجرها من جهة عملها؛ حيث نصت المادة (134) من القانون على استحقاقها بدل إجازة الامومة بذات قيمة بدل الأمان الوظيفي خلال فترة تمتعها بالإجازة، وتستأنف صرف بدل الأمان الوظيفي بعد انتهاء إجازة الأمومة.

إضافة إلى ما سبق، فإن الأسر البديلة التي تحتضن طفلاً محروم من أسرته الطبيعية، أجاز القانون للأم الحاضنة التمتع بإجازة الامومة في حال تقديم المستندات المؤيدة لذلك على ألا يزيد عمر الطفل على 3 أشهر عند تقديم طلب الإجازة، كما يتمتع الأب الحاضن بإجازة الأبوة كذلك.

يأتي تطبيق تأمين إجازة الأمومة من جانب صندوق الحماية الاجتماعية تحقيقاً لمستهدفات رؤية عُمان 2040 ضمن أولوية الرفاه والحماية الاجتماعية وتجسيدا للتوجه الاستراتيجي لحياة كريمة ومستدامة للجميع.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

سوداوية الموت في قصة «القتيل» ليوسف الناصري

حصدت قصة (القتيل) ليوسف الناصري المركز الأول في مسابقة الملتقى الأدبي الثاني عشر بولاية صور عام 2006م عن فرع القصة القصيرة في المسابقة، وعبَّرت القصة في مضمونها عن الموت والتفكير فيه بعد تقديم الشخصية الرئيسة صورة متذبذبة عن حالتها النفسية في التعامل مع الانتحار والتفكير فيه. لقد أُحيط الموت في قصة الناصري بهالة من السواد، وأعني بالسواد هنا الطريقة القاتمة التي كانت تلقي بظلالها على الأحداث، وتصبغ فعل الشخصية؛ فالحياة قاتمة في نظره، والانكسار بارز، تحاول شخصية القتيل أن تجد بصيص ضوء تنطلق منه لتصالح الحياة ولكنّ اليأس يغطي الواقع أمامها. يفتتح الكاتب قصته بالتفكير في الانتحار؛ الأمر الذي يدفع القارئ إلى التعلق بالحدث الفجائي باحثًا عن أحداث متتالية بعد ذلك، فطريقة التفكير في الانتحار، والبحث عن أدوات تعين على تحقيق الفعل، دافعٌ لتتبّع الأحداث اللاحقة بفتح باب التخيّل فيما سيحدث.

تتنوع الحوارات في القصة بين حوار داخلي (مونولوج) بما تفيض به النفس من مشاعر وأحاسيس وآلام وقلق وخوف وانكسار وسخط على الواقع، وبين حوار خارجي يدور بين شخصيات عدّة تحاول أن تسير بالشخصية إلى خروج التأزم النفسي.

لقد خلقت هذه الحوارات انفعالات مختلفة بين الشخصية/ القتيل، والآخر/ الأم أو الأستاذ، الشخصيتين اللتين كان لهما دورٌ في تنقلات الحدث وإبراز الانفعالات وكسر الجمود المتمثل في رتابة حدث الانتحار.

بتشكّل حدث الانتحار فإننا نلمس العودة إلى الماضي ومقارنته بالحاضر، ويظهر انكسار الشخصية لحظة التذكّر؛ إنها صورة قادمة من عالم الطفولة إلى الحاضر، كانت فيها الطفولة بريئة وطاهرة، أما الحاضر فيمثّل القسوة التي انعكست على الشخصية، نجد مثل ذلك في قوله: «وها أنا الآن أنكسر أمام صعوبة هذه الحياة، ولا أستطيع قطع خبزة يتيمة أو حجرة ميتة تقف أمامي». (ص150) تستحضر الشخصية المنكسرة الرافضة لآلام الحاضر وواقعه الوجعَ من خلال لعبة كائنة في عالم الطفولة (الدائرة)، إنها لوحة حالمة يواجه بها الراوي قسوة المشهد الواقعي. كما يقوم بالانتقال من عالم الطفولة/ الماضي إلى الحاضر باستحضار الأم التي تمثّل المركز الذي يعود إليه كل شيء. وترتبط الشخصية بالأم التي تعيد الإنسان إلى الارتباط بالمقدس: كـ(الصلاة، والدين) في محاولة رافضة للانتحار: «لا.. لا.. وقت الغروب لا. إنه وقت مقدس». كانت أمي دائمًا تقول لنا: «صلاة يا عباد الله»، اذهبوا إليها، نفسها يذهب سريعًا، وشهيقها يرحل بصورة أسرع. تنزل به ملائكة الليل لكي تريح ملائكة النهار». (ص150) تقطع الأم لحظة الانتحار مرتين: المرة الأولى زمنيًا وذلك برفضه الانتحار في وقت الغروب لقداسة اللحظة مستشهدًا بكلام الأم السابق عن قدسية وقت الغروب، والمرة الثانية تتأخر عملية الانتحار؛ لأن لكلام الأم قدسية أخرى ينبغي احترامها. كما يظهر في القصة اضطراب فعلي عند الشخصية بالتردّد والرجوع عن تنفيذ الفكرة، وإيجاد المسببات في تأجيل الفعل. إنّ محاولة الانتحار مرة بعد أخرى هي تعبير داخلي عن استسلام الروح للسوداوية الكبيرة للموت، والتفكير فيه حتى غدا هاجسًا يشغل الروح، وأصبح متداخلًا في الفعل السردي مع الحدث والشخصيات جميعًا، امتلأت به جوانب السرد: «عاد بعد بزوغ الفجر، وقال: هذه المرة لن يردعني شيء عن فعلتي، وقف على الكرسي ووضع الحبل على عنقه، وبدأت أطراف أصابع قدميه ترتجف عندما وضع قدميه على الكرسي. متردداً

