نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للصحفية نسرين مالك تناول ضحايا الحرب في الأطفال والموقف العالمي من قتل آلاف الأطفال وقطع أطرف غيرهم فضلا عن النازحين.

وقالت الكاتبة، إن الفلسطينيين في غزة بدأوا، خلال الأسبوع الماضي، يعودون إلى منازلهم، التي تحولت الآن إلى أنقاض في الغالب - وإلى موتاهم الذين ما زالوا يرقدون تحتها.

والآن فقط سنبدأ في الحصول على صورة أكثر اكتمالا للخسائر الحقيقية لهذه الحرب، والآن فقط يمكن لأي نوع من الحزن أو الحداد أن يبدأ، وهي العملية التي حُرم منها الفلسطينيون جسديا وعاطفيا طوال الأشهر الخمسة عشر الماضية. وبمجرد أن تتضح الحصيلة النهائية، فمن المحتمل أن يتبين عدد هائل من القتلى من الأطفال.

وتشير المؤشرات بالفعل إلى أن الأطفال هم الذين شكلوا الأغلبية من الضحايا. وقد أكد تحليل الأمم المتحدة للوفيات التي تم التحقق منها خلال فترة خمسة أشهر أن 44% من القتلى كانوا من الأطفال. إن الأطفال الذين قتلوا في غزة كانوا في أغلب الأحيان في سن الخامسة إلى التاسعة؛ و80% منهم قتلوا في منازلهم.

وأضافت، "أود أن يتوقف القارئ هنا للحظة، على الأقل أثناء قراءة هذا المقال، وليسمح لهذه الإحصائيات بأن تتحول إلى مآسي. ففي كثير من الأحيان، كانت الخسائر الفردية خلال هذه الحرب تندرج في إطار صراع أوسع نطاقا حول ما إذا كانت أعداد القتلى صحيحة، وما إذا كانت مبررة وحتى ضرورية".

وتابعت، "الآن، يعمل وقف إطلاق النار على تحويل أنظارنا بعيدا عن الموت إلى تحليل ما يمكن وما ينبغي أن يأتي بعد ذلك. وهذا أمر لابد من القيام به، بطبيعة الحال. فما زال الملايين في غزة بعيدين بأي حال من الأحوال عن الخطر المميت، ومستقبلهم غير مؤكد وهم في حاجة إلى الحماية الآن، ولكن في هذا، هناك خطر التقليل من شأن ما حدث أو غسله. وما حدث هو أن الآلاف من الأبرياء ماتوا، ومن بينهم الآلاف من الأطفال".

وأشارت الكاتبة إلى أن الرعب ليس فقط أنهم ماتوا. بل كيف ماتوا. في أقصى درجات الرعب. لقد مات الكثيرون في منازلهم، على الأرض المهتزة، وسط ضجيج القنابل وانفجاراتها، ثم تم سحقهم أو خنقهم، ليتم انتشالهم وقد غطاهم الغبار الرمادي، أو تم تجميعهم في أكياس بلاستيكية. ومات آخرون في أقصى درجات الألم، حيث أدى نقص التخدير والإمدادات الطبية إلى استسلام البعض للإصابة دون أي راحة. ومات آخرون بعد بتر أطرافهم دون جرعة واحدة من مسكنات الألم.

وبينت نسرين مالك، أن آلاف اللحظات من الذعر والألم التي تؤدي إلى وفاة شبه مؤكدة. ولم يشهد معظم هذه اللحظات الأخيرة أي شخص عاش ليحكي القصة، ولم يتم الإبلاغ عنها، ولكن في حالة القليلين، مثل هند رجب البالغة من العمر خمس سنوات، هناك لمحة مؤلمة عن نوع الرعب الذي عانوه. لقد قُتلت بين أقاربها القتلى، بمفردها بعد أن توسلت إلى خدمات الطوارئ عبر الهاتف لإنقاذها. وانقطع الخط بعد أصوات إطلاق النار.

