"لستُ من محبّي ترامب، ولكنّه إذا نجح في الوفاء بوعوده لإنهاء الحرب على غزة ولبنان، وأيضا أوكرانيا، مع عدم جعل الأمور أسوأ؛ فإنّني لن أندم على صوتي إليه" هكذا قال بلال، أحد الأمريكيين من أصول يمنية، يقطن بولاية ميشغان، في حديثه لـ"عربي21".

ومنذ اللحظات الأولى من إعلان فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية، عادت للواجهة، كافة وعوده المُرتبطة بإنهاء الحروب؛ فيما تباينت آراء العرب بخصوصها، بين حامل لمشعل الأمل، منتظرا لحظة تنفيذها، وبين من يقول: "نحن عالقون مع ترامب، راغبين ببصيص أمل، رغم معرفتنا المُسبقة بتاريخه المُفعم بالكذب والإجرام والعنصرية".



ترامب - وعد بوقف كل الحروب التي تشارك فيها الولايات المتحدة

"لقد هزمنا داعش
و لم نخوض حروبا
يقولون أنني سأبدأ الحرب
لن أبدأ بأي شيء
سأوقف الحروب” pic.twitter.com/SswGmDHAXY — dr moza tahwara موزه بنت عبيد (@mozatahwarah) November 6, 2024
والثلاثاء الماضي، أعلن المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، عن تحقيقه "فوزا تاريخيا" في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، متغلّبا على منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، بالقول: "حصلنا على الأغلبية بمجلس الشيوخ، وفزنا في الولايات المتأرجحة، وأصبحت الرئيس الـ47 للولايات المتحدة".

يُحاول هذا التقرير تسليط الضوء على "الجدل" الذي حمله فوز ترامب، حول مدى "قُدرته" على تحقيق وعوده بإنهاء الحروب، ونخصّ الحديث عن: غزة ولبنان وأوكرانيا.


ما بين الوعود والواقع.. أي أمل للغزّيين واللبنانيين؟ 


في عدد من التصريحات، خلال حملته الانتخابية، قال ترامب إنه رجل أعمال لا يريد الحروب، بل يريد أن تقوم الولايات المتحدة بأعمال تجارية، وأن تكون لها علاقات جيدة مع الدول الأخرى. وفي خطاب الفوز، قال: "سوف أحكم بشعار بسيط: الوعود التي قدمناها ستكون الوعود التي سوف نفي بها، سوف نبقى ملتزمين بتعهداتنا". 

وبينما أكّد ترامب، دعمه القوي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، دعا في الوقت ذاته، الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء عملياته العسكرية. كما تعهد بإنهاء الحرب في لبنان، وذلك دون أن يقدّم أي تفاصيل إضافية.

إلى ذلك، منذ تفوّه ترامب بوعوده، خلال مناسبات انتخابية عدّة، رصدت "عربي21" جُملة تغريدات، وثّقت مشاعر متباينة، من تخوّف وأمل، لعدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي "إكس" -لكونه أكثر نقاشا فيما هو سياسي-، خاصّة من الفلسطينيين واللبنانيين أنفسهم. جُلّها تفاعلت مع سؤال: هل سوف يعمل دونالد ترامب على إنهاء الحروب القائمة؟. 


pic.twitter.com/F6PilWGU4I يقول ترامب إن إسرائيل بحاجة إلى إنهاء قصف غزة بسرعة أكبر. حزين ان اللوبي الصهيوني ليس قويا بما فيه الكفاية، وحتى تشاك شومر أصبح كأنه فلسطيني. كم ضحالة من المذيع وترامب تجعلك تفكر كيف يحكمون العالم! — Samar D Jarrah (@SamarDJarrah) June 6, 2024 صرح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، متعهدا بترحيل المتظاهرين المؤيدين للحرم الجامعي الفلسطينيين الذين يتظاهرون ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة: "إذا حاولت جلب الجهاد أو معاداة أمريكا أو معاداة السامية إلى حرمنا الجامعي".
pic.twitter.com/MOAovVvXIk — Dr.Sam Youssef Ph.D.,M.Sc.,DPT. (@drhossamsamy65) May 12, 2024 نحن نثق في الله تعالى، وفي إجابته سبحانه لدعوات المكلومين في #غزة وفي #لبنان الذي قتلت #الولايات_المتحدة و #إسرائيل أبناءهم ونساءهم.
نسأل الله تعالى أن يكون فوز #ترامب في #الانتخابات_الامريكية وبالاً على هؤلاء الفجرة وبدايةً لتفكيك دولتهم.
pic.twitter.com/EaztJD7g7b — Mourad Aly د. مراد علي (@mouradaly) November 6, 2024
المتخصص في القانون العام والعلوم السياسية، سيف الدين جرادات، في حديثه لـ"عربي21" قال: "من المبكر الحكم على سياسات ترامب تجاه الحرب على غزة، لكن من المعلوم عن شخصية ترامب أنه رجل صفقات، ولا يسير في مسارات متماسكة، وقد يتّخذ خطوات غير متوقعة في أي من الاتجاهات".

