الصراع نشَّط زراعة وتجارة البن في اليمن
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
قال تقرير اقتصادي جديد، إن الصراع نشط زراعة وتجارة البن في اليمن، حيث ركز بعض المزارعين على توسيع مزارع البن -خاصة في محافظة تعز- بدلاً من زراعة القات.
وأضاف تقرير "اليمن: تحديث سلسلة التوريد الغذائي" الصادر عن منظمة مشروع تقييم القدرات، إن الارتفاع الكبير في الطلب على القهوة الفاخرة في الدول الغربية أدى، من بين عوامل أخرى، إلى هذا التحول.
ويعتبر البن والعسل اليمني من أكثر منتجات اليمن شهرة إقليمياً وعالمياً، في حين أن إنتاج وتصدير العسل أو القهوة يمثل تجارة مربحة، تواجه سلسلتا القيمة تحديات تمنع حالياً نمواً إضافياً.
خسرت اليمن الكثير من وضعها السابق مقارنةً بمنافسيها، وبحسب إحصائيات صادرة عن وزارة الصناعة والتجارة اليمنية، تحتل البلاد المرتبة 42 من بين 64 دولة مصدرة للبن على مستوى العالم.
ويؤكد تقرير "اقتصاد القهوة الذي تم تنشيطه يوفر لليمن دفعة قوية وسط الصراع" الصادر عن معهد الشرق الأوسط بواشنطن للباحث جوشوا ليفكوفيتز، أنه وسط الحرب الأهلية المستمرة في البلاد، توفر القهوة لليمن فرصة مربحة.
وأشار التقرير إلى أن الزيادة في طلب المستهلكين على القهوة الممتازة تبشر بالخير لليمن، التي لا تدعي فقط أن لديها أقدم ثقافة شرب القهوة في العالم، ولكن أيضاً بعض أفضل الحبوب في السوق العالمية.
يشير تقرير "الوضع الرهن لاقتصاد السوق في اليمن" الصادر عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية نمو الطلب العالمي على المنتجات اليمنية، أن اليمن لديه فرص تمكنه من زيادة دخل الفرد والتوظيف وتقليل الحاجة إلى مساعدات المانحين.
وأوضح أن خبراء عالميين يشيدون بالنكهات اليمنية الفريدة حبوب البن الأصلية، والعسل اليمني من بين الأغلى في العالم - مشهورة بالنكهة الحلوة والقيمة الطبية.
ولفت تقرير الوكالة الأمريكية إلى أن السوق اليمنية بحاجة إلى الخبرة الإدارية للاستفادة من صادرات منتجات شهيرة مثل العسل اليمني والقهوة والمأكولات البحرية.
ويعمل الشباب بجد لإعادة مكانة البن اليمني في الأسواق العالمية من خلال مشاريعهم التي تُعنى بصناعة البن وتصديره وسط جهود محلية حثيثة وترحيب مجتمعي كبير.
وأعلنت وزارة الزراعة، العام الماضي، عن اعتماد تمويل عشرة مشاتل لإنتاج شتلات البن في محافظتي لحج وأبين بتكلفة استثمارية بلغت 140 مليون ريال، على أن تصل الطاقة الإنتاجية للمشاتل العشرة إلى 400 ألف شتلة.
وأطلقت جمعية بن سنان في بداية 2019، حملة زراعة مليون شجرة بُن حيث سميت بالعودة إلى موكا، واستهدفت زراعة 350 ألف شجرة خلال العامين الماضيين، فيما تستهدف الحملة زراعة 100 ألف شجرة أخرى في عدة مناطق بريف تعز الجنوبي.
