سودانايل:
2025-06-02@06:42:59 GMT

هل كانت ديسمبر نصف ثورة؟

تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT

بعد ست سنوات من تفجر ثورة ديسمبر ثم انتكاس مشروعها، هل يمكننا أن نقول ما قاله زعيم الثورة الصينية (من يقوم بنصف ثورة كمن يحفر قبره بيده) ؟، خاصة وأن الانقلاب العسكري عليها واندلاع الحرب، يمثلان الحصاد المر والسم الزعاف الذي تجرعه الثوار الشجعان، الذين تصدوا لطغيان رصاص الدكتاتور بصدورهم العارية، دون أن يرتعد لهم بدن أو تنهار عزيمتهم، حتى أسقطوا طاغيتين (البشير وبن عوف) في غضون أربعة وعشرين ساعة، في تصميم عنيد وإرادة قوية، ألهمت الثائرين في بلدان الجوار كيفية انتصار القلوب النابضة بحب الأوطان على السلاح، ولقنتهم الحكمة البليغة من ان القاتل الحقيقي هو الصمت عن قول الحق وليس الطلق الناري، هل يعقل أن ثوار وثورة بهذه القيم النبيلة تبيعها نخبة سياسية فاشلة، وثّق لفشلها أحد رموزها في سفر شهير عنوانه (النخبة السودانية وإدمان الفشل)، لقد باع الثورة للعسكر زعيم حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، يوم ان أمسك بيد الجنرال وقدمه للثوار في ساحة الاعتصام أمام بوابة القيادة العامة للقوات المسلحة، فابتلع الثوار الطعم وعلموا لاحقاً أنهم بيعوا بثمن بخس للجنة الأمنية لنظام الطاغية، وأن رجل الأعمال زعيم الحزب المشبوه في علاقاته التجارية مع النظام البائد، قد ارتكب خطيئة الدماء السائلة من فجر يوم مجزرة فض الاعتصام حتى لحظة انسكاب هذا المداد، لقد تحققت النتيجة الحتمية للمعادلة الصريحة التي قدمها الزعيم الصيني – الثورة الناقصة هي الطريق السالك للقبر، فلم تتعظ النخبة من تجارب الفشل السابقة، ولم تتعلم من إخفاقات الأجداد، فتسببت في سفك دماء الأحفاد، فتدفق سيل الدماء المسفوحة من رقاب الشباب وما يزال، وآخر هذه الدماء المسفوكة تمثلت في المجازر المرتكبة بحق عضوية لجان المقاومة في الأحياء، وهم يقدمون الطعام للعجزة والمسنين الذين لم يقدروا على الفرار من جحيم الحرب.


