الكوادر الطبية رسالة تضحية وعدالة القضاء
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..
في يوم القضاء العراقي، الذي يجسد رسالة العدالة وحماية الحقوق، نستذكر الدور المحوري لهذه المؤسسة العريقة في تعزيز الاستقرار وصون كرامة الإنسان. ومن بين القضايا التي حملها القضاء على عاتقه، حماية الكوادر الطبية، هؤلاء الجنود المجهولين الذين يحملون أرواحهم على يمثل الطبيب العراقي نموذجًا للإيثار والعطاء، يجابه الصعاب بإرادة صلبة ويتحدى التحديات بروح لا تعرف الانكسار.
ورغم هذا الدور الجليل، تواجه الكوادر الطبية بعض التحديات، منها الاعتداءات اللفظية والجسدية في بعض الأحيان. هذه التحديات تمثل انتهاكًا للأطباء فقط وتعكس خللًا في التقدير الواجب تجاههم.
القضاء العراقي، الحارس الأمين على أمن المجتمع وحقوقه، اتخذ خطوات جادة للتصدي لهذه الانتهاكات. مجلس القضاء الأعلى أصدر يوم أمس تعميمًا أكّد فيه على محاكم التحقيق تشديد الإجراءات القانونية بحق من يعتدي على كوادر المؤسسات الصحية وتخريب أثاثها وأجهزتها الطبية، مع أهمية تضمينهم قيمة الأثاث والأجهزة والبنايات التي تم تخريبها. هذا القرار سيساهم بشكل قاطع في الحفاظ على سلامة الكوادر الطبية ودورها الحيوي في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين.
إلى جانب القضاء، تلعب وزارة الداخلية دورًا محوريًا في تعزيز الحماية الميدانية. إنشاء مراكز شرطة داخل المستشفيات الكبرى وتكثيف التواجد الأمني في المؤسسات الصحية تمثل إجراءات تعكس حرصًا حقيقيًا على صون الأرواح وحماية الكوادر الطبية. اعتقال المعتدين وإحالتهم إلى القضاء يبرهن على جدية هذه الجهود، ويؤكد تكامل الأدوار بين المؤسسات الأمنية والقضائية.
لكن حماية الأطباء ليست مسؤولية الدولة وحدها. المجتمع شريك رئيسي في هذه المهمة من خلال تبني ثقافة تقدر هذه الفئة التي تبذل الغالي والنفيس لأجل صحة الناس. الأخطاء الطبية، شأنها شأن أي مهنة إنسانية، ليست مشكلة عراقية، بل تحدث حتى في أكثر الدول تقدمًا. التعامل مع هذه الأخطاء ينبغي أن يتم وفق القانون وبروح من التفاهم والإيمان بأن الموت قدر مكتوب، وليس نتيجة إهمال أو قصد مسبق.
وفي هذا الإطار، تبرز نماذج مضيئة للطبيب العراقي، تحمل الفكر الإنساني وروح التضحية في أسمى صورها. الدكتور محمد طاهر الموسوي، الطبيب العراقي الذي عاد من لندن ليكون شاهدًا في غزة على مشهد الإنسانية، جسّد بقصته أروع معاني الإيثار. ترك خلفه حياة مريحة وفرصًا وافرة ليقف في قلب المعاناة، مُكرّسًا مهاراته وخبرته لخدمة الضحايا والمحتاجين. هذا النموذج يجسد صورة مشرقة لشباب العراق الذين يحملون راية الإنسانية ويفتخرون بخدمة الوطن والإنسانية جمعاء، مما يمنح الأمل في قدرة الكفاءات العراقية على تحقيق الفرق أينما وُجدت.
دعم الكوادر الطبية يتطلب أيضًا دعوة الأطباء المغتربين، الذين أثبتوا كفاءتهم في المحافل الدولية، للعودة إلى الوطن والمساهمة في إعادة بناء القطاع الصحي. البيئة تتحسن، والقضاء والداخلية يبذلان جهودًا واضحة في تعزيز الأمن الوظيفي، لكن اكتمال الصورة يعتمد على تكاتف أبناء الوطن في الداخل والخارج.
حماية الكوادر الطبية ليست مجرد واجب قانوني، بل مسؤولية وطنية وأخلاقية تعبّر عن احترامنا للعلم والعمل الإنساني. القضاء ووزارة الداخلية والأجهزة الأمنية يمثلون ركائز أساسية في تعزيز الاستقرار وحماية العاملين في القطاع الصحي، لكن رهان النجاح يبقى على وعي المجتمع وإدراكه لأهمية هذه القضية. الحفاظ على كرامة الطبيب يعني الحفاظ على حاضر الوطن ومستقبله.