وأٍدفت، "لم نر أو نسمع سوى قصص عدد ضئيل من هؤلاء الأطفال: الأطفال الذين عُثر عليهم متحللين في العناية المركزة، والأطفال الذين تجمدوا حتى الموت، والأطفال الذين رقدوا موتى على طاولات المشارح، وقد كتب آباؤهم أسماءهم بالحبر الأسود على أجسادهم حتى يمكن التعرف عليهم. وكل وفاة من هذه الوفيات تشكل مأساة فريدة من نوعها: طفل حرم من مستقبله، ومن فرصة اكتشاف هويته، ومعرفة العالم، وأن يكون إنسانا. والآن ضاعف هذا بالآلاف".



وأكدت أن ما حدث لأطفال غزة يخفي وراءه أقصى أشكال الإهانة والتمييز التي يعاني منها كل الفلسطينيين. فلا يوجد إنسان أكثر براءة من طفل، وموته هو الدليل القاطع على الظلم الذي يفرضه هذا العدوان، وكيف تم شنه، وقبوله، ودعمه. ولا يوجد إنسان أكثر ارتباطا بالإنسان من طفل، خالٍ من السياسة، والمسؤولية، وفهم العالم الذي لا يمثل بالنسبة له سوى ملعب.

ولفتت، إلى أنه "لا يوجد إنسان يتمتع بالحماية على نحو أكثر اندفاعا من طفل. ولهذا السبب فإن معاناة الأطفال على بعد آلاف الأميال تؤثر فينا إلى هذا الحد حتى عندما لا نعرفهم؛ ففيهم نرى الأطفال في حياتنا، متشابهين في شقاوتهم ونشاطهم وفرديتهم المزدهرة".

واستدركت، "إننا عندما ننسحب إلى المنطق ـ أن الحرب جحيم، وأن المسؤولية تقع على عاتق حماس في إشعال فتيل الحرب، وأن الأضرار الجانبية حتمية ـ فإننا نفشل في استيعاب ما حدث لأطفال غزة بقدر متناسب من الحزن، وتصبح غرائزنا مشوهة".

وقالت كاتبة المقال، إن هذا التبلد في المشاعر قد يكون أمرا خطيرا فهو يخاطر بالامتداد إلى هؤلاء الأطفال الذين نجوا، والأطفال اليتامى الذين يبلغ عددهم نحو أربعين ألف طفل، والآلاف من مبتوري الأطراف، ومئات الآلاف من النازحين الذين دمرت مدارسهم، والدمار النفسي الكامل الذي عانى منه كل الأطفال الذين عاشوا الحرب".

وتابعت، "حتى لو كان وقف إطلاق النار يبشر بنهاية الحرب، فلا شك أن الجيل الأصغر سنا في غزة سوف يتعثر إلى مستقبل مظلم إذا لم يتمكن العالم من إيجاد تعاطفه، وإذا لم يتم حشد المساعدات والدعم الحاسمين".

وأوضحت نسرين مالك، "في نداء إلى مجلس الأمن الأسبوع الماضي، قدم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية هذه الحجة لصالح المشوهين والأيتام والنازحين والمصابين بصدمات نفسية".

وقال توم فليتشر: "إن أطفال غزة ليسوا مجرد أضرار جانبية. إنهم يستحقون مثل الأطفال في كل مكان الأمن والتعليم والأمل. إنهم يخبروننا بأن العالم لم يقف معهم طوال هذه الحرب. ويجب أن نقف معهم الآن".

ولفتت، إلى أن "أولئك الذين ماتوا ما زالوا يتمتعون بحقوق ـ فهم يستحقون الحداد، وهو الشيء الذي حُرم منه كل من قُتلوا. ولم يُمنح الكثير منهم حتى الاحترام اللازم لدفنهم بشكل لائق. وما زال عشرون ألف طفل في عداد المفقودين، وما زالوا تحت الأنقاض أو مدفونين في مقابر جماعية".



ومع محو الكثير من البنية الأساسية في غزة وتعليق الحياة الطبيعية بسبب الحرب، تراكمت وفياتهم وانتقلت إلى حالة من الغياب من الإحصائيات. ولم تُقام لأغلبيتهم جنازات، ولا صلوات، ولا لحظات صمت، ولا احتفال بحياتهم، وروحهم، وشخصياتهم، كل منهم فريد بحد ذاته، وفق الكاتبة.