السودانيون حالمون ومنهم العاطفيين، منذ أكتوبر حتى ديسمبر، يحتفون بالأهازيج ويلونون شوارع النصر برايات الفرح الأسطوري احتفاءً بثوراتهم، لكنهم ليسوا بشديدي البأس في إعمال سيف الشرعية الثورية في بتر رؤوس الطغيان، كما هو حال ثوار جميع الثورات، فثوارنا تجدهم يرأفون بمن بطش بهم وسفك دمهم وانتهك عرضهم واغتصب ارضهم، فعلى الرغم من الظلم والعدوان المؤكد للمنظومة البائدة والفاجرة، إلّا أنهم لم يتركوا ثورتهم تكتمل بالخلاص من الطغاة، كما تخلص الشعب الروماني من الدكتاتور شاوسسكو وقرينته، ولأول مرة تعتمد ثورة (وطنية) على المؤسسات القضائية والعدلية لذات الحكومة الفاسدة التي أسقطتها، في محاكمة نفس الرموز الحكوميين الفاسدين والمجرمين، الذين وضعوا القوانين والنظم لتلك المؤسسات، لقد تعاملت الحكومة الانتقالية التي جاءت بها ثورة ديسمبر بلامبالاة سافرة، لا تتناسب وحجم التضحيات التي قدمها الثائرون، فعقدت جلسات محاكمات لرموز النظام البائد في حلقات درامية مسجلة، من داخل قاعة المحكمة التي هي الأقرب في هيئتها لمحاكم مسرحيات عادل إمام الكوميدية، فكثيرون من أبناء الشعب تعرضوا للاعتقال والتعذيب داخل بيوت الأشباح، التي أسسها المتهمون الماثلون أمام المحكمة المهزلة، التي يدخل لبهوها هؤلاء المتهمون الكبار بكامل زيهم (الوطني) الناصع البياض، يتضاحكون ويصدرون النكتة من كبيرهم الذي اعتاد على فعل ذلك، حينما كان حراً طليقاً، قبل أن يلج الفندق ذا الخمس أنجم (السجن)، كانت سلسلة محاكمات رموز فساد الحكم الاخواني بمثابة المسلسل اليومي المخصص لإمتاع المشاهدين، حقيقة كانت ديسمبر نصف ثورة وربما ربعها، لأنها امسكت بالعصا من منتصفها، ولم تجرؤ على إعمال سيف الشرعية الثورية المفرق بين الحق والباطل، لذلك انتقم فلول النظام البائد من المدنيين عامة في الحرب التي اشتعلت نسبة لتراخي حكومة الثورة.
الحرب أرّخت لاندلاع ثورة مسلحة حقيقية في الخامس عشر من ابريل قبل عام ونصف، حين حاول فلول النظام البائد العودة بكامل عدتهم وعتادهم للاستيلاء على الحكم، بمحاولتهم اليائسة والفاشلة في إزاحة القوة العسكرية الوحيدة التي تضامنت مع مشروع التغيير الذي أعلنته ديسمبر، وفي ظل الانقسام الذي أحدثته الحرب بين المكونات الاجتماعية والسياسية، لن يجد ثوار ديسمبر بد من الانخراط في صفوف هذه القوات العسكرية الرافضة لعودة الحرس القديم، حتى يستأصلوا الوجود الكارثي لكادر النظام البائد، القوات العسكرية المحاربة بكل ضراوة لكتائب البراء بن مالك الداعشية المختطفة للجيش، القوات العسكرية الداعمة لاتفاق الإطار الذي أدى لتفجر الحرب بسبب تعنت قادة الجيش المخطوف، الرافضين لإبعاد المؤسسات العسكرية عن الشأن المدني، فلكي يحقق الديسمبريون أهداف ثورة ديسمبر – الحرية والسلام والعدالة – لا مفر لهم من أن يضعوا يدهم على يد القوات الوطنية التي تحارب الفلول الآن، الرافعة لشعار الديمقراطية والحكم المدني، فالنصف الآخر للقمر لا يكتمل إلّا باكتمال تضافر الجهود، والاصطفاف مع ثوار ابريل، الرافعين لشعار ثنائية النصر والشهادة، ولتمام النصف الآخر لبدر الثورة من الضروري العلم، بالجهة الضامنة لاستشراف قيم الحرية بعد انقضاء أجل الحرب، وهي القوات المؤمنة بالسلام والعدالة الاجتماعية.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: النظام البائد

إقرأ أيضاً:

وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود “إماراتية”

