يمن مونيتور:
2025-08-01@18:01:31 GMT

وعكة وطن وأمة

تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT

وعكة وطن وأمة

علينا الاعتراف أن الحضارة الغربية في الخمسين سنة الماضية حققت مستوى مذهلا من التطور العلمي أثر على كل مناحي الحياة والبناء، ولم يكن هذا التطور ليحدث دون استقرار كامل (سياسي واقتصادي واجتماعي)، وليِد الحياة السياسية المنضبطة على أسس علمية، يظهر تلقائيا بالترابط الوثيق والتناغم بين طبقات المجتمع باختلاف توجهاتها ومعتقداتها السياسية والدينية والطوائف.

وعلينا ان نعترف أيضا أنها استفادت من تجربتنا الحضارية، وقيم ومبادئ اسلامنا الحنيف، الذي يحث على المساواة والعدالة والحريات وحقوق الانسان، بينما تهنا نحن عن كل تلك القيم، وبنينا انظمتنا السياسية بعد التحرر من الاستعمار على أسس الترسانات الأمنية و أدوات الامن السياسي التي أحدثت استقرار وهمي، لم يستطيع ان يبني مجتمعات حية ومتحررة، صحيح ان الوجه الحضاري كان بائن، لكن التخلف كان مخفي تحت هذا الوجه، وبمجرد ما ان سقطت تلك الأنظمة، برز الوجه الحقيقي، برزت الكراهية والعصبيات الجاهلية والعرقية، وبرز الصراع المناطقي والطائفي، وسقطنا في وحل من الصراعات والحروب، وتحول معظمنا لأدوات، نتأمر على بعضنا، ونقتل بعضنا بدم بارد، ونفرز بعضنا لشياطين وملائكة بمزاج عار من الصحة والحكمة والفطنة، بغباء سياسي غير مسبوق.

معظم بلداننا العربية وانظمتها السياسية التي كانت تمثل قلاع العروبة لم تكن لتسقط لولا الخلافات السياسية، والفتنة التي افسدت العلاقات والروابط المقدسة، من العلاقات الخاصة للروابط الدين والعقيدة السياسية، لم نهتدي لإصلاح ذات البين، بل كان فساد ذات البين هو الذي دمر كل جسور الثقة وصدع مجتمعاتنا.

اليمن البلد الذي كان يمثل أفضل نظام سياسي يحاول دعم قوام الانسانية، ليتجاوز التمايز الطبقي، و يطور هامشه الديمقراطي، فيه تعدد سياسي وثقافي وفكري، شكل مخاض وحراك سياسي يعيد ترتيب السلطات بما يلبي تطلعات الناس، لم يسلم من تلك الفتنة، والتدخلات الخارجية لقوى ترى ان هذا الانفتاح الديمقراطي والتعدد السياسي يشكل خطرا على وجودها.

لم يقبل ان الشعب ينتفض على سلطاته اذا ما وجدها لا تلبي تطلعاته، واشتغل على شيطنة اطراف سياسية ودعم اطراف اخرى، ليعيد البلد لسلطة الهيمنة الطائفية والمناطقية، لم يستطيع الحوثي ان يسيطر على الارض لولا دعم تلك القوى، ولم تنحرف القضية الجنوبية لتأخذ منحى مناطقي وعنصري لولا دعم تلك القوى، ولم تسقط الدولة وتدمر مقوماتها، وكل انجازات الثورة والجمهورية  ما لم تكن لتلك القوى ايادي خفية اشتغلت على هذا التدمير، وعززت الصراع السلبي، اثارت النزعات القديمة، سنة وشيعة، شمال وجنوب، صراع الايدلوجيا القديم، وللأسف وجدت بيئة مثخنة بالجراح، واشتغلت عليها، معززة روح الثأر والانتقام، كل هذا لأجل ان يبقى المجتمع متناحر ومنقسم على بعضه البعض، وبلد منزوع السيادة وشعب منزوع الارادة، تتربع قيادته قوى اسيرة افكار وتوجهات التنازع على السلطة والاستئثار بالثروة، وبدأ العمل على افساد ما يمكن افساده لنهب تلك الثروة.

