لبنان يحتاج "العون" لإنهاء الشلل السياسي وإصلاح أحواله المتردية
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نجح لبنان أخيرا في اختيار رئيس جديد للجمهورية يوم 9 يناير. وانتخب مجلس النواب العماد جوزيف عون، قائد القوات المسلحة اللبنانية، رئيسا على جولتين، مما أدى إلى تأمين الأغلبية المطلقة من الأصوات. وأنهت هذه الانتخابات فراغ السلطة الذي طال أمده وأصاب المشهد السياسي اللبناني بالشلل منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر 2022.
لقد كافحت الأحزاب السياسية خلال أكثر من سنتين من أجل التوصل إلى توافق في الآراء بشأن خليفة الرئيس السابق ميشال عون، في ظل نظام التمثيل الطائفي في لبنان، حيث يجب أن يكون مسيحيا مارونيا، وقد فشلت 13 جلسة نيابية من قبل في انتخاب رئيس لبناني. لكن هذه المرة، لعبت الظروف المحلية والإقليمية الجديدة مثل سقوط بشار الأسد في سوريا وإضعاف حزب الله وجاهزية القوى الدولية لإعادة ترتيب المنطقة بعدما آلت إليه من ضعف وهشاشة، إلى التوصل لتسوية تسمح بانتخاب رئيس جديد.
وخلال السنوات الأخيرة، كان جوزيف عون المرشح الأبرز للرئاسة في لبنان. وبصفته قائدا للقوات المسلحة مدة ثماني سنوات فهو يتمتع بدعم محلي ودولي. لكن قد يتساءل البعض عن الأسباب التي منعت انتخاب عون سابقا، وجعلت لبنان ينتظر طويلا مع شلل تام في البلاد بينما تحقق المأمول الآن.
إن مسار اختيار الرئيس مسألة معقدة في لبنان، وتتطلب توازنا صعبا بين الإجماع الداخلي والخارجي، حيث يحتاج المرشح حتى يصل إلى قصر بعبدا أن يجتاز ثلاث مراحل من المفاوضات. أولا، من الضروري إجراء مفاوضات بين المسيحيين؛ وبما أن الرئاسة مخصصة تقليديا لمسيحي ماروني، فمن غير المعقول انتخاب رئيس دون دعم أحد الأحزاب المسيحية الرئيسية، التي تعتبر الرئاسة أعلى تمثيل سياسي لها. ثانيا، هناك حاجة إلى إجماع لبناني أوسع نطاقا، يشمل الفصائل السياسية والطائفية الرئيسية لضمان التوازن الطائفي. ثالثا، تعد المواءمة الدولية أمرا بالغ الأهمية، لأن رئاسة لبنان تخضع لموافقة الجهات الإقليمية والدولية المتداخلة في لبنان ولديها مصالح تسعى لتعزيزها وعدم التفريط فيها. ولهذا السبب، يظل الشرط الأساسي هو الإجماع الذي كان السبيل إلى تحقيقه هو إضعاف حزب الله وسقوط نظام الأسد في سوريا لوقف دعمه لحزب الله، وتأثيره مع إيران، في الديناميكيات السياسية اللبنانية.
وسيواجه الرئيس الجديد عدة تحديات رئيسية، في مقدمتها تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، ودفع الانتعاش المالي والاقتصادي، وإدارة العلاقات مع النظام الجديد في سوريا، إضافة إلى قضية حزب الله وسلاحه وما تحيط بها من ضغوط في المطالبة داخلياً وخارجياً بالتصدي لترسانته، وبالتالي تصفية "المقاومة" اللبنانية في وجه الاحتلال الإسرائيلي.
ومن ضمن التحديات أيضا اختيار أعضاء البرلمان رئيسا جديدا للوزراء وتصويتهم لتشكيل الحكومة. وسيمارس الرئيس نفوذه على السلطة التنفيذية من خلال التعيينات الوزارية، والترشيحات السياسية، وطبعا السياسة الخارجية. وفيما يتعلق بمسألة القرار 1701، سيعمل الرئيس على ضمان تنفيذ لبنان المنظم لأحكام القرار، لا سيما تحت إشراف الولايات المتحدة وهدفها الرئيسي المعروف في وقف أي تهديد محتمل للدولة العبرية من الجانب اللبناني. وبالتوازي مع ذلك، سيكون على الرئيس القيام بدور فعال في تأمين الدعم المالي لإعادة إعمار المناطق التي دمرها القصف الإسرائيلي ومن غير المرجح أن تتأخر جهود إعادة الإعمار وكذلك الإصلاحات الضرورية للتعافي الاقتصادي هذه المرة، كما كان الحال في الحكومات السابقة، حيث إن المانحين الغربيين لن يماطلوا في تقديم التمويلات طالما حققوا أهم أهدافهم وهو إعادة لبنان لصفهم بدون مخالب "حزب الله".
ومن جهة أخرى، سيكون الرئيس مطالبا من أحزاب الداخل وقوى الخارج بإحياء الاستراتيجية الدفاعية، وهو مشروع كان قد بدأ في صياغته الرئيس قبل الماضي ميشال سليمان- وهو أيضا كان قائدا للجيش قبل توليه الرئاسة-وحاول التركيز على تعزيز أركان الجيش الوطني واستعادة احتكار الدولة لاستخدام القوة وتقليص عقود من النفوذ الإيراني والسوري.
