بوابة الوفد:
2025-06-02@11:22:51 GMT

أغلبية الوفد ونكتة يحيى باشا!

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

أول انتخابات شهدتها مصر جرت يوم 12 يناير 1924 لانتخاب مجلس النواب، جاءت هذه الانتخابات التى خاضتها أربعة أحزاب سياسية وهى الوفد والأحرار الدستوريين والحزب الوطنى، تتويجًا لكفاح الشعب المصرى، وصدور دستور 1923، وأسفرت عن مفاجأتين: سقوط رئيس الوزراء يحيى باشا إبراهيم، وحصول حزب الوفد على الأغلبية من مقاعد مجلس النواب بواقع 195 مقعدًا.

جرت هذه الانتخابات فى أجواء تاريخية بعد ثورة 1919 فى ظل دستور 1923، وهو أول دستور يتم تفعيله فى تاريخ مصر الحديث، وينص على إقامة حياة نيابية فى مصر يشارك فيها الشعب المصرى حكم البلاد من خلال مجلس نيابى يختار الشعب أعضاءه ويقوم الحزب الذى يحظى بأغلبية الأعضاء بتشكيل الحكومة.

كان البرلمان يتكون من مجلس النواب 264 عضوًا بطريق الانتخاب العام، ومجلس الشيوخ يتكون من 147 عضوًا منهم 28 عضوًا بالتعيين والباقى بالانتخاب. وتم افتتاح البرلمان فى 15 مارس 1924، والقى سعد زغلول خطاب العرض نيابة عن الملك.

شكل سعد زغلول الوزارة برئاسته، فكان أول مصرى من أصول ريفية يتولى هذا المنصب وسميت وزارته بوزارة الشعب.

فى هذه الانتخابات فشل وزير الداخلية ورئيس الوزراء فى نفس الوقت يحيى باشا إبراهيم حيث رسب أمام مرشح حزب الوفد فى دائرته التى ترشح فيها وهى دائرة منيا القمح بمحافظة الشرقية وذلك دليل على نزاهة الانتخابات، وحصد حزب الوفد بزعامة سعد زغلول على أغلبية كاسحة من مقاعد البرلمان بنسبة 90٪، والنسبة الباقية حصل عليها حزب الأحرار الدستوريين الذى كان بزعامة عدلى باشا يكن، وبإجراء تلك الانتخابات بدأت الحياة البرلمانية فى مصر، وقدم يحيى باشا إبراهيم استقالة وزارته إلى الملك فؤاد.

وفى تلك الفترة الحرجة من تاريخ مصر زادت حدة المنافسة بين الأغلبية التى يتزعمها سعد باشا زغلول الذى لم ينفصل عن الشعب رغم صعوده بقوة إلى أعلى طبقات المجتمع المصرى، وكان يتمتع بكاريزما عظيمة مكنته من قيادة الجماهير.

وفى الحقيقة كانت انتخابات 1924 هى الأولى فى كل شىء، فهى الأولى بالدستور، وهى الأولى فى المفاجآت، وهى الأولى فى النزاهة، كذلك كانت الأولى فى نسبة الحضور حيث تجاوز الحضور الجماهيرى بنسبة 85٪.

تولى يحيى باشا إبراهيم رئاسة الوزراء بعد نسيم باشا الذى لم تتمكن حكومته من السيطرة على موجة العنف المناهضة للإنجليز فى مصر فى 15 مارس 1923، ومن أهم أعمال وزارته: الإفراج عن الزعيم سعد زغلول بعد أقل من أسبوعين من توليه الوزارة، وكذلك المعتقلون فى مصر، ثم المحكوم عليهم من أعضاء الوفد والمعتقلين منهم فى سيشل، كما الغيت الأحكام العرفية ويعتبر إصدار دستور 1923 أهم أعمال وزارته، هذا بالإضافة إلى أنه سن قانون الانتخابات، وأجريت الانتخابات فى نزاهة تامة بدليل رسوبه أى رئيس الوزراء يحيى باشا إبراهيم أمام مرشح الوفد أحمد مرعى.