هذا حالنا اليوم، حوثي في الشمال، وانتقالي في الجنوب، وصراع على مشاريع بعناوين وطنية وفي باطنها صراع طائفي مناطقي على السلطة والثروة، انتهاكات وسجون سرية وحقوق مهدورة واقصاء وتهميش وفقر وتجويع، كل هذا تديره قوى اقليمية ودولية، وادواتها المثخنة بالفساد والجشع والشبع، بينما الشعب جائع محروم من كل شيء، من لقمة هنيئة وحياة كريمة وعزة وشرف، في وطن لا وجه حضاري له ولا وجه انساني، كل شيء فيه قبيح، وشعبه بين مشرد ومطرود ومستسلم للأمر الواقع، وثائر ينتظر الفرصة السانحة.

وطن يمرض لكنه لا يموت، وشعب يصبر ويتحمل لكنه لا يستسلم، وستاتي الفرصة السانحة ليثور على الظلمة والطغاة في الداخل والخارج، وانا غدا لناظره لقريب.

أحمد ناصر حميدان3 نوفمبر، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام ميلان يعود بفوز ثمين من ملعب مونزا المواجهة المحدودة أم الصراع المفتوح؟ قراءة الداخل الإيراني للهجوم الإسرائيلي مقالات ذات صلة المواجهة المحدودة أم الصراع المفتوح؟ قراءة الداخل الإيراني للهجوم الإسرائيلي 3 نوفمبر، 2024 ميلان يعود بفوز ثمين من ملعب مونزا 3 نوفمبر، 2024 خامنئي يتوعد “برد ساحق” على إسرائيل وأمريكا 3 نوفمبر، 2024 ضبط متفجرات قرب الهيئة العامة للأراضي في عدن 3 نوفمبر، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصة الدعممة الحكومية 2 نوفمبر، 2024 الأخبار الرئيسية المواجهة المحدودة أم الصراع المفتوح؟ قراءة الداخل الإيراني للهجوم الإسرائيلي 3 نوفمبر، 2024 وعكة وطن وأمة 3 نوفمبر، 2024 ميلان يعود بفوز ثمين من ملعب مونزا 3 نوفمبر، 2024 خامنئي يتوعد “برد ساحق” على إسرائيل وأمريكا 3 نوفمبر، 2024 ضبط متفجرات قرب الهيئة العامة للأراضي في عدن 3 نوفمبر، 2024 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك الدعممة الحكومية 2 نوفمبر، 2024 الشراكة في السلطة تعني الشراكة في المسؤولية 1 نوفمبر، 2024 كيف يمكن لإسرائيل أن تغير حسابات إيران النووية؟ 1 نوفمبر، 2024 الحكومة و “المجلس الرئاسي” معنيان بوقف تدهور العملة 25 أكتوبر، 2024 العرب و القومجية والاخونجية 19 أكتوبر، 2024 الطقس صنعاء سماء صافية 13 ℃ 23º - 12º 34% 1.96 كيلومتر/ساعة 23℃ الأحد 23℃ الأثنين 23℃ الثلاثاء 21℃ الأربعاء 23℃ الخميس تصفح إيضاً المواجهة المحدودة أم الصراع المفتوح؟ قراءة الداخل الإيراني للهجوم الإسرائيلي 3 نوفمبر، 2024 وعكة وطن وأمة 3 نوفمبر، 2024 الأقسام أخبار محلية 28٬335 غير مصنف 24٬187 الأخبار الرئيسية 14٬937 اخترنا لكم 7٬060 عربي ودولي 6٬972 غزة 6 رياضة 2٬352 كأس العالم 2022 72 اقتصاد 2٬254 كتابات خاصة 2٬087 منوعات 2٬008 مجتمع 1٬840 تراجم وتحليلات 1٬800 ترجمة خاصة 80 تحليل 14 تقارير 1٬614 آراء ومواقف 1٬545 صحافة 1٬485 ميديا 1٬412 حقوق وحريات 1٬327 فكر وثقافة 901 تفاعل 816 فنون 481 الأرصاد 323 بورتريه 64 صورة وخبر 36 كاريكاتير 32 حصري 22 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية 26 فبراير، 2024 معهد أمريكي يقدم “حلا مناسباً” لإنهاء هجمات البحر الأحمر مع فشل الولايات المتحدة في وقف الحوثيين أخر التعليقات Abdaullh Enan

