اغتيال نصر الله.. هل أعلنت الحرب الكبرى على الحزب من نيويورك؟
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي، السبت 28 سبتمبر/ أيلول، عن مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والقيادي في حزب الله علي كركري. سبق البيان الرسمي بدقائق تأكيد وسائل إعلام إسرائيلية أن أجهزة الأمن في إسرائيل تمتلك الدليل على أن الأمين العام قد قُتل في عملية الاغتيال ليلة الجمعة.
أعلنت إسرائيل رسميًا عن اغتيال السيد حسن نصر الله بعد ساعات من التخمينات التي رافقت العملية، مع العلم أنه حتى الساعة لم يصدر أي بيان من قبل حزب الله يؤكد ذلك.
إذ لم يزل الرد يتوقف على صليات صاروخية رغم أن بعضها طال مستوطنات جديدة وبعيدة لم تكن تستهدف في السابق. هذا ما أكده بيان الجيش الإسرائيلي صباح السبت 28 سبتمبر/ أيلول، حيث أعلن عن قصف صاروخي من لبنان استهدف مستوطنات الضفة الغربية لأوّل مرة بعد عملية الضاحية.
أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة 27 سبتمبر/ أيلول من على منبر الأمم المتحدة سلسلة تهديدات طالت إيران، ومن يدور في فلكها من حركات مقاومة. وخصص في تهديداته حزب الله باعتبار أنه اختار مسار الحرب، وأنه لا خيار أمام إسرائيل إلا الحرب حتى تمكّن أبناءها من العودة إلى الشمال.
لم يكد نتنياهو ينتهي من كلمته حتى أُعلن في بيروت عن سلسلة غارات استهدفت مقر القيادة العامة للحزب، ليشهد بعدها الإعلام المحلي والعالمي خضة إعلامية تدور حول استشهاد السيد حسن، ولتشهد الساحة اللبنانية كثيرًا من القلق الوجودي في ظلّ الغيمة السوداوية التي سادت المشهدية العامة بعد هذه العملية.
من نيويورك، أُعلنت الحرب الكبرى على الحزب، عندما وافق نتنياهو على تنفيذ ضربات على ضاحية بيروت الجنوبية. والغريب أنه أعلنها وهو على أعلى منبر عالمي، في وقت من المفترض أن يكون هذا المنبر مقرًا للدعوة إلى السلام العالمي، وليس للإعلان عن الحرب، وارتكاب المجازر. فهذا إن دلّ على شيء، فبالتأكيد على أخذه الضوء الأخضر الأميركي، ومن يدري قد تكون هناك تسويات مُررت في دهاليز مجلس الأمن.
ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن طائرات "إف-35" نفذت الغارات بواسطة قنابل خارقة للتحصينات، وكان الهدف هو مقر هيئة أركان حزب الله، والمستهدف هو نصر الله. لم ينتهِ سيناريو الحرب عند هذه الضربات، بل استمرت إسرائيل في تنفيذ غاراتها، محذرةً السكان لإخلاء منازلهم في الضاحية، لتشهد شوارع العاصمة من جديد حركات نزوح لا مثيل لها في صورة تشبه إلى حدّ كبير ما حصل في قطاع غزة بحق الشعب الفلسطيني.
لم تهدأ الجبهة اللبنانية منذ أن أعلن حزب الله في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي فتْح جبهة "المشاغلة" للجيش الإسرائيلي عن حربه في قطاع غزة. حيث سعى الحزب ليرسم مع العدو الإسرائيلي قواعد للاشتباك تضمنت عدم استهداف المدنيين، وتحديد الإطار الجغرافي المسموح بتنفيذ العمليات فيه. رغم أن حزب الله سعى للمحافظة على هذه القواعد، فإن الإسرائيلي كان دائمًا يتعمد كسرها، من خلال توجيه ضربات في العمق اللبناني، مما أدى إلى سقوط الكثير من المدنيين بين شهيد وجريح.
