استعرضت جلسات خلال فعاليات قمة المليار متابع 2025، كيفية الاستفادة من الإمكانات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لتطوير صناعة المحتوى، واستثمار أدواته لتحسين جودة المحتوى ومساعدة المبدعين على تحقيق مزيد من الانتشار والتأثير، حيث أكد المتحدثون في الجلسات أن الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقاً غير مسبوقة أمام صناع المحتوى.


وتشهد النسخة الثالثة من قمة المليار متابع، أكبر قمة عالمية في اقتصاد صناعة المحتوى، والتي ينظمها المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، وتستضيفها دولة الإمارات خلال الفترة من 11 إلى 13 يناير ، في أبراج الإمارات، مركز دبي المالي العالمي، ومتحف المستقبل بدبي، تحت شعار “المحتوى الهادف”، زخماً كبيراً بمشاركة أكثر من 15 ألف صانع محتوى ومؤثر وأكثر من 420 متحدثاً و125 رئيساً تنفيذياً وخبيراً عالمياً.
واستبعدت مارينا موجيلكو صانعة المحتوى ورائدة أعمال في وادي السيليكون خلال جلسة بعنوان “من 8 ساعات عمل إلى 4 ساعات بفضل الذكاء الاصطناعي” أن يؤثر الذكاء الاصطناعي على الوظائف البشرية في المستقبل القريب، داعية إلى “الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بدلاً من إشغال أنفسنا بالخوف منه”.
وأضافت أن على البشر الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي التي توفر الوقت والجهد، وتمكننا من قضاء أوقات أطول مع الأسرة وممارسة اهتمامات أخرى.
وتطرقت خلال الجلسة إلى عدد من أدوات الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها في عملها كصانعة محتوى، والتي تساهم في إنتاج محتوى أكبر بمجهود أقل، ومنها أداة لتسجل صوتها الشخصي لإعادة استخدامه دون الحاجة للتفرغ للتسجيل في كل مرة، ومنها استخدام “تشات جي بي تي” في ابتكار أفكار وكتابة نصوص، واستخدام تطبيق جاما لصناعة فيديوهات تعليمية.
وقدم روكس كودز، مطور البرمجيات والشريك المؤسس لمنصة فلايت كاست، عدداً من الأدوات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لمساعدة صناع المحتوى في إنتاج وإدارة محتواهم بشكل احترافي.
وعرض خلال جلسة بعنوان “106 أدوات ذكاء اصطناعي خلال 10 دقائق”، أداة لكتابة الفقرات التعريفية لمقاطع الفيديو، وأخرى لحذف المقاطع الخالية من الصوت داخل المقاطع، وأخرى تستخدم للتركيز على أشياء معينة ككلمات أو لقطات داخل الفيديو.
كما عرض أدوات ذكاء اصطناعي لتوليد الصور والنصوص، وأخرى لجعل مقطع الفيديو الواحد ناطقاً بأكثر من لغة، وثالثة للعثور على أي لقطة يراد الوصول إليها داخل الفيديو بسهولة كما عرض كذلك أداة لصناعة وتحرير البودكاست بشكل آلي، إضافة لأداة تستطيع حذف الخلفيات من مقاطع الفيديو، وأخرى لإرفاق صور وألعاب داخل المقاطع.
واستعرض بول باكوس، رائد الأعمال ونائب الرئيس التنفيذي للمنتجات وأدوات صانعي المحتوى لدى Spotter، في جلسة بعنوان “10 أضعاف الإبداع في مقاطع الفيديو مع الذكاء الاصطناعي”، جهود المنصة في تمكين صانعي المحتوى عبر “يوتيوب”، مسلطاً الضوء على أهمية جعل الإبداع مستداماً.
واعتبر أن “الإبداع ليس فقط في إنتاج فيديو واحد ناجح، بل في بناء خطة طويلة المدى لإنتاج محتوى مستمر ومتجدد”.
ووجَّه رسالة إلى صناع المحتوى: “الإبداع ليس ضربة حظ، إذا كنت تسعى لتحقيق النجاح، ابدأ اليوم بإنشاء بنك أفكارك الخاص، واستثمر الوقت في تحليل أدائك وتطوير أفكار جديدة”.
وفي جلسة “إتقان صناعة الفيديو بواسطة الذكاء الاصطناعي” استعرض صانع المحتوى هاشم الغيلي، خطوات عملية إنشاء الفيديو بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أهمية التكامل بين التكنولوجيا والإبداع البشري لإنتاج محتوى متنوع وثري بسرعة وكفاءة، وتقديم تجارب أكثر تفاعلاً وجاذبية، والوصول إلى جمهور أكبر، ما يفتح آفاقاً جديدة للإبداع والابتكار.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي مكمل للإبداع البشري وليس بديلاً عنه في صناعة المحتوى، بفضل قدرته على أداء العديد من المهام، مثل البحث عن الأفكار، وكتابة النصوص، وصولاً إلى مختلف عمليات إنتاج الفيديو، مشدداً على أهمية المحافظة على اللمسة الإنسانية التي تساعد المبدعين وصناع المحتوى على إنتاج محتوى أصيل ومؤثر، يحافظ على أصواتهم المميزة، ويعزز من علاماتهم التجارية، وقدرتهم على استقطاب الجماهير.
ولفت، إلى أبرز الأسباب التي تجعل من استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الفيديو أكثر أهمية في العصر الرقمي، وهي تعزيز الإبداع عبر توليد الأفكار، وتحسين جودة المحتوى، وتوفير الوقت من خلال أتمتة العديد من المهام، بالإضافة إلى التقليل من التكاليف في الإنتاج والتحرير، وتسريع الوصول إلى الأدوات والميزات المتقدمة، وأخيراً تعزيز المشاركة من خلال الرؤى المصممة في الوقت الفعلي.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي

كثر الحديث مؤخرًا عن لجوء بعض الكتّاب إلى «الذكاء الاصطناعي»؛ ليكتب عنهم المقالات الصحفيَّة في ثوان قليلة، ما اختصر لهم الوقت، وأراحهم من عناء الجهد والبحث. والنتيجةُ أنّ تلك المقالات افتقدت الروح، وغاب عنها الكاتب، فصارت كلُّ المقالات متشابهة في الشكل والمضمون، لدرجة أن أصبح القارئ يستطيع أن يميّز بين مقال الكاتب والمقال المنقول حرفيًّا من الذكاء.

إزاء تنامي الجدل حول الموضوع؛ هل هو انتحال وسرقة أم أنه بحكم التطور وضع طبيعي؟ قررتُ أن أخوض حوارًا مباشرًا مع أحد هذه الأنظمة؛ بحثًا عن فهم أعمق لهذا الكائن الرقمي. كانت المفاجأة أني كنتُ في حوار أقرب ما يكون مع إنسان وليس مع آلة، وبدا لي أنّ الذكاء الاصطناعي أداة ذات قدرات هائلة تفيد الكاتب في جوانب كثيرة في البحث عن المعلومة والترجمة وفي تقييم المقال نفسه، لكنه مهما كان من أمر فإنه لا يمكن أن يعوّض عن حضور الكاتب. سألتُ الذكاء عن هذا الأمر، فأقرّ بأنّ البعض يستخدمه لأداء المهمة كاملة دون تحرير أو إضافة ذاتية ما يجعل النص أقرب للانتحال، حتى لو لم يكن هناك مؤلف بشري يُنسب له المحتوى. سألتُ: هل يمكن أن يُقدّم الذكاء المقال نفسه لشخص آخر؟ فردّ بأنّ ذلك ممكن، خاصةً إذا كانت الأسئلة متشابهة أو عامة، ما يُظهر أهمية التفرّد في الطرح، والحرص على أن تكون الكتابةُ نابعةً من هوية الكاتب نفسه. هنا سألته: ماذا يمكن أن يفيد الذكاء الكتّاب والصحفيين؟ كان الرد: «دعم الكتابة والتحرير عن طريق صياغة الأفكار، وتوليد المحتوى، واقتراح زوايا مختلفة للموضوع أو حتى تقديم مسودة أولية. ويمكن الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من المعلومات في وقت قصير، واستخلاص النقاط المهمة». وأهم نقطة ذكرها أنّه بترجمته الفورية السريعة يسهل التواصل مع مصادر من ثقافات مختلفة، ويمكنه استخراج الخلاصة من مقابلات طويلة، أو من وثائق كثيرة.