نور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...

SALEH

تم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...

محمد عبدالله هزاع

يا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...

.

نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...

issam

عندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...

المصدر: يمن مونيتور

إقرأ أيضاً:

ما تأثير وجود حكومتين على الصراع العسكري في السودان؟

أعلن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، عن رفضه للحكومة الموازية التي شكلتها قوات الدعم السريع، وقرّر عدم الاعتراف بها. وأكد على التزام الاتحاد بسيادة ووحدة وسلامة أراضي جمهورية السودان.

وقال المجلس، في بيان له، إنه "يطالب دول الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي برفض تقسيم السودان وعدم الاعتراف بما يسمى الحكومة الموازية، التي تشكل تهديداً بالغاً لجهود السلام ومستقبل البلاد".

مجلس رئاسي وحكومة موازية
كانت قوات الدعم السريع وحلفاء لها قد أعلنوا في 26 تموز/ يوليو عن أسماء أعضاء حكومة موازية، وهي الخطوة التي رفضها الجيش، الذي دخل في صراع عسكري مع الحركة منذ 27 شهرا.

ووفق الإعلان، فإن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، سيرأس المجلس الرئاسي في الحكومة الموازية، وعبد العزيز الحلو، قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان– شمال سيكون نائبا له، في المجلس المكون من 15 عضوا.

كما تم الإعلان في مؤتمر صحفي في نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور، الذي تسيطر الدعم السريع على معظمه، عن تعيين محمد حسن التعايشي، رئيسا للوزراء، إلى جانب الإعلان عن حكام للأقاليم.

حكومة تتشكل تدريجيا
بالمقابل كان مجلس السيادة برئاسة عبد الفتاح البرهان، قد قام قبل نحو شهرين بتعيين كامل إدريس، رئيسا للوزراء، إلا أن تشكيله للحكومة تم عبر عدة مراحل، حيث تم الإعلان عن أسماء الوزراء بشكل تدريجي، وليس دفعة واحدة.

حيث قام إدريس خلال شهرين بداية من مطلع حزيران/ يونيو الماضي بتعيين 20 وزيرا وهم الذي سيشكلون عماد هذه الحكومة التي تعترف بها القوى الدولية والإقليمية.

وأدّى وزراء حكومة إدريس، اليمين الدستورية، وغاب عن هذه المراسم 6 وزراء، مع وجود غموض حول احتمالية مشاركة وزير الزراعة والثروة الحيوانية، أحمد التجاني المنصوري، خاصة أنه كان هناك أنباء عن اعتذاره عن تسلم المنصب لكنه نفى هذا الأمر.


تعويض الفشل السياسي
في ظل تزامن وجود حكومتين في البلاد التي تنهشها الحرب الطاحنة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من عامين، تبرز تساؤلات عن أسباب تشكيل حميدتي لحكومة موازية.

أجمع خبراء بالشأن السوداني تحدّثت معهم "عربي21" على أنّ تشكيل قوات الدعم السريع لحكومة موازية هدفه إيجاد شرعية سياسية لوجودها في الحكم، سواء في مناطق سيطرتها، أو في السودان بشكل عام، في حال كانت هناك مفاوضات مستقبلية بين طرفي الصراع العسكري.