اللواء الدكتور
سعد معن الموسوي
رئيس خلية الإعلام الأمني
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الکوادر الطبیة فی تعزیز
إقرأ أيضاً:
إسرائيل: إحدى الجثامين ليست لنا
صراحة نيوز- تمكن طاقم معهد الطب العدلي الاسرائيلي، من التعرّف على جثامين ثلاثة من المحتجزين الإسرائيليين الأربعة الذين سلّمتهم حركة حماس لإسرائيل من خلال اللجنة الدولية للصليب الأحمر ليل الثلاثاء – الأربعاء، وسط شكوك تحوم حول هوية الجثة الرابعة. وأشارت وسائل إعلام عبرية صباح اليوم الأربعاء، منها القناة 12 وموقع واينت، إلى وجود احتمال بألا تكون الجثة الرابعة لإسرائيلي، في وقت أعلن فيه منتدى عائلات المحتجزين الإسرائيليين، أنّ إحدى الجثث التي تم استلامها من غزة تعود لجندي قُتل جراء قصف إسرائيلي.
ويشار إلى أنّ الجثث الأربع أعيدت ليل أمس بعد ضغط كبير مارسته إسرائيل على حركة حماس، وتهديد بإغلاق معبر رفح أمام دخول المساعدات الإنسانية، ومنع الغزيين من الخروج، وإجراءات أخرى. ومن المتوقّع أن تسلّم حركة حماس، إسرائيل، اليوم، المزيد من الجثث، بعد أن سلمتها في اليومين الماضيين ثماني جثث من أصل 28. وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي، قد قال، أمس الثلاثاء، إنّ جثامين أربعة محتجزين سلّمتها حركة حماس إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قطاع غزة نُقلت إلى إسرائيل. وقال الجيش في بيان: “عبرت أربعة توابيت لرهائن موتى… الحدود إلى دولة إسرائيل قبل وقت قصير”، مؤكداً أن الجثامين ستخضع لفحوصات المعهد الوطني للطب الشرعي لتحديد هويات أصحابها.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد كتب في منشور على منصته “تروث سوشال”، أمس الثلاثاء، “جميع الرهائن (المحتجزين) العشرين في غزة عادوا وهم في حالة جيدة”، مضيفاً أنه “تم رفع عبء كبير، ولكن المهمة لم تنتهِ بعد”. وقال إنّ “حماس لم تسلّم بعد كل الجثامين لباقي الرهائن كما وعدت. المرحلة الثانية تبدأ الآن”. وخلال استقباله رئيس الأرجنتين خافيير ميلي، سأل أحد الصحافيين ترمب عن مدى التزام حماس بدورها في الصفقة، فردّ الرئيس الأميركي قائلاً: “سنرى”.
يذكر أنه في الصفقة السابقة، تسلّمت دولة الاحتلال في فبراير/ شباط الماضي، جثة، تبين أنها ليست إسرائيلية، ويبدو أنه تم تسليمها عن طريق الخطأ بسبب الظروف الميدانية في قطاع غزة. وهاجم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حركة حماس في حينه، مؤكداً أن إسرائيل تسلّمت جثمان امرأة فلسطينية من غزة بدلاً من جثة المحتجزة الإسرائيلية شيري بيباس. وزعم نتنياهو في بيانه “لم يكتفوا باختطاف الأب يردن بيباس، والأم الشابة شيري، وطفليهما الصغيرين. بل بشكل ساخر لا يمكن وصفه، لم يعيدوا شيري إلى جانب أطفالها الصغار، الملائكة الصغار، ووضعوا في التابوت جثة امرأة غزاوية. سنعمل بعزم لإعادة شيري إلى المنزل مع جميع مختطفينا، الأحياء والأموات على حد سواء، وسنضمن أن تدفع حماس الثمن الكامل على هذا الانتهاك القاسي والشرير للاتفاق”. وتم بعد ذلك، تسليم الجثة الصحيحة.
وفي إشارة الى صعوبة تحديد الجثث في بعض الأحيان، حتى بأساليب علمية متقدّمة، صرّح الطبيب حين كوغل، مدير المعهد الإسرائيلي للطب الشرعي، في ذات الفترة، بأنّ فحص ظروف الوفاة “جزء لا يقل أهمية عن تحديد الهوية”. ومع ذلك، أشار في حينه، إلى أن الإجراء من المتوقع أن يستغرق بعض الوقت. وتابع كوغل: “سنبذل قصارى جهدنا، وهذا ليس ممكناً دائماً، وخاصة مع رفات تصل بعد فترة طويلة من الوفاة، وفي كل الأحوال سنبذل قصارى جهدنا لتعرف العائلات ما حدث لأحبائها. ويجب أن نأخذ في الاعتبار أنه في بعض الأحيان لا يكون هذا ممكناً بسبب حالة الأدلة”.