أ.د محمد تركي بني سلامة يكتب .. حرية التعبير بين القانون والإنسانية: قضية احمد حسن الزعبي
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
#سواليف
#حرية_التعبير بين #القانون و #الإنسانية : #قضية_احمد_حسن_الزعبي
بقلم : ا د محمد تركي بني سلامة
في لحظة تاريخية فارقة، حيث تلتقي القوانين الصارمة مع الروح الإنسانية، نقف مرة اخرى أمام قضية الكاتب الوطني الأردني أحمد حسن الزعبي بقلوب مفعمة بالحزن والأسى. هذا الكاتب، الذي لم يكن مجرد ناقدا للحكومة، بل كان صوتًا حرًا يجسد نبض الشعب الأردني، دفع ثمنًا باهظًا لموقفه الجريء بالدفاع عن قضايا وطنية تلامس حياة كل مواطن أردني.
أحمد حسن الزعبي لم يكن صوتًا عابرًا، بل كان مرآة تعكس هموم الشعب واماله و وتطلعاته، هو رجل جسّد حرية التعبير في أرقى صورها، تلك الحرية التي كفلها دستور الأردن، الذي نفخر به جميعًا. لكنها اليوم، تبدو وكأنها تخضع لاختبار قاسٍ. فالزعبي يمثل قضية أكبر من مجرد شخص، إنه رمز لصراع مستمر بين القانون الجامد وحق الإنسان في أن يقول ما يؤمن به دون خوف من السجن أو القمع.
مقالات ذات صلة الدويري: فقدان أثر مسيّرة حزب الله يعكس فشل منظومة الدفاع الإسرائيلية 2024/10/22إن حرية التعبير ليست مجرد حق قانوني، بل هي روح الديمقراطية، وهي الجسر الذي يعبر منه الوطن نحو مستقبل أكثر إشراقًا وعدالة. الزعبي، طوال مسيرته، لم يكن سوى ناقد بناء يسعى إلى إصلاح الأوضاع، وليس تهديدًا لأمن الوطن واستقراره . هذا ما يجب أن ندركه جميعًا. صوته هو صوت الشعب، وآلامه هي آلامنا، ومعاناته هي جرح في ضمير كل مواطن يؤمن بالحرية والكرامة.
وفي ظل هذه الظروف القاسية التي يمر بها الزعبي، يجب أن نتذكر أن العدالة ليست فقط في تطبيق القوانين بحذافيرها، بل في مراعاة الإنسان ككيان يحمل في داخله الكرامة والحقوق. لا يمكن أن يكون السجن هو الحل لكل معارض أو ناقد. بل يجب أن نعود إلى قيمنا الأصيلة التي تنادي بالتسامح والرحمة، خاصة في ظل الظروف الصحية الصعبة التي يمر بها هذا الكاتب الوطني.
إننا نعيش في زمن لا يحتمل الانقسامات، فالنيران التي تشتعل حولنا في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن تتطلب وحدة الصف وتلاحم الجهود خلف القيادة الهاشمية الحكيمة ظفاعا عن الوطن الغالي . وفي هذا السياق، يصبح من الضروري أن نحافظ على كل صوت وطني حر، مثل صوت أحمد حسن الزعبي، الذي طالما دافع عن الوطن وحقوق مواطنيه. رسالته من داخل السجن، حين قال “الوطن لم يظلمني”، تحمل في طياتها معانٍ عظيمة، تدعو الجميع إلى إعادة النظر في قضيته من منطلق إنساني ووطني.
وفي هذا الوقت الذي نشهد فيه تحديثًا سياسيًا حقيقيا يقوده جلالة الملك عبدالله الثاني، والذي تجسد بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ، نرى أن إطلاق سراح معتقلي الرأي هو خطوة ضرورية لتعزيز مسيرة الإصلاحات. هذه الإصلاحات التي تعد بُشرى أمل لكل من يؤمن بأن الحرية والأمن يمكن أن يتعايشا في وطن واحد وهي تبعث برسائل للداخل والخارج على حد سواء ،فمشروع التحديث السياسي يمضي بخطى واثقة وحثيثة ،والأردن امن مستقر بفضل حنكة القيادة ووعي الشعب .
