ذكرى وفاة نعيمة الصغير.. قصة حادث مؤلم غيّر مسار حياتها
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
نعيمة الصغير تعد واحدة من أبرز الممثلات اللاتي لهن طلة خاصة ومميزة سواء على شاشة السينما أو التليفزيون، صاحبة جسد ضخم وصوت قوي ذو نبرات حادة، بمواصفاتها هذه ارتبط بها الجمهور الذي نجح في تمييزها بسهولة والتعرف عليها للدرجة التي جعلتها فنانة ذات صيت واسع مهما كان دورها صغيرًا وثانويًا بالمقارنة بأخريات.
رصيدها الفني يقترب من 200 عمل، كان وقوفها أمام الزعيم عادل إمام نصيب الأسد، حيث شاركته فيما يقرب من 10 أعمال أبرزها «غاوي مشاكل، ممنوع في ليلة الدخلة، رمضان فوق البركان، كراكون في الشارع، المشبوه، حب في الزنزانة، خلي بالك من عقلك».
نعيمة الصغير التي انتهت مسيرتها الفنية مع وفاتها في 20 أكتوبر عام 1991، كان أول ظهور سينمائي لها من خلال فيلم اليتيمتين مع فاتن حمامة وثريا حلمي ومن إخراج حسن الإمام عام 1948، ظهرت خلالها كمطربة وتأديتها أغنية «طب وأنا مالي».
واختفت نحو 12 عامًا قبل أن تعود مرة أخرى للسينما عام 1960 من خلال فيلم عنتر يغزو الصحراء، وتغيب 5 سنوات أخرى لتعوم مع فيلم هي والرجال عام 1965، خلال كل هذه السنوات التي اختفت فيها عن الأنظار، عادت لموطنها الأصلي بمحافظة الإسكندرية وكانت تشارك زوجها محمد الصغير في كثير من الحفلات والمسرحيات.
وكانت نعيمة الصغير، حسب ما حكت في لقاء تليفزيوني نادر مع نجوى إبراهيم، أن اسمها الحقيقي نعيمة عبدالمجيد عبدالجواد، وحظيت بلقب الصغير نسبة إلى زوجها الراحل، وأشارت إلى أن بدايتها لم تكن من خلال التمثيل ولكن باعتبارها مونولوجست.
وأوضحت نعيمة الصغير خلال اللقاء، أن أغنيتها الوحيدة في السينما «طب وأنا مالي» التي قامت بتأديتها في فيلم اليتمتين قبل نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، وكانت آخر عهدها مع الأغاني، وبعد سنوات اتجهت للتمثيل.
وخلال السنوات التي اختفت فيها وحسب ما نقلت الصحافة وقتها، تعرضت نعيمة الصغير لحادث مؤلم على يد إحدى السيدات العاملات معها بالفرقة، حيث وضعت لها مادة سامة داخل كوب من الشاي، الأمر الذي تسبب في تدهور حالتها الصحية ونجت من الموت بأعجوبة ولكن الثمن الذي دفعته جراء تناولها هذا الكوب هو صوتها.
استغرقت وقتًا طويلًا حتى تسترد «بحّة» صوتها مرة أخرى ولكن بطريقة مختلفة، حيث اختفت نعومته للأبد ليصبح خشنًا جهورًا، ويشاء القدر أن تتحول النقمة إلى نعمة وتصبح نعيمة الصغير بهذا الصوت الجديد فنانة استثنائية يعرفها الجمهور ويميزها دون غيرها، وأهلها لأن تلعب أدوار الشر والمكر وكذلك الكوميديا.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: نعيمة الصغير الفنانة نعيمة الصغير عادل إمام نعیمة الصغیر
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيله.. ألبير قصيري حكيم العدم الذي سخر من العالم ومات ضاحكا
في غرفته الصغيرة بفندق "لوروبير" الباريسي، جلس ألبير قصيري، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، يحدّق في العالم من خلف نافذة، لا يخرج إلا نادرًا، وأختار العيش في غرفة فندق لأنه كان يكره التملك حيث كان يقول: "الملكية هي التي تجعل منك عبدا"، لم تكن تلك عزلة مفروضة، بل اختيار صارم، ذلك أن الرجل لم يكن يهوى الحياة كما نعرفها، بل كان يراها مهزلة كبيرة تستحق السخرية لا المشاركة.
