جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-11@01:32:11 GMT

العرب في عيون العالم

تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT

العرب في عيون العالم

 

مرفت بنت عبدالعزيز العريمية

كثيرة هي الأفلام التي أثارت الجدل في تاريخ السينما بعضها مازال يقبع في أرشيف الشركات المنتجة تنتظر الوقت المناسب .وأحسب كل نقد إيجابي أو سلبي لهو دليل أن العمل الفني قد لمس جانبا واستطاع أن يسلط ضوءا حول مسألة ما كانت غائبة عن الأذهان.

تابعت ردود الفعل المتباينة حول فيلم "حياة الماعز" الذي ساهم بشكل كبير في الترويج للعمل كدعاية مجانية، بعد النجاح الذي حققته الرواية منذ عقدين وحصدت جوائز ونسب مشاهدة في السينما ومنصة نتفليكس.

إلّا أن الفيلم استفز البعض وعدوه إساءة إلى العرب والمسلمين لأنه يلقي الضوء على مسألة استعباد عامل جاء ليعمل في إحدى الدول العربية.

المشهد الأول يلخص أحداث الفيلم كله فهو يصور (نجيب) البطل أشعث أغبر يرتشف الماء من الحوض مع الماعز وقد أصبح واحدًا من القطيع! ومن ثم تتوالى الأحداث؛ حيث يواجه البطل تحديات العمل في الصحراء مع الكفيل وهي الكلمة العربية التي تعلمها في الهند قبل سفره. ويحاول الهرب مرارًا لكنه يفشل، حتى يتمكن من ذلك مع رفيقين آخرين لا ينجو منهما أحد سواه، في حين يستسلم رفيقه بالمزرعة لتلك الحياة البائسة ويموت في الصحراء دون أن يكترث له أحد.

الفيلم يكشف عن ثغرات كثيرة في مسألة استقدام العمالة ونظام الكفالة أبرزها المشهد الذي يصور وصول العمال إلى المطار دون أن يستقبلهم أحد في يوم عطلة في بلد غريب ويخرجون من المطار فيتصيدهم أحد المواطنين ويستولي على جوازاتهم ولا يمنحهم حق التواصل مع ذويهم.

هذا المشهد يتكرر كثيرًا في مجتمعاتنا الخليجية؛ فغالبًا ما نرى العامل عند بوابة الخروج من المطار ينتظر الكفيل دون وجود آلية تُنظِّم دخول المسافرين إلى البلاد، والتأكد من مكان الإقامة ووجود الكفيل بالمطار؛ وهو ما يفتح الباب لهروب العمال واستغلالهم من قبل أفراد أو عصابات.

أحداث الفيلم- وإن كان صادمًا للبعض- قد لا يكون ذلك للبعض الآخر؛ فالواقعُ قد يكون أكثر قسوةً لمن عايش أحداثًا مُماثلة في الغربة. وكثيرًا ما نسمع عمّن وقع ضحية جهل واستغلال وضيق اليد، ووقع تحت رحمة أشخاص، فقدوا الإنسانية واستغلوا ثغرات معينة في القانون يمارسون من خلالها سلوكيات بعيدة عن الإنسانية كمن يتملك العامل أو العاملة ويستغل حاجاتهم أسوأ استغلال.

في الوقت الذي أكتب المقال، نشرت إحدى الصحف العربية عن سقوط شبكة تُتاجر بالتأشيرات والعمالة وتُسرِّحهم بمقابل مادي وحالات أخرى عن إخفاء قسري للعمالة هنا وهناك. لذا يُعد الفيلم من الناحية الفنية عملًا مميزًا تفوّق فيه الطاقم في تصوير المشكلة، وهو أحد أهداف صناعة السينما، أي تسليط الضوء على القضايا المجتمعية. وإن كانت المشاهد مؤلمة فإن من بطن الألم نستطيع أن نتفادى تكرار مثل هذه الحكايات والعمل على تحسين بيئة العمل في مجتمعاتنا حتى يرى العالم النموذج الأخلاقي المثالي الذي نريد.

هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تناول موضوع قصص العمالة بالخارج والباحثين عن حياة أفضل، إذ إن هناك مئات الأفلام والمسلسلات التي تناولت وما زلت تتناول نفس القضية.