وتعد مديريات المواسط والمعافر من أكثر المناطق التي تتميز بزراعة البن، خصوصًا بني حماد، منذُ القدم، حيث كرست جمعية بن سنان أنشطتها لتشجيع المزارعين وتسويق منتجاتهم.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
زراعة القوقعة.. رحلة أمل جديدة تعيد السمع لـ40 طفلا في لبنان
بيروت- في زاوية هادئة داخل غرفة بمستشفى الهمشري في مدينة صيدا تجلس الجدة ممسكة بيد حفيدتها هدى ذات الـ5 سنوات، الصغيرة التي استعادت سمعها للتو بعد عملية زراعة قوقعة ناجحة تلمس يد جدتها بفضول ودهشة فيما الدموع تنساب من عيني الأخيرة بصمت مؤثر.
وتقول الجدة للجزيرة نت بصوت مفعم بالامتنان "ربما بكيت دموعا لا يعلم مقدارها إلا الله، 5 سنوات وأنا أدعو لتحقيق هذا الحلم، والحمد لله تحقق".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل يواجه طفلك صعوبات حادة في فهم الرياضيات؟ إليك الحلlist 2 of 2لماذا يتصرف طفلك في عمر الثالثة كمراهق؟end of listولدت هدى في عزلة صوتية تامة، لم تسمع صوت أمها أو ضحكات إخوتها، فكانت الحياة تسرق منها أبسط ألوانها، طوال تلك السنوات الصعبة كانت الجدة تهمس كل ليلة بأدعية خافتة، على أمل أن يأتي اليوم الذي تُسمع فيه الطفلة الصغيرة أصوات العالم حولها.
وتقول الجدة وعيناها تلمعان بالدموع "كانت لا تسمع شيئا، وكنت أهمس في أذنها كل ليلة بدعاء صغير".
مرت سنوات من الانتظار والصبر حتى جاء اليوم المنتظر الذي غيّر حياة هدى، أجرت العملية التي أعادت إليها صوت الحياة للمرة الأولى، تقول الجدة بلهفة وصدق "لقد أعيدت لها الحياة، السمع ليس تفصيلا صغيرا، بل هو الحياة كلها، لم أتوقع أن يتحقق هذا، شكرا من القلب".
وهي الآن تبتسم هدى لأول مرة لأصوات العالم من حولها، فتبدأ خطواتها الأولى على درب السمع والكلام، في قصة جديدة تُكتب بداية فصولها بفرح وأمل.
لكن هدى لم تكن الوحيدة، فقد استفاد من المشروع الإنساني ذاته 40 طفلا من اللاجئين الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين خضعوا لزراعة القوقعة السمعية، واستكملوا اليوم تركيب الجهاز الخارجي، وجاءت هذه المبادرة من مؤسسة "من حقي أسمع" بالتعاون مع الإغاثة الإسلامية الأميركية وبدعم تقني من شركتي "ميد إل" و"هيرلايف" العالميتين، وتنفيذ طبي من فريق مستشفى الهمشري.
إعلانوفي بيروت، تبدأ قصة أخرى مليئة بالألم والأمل مع الطفل شكري، في عام 2022 كان طفلا سليما يلعب ويمرح إلى أن أصابه التهاب سحايا دماغي حاد قلب حياته وحياة عائلته رأسا على عقب.
يستذكر والده أيام المحنة ويقول "نُقل إلى المستشفى، وتحمّلنا كل المصاريف بأيدينا، لم تكن أياما سهلة، وكل ما كان لدينا هو الأمل".
نجا شكري بأعجوبة، لكن المرض ترك أثرا عميقا، تكلس في أذنيه أفقده القدرة على السمع.
ويضيف والده بصوت مكسور "لم أستطع أن أجري له العملية وقتها بسبب الوضع المادي، كان كل شيء على حسابي".
لكن الأمل عاد من جديد حين تبنت جمعية "من حقي أسمع" حالة شكري وتكفلت بتكاليف الزراعة، أجرينا العملية في الشهر السادس، واليوم نركّب له الجهاز الخارجي "يقول الأب وهو يصف اللحظة التي طال انتظارها".
