سميحة أيوب: لم أعتزل الفن والمسرح عشق والإمكانيات المقدمة له متواضعة
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
ردت الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، على الشائعات التي انتشرت في الفترة الأخيرة حول حقيقة اعتزالها مجال الفن، مؤكدة أنها لم تعتزل مجال الفن وما زالت موجودة على الساحة الفنية، مشيرة إلى أن المشاركة في احتفالات نصر 6 أكتوبر لها معنى خاص بها.
أشارت سميحة أيوب، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية كريمة عوض، ببرنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، إلى أن لها ذكريات مع نصر أكتوبر وعملت أوبريت "مدد مدد شدي حيلك يا بلد" في 48 ساعة، مؤكدة أن هذا الأوبريت علم في التاريخ الفني ومازال عايش مع المصريين في الاحتفالات.
ونوهت سميحة أيوب، بأن المسرح عمل جماعي والسيناريو المكتوب هو الأهم، لافتة إلى أن الإمكانيات المقدمة للمسرح متواضعة والمهم السيناريو والنص المسرحي الجيد، متابعة: "لابد أن يكون ممثل المسرح عاشق له ويتنازل من أجل العمل المسرحي، ومصر ولاده وبحضر الكثير من العروض المسرحية وبكون سعيدة بهذه المشاركة".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سميحة أيوب المسرح العربي حديث القاهرة 6 اكتوبر القاهرة والناس الساحة الفنية العروض المسرحية تمويل مشروعات الإعلامية كريمة عوض برنامج حديث القاهرة عروض المسرح سمیحة أیوب
إقرأ أيضاً:
(بيت أبو عبد الله).. مسرح ما بعد الدراما
منذ سنوات بعيدة سمعت عن مسرحي شاب، تنتمي أعماله إلى مسرح مغاير، يعتمد على الصورة، والتعبير الحركي أكثر من اعتماده على الحوار، والسرد الدرامي، وصنع صدمة للمتلقي، في الفكر، والمشاهد البصرية، اسم هذا المسرحي هو (أنس عبدالصمد)،
ولم تتح الفرصة لمشاهدة عمل له على خشبة المسرح، فمثل هذه العروض لا نشاهدها إلّا في المهرجانات، وجاء مهرجان الدن المسرحي الدولي ليوفّر لنا فرصة مشاهدة عرض (بيت أبو عبد الله)، الذي هو من إنتاج دائرة السينما والمسرح -الفرقة الوطنية للتمثيل في العراق.
وكانت الرغبة تدعوني لمشاهدة عرض للمخرج (أنس عبد الصمد)، كونها تعتمد على لغة الجسد، غير المنطوقة، التي تحمل فكرة، تمييزا لها عن أداء الحركة في الألعاب الرياضية، كما يؤكّد في أحاديثه، ومن هنا، فجسد الممثل بكلّ تعبيراته هو ركيزة أساسية، باعتبار حركة الجسد لغة عالمية تمكّن فريق العرض من التواصل مع العالم، خصوصا أنّ أفكار عروضه تخاطب الوجدان الإنساني، وتناقش قضاياه،
كما شاهدنا في عرض (بيت أبو عبد الله)، عندما حذّر من المصير الذي سيؤول إليه المجتمع الإنساني، فيما لو استمرّ الحال على ما هو عليه، ولم يكتف بالجسد كأداة تعبيرية، فقد أولى الجانب البصري مساحة واسعة من خلال الاشتغال على سينوغرافيا تماهت مع فكرة العرض، بالاستفادة من التطور التكنولوجي، فقدّم المخرج (أنس عبدالصمد) في(بيت أبو عبدالله) عرضا ينتمي للميتا مسرح نحو (مسرح ما بعد المسرح)، ووفق هذا المسعى، يمضي إلى ما هو أبعد بحثا عن أشكال تعبيرية جديدة، من خلال عدة تقنيات من بينها : الاشتغال على مسرح داخل مسرح وتوظيف الشاشة، وتداخل الفنون، ففي العرض بُعد سينمائي وتكوينات بصرية تتناغم مع حركة الجسد، شغلت المساحة الأمامية للمسرح وهي: مائدة طعام عليها جبنة تفتح الشهية للفئران، ومقعد "تواليت" ودلالته، وكيس الملاكمة الذي يرمز للعنف مع الآخر ومع النفس، والكراسي، والصحيفة، التي يقرأها سكان البيت وهم يجلسون على مقعد "التواليت"،
والكتاب الذي يرمى بعنف، وتمزق صفحاته، واللاب توب الموضوع على منضدة الطعام، والوسائد والمايكروفون، وكلها مفردات تشكّل مدخلا لفكرة تصل للمتلقي من خلال الاشتغال على شعرية الميتا مسرح، وهي كما يقول الباحث حسن يوسفي في بحثه (المسرح في المرايا) :" شكل درامي يترجم رؤية للعالم تقوم على تنسيب القيم التي يخلقها الإنسان وفق ما تمليه الشروط المحيطة به، لذا فإن القيم المطلقة التي تقوم عليها التراجيديا تصبح غير صالحة في عالم متغير يخلق أشكالا جديدة للتعبير عن نفسه".
وتدور فكرة العرض التي شكّلها (أنس عبدالصمد) كونه كاتبه أيضا، حول الضغوطات النفسيّة التي تواجه الإنسان، وتبدأ بمحاصرة الجدران لأفراد العائلة، التي تحاصرها العزلة، والضوضاء التي تصمّ السمع، وما تسبّبه لها من إرهاق، وزاد من ذلك انعدام الحوار بين أفراد العائلة،
فتتسلّل الفئران دون أن يشعروا بذلك، يتقدمهم الفأر الكبير الذي تسلّق جدران العائلة الهش، والتهم الجبنة الموضوعة على مائدة الطعام، على مرأى من العين الكبيرة التي تظهر على الشاشة في خلفيّة المسرح، وغضّت النظر عن ذلك، فزحفت الجدران لتضيق على أفراد العائلة، التي نجحت في الخروج منها، ويأتي الطبيب، ليعالج الأوضاع، فيعود النشاط لأفراد العائلة، لكنهم يظلوا يسكنون إطار عزلتهم، حتى ينطلق صوت رصاص ليضع نهاية لأفراد العائلة، وللمرة الثانية ينهضون ليواصلوا رحلة (سيزيف) حتى يتداعى البيت بعد أن شنت الفئران هجومها ليمتلئ المسرح بها وهي تزحف، ضوئيا، على الوجوه، والجدران، والأجساد،
فالمخاطر التي تحيط بالكوكب استشعرتها الفئران، فهربت بحثا عن الخلاص، لينطلق الصوت الأخير ضمن موّال حزين، كل هذه الأفكار ناقشها العرض الذي فاز بأكثر من جائزة، من بينها جائزة أفضل عرض متكامل في أيام قرطاج المسرحية، وجائزة أفضل إخراج وأفضل سينوغرافيا، كما رُشحت لأفضل عمل متكامل في مهرجان بغداد الدولي للمسرح، كما رُشحت الفنانة ثريا بوغانمي لجائزة أفضل ممثلة في المهرجان نفسه.
ولأن هذا النوع من المسرح يحتاج إلى اللياقة وتعبيرات الوجه وسيمياء الجسد، فقد أبدع فريق العمل في الأداء وخصوصا: ماجد درندش، ثريا بوغانمي، أنس عبدالصمد، د. محمد عمر، وتعاضد هذا مع الإضاءة التي صمّمها د. علي السوداني- الذي قَدِم من تونس حاملا معه جائزة أفضل سينوغرافيا مسرحية (الجدار) للدكتور سنان العزّاوي- فأبدع في ذلك، وجعل إحساسنا مضاعفا بزحف الفئران، رغم أنّ بيئة العرض لم تخدمه، كونه جرى تقديمه في خيمة، فواجه صعوبة في تطويع فضاء العرض، لصالح مفرداته البصريّة، خصوصا في تحريك الجدران، التي كان لها دور حيوي ودلالي في العرض، لكنّ (د. علي السوداني) عمل بالممكن، فنجح في إيصال فكرة عرض بصري يشير إلى تفاقم المخاطر التي يواجهها الإنسان في كل مكان، ليتجاوز محلّيّته، ويعبر إلى الفضاء الإنساني، ليبعث المخرج من خلال بيت يرمز لكوكب يواجه ساكنوه مخاطر جمّة، رسالة تحذيرية للعالم
بأسره.