إنهم يتجمعون في عمود من الأسماء على قائمة، بأعداد عالية للغاية، دون تفاصيل أو تأبين، بحيث يوحي ذلك بطريقة أو بأخرى بأن قتل الأطفال في غياب الهوية وعدم الاعتراف به هو ناتج صناعي ثانوي، ولكن الأمر ليس كذلك. لقد كان من الممكن تجنب ذلك، ولم يكن ضروريا، ولم يُسمح به إلا لأن حياة الفلسطينيين ككل أصبحت رخيصة بسبب منطق الحق المطلق لإسرائيل في الدفاع عن نفسها بأي وسيلة إجرامية تحبها. ولأن العالم لم يقف معهم بحسب المقال.

وختمت قائلة، إن كل الجهود المتضافرة التي بذلت لتقليل قيمة حياة أولئك الذين ماتوا لا تجعل من ذلك حقيقة واقعة. وقبل أن نندفع إلى المرحلة التالية من كارثة غزة، يتعين علينا أن نتوقف أمامهم، وأمام أنفسنا، أيا كانت توجهاتنا السياسية، ونفتح أنفسنا لاستيعاب حياة الأطفال التي انتُزِعَت منهم. وداعا لأطفال غزة. لقد أحبكم الناس، وتذكركم الناس، ولم تستحقوا ما أصابكم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة العدوان غزة الاحتلال الاطفال العدوان مجازر الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأطفال الذین لأطفال غزة فی غزة إلى أن ما حدث

إقرأ أيضاً:

من هم المشاهير الذين اعتقلتهم السعودية بسبب تأجيج الرأي العام؟ (شاهد)

أعلنت الهيئة العامة لتنظيم الإعلام في السعودية عن إحالة ستة أشخاص إلى النيابة العامة للتحقيق معهم، بعد رصد نشرهم محتويات إعلامية "ممنهجة" عبر منصات التواصل الاجتماعي تهدف إلى تأجيج الرأي العام وإثارة الفوضى، بحسب بيان رسمي.

وأضافت الهيئة في بيانها أن هؤلاء الأشخاص - لم تسمّهم - ارتكبوا فعلا "مجرمّا ومعاقبا عليه وفقا للفقرة 1 من المادة 6 من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية".

وتنص المادة على: "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات وبغرامة لا تزيد على 3 ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص يرتكب جريمة إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية".

ووفقا لحسابات سعودية، فإنه تم التعرف على ثلاثة من المشاهير الستة الذين جرى إيقافهم، ويواجهون عقوبة السجن التي قد تصل إلى خمس سنوات. والمشاهير الثلاثة هم فلاح المسردي، وفهد الرويس، وسلطان العطوي.

وربط ناشطون بين اعتقال المشاهير، وبين حملة مقاطعة الشركات المملوكة لعائلة الراجحي، بعد الجدل الذي أثاره يزيد الراجحي، بدفاعه عن وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أحمد الراجحي، على خلفية قضية قطع رواتب مستفيدين من الضمان الاجتماعي.

وظهر سلطان العطوي وهو محامي ومشهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي في فيديو يدافع فيه عن حملة مقاطعة شركات الراجحي، ومعتبرا ذلك حرية لا تخالف القانون.

فيما تحدث الرويس والمسردي عن قضايا متعلقة، ورفض أحدهم طلبا من هيئة الإعلام بحذف فيديو نشره في قناته عبر "تيك توك".