وأضاف جرادات، في حديثه لـ"عربي21" أنه: "من المؤكد أن هزيمة هاريس والديمقراطيين ليست خبرا حزينا على الإطلاق، فإن إدارة بايدن الديمقراطية والغة في دماء أهل غزة، ولو أن هاريس فازت لسارت في نفس الطريق".

وجاء في تقرير، لصحيفة "كونتر بنش" الأمريكية، أنّ: "احتضان أمريكا الحازم لحروب إسرائيل يحمل تكاليف حقيقية من حيث مصالح الولايات المتحدة والاستقرار الإقليمي". 

وتابع التقرير، الذي ترجمته "عربي21" أنه: "يجب على الرئيس المنتخب ترامب إنهاء دعم واشنطن لأجندة نتنياهو، وتخليص نفسه من السياسة الإسرائيلية، والبدء على الفور في فصل نفسه عن هذه الصراعات".


أمّا بخصوص ما يروج بأن عرب أمريكا، قدّموا أصواتهم لترامب أملا في القطع مع سياسة بايدن ونائبته، وهي منافسة ترامب، كامالا هاريس؛ كشف استطلاع حديث، أن أكثر من نصف المسلمين الأميركيين صوتّوا لصالح مرشّحة حزب الخضر، جيل ستاين، وذلك بسبب سياسة الإدارة الأميركية الحالية في قطاع غزة المحاصر.

وأعلن مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية "كير"، وهو أكبر منظمة للدفاع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة، أنه بناء على مقابلات مع 1575 شخصا، فإن 53 في المئة من الناخبين الأميركيين المسلمين الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة، صوتوا لصالح ستاين، فيما حصل ترامب على 21 في المئة، وهاريس على 20 في المئة من الأصوات.

هنا أوكرانيا.. أي أثر لوعود ترامب؟ 
طيلة الحملة الانتخابية، التي توّجها بالفوز، قدّم دونالد ترامب، جُملة وعود، أبرزها أنها سيُنهي الحرب الدموية على الفور، في أوكرانيا، دون حتّى انتظار تنصيبه الثاني، في كانون الثاني/ يناير. 

وعود دونالد ترامب بإنهاء الحرب في أوكرانيا، يضعه الآن أمام الحاجة لاختيار أحد مقترحات مُستشاريه، الموضوعة على الطاولة، الحاملة لفكرة مُشتركة، وهي: تجميد خط المواجهة الحالي، مع تغيير نهج السياسة الأمريكية الحالية للرئيس جو بايدن، والتي كانت تقوم على الدعم غير المحدود لأوكرانيا. 



رغم أن المقربون من ترامب قالوا، بحسب عدد من التقارير، إنه لم يوافق بعد على خطة ملموسة. فيما بيّن مسؤول في فريق ترامب: "لن نرسل رجالا ونساء أميركيين لحفظ السلام في أوكرانيا، ولن نقوم بتمويله. دع البولنديين والألمان والبريطانيين والفرنسيين يتولون المهمة".

وطيلة حملته الانتخابية، انتقد ترامب تصرفات بايدن ضد أوكرانيا، حيث حذّر بالقول: "إنّ هذا يزيد من احتمال نشوب الحرب العالمية الثالثة، وإن كييف خدعت الولايات المتحدة من خلال تلقي أسلحة بقيمة مليارات الدولارات مجانا".

وفي تحليل للصحيفة الأوكرانية، "جزيتا"، فإنه: "بعد الانتخابات في الولايات المتحدة، أطلق الرئيس السابق لأوكرانيا، خمسة خطوط حمراء: لا توجد تنازلات بشأن استقلال أوكرانيا، بالقول إنها: لن تعود إلى مجال نفوذ روسيا".