وهناك حكاية طريفة تروى عن هذا الباشا المحترم يحيى باشا إيراهيم تقول الحكاية إنه كان يحب أن يقضى أجازته بعيدًا عن زحام القاهرة فى إحدى المناطق الريفية، وكان هناك فلاح بسيط اسمه «شحتة» يضحكه بسرعة بديهيته الفطرية، فيعطيه الباشا مبلغًا من المال نظير ما يقوله هذا الفلاح ويضحكه، فمازحه الباشا يومًا وأراد أن يسخر منه، فقال له إنه كان متوجهًا لافتتاح مزلقان فتعطلت سيارته واضطر لركوب حمار، لكن الحمار مات فى الطريق فحزن عليه وشعر بإحراج شديد، وسأل يحيى باشا الفلاح شحتة ساخرًا، هل تعرف لماذا كان الموقف محرجًا لى؟ وأجاب شحتة: لا؛ فأسرع يحيى باشا وقال له «لأن الحمار كنت شحته» أى أخذته شحاتة من أحد الفلاحين، وهنا كانت البديهية الفلاحى فوق أى توقع يمكن أن يتصوره انسان، إذ أسرع الفلاح شحتة يقول بسرعة بديهية وسخرية لاذعة ورد عبقرى: «لا تحزن يا باشا، بكرة تقوم القيامة والحمار «يحيى».

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحزب الوطنى مجلس النواب الشعب المصرى سعد زغلول الأولى فى فى مصر

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: الأخلاق والسياسة في زمن الكوليرا

حين كنا ندرس الفلسفة السياسية وفلسفة الأخلاق في الجامعة، الأفكار كانت أشبه بمرآة نرى فيها أنفسنا، وتطلعاتنا وأحلامنا التي لا يحدّها سقف. سقراط وابن خلدون وآدم سميث والغزالي وروسو وغيرهم من مفكري التاريخ، كانوا بمثابة منارات تشعل فينا الإيمان بأن السياسة يمكن أن تكون عملاً أخلاقياً، لا مجرد لعبة مصالح.

تعلمنا أن العدالة جوهر الدولة، وأن السياسة لا تستقيم إلا إذا وُضعت على سكة القيم. في تلك الأيام، كنا نحمل عنفوان الشباب، ونؤمن أننا الجيل القادر على إعادة تعريف الممارسة السياسية وفق أسس أخلاقية، وطنية نظيفة ومتحررة من الانتماء الضيق والتبعية العمياء.

لكننا سرعان ما اصطدمنا بواقع مختلف تماماً. إذ ما إن انتقلنا من فضاء النظرية إلى ساحة الفعل السياسي، حتى وجدنا أنفسنا أمام مشهد يحكمه منطق الغلبة، وتديره نوازع الانتهازية والتكسب. الأحزاب التي يفترض أن تكون أدوات للتغيير ومراكِز للرؤية الوطنية الجامعة، أصبحت عاجزة عن تجاوز الحسابات الضيقة، متورطة في خطاب صفري لا يرى المواطن إلا وسيلة ضغط، ولا يرى المأساة إلا منصةً لتسجيل النقاط. كانت الصدمة كبيرة، لأن السياسة التي حلمنا بها ليست هي التي واجهتنا؛ ظلت صراعًا مفتوحًا بلا مرجعية، بلا كوابح، بلا التزامات.

وحين جاءت الكوليرا هذه الأيام ، لم تكن مجرد وباء متعجل ، بل مرآة عاكسة لفشل في الأخلاق السياسية. ففي لحظة كان يُفترض أن تتقدّم فيها أولويات الإنسان على كل اعتبار، تحولت الكارثة الصحية إلى مناسبة جديدة للتجاذب السياسي. ولإثارة حفيظة الناس وتخويفهم ، ما بين نداء أطلقه د. عبد الله حمدوك الذي بات لايري في السودان إلا الفرصة التي اضاعها حين خضع لابتزاز الداخل وطموح الخارج في السيطرة علي البلاد.

أطل الرجل عبر تحالف “صمود”، محذراً من انهيار صحي وشيك كأنه لا يعلم الحرب التي كانت إحدى خطط حلفاؤه المطورة ، ذلك النداء كشف النقاب عن مشهد سياسي لا يرى في الألم البشري إلا ورقة يمكن المساومة عليها أو تسويقها. لم يكن النداء بحسب مراقبين دعوة إلى النجدة، بل كان تكتيك للضغط و الابتزاز ، واستثمار سياسي في لحظة مأساوية.

على الجانب الآخر، حاولت بعض الجهات الرسمية التقليل من شأن الكارثة، نافية الأرقام، مؤكدة السيطرة، متحدثة بلغة بيروقراطية تخلو من الحسّ الإنساني. لم يكن النقاش حول المرض، بل حول صدقيّة الخطاب، حول مَن يملك الرواية الأجدر بالتصديق. وهكذا وُضع المواطن بين خطابين متناقضين: أحدهما يُنذر بالخطر، والآخر يطمئن بلا أدوات واضحة. وفي هذه الفجوة، ضاعت الحقيقة، وضاع معها حق الإنسان في الحماية.