كما أكد الخبراء أن هناك بعض الخلافات الاستراتيجية في داخل بعض الحركات السياسية الداعمة للدعم السريع، والتي بعضها أعلنت صراحة هذا الدعم، وبعضها حاولت الإبقاء على مسافة بينها وقوات الدعم السريع.

رئيس تحرير صحيفة "التيار السوداني"، عثمان ميرغني، يرى أن "الحكومة الموازية هي محاولة من قوات الدعم السريع لتعويض فشل المشروع السياسي الذي بدأت على أساسه الحرب قبل عامين، وكانت تأمل أن تتولى الحكم عن طريق الانقلاب العسكري، ولكنها فشلت في ذلك".

وقال ميرغني لـ"عربي21"، "لكن تطور الانقلاب العسكري إلى حرب طاحنة قد شملت كثيرًا من الولايات السودانية، وتأثر بموجبها أكثر من نصف الشعب السوداني الذين شُرّدوا من ديارهم، وأدّت الانتهاكات الواسعة التي مارستها قوات الدعم السريع إلى عدّة عقوبات دولية، ووصلت مرحلة أن تطال العقوبات قائد الدعم السريع بصورة مباشرة".

وأوضح أن "كل ذلك أدى إلى انهيار مشروعها السياسي، والآن تحاول باستخدام لافتات سياسية لبعض الأحزاب والقوى الأخرى التي تشترك معها في محاولة للتحالف من أجل إرساء مشروع سياسي جديد في شكل حكومة موازية قابلة للتطور أن تكون دولة أخرى تنشق عن السودان، إذا لم تستطع الحصول على استجابة دولية واعتراف من المجتمع الدولي".

محاولة الحصول على شرعية سياسية
مدير المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات، محمد صالح، قال إن "إعلان هذه الحكومة هو محاولة لإيجاد هياكل شرعية للمجموعات السياسية التي تقف خلف الدعم السريع، ومنها التي كانت تنكر صلتها بها، بالتالي هي محاولة لشرعنة وجود هذا الاتجاه الذي يقوده قوات الدعم السريع".

وأوضح صالح لـ"عربي21"، أنه: "ربما هناك خلافات تكتيكية ربما ليست استراتيجية جعلت مجموعة تؤيد الدعم السريع تأييد مباشر وتصبح جزءًا منها وتنسق معها، ومجموعة أبقت نفسها على مسافة منها تحت اسم جماعة الصمود".

وتابع: "الآن كل هذه المجموعات أصبحت جزءًا من هذا التشكيل في محاولة لإيجاد شرعية في ظل تقدم الجيش على مساحات كبيرة ليس عسكريًا فقط، بل حتى دبلوماسيًا".

ولفت إلى أنّ: "الحكومة السودانية التي يقودها المجلس السيادي حققت تقدمًا دبلوماسيًا بتعيين حكومة مدنية، باختصار هو سباق لإيجاد شرعية، للبحث عن مدخل للمساومة والتفاوض مع حكومة السيادي".


إعلان دعائي
بالمقابل يرى مدير المركز السوداني لحقوق الإنسان وحرية الإعلام، أمية يوسف أبو فداية، أن هذه الحكومة موجودة نظريا فقط وليس عملياً على الارض.

وقال أبو فداية، إن "هذه الحكومة تم إعلانها "إسفيريًا"، أي أنه لا وجود لها على أرض الواقع، باعتبار أن الجيش يسيطر على معظم الأراضي السودانية الآن عسكريًا، الأمر الثاني، هو سيكون مُهدد حقيقي لأي تجمع للقوات أو لحكومة تكون في هذه الأراضي".

وتابع أبو فداية في حديثه لـ"عربي21"، "بالتالي أعتقد أن الغرض من هذه الحكومة هو الأمر السياسي والدعائي والإعلاني، أي أن هناك حكومة يمكن التعامل معها من أجل الضغط، بمعنى كما أن هناك ضغوط عسكرية، هناك ضغوط دبلوماسية مع دول الجوار، خاصة كينيا والدول التي لديها علاقات مع الدعم السريع".