وتابعت الصحيفة، خلال التحليل الذي ترجمته "عربي21"، نقلا الرئيس السابق لأوكرانيا: "لن تتخلى أوكرانيا أبدا عن الأراضي الخاضعة للسيطرة الروسية؛ ولن توافق الحد من قدرة القوات المسلحة الأوكرانية، لأنها الضامن الأكثر موثوقية وفعالية لاستمرار وجود الدولة الأوكرانية".


وأردفت، وفقا للمتحدث نفسه: "قبل التحرير الكامل لأراضيها، لا يمكن لأوكرانيا التنازل أو رفع العقوبات؛ يجب عليها الانضمام لحلف شمال الأطلسي وإقناع ترامب بأنه: لا يمكن أن يحدث أي بديل آخر لإنهاء الحرب التي يتحدث عنها دون عضوية كييف في الحلف".

وفي حديث لـ"عربي21" قال عدد من المهتمّين بالسياسة الخارجية لأمريكا، إنّ: "وعود ترامب قد تكون سرّ استقطابه لمشاعر المصوّتين عليه، لكنها ليس بالضّرورة قابلة للتنفيذ؛ إذ أن الأمر غير مقتصر فقط على شخص الرئيس الجديد، بل مقرونا أيضا بمن سيختارهم لتولي مهام مستشار الأمن القومي، ووزارتي الدفاع والخارجية، إلى جانب من سيسيطر على الكونغرس بمجلسيه -الشيوخ والنواب-".

هل سيسير ترامب على نهج ولايته الأولى؟
بخصوص تباين الآراء حول تمكّن ترامب من السير مجدّدا نحو البيت الأبيض، رجّح المتخصص في القانون العام والعلوم السياسية، سيف الدين جرادات، أن ذلك: "لا يعني أنه سيكون حمامة سلام".

وأبرز جرادات، في حديثه لـ"عربي21": "قد يتّخذ قرارات في غاية السوء، كما فعل في دورته الأولى في موضوع القدس والجولان، لكنه ولأسباب تخصّ أسلوبه وطموحه الشخصي، سوف يسعى لوقف الحرب وعقد صفقة ما، قد لا تكون صفقة جيدة، وهذا حديث آخر".

إلى ذلك، أعيدت للواجهة، خلال الأسبوع الجاري، جُل ما وُصف بـ"إرث ترامب" خلال ولايته الأولى، أبرزها: 

       - "اتفاقيات إبراهيم التطبيعية" التي كان الغرض منها هو تعزيز موقع دولة الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، ووضع إيران في حالة عزلة سياسية.

         - الإعلان عن "صفقة القرن" حيث اعترفت واشنطن بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" وهو ما تفاداه سابقوه، لمخالفته مقررات الأمم المتحدة.

          -تسامح إدارته بخصوص المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة ولم تعدّها مخالفةً للقانون الدولي.


وفي سياق متصل، كانت إيران قد حذّرت ممّا وصفته بـ"خطر انتشار الحرب في قطاع غزة ولبنان إلى خارج الشرق الأوسط"، إذ دعت الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب إلى: "تغيير سياسة الضغوط القصوى التي اتّبعها خلال ولايته الأولى تجاه طهران".

وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في كلمة بثها التلفزيون الإيراني الرسمي، السبت: "على العالم أن يعلم أن الحرب إذا انتشرت فإن آثارها الضّارة لن تقتصر على منطقة غرب آسيا فقط"، مضيفا: "انعدام الأمن والاستقرار يمكن أن ينتشرا لمناطق أخرى، حتى إلى أماكن بعيدة".


والثلاثاء الماضي، قال ترامب، إنه "لا يسعى إلى إلحاق الضرر بإيران". فيما أوضح عقب الإدلاء بصوته: "شروطي سهلة للغاية؛ لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي، أود منهم أن يكونوا دولة ناجحة للغاية".