وأخيرا، يشكل صعود نظام إسلامي جديد في سوريا تحديا جيوسياسيا كبيرا. وسيحتاج الرئيس إلى التعامل بعناية مع هذه الديناميكية المتطورة لحماية أمن لبنان ومصالحه الوطنية وضمان سلامة أراضيه واستقراره من التهديدات. وبينما سيكون التركيز المباشر للرئيس الجديد على حدود لبنان الجنوبية مع الكيان الإسرائيلي، فإن مصالح لبنان الاستراتيجية تكمن شرقاً أيضاً في علاقات البلاد مع سوريا، وهي علاقات سادها لعقود الصراع والتدخل السياسي بما في ذلك الاغتيالات. فهل يتمكن الرئيس جوزيف عون من بناء علاقات قوامها تبادل المنفعة والتكامل الاقتصادي والسيادة مع إيجاد حلول للقضايا العاجلة مثل وضع اللاجئين السوريين في لبنان ومصير المفقودين وترسيم الحدود؟.
كل ذلك سيتوقف في الأيام المقبلة على الحكام الجدد في دمشق ومدى حرصهم على طي الصفحة القديمة والتعامل مع القضايا بشكل مسئول بما يخدم مصالح البلدين، كما سيتوقف بالمثل على إنهاء التنافس بين القوى الإقليمية والدولية التي طالما استخدمت لبنان كساحة بالوكالة للتنافسات الجيوسياسية وسياسة العصا والجزرة من خلال الطوائف حيث اعتبر كل طرف دولي نفسه راعياً رسمياً لطائفة معينة وزعيمها، بينما اعتبرت الطائفة وزعيمها موسم الانتخابات وتأمين الأصوات لمرشح مفضل مثل موسم "اليانصيب" لتحقيق المصالح وجني المكاسب!.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حزب الله الحكام الجدد في دمشق فی لبنان فی سوریا حزب الله
إقرأ أيضاً:
مفوض العون الإنساني في السودان تطلق انتقادات واتهامات خطيرة لمنظمات ووكالات الأمم المتحدة
بورتسودان – متابعات تاق برس- اتهمت مفوضية العون الإنساني في السودان، منظمات ووكالات الأمم المتحدة ، بالفشل في إيصال المساعدات إلى مدن الفاشر وكادقلي والدلنح المحاصرة في مقابل إيصالها لمدينة الفولة الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع.
وتساءلت مفوضة العون الإنساني في الحكومة السودانية سلوى آدم بنية خلال تنوير صحفي في بورتسودان، الثلاثاء، بحضور ممثلي المنظمات ووكالات الأمم المتحدة، عن الأسباب التي تحول دون إيصال المساعدات التي تدخل عن طريق معبر أدري بين السودان وتشاد، إلى الفاشر وطويلة بولاية شمال دارفور.
وأضافت “المنظمات تمكنت من إيصال المساعدات الإنسانية إلى مدينة الفولة بولاية غرب كردفان، فلماذا لم تتمكن من إدخالها إلى الفاشر وطويلة حيث يوجد عشرات الآلاف من النازحين المحاصرين؟”.
وأشارت إلى أن المنظمات لم تتمكن أيضا من إدخال الإغاثة إلى مدينتي كادقلي والدلنج المحاصرتين من قبل قوات الدعم السريع وقوات الحركة الشعبية – شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو.
وتابعت المفوضة قائلة “إن على المنظمات إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تحاصرها قوات الدعم السريع وقوات الحركة الشعبية – شمال في شمال دارفور وجنوب كردفان”.
وانتقدت مفوضة العون الإنساني منظمات ووكالات الأمم المتحدة، لكون أنها لم تستغل كل المعابر الـ12 التي سمحت الحكومة السودانية بفتحها لإدخال المساعدات الإنسانية.
وأشارت سلوى آدم بنية إلى أن الحكومة لديها الآن مساعدات إنسانية جاهزة عبارة عن ذرة وترغب في أن تعمل المنظمات لإيصالها إلى الدلنج بجنوب كردفان.
وقالت ان أعداد النازحين بفعل انتهاكات قوات الدعم السريع على المدن والقرى وصل إلى 1,301,645 شخص بينهم 21,145 في ولاية غرب كردفان و 110 ألف بولاية الخرطوم.
ونبهت إلى أن تلك الارقام ليست نهائية لإستمرار حركة النزوح .
وقال مستشار مجلس السيادة الانتقالي السوداني للشئون الإنسانية الفريق الصادق اسماعيل،
فى ذات التنوير الصحفي، إن الرؤية الاستراتيجية للسودان تستند الى تقديم المساعدات دون تمييز عرقي أو ديني أو قبلي أو سياسي .
واوضح ان القوانيين السودانية تسهل عمل المنظمات الإنسانية كما أن قيادة الدولة لديها توجيهات واضحة تجاه إيصال المساعدات للمتضررين كافة.
من جانبها اشارت مفوض العون الإنساني سلوي آدم بنيه أن الحكومة السودانية فتحت” 12″ معبر بحري وجوي وبري، لمرور المساعدات الإنسانية لكافة المناطق المتضررة ، واكدت أن المعابر كافية إلا أن المنظمات لم تستغلها في إيصال المساعدات إلى الفاشر.
و نوهت الى ان عمليات اصدار تاشيرات الدخول وتصاريح المرور، تتم بصورة سلسة بمايزيد عن 400 تصريح في اليوم .
واكد مدير إدارة السلام والشؤون الإنسانية بالخارجية السفير كمال بشير، إلتزام الحكومة بتسهيل وصول المساعدات عبر الآليات المختلفة، وقال إن الانتهاكات والمجازر المروعة التي ارتكبتها ما اسماها المليشيا في مختلف الولايات تضع المنظمات أمام مسؤلية التفاعل وإدانة تلك الانتهاكات وتصنف ما اسماها المليشيا “منظمة إرهابية”.
واكد انحسار الانتهاكات في مناطق وجود القوات المسلحة .
واشار إلى ضعف الاستجابة الإنسانية مع تنامي طلبات الدخول وتخفيض الصرف على المشروعات وطالب المنظمات بدعم العودة الطوعية.