شهد الصراع الإسرائيلي مع حزب الله خروقات أمنية كبيرة، كان أبرزها تفجيرات الأجهزة اللاسلكية (البيجر) التابعة لعناصر الحزب والتي أدت إلى سقوط العشرات وجرح الآلاف بإصابات بالغة وصلت بالبعض إلى حد الإعاقة الدائمة.
هذا التطور الأمني لم يطرح معادلة "ما قبل البيجر ليس كما بعده"، كما طرحه الحزام الناري الذي نفذه سلاح الجو الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، والذي دفع بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للقول إن العودة إلى الوضع الذي كنا فيه قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول فيما يتعلق بالحدود بين إسرائيل ولبنان لم يعد كافيًا.
من تصريح بلينكن هذا يستطيع المتابع ربط الأحداث ليبني عناوين الضربة التي ستحدد المرحلة المقبلة. حيث فتحت الجبهة على كافة السيناريوهات وما قال عنه نتنياهو بـ "أيام معقدة" سيشهدها لبنان قد تكون أسابيع وربما أشهرًا، إذ دخل لبنان دوامة الحرب الواسعة وسقطت كافة الخطوط الحمر وبات كل شيء متوقعًا.
لهذا ينتظر الرأي العام اللبناني وتحديدًا ما يعرف ببيئة حزب الله الحاضنة، أن يكون ردّ الحزب مزلزلًا على إسرائيل، مستندين إلى خطاب السيد بأن أي خرق لقواعد الاشتباك سيعني حربًا "بلا سقوف ولا روادع".
رغم الضربات التي تلقاها الحزب، ورغم تلك المشهدية المأساوية التي يعيشها جمهوره من حركات النزوح دون أن تكون هناك خطة طوارئ جاهزة، فإن هذا لا يعني أن المنطقة قادمة على حرب كبرى، بقدر ما تعني أن الحزب يدفع ثمن التسويات الكبرى، إلا إذا صدقت التهديدات الإيرانية، وأوعزت بفتح كافة الجبهات على إسرائيل لإزالتها من الوجود.
تعمل إسرائيل على تطبيق سياسة "كي الوعي" المقاوم، من خلال اللجوء إلى تنفيذ عمليات اغتيال لكوادرها. لكن ما أشار إليه مستشار المرشد الإيراني علي لاريجاني، يوضح عكس ذلك، وأن المقاومة مستمرة؛ لأنها بحسب زعمه "تضم قادة وكوادر أقوياء وكل قائد يستشهد سيكون له بديل، وإسرائيل تتجاوز خطوط إيران الحمراء والوضع بات خطيرًا".
ما قاله لاريجاني واضح، ولكن ما ليس واضحًا هي الخطوط الحمراء التي ذكرها، لا سيما أن إيران لم تزل إلى الآن لا تحبّذ الحرب الكبرى، بل لا تستبعدها، رغم حاجة نتنياهو إليها. هذا ما يؤكد أن هناك تقاطعًا إيرانيًا – أميركيًا بعدم الرغبة في توسيعها.
إذ يقرأ البعض فيما أعلنته الولايات المتحدة عن اتفاق جديد مع الحكومة العراقية أيضًا يوم الجمعة 27 سبتمبر/ أيلول لإنهاء المهمة العسكرية للتحالف الذي تقوده بحلول العام المقبل، بحسب ما ذكرته وكالة "أسوشيتد برس"، بأنه مؤشر على تسوية قادمة بين طهران وواشنطن حول مسار الحرب في لبنان.
فهل فعلًا عمليات التهجير المخطط لها تتلاقى مع التقاطع الأميركي – الإيراني على القيام بعمليات ترانسفير لسكان المناطق التي تتعرض للقصف إلى سوريا والعراق؟ خصوصًا أنه مع بداية تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملياته صباح الاثنين 23 سبتمبر/ أيلول، شهدت حركة المصنع زحمة سير كثيفة عكسية نحو سوريا، لاسيما لعوائل المحازبين إلى منطقة الزبداني التي تخضع لسيطرة الحزب، كما صرّحت بعض المصادر المقربة منه.