يجب أن نبرهن للعالم أننا دولة تؤمن بالديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان، وأن صوت الحق والعدالة لن يخبو فيها، مهما كانت المصاعب والتحديات. إن احترامنا لحقوق الإنسان هو السبيل الوحيد لبناء مستقبل مزدهر ومستقر لوطننا الغالي وشعبنا الاردني الحر الابي .
وفي الختام، لا يسعنا سوى أن نناشد الحكمة والرأفة في التعامل مع هذه القضية، وأن نعي أن حلها يجب أن ينبع من قيم التسامح والإنسانية التي تربينا عليها في هذا الوطن. إن صوت أحمد حسن الزعبي وصوت كل الوطنين المخلصين للبلاد والعباد يجب أن يكون جزءًا من مسيرة الإصلاح التي نسعى لتحقيقها ، ليظل الأردن واحة للحرية والديمقراطية وملاذ للاحرار للأمن ونموذج للامن والاستقرار في منطقة تموج بالتحديات.
بالتسامح والإنسانية، نؤمن بأننا سنصل إلى ما نصبو إليه من مستقبل أفضل.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف القانون الإنسانية أحمد حسن الزعبی حریة التعبیر فی هذا یجب أن
إقرأ أيضاً:
محمد محمود يكتب: جولة ترامب الخليجية … مشاهد من الدبلوماسية الرياضية
لم تكن زيارة الرئيس الأمريكي إلى المنطقة في منتصف مايو ٢٠٢٥ تقليدية؛ فترامب شخصية استثنائية، ونسخة ولايته الثانية تختلف كثيرًا عن الأولى، إذ لا يعبأ كثيرًا بالأعراف الدبلوماسية وحدودها، وكذلك لا تُفيد الحدود الجغرافية تصوراته الاقتصادية والاستثمارية! فالحديث عن ضم كندا للولايات المتحدة يكشف الكثير عن الآراء السياسية والإقتصادية التى تدور فى ذهن رئيس القوة الدولية الأكثر هيمنة على مستوي العالم.
وإذا كانت تصريحات ترامب تنطوي على خطاب ترهيبي ودبلوماسية خشنة، فهل يمكن تصوره مؤمنًا بأهمية القوة الناعمة في تعزيز صورة الدولة وعلاقاتها الخارجية؟ وهل يدرك أن الدبلوماسية العامة قد تُسهم في تحسين التواصل السياسي بين القادة؟ وهل تنجح إدارته في توظيف استضافة مناسبات رياضية دولية، مثل كأس العالم للأندية في يونيو المقبل والتنظيم المشترك لكأس العالم 2026، لتحسين علاقاته بدول الجوار، ككندا والمكسيك؟
رغم كل التساؤلات وإجاباتها الإفتراضية، فإن الشواهد تشير إلى نمط دبلوماسي استثنائي قد يتطور إلى مدرسة جديدة في العلاقات الدولية تُنسب إلى ترامب، بالنظر إلى ما أظهرته الأشهر الخمسة الأولى من ولايته الثانية، سواء من دبلوماسية الاستعلاء (كما ظهر في حديثه مع رئيس جنوب إفريقيا فى البيت الأبيض) أو دبلوماسية الاستحواذ (صفقة المعادن مع أوكرانيا)، وغيرها من السمات التي تميز تعاطيه مع الملفات الخارجية، ومع ذلك فإن العلاقات التى تربطه بالمستثمرين قد تدفعه إلى تطوير الرؤية للاستثمار الرياضي فى بلاده وخارجها.