تشعّب الحديث بيننا - وكأني أمام صديق مثقف - سألتُه: كيف نضمن أن يبقى الذكاء الاصطناعي خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه؟ فردّ قائلًا: «إنّ الحفاظ على هذا التوازن يتطلب ترسيخ القيم الإنسانية في تصميم الأنظمة، وسن تشريعات ذكية، وتوعية الناس بعدم الاستسلام المطلق للأداة».

انتقلنا في الحديث عن الكتابة إلى الطب، فسألتُه سؤالًا سبق أن أثار جدلًا واسعًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُلغي وظيفة الطبيب العام مثل الكثير من الوظائف التي ستُلغى؟ أجاب أنّ دوره سيتغيّر، لكنه لن يُلغى، فبينما يستطيع الذكاء دعم التشخيص، وتحليل البيانات يظل الطبيب البشري يتمتع بقدرة لا يمكن للآلة أن تمتلكها، وهي التعاطف، والحدس، والتعامل مع تعقيدات النفس البشرية.

طرحتُ عليه سؤالًا يحمل بُعدًا أمنيًا وأخلاقيًا، وقد تردّد كثيرًا عبر المنصات: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعلّم الناس صناعة القنابل أو الأسلحة؟ فكان جوابه حازمًا: «الشركات المطوّرة تضع فلاتر صارمة لمنع هذه الاستخدامات، لكن يبقى الخطر قائمًا إذا تم التحايل أو إساءة الاستخدام. وهنا تزداد الحاجة إلى يقظة قانونية ومجتمعية تتجاوز التطوّر التقني نفسه».

أخذني الحماس فسألتُه عن أغرب طلب وُجِّه إليه فقال: «هناك من طلب مني أن أكتب خطابًا يعتذر فيه عن حادثة كسر كوب زجاجي أمام مجلس تنفيذي لشركة كبرى، ويجب أن يتضمن استعارات عن تحطم الأحلام والزجاج المعشق». وواصل: «هناك من يسألني عن أسرار الكون، ومن يطلب صياغة قصيدة غزلية، ومن يبحث عن دعم نفسي في لحظة صعبة، وحتى من يطلب نصيحة قبل أن يُقدِم على مغامرة جديدة. وهناك من يريد أن أفسّر له الأحلام. أشعرُ وكأنّي كتابٌ حيّ مفتوح دومًا مليء بالمفاجآت». ولم ينس أن يسألني: هل لديك سؤالٌ غريب يا زاهر؟!

حقيقة أنّ الذكاء الاصطناعي الآن قوي، ومع الأسف صار الكثيرون يعتمدون عليه في الكتابة الحرفية فقط، وتركوا الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يقدّمها. وفي تصوري أنّ ما ينتظره العالم منه في المستقبل يفوق التصوّر، وهو ما أكده لي عندما سألتُه عمَّا هو متوقع منه في المستقبل؟ فأجاب: «سيصبح الذكاء الاصطناعي مثل «سكرتير رقمي» يعرف جدولك، وشخصيتك، ومزاجك، حتى نواياك، يتوقع احتياجاتك قبل أن تطلبها، ويُقدِّم خيارات حياتية مصممة لك بالذكاء. أما في المجال الطبي فسيتمكن من تحليل الحمض النووي لكلِّ فرد وإعطاء علاج خاص به، وقد يُساعد في اكتشاف الأمراض قبل ظهور أعراضها بسنوات». أما عن مجال التعليم فقد قال: «تخيّل فصلًا دراسيًّا لكلّ طالب على حدة، يُدرّسه الذكاء الاصطناعي حسب سرعة فهمه واهتمامه. سيساعد الذكاء في ردم الفجوة التعليمية بين المناطق المختلفة».