ليس من الضروري أن تتطابق حسابات الحقل مع حسابات البيدر؛ لأنه ما بين تقاطع المصالح واشتداد حدة القصف المتبادل تبقى الكلمة للميدان، لأن أي خطأ في الحسابات قد يشعل منطقة بأكملها، عندها لن يكون هناك فرص لأي تسوية ولا لأي مفاوضات، بل ستنتهي الأمور على قاعدة "غالب ومغلوب".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجیش الإسرائیلی نصر الله حزب الله
إقرأ أيضاً:
إندبندنت: اغتيال الشريف ورفاقه عميلة برعاية إسرائيل تهدف لإسكات الحقيقة
نشرت صحيفة "إندبندنت" افتتاحية وضعت فيها صورة الصحافي الفلسطيني البارز أنس الشريف الذي استشهد مع زمرة من رفاقه الصحفيين في غارة استهدفت خيمتهم الأحد الماضي.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن رعاية دولة لقتل الصحفيين هي وسيلة أخرى للحد من حرية التعبير، مؤكدة أن "اغتيال القوات الإسرائيلية مراسل الجزيرة وزملائه هو تذكير مرعب بأن مسؤولية إخبار العالم عن الدمار والتكلفة البشرية تقع على عاتق المراسلين المحليين وحدهم عندما تمنع منظمات الأخبار الدولية من دخول منطقة حرب".
وأضافت أن "حياة الشريف هي مثل حياة أي روح زهقت في الحرب، لكن اغتياله المستهدف إلى جانب أربعة من موظفي الجزيرة الآخرين الذين لقوا حتفهم معه، يثير تساؤلات أكثر أهمية حول الطريقة التي أدارت بها إسرائيل الحرب".
وأشار إلى أن "استهداف الجيش الإسرائيلي لصحافي معتمد عمل في الجزيرة وسابقا في رويترز، هو تطور لا يمكن النظر إليه إلا بقدر من الرعب. فلم يكن موته من نوع الأضرار الجانبية الحتمية التي يمكن أن تحدث في أي حرب، بل بالأحرى، كان الشريف هدفا لاغتيال برعاية الدولة".
وتزعم "إسرائيل" أن الشريف كان "إرهابيا"، وينتمي إلى حماس وقائدا لخلية فيها، وقدمت بعض الأدلة الوثائقية، لكن هذا لم يقنع المراقبين المستقلين الذين فحصوها، ويثير تساؤلا حول سبب عدم نشرها في وقت أبكر، إن كانت مقنعة إلى هذا الحد.
وذكرت الصحيفة أنه "من المؤكد أنها لا تقدم أي سبب قانوني لقتله، ناهيك عن قتل زملائه في قناة الجزيرة، المراسل محمد قريقع، والمصوران مؤمن عليوة وإبراهيم ظاهر، ومساعدهما محمد نوفل، الذين لم يزعم الإسرائيليون أن لهم أي صلة بحماس".
وتعلق الصحيفة أن "الحقيقة، كما هي الكليشيه، هي أول ضحايا الحرب، والحقيقة هي أن إسرائيل، على غير العادة، منعت الصحافيين الدوليين من تغطية الصراع. وتقول السلطات الإسرائيلية إنه ليس من الآمن القيام بذلك، وهي مفارقة قاتمة بالنظر إلى مصير شريف. ولكن هذا ليس من اختصاصهم الحكم عليه: بل هو أمر ينبغي أن يُترك للعديد من المؤسسات الإخبارية، بما في ذلك صحيفة إندبندنت، التي أرسلت بكل فخر صحافيين شجعان إلى مناطق أكثر خطورة على مدى عقود عديدة".
وأدت السياسة الإسرائيلية إلى استحالة رصد أفعال جيش الاحتلال الإسرائيلي والإبلاغ عنها بشكل مستقل بالطريقة التقليدية.