وخلال ولايته الأولى، عام 2017، سعى ترامب إلى تطبيق ما عُرف باسم: "إستراتيجية الضغوط القصوى"، وهو ما يعني: فرض عقوبات على إيران، ما أدى لارتفاع التوتر بين الطرفين. وفي عام 2018، سحب ترامب، من جانب واحد من الاتفاق النووي، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية على طهران.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية ترامب غزة لبنان لبنان غزة اوكرانيا الإنتخابات الأمريكية ترامب المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة ولایته الأولى دونالد ترامب فی الولایات فی حدیثه لـ غزة ولبنان pic twitter com

إقرأ أيضاً:

متى تتراجع الولايات المتحدة؟

لم تُعرف الولايات المتحدة يوما بتقديم تنازلات سياسية أو إنسانية طوعية، لا تجاه الشعوب ولا حتى تجاه حلفائها. سياستها الخارجية قائمة على منطق الهيمنة، واستخدام كل أدوات الضغط: الحروب، والحصار، والانقلابات، والقواعد العسكرية، والإعلام، والابتزاز الاقتصادي، والاغتيالات. ومع ذلك، يعلّمنا التاريخ الحديث أن هذا الوحش الجبّار لا يعرف الانحناء إلا إذا كُسرت إحدى أذرعه، ولا يتراجع خطوة إلا إذا أُجبر على التراجع.

من فيتنام إلى العراق، ومن أفغانستان إلى غزة واليمن.. أمريكا لا تفاوض إلا تحت النار، ولا تعترف بالخصم إلا إذا فشلت في سحقه.

في غزة.. قنابل أمريكا لا تنتصر

منذ أكثر من عام ونصف، تشنّ إسرائيل حرب إبادة على قطاع غزة، بدعم مباشر من أمريكا عسكريا وسياسيا. مئات آلاف القنابل أُلقيت على السكان المدنيين، عشرات آلاف الشهداء، وتجويع وتدمير ممنهج، ومع ذلك لم تُحقق إسرائيل أيا من أهدافها العسكرية: لا القضاء على حماس، ولا تحرير الأسرى، ولا إعادة السيطرة على غزة.

صمود المقاومة مستمر، والقدرة القتالية لم تنهَر، بل أُعيد تنظيمها رغم شدة الضربات.

الدعم الأمريكي بلغ ذروته: حاملات طائرات، جسر جوي عسكري، فيتو سياسي، ومع ذلك.. الفشل واضح.

ثم جاءت لحظة الاعتراف: "أمريكا تفاوض حماس!" الصفعة الكبرى لهيبة أمريكا جاءت عندما بدأت واشنطن، عبر مدير "CIA" وغيره من الوسطاء، التفاوض غير المباشر مع حماس نفسها -من كانت تصفها بالإرهاب المطلق- بهدف تحرير أسير أمريكي لدى المقاومة.

هنا انكسر القناع: من تقصفه بالصواريخ وبالفيتو، تجلس إليه لتفاوضه من أجل رهينة أمريكية واحدة! وكأن أرواح آلاف الفلسطينيين لا تهم.

وفي اليمن.. من نار الحرب إلى موائد التفاوض

1- الدعم الأمريكي لحرب اليمن: منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في 2015، دعمت الولايات المتحدة التحالف السعودي- الإماراتي سياسيا وعسكريا ولوجستيا، عبر صفقات سلاح ضخمة، وتزويد الطائرات بالوقود، وتوفير الغطاء الدولي في مجلس الأمن. الحرب أدّت إلى أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث، قُتل فيها عشرات الآلاف من المدنيين، ودُمرت البنية التحتية، وفُرض حصار خانق على الشعب اليمني. ورغم كل هذه الأدوات، لم تستطع أمريكا ولا حلفاؤها القضاء على أنصار الله (الحوثيين) ولا السيطرة على الشمال اليمني. بل على العكس، تطورت قدرات الحوثيين لتصل إلى ضرب العمق السعودي والإماراتي، واستهدفت حتى مواقع استراتيجية في أبو ظبي والرياض.
الحصيلة: القوة المفرطة والنتائج الهزيلة.

2- فشل الاستراتيجية الأمريكية وتحول الموقف: مع تراكم الفشل، والانقسام داخل التحالف، والضغوط الحقوقية والإعلامية العالمية، بدأت أمريكا تغير خطابها، وانتقلت من مربع "دعم الحرب" إلى مربع "الدعوة للسلام"، ومن تصنيف الحوثيين كـ"إرهابيين" إلى التفاوض معهم بشكل غير مباشر. تراجعت واشنطن، ودعمت اتفاقيات الهدنة، وبدأت تروج لخطاب "إنهاء الحرب" حفاظا على ماء وجهها، في وقتٍ لم تحقق فيه أية نتائج استراتيجية تبرر كل هذا الدمار والدماء.