خائفاً

متسائلا: هل سينجح هذه المرة؟

نهر من العرق يجري على جسمه رغم أشعة الشمس الباردة في ذلك الصباح!!». (ص152)

تلعب الشخصيات -الأم والمدرس مثلًا- دورًا مهمًا في تشكيل صورة الشخصية الرئيسة في علاقتهما به. الشخصيتان اللتان تتقاطعان مع شخصية القتيل في دفع حركة النص السردي إلى نهايته في محاولة إلى ترميم ذات القتيل من الداخل، وإعادة تأهيله ليكون أكثر انفتاحًا على الحياة. وتعيش الشخصية الرئيسة لحظات من القلق والرعب من النهايات؛ فهي شخصية غير مستقرة على حال (لا سيما لحظة الانتحار) وتجذبه فكرة الانتحار، ثم يقلقه الموت، ويخيفه الرحيل ونهاياته.

لقد أصبح التردد فعلًا مهمًا في سرد القصة كما أصبح حضورًا مهمًا يربط بين الجانب التخييلي والجانب البصري الذي يحيل على انفتاح ذاكرة الموت والحياة.

في كل ذلك يتنقّل القارئ مع عملية السرد، التي تصبح أشبه باللعبة، هل سينتحر؟ إلى أين ستنتهي الأحداث؟ هل ستتبدّل حال الشخصية؟ ما المصير الذي تنتظره الشخصية؟ أسئلة تنتقل مع عملية السرد متلاعبة بحواس القارئ. نجد مثل ذلك في قوله: «حركة واحدة»

تبعثر ما في جسدي إلى عالم الغيب

«حركة بسيطة»

تميت كل الأشياء الدفينة بداخلي.

لا أستطيع.

مضت نصف ساعة

همس: فاشل في الحياة مثلما فاشل في الموت.

بصوت عالٍ: فاشل في الموت مثلما فاشل في الحياة. كلاهما نفس المصير

نزل من على الكرسي

فكّر:

«يبدو أن الثوابت ما زالت موجودة لدي، ربما كانت تحتضن أنفاسها الأخيرة لكنها موجودة»

صعد من جديد

«لكن ما الفائدة من ثوابت مهزوزة وضعيفة يجب أن أقضى عليها».

نزل.

«هل الهروب يعتبر شجاعة»

صعد. (ص153)

إنها الذاكرة التي تفضي إلى نهايةٍ حلمَ بها القتيل لكنها حدثت أخيرًا بعد تردد طويل، الموت كان حاضرًا، وإن لم يختر طريقته بنفسه، المسافة السردية التي عبّرت بالقارئ طُرُقًا طويلة وحيلًا منتقاة استطاعت أن تختم النص بصورة الموت التي قضت على القتيل وحرَّكتْه إلى نهايته: «وهل السجود يعتبر عبادة».

ظل يتردد بين صعود ونزول، ودون أن يدري انزلق حجر كبير من أعلى الجبل

متدحرجًا بسرعة كبيرة متجهًا إلى الكرسي.

صفع الحجر الكرسي بقوة وتعالى صوت تهشُّمٍ.

تَهَشَّمَ الكرسيُّ.

وبعد ذلك تهشمتْ روحه. (ص154)

إنّ الحركة السردية لهذه الصورة -صورة الحدث الأخير- تقتضي أن تكون مباغتة، كحال الموت الذي يباغت الإنسان وإن طلبه في أماكنه، ينتهي المشهد بطريقة فجائية، فلا دخل للحبل أو الكرسي أو القتيل نفسه في إحداث النهاية، النهايات يشكّلها الحجر، ويعمل على إنهائها وتقريب حُلم الموت إلى القتيل. ما أصعبها من نهاية حتى تأتي مباغِتَة دون أن نطلبها!!

مقالات مشابهة

  • السفير البريطاني: مستمرون بدعم لبنان في مجالات الحماية الاجتماعية والمساواة
  • هل اليوم الخميس إجازة رسمية في البنوك والشهر العقاري والمرور؟
  • موعد عودة البنوك للعمل بعد انتهاء إجازة انتصارات أكتوبر 2025
  • بعد ترحيلها.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للعاملين بالدولة
  • لقاء تشاوري بصنعاء حول الولادة القيصرية وآثارها على صحة الأم والطفل
  • صحة القليوبية تعلن استمرار العمل فى فحص المقبلين على الزواج خلال إجازة انتصارات أكتوبر
  • مديرية العمل بالأقصر تصرف منحًا مالية للعمالة غير المنتظمة وتكثف خدماتها الاجتماعية خلال سبتمبر
  • إيقاف معلمة يابانية شبهت طفلة بسمكة
  • الإجازات الرسمية المتبقية في 2025
  • سوداوية الموت في قصة «القتيل» ليوسف الناصري