رئيس حــــركة العـــــدل والمســــــاواة وزيـر الماليــة د. جبـــريل إبراهيـــــم لـ”الكرامـــــــــة” (2 _ 2)
وجود “محاباة” فى مخصصات القوات المشتركة اتهام غير صحيح
الحــــركة غير قوميـــــة في نظر هــــــــــؤلاء (….)
نؤجل صـــرف مستحقــــــــات الحــركات لهذا الســـــــبب (….)
مدخلات الطاقة الشمسيـــة معفاة من الجمارك والضرائب..
(….) هذه هي أسباب تأخر عودة الخدمات بالولايات المستردة..
المُسيّـــــــــــــرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود “إماراتيــــــة”..
مدخلات الطاقة الشمسيـــة معفاة من الجمارك والضرائب..
رغم الحرب.. أداء الاقتصاد القومي بتحسن مستمر..
حوار : محمـــد جمال قنــــدول- الكرامة
قال رئيس حركة العدل والمساواة وزير المالية د. جبــريل إبراهيـــــم إنّ الاقتصاد القومي في تحسن، وذلك رغم التحديات الاستثنائية التي فرضتها الحرب.
وأضاف إبراهيــــــم في الجزء الثاني من حواره مع (الكــــــرامة) قائلًا : إنّ عودة الحكومة الاتحادية إلى العاصمة تتم بصورة تدريجية وقد باشرت بعض الوزارات عملها من العاصمة قبل أكثر من شهر والبقية في الطريق.
د. جبريل قدم إفاداتٍ قويةٍ في محاور متعددة خلال الجزء الثاني، حيث تحدث عن الاقتصاد، وعودة الحكومة للعاصمة، ودور دويلة الشر في حرب السودان والكثير.
الحركة ما زالت متهمة بأنها غير قومية، ما مصير قوات الحركة بعد الحرب؟
الحركة غير قومية في عيون أعدائها لأنهم لا يريدون لها أن تكون كذلك. ولكن الحركة قومية بأدبياتها وتنظيمها وينتمي أعضاؤها وشهداؤها إلى كل أركان السودان، وشاركت قواتها في حرب “الكرامة” في كل محاورها دون تمييز. إذن.. ما الذي يجعلها غير قومية؟!
ماذا عن الأداء المالي خلال نصف العام؟
رغم التحديات الاستثنائية التي فرضتها الحرب إلّا أنّ أداء الاقتصاد القومي في تحسن نسبي مستمر، استقر سعر الصرف لفترة ليست بالقصيرة وتراجع معدل التضخم إلى 142 بعد أن تجاوز 25% وعدنا إلى صرف المرتبات الاتحادية بنسبة 100% ووفقنا إلى زيادة الإيرادات بنسبة جعلتنا نفي بمعظم التزاماتنا تجاه الخدمات العامة، بجانب دعم المجهود الحربي ومقابلة نفقات الاستجابة الإنسانية.
حدث هذا بعد فضل الله بالزيادة الكبيرة في الإنتاج الزراعي في الموسمين السابقين والزيادة المعتبرة في إنتاج الذهب، ولا ننسى فضل السودانيين في المهاجر الذين دعموا اقتصاد بلادهم بالإنفاق السخي على أسرهم الممتدة وجيرانهم ومعارفهم الذين أجبروا على النزوح أو اللجوء. اقتصادنا قوي في أساسياته وسينطلق بسرعة كبيرة بعد نهاية الحرب وعودة الاستقرار بإذن الله.
هنالك حديث عن مخصصات القوات المشتركة، واتهام لوزير المالية بالمحاباة في هذا الجانب. هل تحصلت الحركة على ميزات إضافية باستغلال وجودكم وزيـــــــرًا للماليـــــــة؟
الإجابة قطعـــــــــــًا لا، على مال الدولة ضوابط للصرف من حاول تجاوزها وقع في المحظور ولو بعد حين.
موظف صغير في ديوان المراجعة الداخلية يستطيع إيقاف صرف مبلغ صدق به أي وزير إن كان ذلك التصديق خارجـــــــًا عن أُطر الصرف وضوابطه.
يستطيع وزير المالية صرف مستحقات حركات الكفاح المسلح الواردة في اتفاقية السلام إن توفرت الموارد ولكننا نؤجل صرفها باستمرار لضيق ذات اليد، أيضـــــًا عليه الإنفاق على المجهود الحربي للقوات المشتركة في حدود ما يصدق به القائد العام للقوات المسلحة.
عدا ذلك لا يستطيع ولا ينبغي للوزير صرف جنيه واحد لحركته، وإن كان لأحد على غير ما ذهبنا إليه فليأت به.
ذكرت من قبل تصنيف الإمارات كدولة عدوان أنّ المُسيّرات المسلحة تنطلق منها، هل هذا بناءً على معلومات؟
كل الأدلة الدامغة تشير إلى أن الإمارات هي التي تزود الميليشيا بكل العتاد الحربي ومن ضمنها المُسيّرات، ليس ذلك فقط فالجهة التي باعت المُسيّرات للإمارات أكدت أن المُسيّرات التي أسقطتها القوات المسلحة السودانية ضمن المسيرات التي باعتها للإمارات.