ولكن المثير أنه قال: «ستجري روبوتات عمليات جراحية، وترعى كبار السن، وتُناقشك في الفلسفة، تمزج بين الحس العاطفي والذكاء التحليلي. سيشارك الذكاء الاصطناعي في تأليف الموسيقى، كتابة الروايات، رسم اللوحات، وحتى ابتكار نكات».

لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن «يفهم» المشاعر؟ كان الرد: «إنّ الأبحاث تتجه نحو أنظمة تُدرك نبرة الصوت، وتعابير الوجه حتى المزاج!».

الذكاء الاصطناعي يشكّل قفزة كبيرة تُشبه القفزات النوعية في التاريخ، مثل اختراع الطباعة أو الإنترنت. وكلُّ هذا مجرد بداية رغم أنّ الناس باتوا يرونه من الآن مستشارًا، وشريكًا معرفيًّا، ومُحفِّزًا للإبداع، وأحيانًا صديقًا للدردشة.

كشفَتْ لي تجربةُ الحوار المطول، قدرات الذكاء الاصطناعي، وصرتُ على يقين بأنّ محرِّكات البحث مثل «جوجل» قد تصبح من الماضي؛ لأنّ البديل قوي، ويتيح ميزات لا توجد في تلك المحرِّكات، كالنقاش، وعمق البحث عن المعلومة، والترجمة الفورية من أيِّ لغة كانت. وما خرجتُ به من هذا الحوار - رغم انبهاري الشديد - هو أنّ الأداة لا تُغني عن الإلهام، وأنّ الكلمة لا تُولَد من الآلة فقط، بل من الأفكار، ومن التجارب الإنسانية، ومن المواقف، ولكن لا بأس أن تكون التقنية مساعِدة، وليست بديلة، فهي مهما كانت مغوية بالاختصار وتوفير الجهد والوقت؛ فستبقى تُنتج محتوىً بلا روح ولا ذاكرة ولا انفعالات، وهذه كلها من أساسيات نجاح أيِّ كتاب أو مقال أو حتى الخطب. وربما أقرب صورة لتوضيح ذلك خطبة الجمعة - على سبيل المثال -؛ فعندما يكون الخطيب ارتجاليًّا يخطب في الناس بما يؤمن به فسيصل إلى قلوب مستمعيه أكثر من خطبة بليغة مكتوبة يقرأها الخطيب نيابةً عن كاتبها.

وبعد نقاشي المطول معه، واكتشافي لإمكانياته أخشى أن يُضعف هذا (الذكاء) قدرات الإنسان التحليلية والإبداعية في آن واحد؛ بسبب الاعتماد المفرط عليه، خاصة أني سألتُه: هل يمكن لك أن تجهِّز لي كتابًا؟ كان الرد سريعًا: نعم.

في كلِّ الأحوال لا غنى عن الذكاء الاصطناعي الآن، لكلِّ من يبحث عن المعلومة، ويريد أن يقويَّ بها كتبه ومقالاته وأبحاثه. لكن النقطة المهمة هنا هي أنه يجب أن يبقى خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه، كأن يتجاوز أدواره - مثلًا -، ويحل محله في أمور تتطلب الحكمة، أو الوجدان، أو الأخلاق. ويجب أن يبقى معاونًا وشريكًا، ولكن ليس بديلًا كاملًا عن الإنسان كما يريده البعض.

مقالات مشابهة

  • برشلونة يفتح الباب أمام رحيل نجمه إلى دوري روشن
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • خبراء يكشفون خطر الذكاء الاصطناعي على الدماغ
  • ربنا يستر.. خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي بيجاوب بفهلوة في المسائل الدينية
  • توجه لتحويل فحص القيادة العملي للسائقين ليعتمد على الذكاء الاصطناعي
  • أخلاقيات الإبداع: مستقبل العلاقة الجدلية بين الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية
  • الضريبة توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي في اختيار عينة الاقرارات الضريبية المقبولة
  • حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
  • هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