نحن كمجتمعات بشرية لسنا منزّهين أيًا كانت جنسياتنا، فمِنا الكريم ومِنَّا اللئيم، ولا أدّعي أن العمالة الوافدة التي تأتي لا تتسبّب في مشكلات وجرائم؛ فهم في الأول والأخير بشر خطاؤون يحملون معهم من بلدانهم تجاربهم وثقافتهم التي قد تتناسب مع الدولة المستضيفة أو لا تتناسب معها، وأفعالهم الخارجة سوف ينظمها القانون. كل ما علينا أن نرى بعين ناقدة كيف يتصورنا العالم، وماذا علينا أن نفعل، حتى نظهر بصورة تليق بنا، دون أن نُحدِث جعجعةً في فنجان، ثم نصمت من بعدها دهرًا.

من المشاهد التي لا تُنسى في تاريخ السينما، مشهد اقتياد المناضِل عمر المختار لإعدامه أمام الثوار والمناضلين وأحبائه، كانت لحظات مؤثرة استطاع أن يجسّدها الفنان أنطوني كوين بصدق وأخرجها الراحل مصطفى العقاد بحرفية رسخت من فيلم "أسد الصحراء" بنسخته الأجنبية و"عمر المختار" بنسخته العربية ليُضاف إلى نجاحات في سجل العقاد بعد فيلم "الرسالة"، حتى أصبحت أعماله ضمن قائمة أفضل 100 فيلم سينمائي في العالم. لقد مُنِع عرض الفيلمين لعقود في عدة دول عربية وغربية، فيما سمحت إيطاليا بعرض فيلم "أسد الصحراء" في عام 2009.

السينما كغيرها من الصناعات، لها أهداف كثيرة؛ منها تجارية وفنية وسياسية واجتماعية وثقافية وفكرية؛ فهي لا تخرج من العدم دون غايات وأهداف ورسائل منها إيجابية وأخرى سلبية.

ومُنذ نشأتها، استطاعت السينما جذب انتباه الجمهور، واحتلت مكانة كبيرة، والأقرب إلى نفوس الجماهير، لذلك فإنها من الأدوات الأكثر تأثيرًا في تغيير الأفكار والعادات وتشكيل الرأي العام اتجاه مختلف القضايا. وليس كما يُشاع بأن الأعمال السينمائية تأتي وفقًا لرغبات الجماهير؛ بل العكس هو الصحيح، فصُنّاع السينما هم من يشكلون الذائقة العامة كما يشاؤون.

إن أردنا أن نؤكد للعالم أن هذا العمل لا يعكس واقعنا الخليجي، علينا تقديم أعمال تعكس واقعًا مثاليًا أخلاقيًا لمجتمعاتنا. فما يراه العالم عن مجتمعاتنا من خلال السينما والدراما والأعمال الفنية يؤكد عكس ذلك. وصنّاع السينما والترفيه في عالمنا العربي يقدّمون كل ما هو هش ومسيء وغير هادف باستثناء أعمال قليلة ونادرة ولا تحظى بنفس الزخم إعلاميًا.

لماذا كل هذا الاستياء من الفيلم؟ ونحن لم نستطع خلال أكثر من قرن أن ننقل للعالم صفاتنا الحميدة وقيمنا العليا وثقافتنا الأصيلة؟! في الوقت نفسه صمتنا عندما قامت السينما الغربية بوسم العرب والمسلمين بالتخلف والهمجية والإرهاب واللؤم وغيرها من الصفات السيئة. بينما تُعرض الأعمال في دور السينما والقنوات الفضائية والمنصات المدفوعة بأريحية تامة دون نقد أو اعتراض أو أعمال فنية مناهضة تُبيِّض السمعة!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كوميدي.. اجتماعي: الصف الأول في قاعات السينما

عاد مرزاق علواش بقوة من خلال فيلمه الجديد الصف الأول، وهو كوميديا عائلية تُعرض في صالات السينما في الجزائر ابتداءً من 7 جوان 2025.