وأوضح أنها "أيضًا ضغوط سياسية حتى يستطيعون التحدث مع العالم، باعتبار أن الحكومة السودانية حققت الآن اختراقات كبيرة جدًا، خاصة في الجانب الدبلوماسي، فهي معترف بها دوليا، فبالتالي هي الحكومة المعترف بها من كل المؤسسات الرسمية الدولية، والمقصود هو البحث عن اختراق سياسي تستطيع من خلاله الدعم السريع ممارسة الضغوط على الحكومة السودانية".

لا تأثير عسكري
جاء تشكيل حكومتي الجيش والدعم السريع بعد أربعة أشهر تقريبا على سيطرة الجيش السوداني على العاصمة الخرطوم، والذي كانت حكومته تجتمع في مدينة بورتسودان.

وخسرت قوات الدعم السريع مناطق واسعة سيطر عليها الجيش، على رأسها العاصمة الخرطوم وولاية النيل الأبيض في الجنوب، وفي الولايات المتبقية لم تعد قوات "الدعم السريع" تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي غرب وشمال كردفان، وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، إضافة إلى أربع من ولايات إقليم دارفور الخمس.

وعلى الرغم من هذه الخسائر العسكرية على الأرض، إلا أن الدعم السريع شكلت هذه الحكومة الموازية والتي أعلنت عنها من مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، وهي من أهم معاقلها.

هذا الإعلان المفاجئ للحكومة الموازية من قبل الدعم السريع بعد خسارتها الخرطوم وأراضي غيرها يطرح تساؤلاً حول تأثير وجود حكومتين على مسار الصراع العسكري، كذلك هل له تأثير مباشر على المواطن السوداني وما هو موقف ودور الدول الإقليمية.

أبو فداية يرى أنه "لا يوجد تأثير عسكري، باعتبار أن الإمدادات العسكرية التي تأتي للدعم السريع لا تحتاج إلى تشكيل حكومة مُعترف بها أو غير مُعترف بها من دول الجوار".

وقال إن "كل الذي يحدث أن بعض الدول التي تظن أنه يمكن لديها حرج في دعم التمرد صراحة في الفترة الماضية يمكن أن تدعمه الآن باعتبار أن هناك حكومة، لكن لا أظن أن كثيرًا من الدول ستعمد إلى الاعتراف بهذه الحكومة مهما كانت علاقاتها سيئة مع الحكومة السودانية".

المختص بالشأن الأفريقي، محمد صالح، "يعتقد أن الصراع العسكري لن يتوقف، لكن الجهات الداعمة للدعم السريع تحاول أن تنقل الصراع من الميدان العسكري إلى الميدان السياسي، لأن لديها نماذج إقليمية قد تستنسخها، منها مثلا الوضع الذي في ليبيا يجد تأييدًا إقليميًا وبالتالي يحقق لبعض القوى الدولية مصالح، وبالتالي يجد نوعًا من التأييد".

واستدرك صالح بالقول: "لكن أنا أعتقد أن كل المؤشرات تدل على أن الصراع العسكري لن يتوقف بأي حال من الأحوال، ما لم تكن هناك مستجدات كثيرة تغير المعادلات على الأرض، خاصّةً أن الدعم السريع يعاني عسكريًا وميدانيًا".

وأوضح أن "الدعم السريع صحيح يقاتل في حاضنته الاجتماعية، ولكنه في الحقيقة يعاني تشظيات أثنية وعرقية داخليًا ظهرت في الإعلام بشكل واضح وصريح ولم تعد سرًا، فلذلك هذه محاولة للخروج من هذا المأزق".

أما بخصوص الدور الإقليمي، قال صالح، "قوات الدعم السريع والقوى السياسية التي أيدتها بتأسيس الحكومة الموازية لديها ظهير إقليمي بلا شك، استضيفت في نيروبي بدعم من قوى إقليمية معروفة، فلذلك ستظل هذه القوى تقدم الدعم إلى أن تتحقق لكل هذه الأطراف أهدافها ولن تتخلى عنها".