3- التفاوض مع الحوثيين بعد التجاهل والتصنيف: من كانت أمريكا تنكر شرعيتهم وتدعو لعزلهم، باتت ترسل عبر وسطاء من سلطنة عمان رسائل تفاوضية مباشرة، بل وتضغط على السعودية للقبول باتفاقات طويلة المدى معهم، بعد أن فشلت في إخضاعهم بالقوة. هذا التراجع لا يعكس تغيرا في المبادئ، بل هو ترجمة عملية لفشل الخيارات العسكرية، وكأن أمريكا تقول: "نحن لا نتحدث معكم إلا إذا فشلنا في سحقكم"، وهذا ما حدث.

أفغانستان والعراق

في أفغانستان: بعد 20 عاما من الاحتلال، وإنفاق تريليونات الدولارات، انسحبت أمريكا ذليلة من كابل، ووقّعت اتفاقية مع "طالبان"، بعد أن فشلت في إنهائها رغم كل التفوق الجوي والتكنولوجي.

وفي العراق: رغم الاحتلال الشامل، ما زالت أمريكا غير قادرة على فرض إرادتها السياسية كاملة، واضطرت إلى الانسحاب جزئيا، بينما تتعرض قواعدها لضربات متواصلة حتى اليوم.

ما الذي نتوقعه؟

من المقاومة:

- الثبات والتطوير.

- عدم الاستسلام للضغوط الدولية.

- تطوير أدوات المقاومة، إعلاميا وعسكريا.

- فضح التناقض في المواقف الأمريكية أمام العالم.

- استخدام كل انتصار ميداني لفرض وقائع سياسية جديدة.

من الشعوب:

- كسر الوهم الأمريكي.

- فضح الهيمنة الأمريكية بوصفها مصدر الحروب والفقر في منطقتنا.

- دعم قضايا التحرر لا كـ"تضامن إنساني" بل كـ"صراع وجودي".

- الضغط على الحكومات المتواطئة، ورفض كل تطبيع أو اصطفاف مع واشنطن.

ومن الحكومات:

- عدم الثقة بالقاتل.

- من يتخلى عن عملائه في كابل وبغداد لن يدافع عنكم إن حانت لحظة الحقيقة.

- الاعتماد على القوة الذاتية والشراكات العادلة، لا على الوعود الأمريكية.

- دعم المقاومة لا يضعف الأمن، بل يُعزز التوازن ويمنع الانهيار الكلي أمام إسرائيل.

الخلاصة: ما جرى ويجري في فيتنام، والعراق، وأفغانستان، وغزة، واليمن؛ يؤكد نفس المعادلة: أمريكا لا تتراجع إلا إذا عجزت عن التقدم خطوة أخرى. فما تسميه "تفاوضا" هو غالبا نتيجة لهزيمة ميدانية أو مأزق سياسي لا مخرج منه إلا ببوابة من كانت تحاربه، بينما التوسل إلى "عدالة واشنطن" هو وهْم سقط في كل الميادين.

مقالات مشابهة

  • روسيا تهاجم سومي وأوكرانيا تستهدف جسر القرم
  • الرئيس الإيراني: علينا أن نعمل جميعا ليسود السلام الأرض لا الصراع والحروب
  • بايدن أم روبوت | من الذي حكم الولايات المتحدة لأربع سنوات قبل ترامب؟.. نخبرك القصة
  • كيف ستؤثر شبكة العنكبوت على مساري الحرب والتفاوض بين روسيا وأوكرانيا؟
  • مفاوضات مباشرة في إسطنبول.. روسيا وأوكرانيا على الطاولة مجددا
  • الولايات المتحدة تعلق العقوبات الجديدة على إيران
  • ترامب يحذر: إلغاء الرسوم الجمركية يهدد بانهيار اقتصاد الولايات المتحدة
  • ترامب: إلغاء الرسوم الجمركية يعني انهيار اقتصاد الولايات المتحدة
  • حرب 1812.. صراع ناري على الهوية والسيادة بين الولايات المتحدة وبريطانيا
  • متى تتراجع الولايات المتحدة؟