ونظرًا لعدم إقتناع ترامب بقيمة الأدوات التقليدية في تنفيذ سياساته الخارجية،وتفضيله الإعتماد على مستشارين وشخصيات اقتصادية نافذة، رافقوه في أولى جولاته الخارجية، فمن المفيد التوقف عند بعض مشاهد الدبلوماسية الرياضية خلال زيارته لدول الخليج، إذ تُعد كرة القدم والاستثمار الرياضي من أبرز صور الدبلوماسية العامة والولايات المتحدة تنظم خلال الفترة المقبلة عدد من الفعاليات الدولية المهمة، أخذًا فى الإعتبار أنه علي الرغم من تواجد رئيس الاتحاد الدولي (فيفا) ضمن وفد المستثمرين والرؤساء التنفيذيين المرافقين لترامب، وشعور إنفانتينو بالفخر لمشاركته في جولة حافلة باتفاقيات تاريخية، إلا أنه واجه انتقادات حادة من أعضاء كونغرس الفيفا، خاصة الأوروبيين، لتأخره عن اجتماع الكونغرس في باراجواي، معتبرين أن زيارته للرياض والدوحة جاءت على حساب الالتزامات الرسمية، وتغليبًا لطموحاته الشخصية، وبذلك لا تخلو الرياضة من حسابات السياسة على مستوي الإتحادات ؛
المشهد الأول: خلال مشاركته فى منتدي الاستثمار السعودي الأمريكي فى الجلسة التى حملت عنوان " الطريق إلى ٢٠٣٤ … الشراكات والتقدم نحو كأس العالم فى السعودية " أكد إنفانتينو فى الكلمة التى ألقاها على أن السعودية تعد من أبرز الدول المستثمرة فى كرة القدم على مستوي العالم، وأن إستضافتها للمونديال تعد لحظة فارقة فى تاريخ اللعبة الشعبية الأولي علي مستوي العالم، وأن كرة القدم تشكل إقتصادًا ضخمًا، إذ يُقدر الناتج المحلى الإجمالي المرتبط بها بنحو ٢٧٠ مليار دولار فى العام.
المشهد الثاني: إهداء أمير قطر الكرة الرسمية لكأس العالم 2022 للرئيس ترامب، ما يعزز دور الدبلوماسية الرياضية في توثيق الروابط بين الشعوب والدول، ويُظهر مكانة كرة القدم في الفضاء السياسي والدبلوماسي، وقطر لديها نموذج ناجح فى الرعاية بالمنافسات الأوروبية وحصد باريس سان جيرمان لقب دوري أبطال أوروبا يعزز ذلك الإستثمار الذى بدأ منذ عدة سنوات.
المشهد الثالث: الحوار الذي دار في أبو ظبي بين ترامب وخلدون المبارك، رئيس مجموعة سيتي، والذي تطرق إلى الاستعدادات الجارية لافتتاح ملعب نيويورك سيتي قبل أولمبياد 2028. وقد أبدى ترامب اهتمامًا واضحًا بالحديث الذى يبرز كيف تسهم الدبلوماسية الرياضية في دعم البنية التحتية بالدول، علمًا بأن إهتمامات مجموعة سيتي المدعومة من صندوق ' مبادلة ' الإستثماري تمتد إلى الدول الأوروبية واللاتينية.
هذا، وتُجسد تلك المشاهد تطور العلاقة بين الرياضة والاستثمار، فلم تعد تقتصر على شراء أندية وبث وإعلانات، بل باتت تشمل منظومات متكاملة تضم فرقًا وملاعب وعلامات تجارية، فالنموذج الروسي في تشيلسي، ثم دخول المستثمرين الصينيين، أصبحا جزءًا من تحوّل أوسع نحو تعقيد وتشابك الاستثمار الرياضي محليًا ودوليًا، وكذلك دخول الاستثمار العربي على الخط مع شراء الفايز لنادي فولهام.
إجمالًا، ترسم زيارة ترامب إلى الرياض والدوحة وأبو ظبي ملامح جديدة للتقاطع بين الرياضة والاقتصاد والسياسة، وتؤكد أهمية الدبلوماسية الرياضية، التي أصبحت محل اهتمام متزايد من قادة العالم باعتبارها أداة فعالة لتقديم القوة الناعمة وتعزيز الروابط بين الدول بعيدًا عن القيود التقليدية للسياسة، وتُعد دول الخليج من أبرز النماذج فى توظيف الرياضية لتعزيز مصالحها الخارجية.