ليس ذلك فحسب، ولكن الدول التي باعت عينة الدانات التي تستخدم في هذه المُسيّرات أيضاً أكدت أنها باعتها للإمارات. وفوق ذلك المُسيّرات البعيدة المدى التي تستخدم لضرب محولات الكهرباء ومستودعات الوقود موجهة بأقمار صناعية لا تملكها الميليشيا. علاوة على ذلك، أكدت جهات استخبارية كثيرة أن غرفة تحكم المُسيّرات الاستراتيجية كائنة في أبوظبي، وأن المُسيّرات التي قصفت بورتسودان انطلقت من ميناء “بوصاصو” في الصومال الذي تتحكم فيه الإمارات. إذن، دور الإمارات في الحرب الخبيثة الدائرة ضد السودان بما فيها حرب المُسيّرات أكبر من أن يخفى أو يبرر لها.
ماذا قدمت الحكومة لمبادرات إدخال الطاقة الشمسيـــــــة كبديل للكهرباء، وما هي سياسة الدولة المتوقعة في ظل إقبــــال الإفــــراد والشركات على هذا المجال، البعض يطالب باعتماد الطاقة الشمسية ضمن السلع الاستراتيجية؟
الحكومة مع التحول إلى الطاقات البديلة النظيفة وفي مقدمتها الطاقة الشمسية. وترتيبـــــــًا على ذلك، تبذل الحكومة ممثلة في وزارة الطاقة جهــــــــودًا حثيثة لإدخال الطاقة الشمسيـــــــة ضمن مصادر الطاقة عندنا في البلاد، كما قررت الحكومة إعفاء مدخلات الطاقة الشمسيــــــة المستوردة من القطاع الخاص من رسوم الجمارك والضرائب وهي تفضل الذين يسعون لتصنيع هذه المدخلات محليـــــــًا، كما تحتاط من أن يجعل البعض السودان مكبـــــــــًا لنفايات الطاقة الشمسيــــــة، ولذلك تقوم الهيئة العامة للمواصفــــــات والمقـــــــــاييس بدورها كاملًا في التأكد من أنّ المعدات المستوردة مستوفية للشروط والمواصفــــــات العالميـــــة المطلــــــوبة.
هل من بشريات تطمئن الشعب السوداني فيما يخص الخدمات الأســــــــاسية.. ومتى تنتقل الوزارة للعمل في الخرطوم؟
تبذل حكومات الولايات التي تمت استعادتها من سيطرة الميليشيا لإعادة خدمات المياه والكهرباء وإعادة تشغيل المستشفيات وفتح المدارس، بجانب توفير معاش العائدين من النزوح واللجوء قدر المستطاع. وتقوم وزارة المالية بدعم الولايات لتوفير هذه الخدمات الأساسية، وقد أخرت هجمات الميليشيا بالمُسيّرات على محطات الكهرباء والمستشفيات ومستودعات الوقود عودة هذه الخدمات بالسرعة المطلوبة. ولكن العمل فيها يسير على قــــــــدمٍ وســـــــاق. من ناحيةٍ أخرى، تسعى الحكومة الاتحادية إلى العودة إلى العاصمة بصورة تدريجية وقد باشرت بعض الوزارات عملها من العاصمة قبل أكثر من شهر والبقية في الطريق. عودة مطار الخرطوم للعمل ضرورة لعودة كل الحكومة والهيئات الدبلوماسية والمنظمات الدولية للعمل من الخرطوم، والعمل فيه يسير وفق جدول زمني متفق عليه.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • لماذا الرعب من ثورة النسوان؟
  • وحدت اليمنيين وسلطت الضوء على الأوضاع الراهنة.. ثورة النساء في اليمن الدلالات والرسائل (تحليل)
  • وزير الداخلية التركي: أكثر من 250 ألف سوري عادوا إلى بلادهم منذ سقوط النظام البائد وآلاف آخرون يستعدون للعودة
  • الباب المقفول
  • ⛔ لاحظ التعابير التي استخدمها فيصل محمد صالح في هذا اللقاء
  • العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟
  • وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود “إماراتية”
  • ثورة التكنولوجيا.. ذكاء اصطناعي يكشف النووي وهاتف تكنو ومتصفح أوبرا يذهلان العالم
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة: إلى العاملين في الجيش والقوات المسلحة، إن التزامكم بلوائح السلوك والانضباط -التي ستصدر بعد قليل- يعكس الصورة المشرقة التي نسعى لرسمها في جيش سوريا، بعدما شوّهه النظام البائد وجعله أداةً لقتل الشعب السوري، فيما نعم