ويمثّل هذا الفيلم منعطفًا مهمًا في مسيرة المخرج، حيث يخوض لأول مرة تجربة الكوميديا العائلية المعاصرة. محافظًا في الوقت نفسه على نظرته الحادة للمجتمع الجزائري، وهي السمة التي لطالما ميّزت أعماله.

ويمزج فيلم الصف الأول بين الكوميديا والعاطفة والسخرية الاجتماعية، ويقدّم صورة حيوية لأشقاء يواجهون قرارات مصيرية في حياتهم، بين التقاليد والطموحات الفردية وعبثية الحياة اليومية. وبأسلوبه السلس والعميق، ينجح علواش في تقديم عمل إنساني، بسيط، ومرتبط بالواقع المحلي بكل تفاصيله.

وقد لقي الفيلم إشادة واسعة في المهرجانات الدولية: تم اختياره ضمن برمجة مهرجان تورونتو السينمائي الدولي (TIFF)، وعُرض في عرض خاص بمهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدة، حيث حصل مرزاق علواش على جائزة تكريمية من مجلة Variety، كما استُقبل بحرارة في أيام قرطاج السينمائية، حيث قدّم المخرج أيضًا ماستر كلاس حول السينما المغاربية المعاصرة.

وقال مرزاق علواش:
” أردت أن يُشاهد هذا الفيلم أولًا هنا، في الجزائر. إنه تحية لثقافتنا، ولروحنا الفكاهية، ولهذه القدرة الفريدة التي نملكها على الضحك معًا. الصف الأول هو فيلم يجمع الناس، بكل بساطة”.

يضم طاقم التمثيل عددًا من أبرز وجوه السينما الجزائرية - نبيل عسلي، هشام مصباح، هنا منصور، إدير بن عيبوش – إلى جانب مواهب شابة من الجيل الجديد من الممثلين والممثلات المحليين، ما أضفى على العمل طاقة حيوية وأصالة واضحة.

وأكدت أمينة كاستينغ، المنتج المشارك للفيلم:
” النجاح الذي حققناه في جدة عزز قناعتنا بأنه يمكننا صنع كوميديا تنبع من واقعنا اليومي، وتلقى صدى لدى الجمهور الدولي أيضًا”.

ولمرافقة هذا الإصدار الوطني، ستُطلق حملة ترويجية كبيرة لتسليط الضوء على الإبداع الجزائري وجذب جمهور متنوع من جميع الفئات. وسيتم الإعلان عن الخطوط العريضة لهذه الحملة قريبًا خلال حدث خاص موجه للمهنيين والصحفيين.

مع الصف الأول، يقدم مرزاق علواش فيلمًا سخيًا، واقعيًا، وإنسانيًا بعمق — دعوة للضحك، والمشاركة، والتفكير الجماعي.

اكتشفوه في دور العرض التالية ابتداءً من 7 جوان 2025: سينما TMV في غاردن سيتي، قاعة كوزموس، قاعة ابن زيدون، قاعة ابن خلدون، قاعة الساحل الشراڨة، سينه‌غولد وهران، AZ سين وهران، وقاعة أحمد باي قسنطينة.

مقالات مشابهة

  • إليك المنتخبات العربية الآسيوية التي بلغت الملحق المؤهل لكأس العالم
  • القومى لثقافة الطفل يعلن عن مسابقة الحديقة الثقافية فى عيون أطفالها
  • احتجاجات أميركا في عيون العرب.. ما الذي يحدث في لوس أنجلوس؟
  • صوفان: وجود شخصيات على غرار فادي صقر ضمن هذا المسار له دور في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد.. نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة
  • كوميدي.. اجتماعي: الصف الأول في قاعات السينما
  • الغاء المباراة الودية بين منتخبي تونس وجمهورية إفريقيا الوسطى التي كانت ستلعب بالدار البيضاء
  • خالد الغندور : كل منتخبات العالم تلعب إلا مصر
  • والدة جندي إسرائيلي قتيل : جثة ابني تلاشت وكذلك القوة التي كانت معه
  • والدة جندي إسرائيلي قتل بكمين خان يونس: جثة ابني تلاشت وكذلك القوة التي كانت معه
  • كأس العرب فيفا 2025: دليلك الشامل للبطولة العربية الأضخم في قطر