لايمكن الحديث عن السياسة بوصفها عملاً مسؤولاً في ظل هذا الانفصال الصارخ عن الأخلاق؟ حين تحيطنا الأوبئة والأمراض، وتزيد المعاناة، وتُنكَر الحقائق إرضاءً لصورةٍ رسمية، فإننا لا نكون فقط في مواجهة أزمة صحية، بل أمام انهيار شامل في العقد الأخلاقي والسياسي. لقد تحوّلت الكوليرا من مرض عضوي إلى سقوط أخلاقي. لم تعرِّ النظام الصحي المتأثر بحرب المليشيا وداعميها المحلين والإقليميين انتباها، بل فضحت هشاشة النظام القيمي والأخلاقي لدى الجميع.

لقد كانت الكوليرا لحظة كاشفة بامتياز، لأنها وضعتنا أمام سؤال مركّب هل بقي في السياسة متسعٌ للأخلاق؟ وهل ما زال للإنسان وزنٌ في معادلاتها؟ لم يكن مطلوباً من السياسيين أن يكونوا ملائكة، بل أن يتعاملوا مع الكارثة بوصفها مسؤولية وطنية، لا أداة نزاع . لكن بدلاً من توحيد الخطاب، رأينا تباعداً في الرؤى، وافتقاداً للحد الأدنى من الإجماع، حتى في ما يتعلّق بحق المواطن في الحياة والكرامة.

في هذا المشهد، يبدو أن ما خسرناه ليس فقط أرواحاً مهددة، بل فقدنا البوصلة التي تربط بين النظرية والممارسة، بين ما تعلّمناه في قاعات الفلسفة، وما نراه في فضاءات الواقع السياسي. الأخلاق التي نشأنا عليها، لا تجد اليوم مكاناً في ساحة تُدير فيها النخبة صراعاتها فوق أشلاء الناس، وتجعل من الوباء فرصة للمزايدة.

وإذا كان هذا هو حال السياسة في لحظة الكارثة، فكيف يمكن الوثوق بها في لحظات البناء؟ إن السياسة التي لا تحتكم إلى الأخلاق لا تُنتج إلا مزيداً من الإنهاك والخراب، مهما تجمّلت بالشعارات أو تحصّنت بالمؤسسات. وكلما تأخرنا في إعادة الاعتبار للقيم كقاعدة للفعل السياسي، كلما وجدنا أنفسنا ندور في حلقة مفرغة، حيث يتحوّل كل مرض إلى منبر، وكل مأساة إلى وسيلة، وكل موت إلى خطاب.

لذلك، فإن ما نواجه اليوم لا يقتصر على أزمة صحية عابرة، بل هو امتحان أخلاقي لمجمل الممارسة السياسية. والأخطر من المرض، هو قبول استغلاله. والخطر الأكبر من غياب الخدمات، هو غياب الضمير. فالسياسة التي لا تعلي من شأن الإنسان، لا تستحق أن تُمارس. وهذا هو #وجه_ الحقيقة.
دمتم بخير وعافية.

إبراهيم شقلاوي
الأربعاء 28 مايو 2025م Shglawi55@gmail.com

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إبراهيم شقلاوي يكتب: مشارف العودة إلى الاتحاد الإفريقي
  • يحيى بن خالق: فضلت العين على العروض الأوروبية
  • السادات: تعزيز المشاركة السياسية «ضرورة».. ونرفض قوانين تُقصي الأحزاب الصغيرة
  • اسمه محفور في قلوبنا.. إبراهيم عبد الجواد يوجه رسالة لـ علي معلول
  • فوز يحيى أبو عبود بمركز نقيب المحامين لدورة ثانية
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الأخلاق والسياسة في زمن الكوليرا
  • إعصار مباغت يضرب غازي عثمان باشا في تركيا.. دمار هائل في دقائق ونجاة بأعجوبة
  • الأنبا إبراهيم إسحق يترأس قداس عيد الصعود المجيد بالإسكندرية
  • الهضيبي: الوفد جاهز لخوض الانتخابات البرلمانية.. ولدينا 76 مرشحا محتملا
  • 5 معلومات عن الفنانة هايدي رفعت بعد تصدرها التريند بسبب خطوبتها