من القاهرة إلى باريس: الولادة في قلب الشرقوُلد ألبير قصيري في حي الفجالة بالقاهرة عام 1913 لأسرة شامية ذات أصول سورية ـ لبنانية، متوسطة الحال، وكانت الفرنسية هي لغته الأولى، تعلّم في المدارس الفرنسية، وتأثر منذ الصغر بأدب فولتير وموليير، وقرأ بشغف روايات دوستويفسكي وبلزاك.
كانت فلسفة ألبير قصيري في حياته هي فلسفة الكسل، لم يعمل في حياته وكان يقول انه لم ير أحدا من أفراد عائلته يعمل الجد والأب والأخوة في مصر كانوا يعيشون على عائدات الأراضى والأملاك، أما هو فقد عاش من عائدات كتبه وكتابة السيناريوهات، وكان يقول: "حين نملك في الشرق ما يكفى لنعيش منه لا نعود نعمل بخلاف أوروبا التي حين نملك ملايين نستمر في العمل لنكسب أكثر".
نشر أولى كتاباته بالعربية، ثم انتقل سريعًا للفرنسية، ليكتب كل أعماله لاحقًا بهذه اللغة، كانت القاهرة التي كتب عنها ليست قاهرة النخبة بل قاهرة الحرافيش، المتسولين، الدجالين، الحواة، الباعة الجوالين، والكسالى الحكماء، ورغم انتقاله إلى باريس في الأربعينيات، ظل العالم المصري الشعبي مسكونًا في أدبه حتى آخر نفس.
الكتابة كسلاح ضد التفاهةلم يكن قصيري من الكُتّاب الغزيرين، بل نشر فقط ثماني روايات ومجموعة قصصية واحدة طيلة حياته، لكنه كان يؤمن أن الجملة الجيدة تأخذ وقتها مثل كوب نبيذ معتّق، فكان يكتب جملة أو اثنتين في اليوم، يحرّرهما عشرات المرات.
في أعماله، لم تكن شخصياته تبحث عن الخلاص، بل عن الضحك من العالم، كان يخلق أبطاله من قاع المجتمع، يُلبسهم فلسفة ساخرة، ويتركهم يهزأون بالسلطة، والدين، والرأسمالية، وكل مظاهر النظام، بلا عنف، بل بابتسامة لامبالية.
من "شحاذون ونبلاء" إلى "ألوان العار".. قصص عن الحُكماء المُهمّشينمن أبرز أعماله، "شحاذون ونبلاء" (1955): رواية عن شاب ثري يختار أن يعيش كمتسول ليصل للحكمة. الرواية هجاء ساخر للطبقة الوسطى والمثقفين المزيفين، و"ألوان العار": عن امرأة تعمل في الدعارة لتُعيل أسرتها في حي شعبي، يكشف بها عن مجتمع لا أخلاقي يتظاهر بالأخلاق، و"بيت الموت المؤكد": تحفة سوداوية عن شخصيات تنتظر الموت في فندق بائس لا يزوره أحد، و"العنف والسخرية": في هذه الرواية تظهر فلسفته العدمية بوضوح، حيث لا وجود لحلول بل فقط سخرية من كل شيء.
رجل عاش ومات في غرفة واحدةتزوج ألبير قصيري من ممثلة مسرحية فرنسية ولكن لم يدم هذا الزواج طويلا وعاش بقية حياته أعزب وحين كان يسأل عن السعادة كان يقول أن أكون بمفردى، وكانت حياته كلها غرفة، وكتاب، وسجائر، وأحاديث هامسة مع أصدقاء نادرين، وعندما اشتد عليه المرض في سنواته الأخيرة، ظل يبتسم ويقول: "كل شيء سخيف إلى حد لا يُحتمل.. حتى المرض".
مات في يونيو 2008، ولم يشيّعه سوى قلّة، لكنه ترك إرثًا فريدًا يقول لنا إن الكُتّاب الحقيقيين لا يحتاجون إلى جمهور واسع، بل إلى جملة صادقة، تسخر من العالم وتظل باقية.