وتابع، "أنا أعتقد أنه بالعكس، الآن عندما تتحول المسألة من الصراع العسكري إلى الجانب السياسي، ستكون أكثر دعمًا لهذا المسار أو لهذا الاتجاه بشكل عام، وأعتقد أنه سيكون هناك دعم أكثر خاصّة من الإمارات التي تمتلك حضور قوي ولديها لوبي في الولايات المتحدة الأمريكية".

وختم حديثه بالقول، "كذلك يُفهم الذي جرى في سياق أن هناك اجتماع متوقع للرباعية التي كانت تبحث الأزمة السودانية في الولايات المتحدة الأمريكية، هناك تصريحات لمسؤوليها في وزارة الخارجية، أنه سنحسم ملف السودان، وهناك دعوة لعدد من الدول".


استمرار الحرب والأزمة الإنسانية
عثمان ميرغني، يعتقد "أن تشكيل حكومة موازية له تأثير كبير على الواقع السوداني، حيث سيزيد تعقيد الأزمة السياسية السودانية وتُصعّب أكثر من مجهودات المجتمع الدولي المتمثل بالرباعية والتي كانت من المفترض أن تجتمع في واشنطن خلال الفترة الحالية، الذي أُضيف إليه قطر وبريطانيا، في محاولة للوصول إلى آفاق يمكن أن تشكل نهاية الحرب السودانية بتوافق سياسي وتسوية سياسية".

وأكد ميرغني أن "هذه الخطوة بالتأكيد لها تأثير على الحكومة السودانية التي يرأسها السيد كامل إدريس، ليس من زاوية أن هذا الإعلان عن الحكومة الموازية سينال شرعية، لا، بل هي لن تنال شرعية، لكنها ستُشوّش على المشهد السياسي في ظل تباطؤ تشكيل حكومة كامل إدريس".

وحول تأثيرها على المواطن السوداني، قال ميرغني، "لا يوجد تأثير مباشر لها سوى تأثير استمرار الحرب، المواطن السوداني الآن يعاني كثيرًا في أحواله المادية والمعيشية والخدمات الرئيسية: التعليم، الصحة، وغير ذلك".

ولفت إلى أنّ: "هناك ملايين لا يزالون مشرّدين خارج المدن والبيوت التي كانوا فيها، وهناك دمار واسع طال البُنى التحتية ومنازل المواطنين، والمدارس، والمستشفيات، وغيرها، وكل ذلك مرتبط بالحرب، وليس بتكوين هذه الحكومة الذي  لن يزيد الوضع أكثر بؤسًا بقدر ما هو يُعقّد الحلول، لكن أحوال المواطن السوداني أساسًا هي تعاني الكثير، الذي لا يحتاج إلى إضافة من تكوين هذه الحكومة".

مقالات مشابهة

  • هيومن رايتس: فيديو الحوثيين لاعترافات طاقم السفينة المحتجزين جريمة حرب واضحة
  • ما تأثير وجود حكومتين على الصراع العسكري في السودان؟
  • المحرّمي: سقوط الحوثيين بات أمراً وشيكاً
  • توتر قبلي متصاعد في الجوف عقب إحراق الحوثيين منزل مواطن في اليتمة
  • صراع الهامش ضد المركز أم صراع الهامش والمركز من أجل البقاء؟
  • ماذا يعني إعلان الحوثيين مرحلة جديدة من التصعيد ضد إسرائيل؟
  • أرحب تمهل الحوثيين وتُلوّح بالثأر لمقتل أحد وجهائها واختطاف أبنته
  • 2 نوفمبر موعد طعن أم شهد مسئولة سهرات سفاح التجمع على حكم سجنها 10 سنوات
  • نظر طعن أم شهد شريكة سفاح التجمع على حبسها 10 سنوات 2 نوفمبر
  • اتحاد الكرة يدرس إقامة بطولة السوبر المصرى في النصف الأول من نوفمبر