ويضيف "ابني كان عاجزا عن التعبير عن جوعه أو تعب، واليوم صار يتكلم ويبتسم من قلبه، أشعر أن الحياة عادت له ولنا".
تستمر الرحلة بعد العملية الطبية، حيث يخضع كل طفل لسلسلة فحوصات دقيقة ومعايرة للأجهزة بحسب حالته، يتلقى الأهل إرشادات مكثفة عن كيفية استخدام الجهاز والعناية به، ثم تبدأ مرحلة التأهيل المكثف التي تشمل جلسات نطق فردية بإشراف اختصاصيين لمساعدة الأطفال على استكشاف لغتهم الأولى وتكوين الجمل الأولى، في رحلة شاقة لكنها مفعمة بالأمل نحو الاندماج الكامل في المجتمع.
وتقول اختصاصية السمع والنطق لارا الصالح -التي تتابع الحالات عن كثب- "أتممنا 40 عملية زراعة قوقعة، واليوم بدأنا تشغيل الأجهزة الخارجية للأطفال، في لحظة لا تنسى".
وتضيف للجزيرة نت "كل طفل عبّر عن تجربته مع الصوت الأول بطريقته الخاصة، بعضهم ضحك، وبعضهم بكى، وبعضهم اكتفى بابتسامة خجولة، كانت ردود أفعالهم مرآة لمشاعر دفينة كأنهم وُلدوا من جديد".
وتختم "زراعة القوقعة ليست مجرد إجراء طبي، بل هي ولادة جديدة تبدأ معها حياة يسمع فيها الطفل أصواتا كانت غائبة عن عالمه".
وفي هذا الإطار، يوشك مركز "من حقي أن أسمع" للسمع والنطق على افتتاح أبوابه في الطابق الأول من مستشفى الهمشري بمدينة صيدا بعد تجهيز يستغرق بين شهر إلى شهر ونصف، ليبدأ تقديم خدماته لفئات واسعة من المحتاجين.
وأكد الأستاذ خليل عينا ممثل مؤسسة "من حقي أسمع" في لبنان أن المركز استلم أجهزة متقدمة لفحص الإبر والفحوصات السمعية، مع تجهيز غرفة عزل للأطفال والكبار وفق أعلى المعايير الصحية.
وقال عينا للجزيرة نت "نطمح لأن يصبح هذا المركز مرجعا متخصصا يقدم خدماته لجميع أبناء شعبنا من مختلف الجنسيات والخلفيات، دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس، نريده مساحة مفتوحة تعيد لمن فقدوا السمع حقهم في التواصل والحياة الكريمة".
بدوره، أكد الدكتور محمد ميعاري اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة أن جهودا كبيرة بذلت لإجراء 40 عملية زراعة قوقعة بعد تحضير دقيق وتنسيق مع جمعية الإغاثة الإسلامية الأميركية وشركتي "ميد إل" و"هيرلايف" المصنعة للسماعات.
إعلانوقال "زراعة القوقعة عملية حيوية تمنح الأطفال -ولا سيما الصم منهم- أملا جديدا يمكنهم من الانخراط في المجتمع والقيام بدور فعال فيه".
وأضاف "رغم كونها جراحة كبرى فإن نتائجها تظهر سريعا في غرفة العمليات، حيث يُزرع إلكترود داخل القوقعة لتحفيز العصب السمعي، لنقل الإشارات الكهربائية التي يحللها الدماغ لتصبح صوتا".
وأشار إلى أن وضع الجهاز الخارجي كان لحظة مميزة، مضيفا "سنواصل المتابعة والتدريب على النطق لضمان إيصال الصوت بشكل صحيح".
وختم معبرا عن فخره بفريق العمل، خصوصا الدكتور حسن دياب المحرك الأساسي للعملية، شاكرا شركة تصنيع السماعات ومستشفى الهمشري على تعاونهم المستمر من أجل مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال.