نميل بفطرتنا السوية النقية إلى التصوف النقي الصحيح؛ باعتباره منهجًا إيمانيًّا وتربويًّا عظيمًا، ذلك أن غاية التصوف الصحيح تكمن في: (ربط الخلق بالحق جلَّ وعلا).

وإن السير إلى الله تعالى ينير لنا الطريق، وينمي في قلوبنا ونفوسنا معاني وأسرار: الزهد، والورع، والرحمة، واللين، والتواضع، والإحسان، وجبر الخواطر، وحب الصالحين، واستدامة ذكر الله تعالى، والصلاة والسلام على نبيه العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) وفقه مقاصدها وأسرارها والعيش في أنوارها.

ونقرأ للأولياء والأصفياء والصالحين عند زيارتهم سورة الفاتحة، وندعو الله لهم ولنا بالرحمات وسموق الدرجات.

وتعلمنا من ديننا الحنيف ومن مبادئ التصوف الصحيح وأصوله أننا لم نطلب مَددًا أو عونًا يومًا من وليٍّ مات ورحل إلى ربه الكريم، ومن ثمَّ لا يستطيع أن ينفع نفسه أو غيره؛ إذ لا يقدر على جلب النفع ودفع الضر إلا الله سبحانه فقط.

بل إننا لن نطلب العون، والسند، والمَدد، والدَّعم، والتأييد، والتوفيق، إلا من الله جلَّ في علاه.

ولم ولن نتمسح بمقصورة ولي، أو نُقبِّل أعتابَ ضريح، أو نطوف حول قبر  -حاشا لله- ذلك أن الطواف لا يكون إلا حول الكعبة المشرفة فقط شرفها الله.
بل إننا ننبه على خطأ مثل هذه الممارسات وخطورتها التي تخالف السُّنة.

بيد أننا نقرأ سير الأولياء والصالحين، ونتعلم من أقوالهم وتجاربهم، ونطالع علمهم النافع؛ لنستفيد منه في هذه الحياة.

ونبغض خرافات المخرفين الذين ينتسبون زورًا إلى التصوف، ويشوهون صورته أمام الناس؛ بممارسات وأفكار وسلوكيات بعيدة كل البعد عن التصوف الصحيح، وربما بعيدة عن الدين نفسه.

ونحب الصالحين والمعتدلين، أصحاب الفكر السديد، الذين ينشرون الرحمة، والمحبة، والسلام في قلوب عباد الله وفي قلوب بلاد الله.

أما حبنا لسادتنا آل بيت سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فمركوز  في وجداننا، وراسخ في قلوبنا، وفي كل يوم يزيد بفضل الله تعالى، وهو فرض وحتم على كل محب لسيدنا وسندنا حبنا وحبيبنا (صلى الله عليه وآله وسلم)… الذي حثَّنا على تدبر كتاب الله عز وجل، ورغَّب فيه، وحثَّنا على حب أهل بيته الكرام، وكررها ثلاث في قوله (صلى الله عليه وسلم): (…أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتي…) (أخرجه مسلم).

هذه عقيدتنا، وهذا ما نؤمن به، وهذا هو التصوف الصحيح الذي نريده ونرضاه، ونأبى غيره ولا نرضاه، ولا مواربة لأحد أبدًا على حساب دين الله.

طالعوا أيها السادة كتاب: (الرسالة القشيرية) للإمام القشيري، وعندها ستجدون ما يريح قلوبكم، ويسعد نفوسكم، ويطمئن سريرتكم، ويوجهكم إلى الطريق الصحيح الذي ينبغي أن نسير فيه في هذه الحياة.
وبالله تعالى التوفيق

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلى الله علیه الله تعالى

إقرأ أيضاً:

معنى الإرجاف الوارد في سورة الأحزاب

الإرجاف.. أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من أحد المتابعين عبر حسابها الشخصي بموقع بحث جوجل، جاء مضمونه كالتالي: ما المراد بالإرجاف الوارد في قوله تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ﴾؟ مع بيان حكمه؟.

الإرجاف الوارد في سورة الأحزاب:

قالت دار الإفتاء في إجابتها عن السؤال إن الله تعالى سَمَّى  الترويج للأخبار الكاذبة أو المُحرَّفة بـ"الإرجاف"؛ فقال تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ۝ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾ [الأحزاب: 60-61].

أصل الإرجاف الوارد في سورة الأحزاب:

وأصل الإرجاف من الرَّجف وهو الحركة، فإذا وقع خبر الكذب فإنه يوقع الحركة بالناس فسُمِّيَ إرجافًا؛ قال الإمام ابن فورك في "تفسيره" (1/ 394، 2/ 121، ط. جامعة أم القرى): [الرجفة: زعزعة الأرض تحت القدم، ورجف السطح من تحت أهله يرجف رجفًا، ومنه الإرجاف، وهو الإخبار بما يضطرب الناس لأجله من غير تحقق به.. والإرجاف: إشاعة الباطل للاغتمام به] اهـ.

حكم الإرجاف:

فالإرجاف إذا كان بالغيبة فهو محرمٌ شرعًا؛ قال تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12].

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ»، قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ».

وإذا كان بالاستهزاء بالناس فهو أيضًا محرمٌ؛ قال تعالى: ﴿الذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [التوبة: 79]؛ قال الإمام ابن كثير في "تفسيره" (4/ 184، ط. دار طيبة): [وهذه أيضًا من صفات المنافقين: لا يَسْلَم أحد من عيبهم، ولمزهم في جميع الأحوال، حتى ولا المتصدقون يَسْلَمون منهم، إن جاء أحد منهم بمالٍ جزيلٍ قالوا: هذا مراء، وإن جاء بشيءٍ يسير قالوا: إنَّ الله لغني عن صدقة هذا] اهـ.

مقالات مشابهة

  • مكانة الحياء في الإسلام كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم
  • محمد سلامة: نعمل بكل قوة لإعادة الاتحاد للطريق الصحيح
  • تعرف على محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم
  • تعرف على ثمرات محبة الرسول صلى الله عليه وسلم
  • تعرف على مظاهر وعلامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم
  • معنى الإرجاف الوارد في سورة الأحزاب
  • الحكمة من مشروعية الرفق ودعاؤه بالأحاديث النبوية
  • أحمد عمر هاشم: رأيت النبي في المنام فاخترت التخصص في علم الحديث
  • عبد الله الثقافي يكتب: الدكتور أحمد عمر هاشم تاج العلماء وصوت أهل السنة
  • تعرف على عيون وأنهار الجنة المذكورة فى القرآن