وأوضحت أن "الصور التي التقطت خلال رحلات المساعدات الأخيرة، والتي نشرتها صحيفة إندبندنت لأول مرة، تقدم صورة عن مكان بدائي قاحل مثل القمر، في مكان كانت فيه الأحياء تعج بالحياة والصخب وتنتشر فيه فيه بساتين الزيتون".
وذكرت "أعطت هذه الصور، إلى جانب تحقيقات الشريف وزملائه، للعالم فكرة عن الطريقة غير المتناسبة التي تتصرف بها إسرائيل. والنتيجة هي أن إسرائيل تتهم بارتكاب جرائم حرب من قبل المحكمة الجنائية الدولية، ويستخدم مصطلح "إبادة جماعية" بشكل متزايد في سياق حرمان سكان غزة من الغذاء والدواء".
وأضافت أنه "في غياب الرقابة الدولية الكاملة، اضطر صحافيو غزة أنفسهم تحمل مسؤولية أداء هذه المهمة الأساسية. ووضعوا أنفسهم طوعا في مرمى النيران لإبلاغ العالم عن دمار قطاع غزة وخسائره البشرية ولتقييم مدى النشاط الإرهابي ولتسليط الضوء على محنة الأسرى الذين لا تزال حماس تحتجزهم. وبارتدائهم سترات واقية وخوذات "صحافة"، كان ينبغي أن يحصلوا على الحماية المعتادة الممنوحة لجميع الصحافيين، ولكانوا حصلوا عليها لو كانوا أمريكيين أو سعوديين مثلا".
وأكدت "تقول إن الغالبية العظمى من الصحافيين الـ 232 تقريبا الذين لقوا حتفهم في حرب غزة كانوا فلسطينيين، وهي إحصائية تكاد تتحدث عن نفسها. ويرى مشروع "ثمن الحرب" التابع لمعهد واتسون للشؤون الدولية والعامة، فإن عدد الصحافيين الذين قتلوا في غزة يفوق عدد القتلى في الحربين العالميتين وحرب فيتنام وحروب يوغوسلافيا، وحرب الولايات المتحدة في أفغانستان مجتمعة".
وأشارت إلى ما كتبه الكاتب الفلسطيني الذي يعيش بالمنفى، أحمد نجاد في الصحيفة نفسها، من أن مقتل الشريف هجوم على الحقيقة نفسها،ـ قائلة: إن "هذه الهجمات على حرية التعبير والفكر لا تقتصر، للأسف، على مناطق الحرب، وأشارت إلى عتقال مئات المتظاهرين السلميين في لندن خلال عطلة نهاية الأسبوع وكيف انتشرت آثار الحرب في غزة والنقاشات الحادة المحيطة بها، في جميع أنحاء العالم، أو على الأقل، إلى تلك المناطق التي لا يزال فيها الاختلاف ممكنا، وتظل الصحافة فيها غير خاضعة لسيطرة الدولة نسبيا".
وأضافت "قد يكون صحيحا، كما يلمح وزراء الحكومة البريطانية بغموض، أن حركة فلسطين عازمة على القيام بأنشطة يجهلها مؤيدوها، لكن هذا لا يبرر احتجاز كبار السن الذين لا ذنب لهم سوى حمل قطعة من الورق المقوى عليها رسالة وممارسة حقهم في حرية التعبير".
وأكدت "دولة تسعى للحصول على دعم حلفائها في جميع أنحاء العالم لن تنجح في جذب الآخرين إلى قضيتها من خلال حرمان المراسلين الدوليين، بل وحكومات الدول الأخرى ومواطنيها، من الوصول إلى الحقيقة".
وختمت بالقول "إذا رأت إسرائيل أن أفعالها مبررة، فعليها أن تسمح بالتدقيق فيها بدقة، بما في ذلك تغطية الحرب التي يبدو أنها تنوي شنها. وفي النهاية، لن يثير قتل الصحافيين سوى صدمة المجتمع الدولي. وعلى بنيامين نتنياهو أن يتذكر هذا".