بيان |
الهيئة العامة لـ #تنظيم_الإعلام تحيل 6 أشخاص للنيابة العامة @ppgovsa، لنشرهم محتوى يستهدف تأجيج الرأي العام، وجرى إيقافهم واستكمال الإجراءات النظامية بحقهم، تمهيدًا لإحالتهم للمحكمة المختصة. pic.twitter.com/im0ikCcyZi

— الهيئة العامة لتنظيم الإعلام (@Gmedia_SA) November 27, 2025

• فلاح المسردي: "دولتنا تعطي الخارج مليارات عاجزة تعطينا"! (تحريض على سياسة الدولة الخارجية)

• فهد الرويس: "مب تجي تتهمني وتستقصدني"! (تحريض وتشكيك في عمل جهة حكومية)

• سلطان العطوي: "الإنسان يمارس حقه في مقاطعة ما شاء وقت ما شاء"! (تحريض على الشركات عمود الاقتصاد السعودي)… https://t.co/xjmb0iZc4L pic.twitter.com/RXJH2fQdfh

— ترنب ???? (@TRNP_0) November 29, 2025

تداولت أنباء عن اعتقال #فلاح_المسردي والمحامي #سلطان_العطوي و #فهد_الرويس وثلاثة آخرين على خلفية التعبير عن آرائهم حول حملة #مقاطعة_براندات_الراجحي ودعمهم للمتضررين من قطع الضمان الاجتماعي. pic.twitter.com/Wn0lL5vYCc

— القسط لحقوق الإنسان (@ALQST_ORG) November 29, 2025

الأشخاص الستة في بيان #تنظيم_الإعلام اللي تم احالتهم إلى النيابة العامة :

فلاح المسردي
فهد الرويس
سلطان العطوي

بسبب التحريض على حملات مقاطعة و تجييش الرأي العام ???????? pic.twitter.com/LemrouNpRG

— مجلعد (@MOGL3D) November 28, 2025

إلقاء القبض على 6 سعوديين وإحالتهم إلى النيابة العامة على خلفية قضية يزيد الراجحي، عرف منهم فلاح المسردي، وفهد الرويس، وسلطان العطوي.

أبلغت هيئة تنظيم الإعلام عن التحقيق معهم وإحالتهم للمحكمة، إثر مطالبات متجدّدة بإقالة وزير الموارد البشرية بعد تعثر برامج الدعم الحكومي. pic.twitter.com/o5G8B9bugO

— غرفة الأخبار (@NewsroomAR) November 29, 2025

????نصائح من بيان #هيئة_تنظيم_الإعلام اللي صدر أمس:

لاتخسر 5 سنوات من عمرك واقرأ نظام مكافحة #جرائم_المعلوماتيه جيدا

????أبعد عن الهاشتاقات المشبوهة
????عندك شكوى قدمها للجهة المختصة بشكل مباشر لأن منصات التواصل ماهي مكان لتقديم الشكوى
????ابتعد عن المساحات الصوتية المشبوهه
????لاتوجه… pic.twitter.com/Png2qUN5xq

— صوت الـجزيرة (@soutaljazeera) November 29, 2025

هذا الثاني تم احالته للنيابة وهو محامي وتكلم ايضا بدون اي اساءة وأكد ان المقاطعة حق مشروع لكل شخص ????????????

التهمة: الاخلال بالأمن المجتمعي???????????? https://t.co/Erl2XVCY8C

— Mr. Mark (@Malclom20) November 28, 2025

مقالات مشابهة

  • وداعا للتجسس على بياناتك.. الذكاء الاصطناعي يدخل عصر السرية
  • التعليم بالسودان.. مدارس دمرت ونهبت وتلاميذ تحرمهم الحرب من الدراسة
  • إليكم عدد الصحافيين الذين يرافقون البابا في الطائرة المتوجهة إلى لبنان
  • الاتحاد الأوروبي: جنوب أوروبا معرض لخطر الحرب الهجينة التي تشنها روسيا
  • من هم المشاهير الذين اعتقلتهم السعودية بسبب تأجيج الرأي العام؟ (شاهد)
  • حرب غزة التي لم تنته
  • وداعاً لمناطق الإيواء.. المنيا تستعد لتسليم 184 وحدة سكنية للأهالي وتُضاعف جهودها بـ 528 وحدة إضافية
  • وزير الصحة يستقبل كاتبة الدولة لجمهورية تشاد
  • وداعاً للكاميرات الاحترافية.. Vivo X300 جيل جديد يعيد رسم حدود التصوير الليلي والبورتريه
  • منير البرش يكشف عدد المرضى الذين ماتوا في غزة بسبب إغلاق المعابر