ولذلك سبب لا نعرفه حتى الآن ولا يعرفه جموع الأطباء ما الذى يدفع الناس الى كره الطبيب أو تحميله وفاة مريض اذا كانت الأقدار بيد الله كما تعلمون وما على الطبيب إلا الأخذ بالاسباب والتى منها ما هى معلومة وأغلبها غير معلوم فيجعل الناس يتركون كل شئ ويمسكون فى الطبيب.
وأتحدث هنا عن المريض الذى يحمله الأهل فى حال إعياء شديد أو حادث أو ما شابه ذلك من أحداث مرضية من إغماء أو غيره وعندنا بروتوكول للعمل فى كل حالة بطبيعة الحال يعرفها المتمرس ويعرفها الخبير الذى قضى عمره فى المستشفيات ويعلم كيفية التعامل مع الحالات الطارئة، وبطبيعة الحال كل طبيب فى تخصصه فليس كل نزيف هو حالة أوعية دموية فقد ينزف مريض القلب وقد ينزف مريض الكبد وقد تنزف البواسير والمرأة أيضاً تنزف وكل حالة من هؤلاء يعالجها طبيب مختلف وإن كان الذى يجمع بينهم هو كلمة النزيف فقط.
وهذا على سبيل المثال وليس الحصر لأن الطب لا يُجمع فى مقال واحد ولا حتى فى كتاب ولكن لمحاولة إزالة آثار الاتهام عن أهم فئة فى مجال العمل من أجل الصحة التى أمرنا الله أن نحافظ عليها وهو إظهار ما يحدث داخل «الغرف المغلقة» من كل الأجهزة الطبية لأن هذا أشرف مكان (وهنا أتحدث عن نفسي) عملنا فيه وهو قسم الاستقبال ومن بعده أى شئ لأنك فى لحظات لا بد أن تفهم حالة المريض فتشخص وتعالج فى لحظات وقد يكون ذلك أمام الأهل والأحباب وقد تتخذ قراراً مصيراً فى لحظات أو تجد أنه ليس عنده شئ أو متمارض وقد تتخذ قرار عملية عاجلة أو تقر بحدوث وفاة فى ذهول الأهل مما تقول وتظل ثابتاً وهذا من أصعب الأمور التى تمر علينا.
والطبيب إن بدا صلباً فى مثل هذه الحالات فقد لا يتمالك نفسه من البكاء فى بعض الأحيان وقد بكيت بكاء شديداً على أم مات ولدها لأننى تأثرت جداً ببكائها وقد ماتت هى بعده بفترة قصيرة.
بطبيعة الحال تجد فى كل مهنة «أندال» وهناك من يذهب ليهمس فى أذن الأهل أن الطبيب لو كان فعل كذا لكان كذا أو لو لم يجرى له العملية، لكان لم يمت وهذه أنفس مريضة وهو زائلة الى مزابل التاريخ وإلى جهنم لا محالة فلا يوجد سبب لأفعالهم ولا يوجد سبب لأن يتنازل الطبيب عن حقهم منهم يوم القيامة إذا وقفوا بين يدى الله ففضح أعمالهم، ولكن نقول إن الأهل لا بد أن يكون عندهم أيضاً وعى، وأذكر أحد الجيران الأعزاء وهو سفير قد اتصل بنا، لأن أخاه قد مات فى عيادة طبيب أسنان وبطبيعة الحال لم أسأل هل أعطاه الطبيب بنج أو لا، لأن الكل سألنى ذلك وإن كان الكل يريدون تحميل الطبيب المسئولية وحتى لم أسأل عن اسم الطبيب ولا أين العيادة وإن أجبت أن الوفاة قد تحدث من بنج الأسنان وقد لا تحدث منه والطبيب مهما حدث لا يريد أى أذى للمريض وما من أحد منا إلا وأخذ بنج أسنان فلم يمت بعد.
ويقول العارفون بالاتهام إنه شر للأنام دون إلهام فحافظ على الدوام والرياضة بانتظام تكفى شر الآلام وتعيش فى سلام.
استشارى القلب- معهد القلب
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د طارق الخولي استشارى القلب معهد القلب
إقرأ أيضاً:
ده ابننا!
استمعت إلى «بوست» للأستاذ محمد حسنين هيكل يحكى لقاء بينه وبين زعيم الأمة «النحاس» فى إحدى حفلات كوكب الشرق «أم كلثوم»، حيث سأله هل صحيح أنه التحق بجريدة «أخبار اليوم» مع مصطفى وعلى أمين ألد أعداء الوفد؟! أجاب الأستاذ على الزعيم بنعم، فقال له كيف وأنت ابن من أبناء صحيفة الوفد، وطلب الدكتور/ محمد مندور الذى كان يشرف على جرائد الوفد وقال له «هيكل ده ابننا لازم يشتغل معانا وادفعوا له الذى يطلبه».. ذكرتنى هذه الحكاية بما كان يُقال عنى من «فؤاد باشا سراج الدين» عندما يذكر أحد اسمى أمامه «ده ابننا» هذا يعنى أن الشخص الذى يوصف بهذا الوصف أصبح محل ثقة من زعيم الوفد، وتبين لى أن هذا الاصطلاح اصطلاح خاص بقيادات وزعماء الوفد، وكنت أسمعه فى بعض الأحيان من الفاضل محمود أباظة رئيس الوفد السابق عن بعض الشباب الذين كانوا يعملون معه فى لجنة الشباب، أى أن الأمر لم يكن اختراعا من فؤاد باشا، إنما امتداد وثقافة حزب خالصة، يطلق على أى شخص قريب منهم، أى ربط الشخص بصلة رحم مع الزعيم، لا يستطيع بعد ذلك الخروج عن مقتضيات العمل المكلف به، إلا أن هيكل لم يستميل لرغبات النحاس ولم يترك «أخبار اليوم»، أما أنا فقد فرحت بهذا الوصف ولم أستطع الفكاك منه حتى الآن رغم غياب فؤاد باشا رحمه الله، حتى أصبح العمل بالوفد يقع على الجوارح قبل اللسان.