وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان استخدام نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد لعقوبة الإعدام كأداة قمع سياسي منذ اندلاع الحراك الشعبي عام 2011، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من المفقودين والمختفين قسريا في السجون كان مصيرها الموت تحت التعذيب أو الإعدام السري.

وقالت الشبكة، في تقرير أصدرته اليوم الخميس، ووصل الجزيرة نت نسخة منها، إنه بدلا من أن تقتصر عقوبة الإعدام على الجرائم الجنائية، وظّفها النظام لترهيب المجتمع، وتعزيز قبضته الأمنية، والتخلص من معارضيه دون محاكمات عادلة.

وأشار تقرير الشبكة السورية إلى "العلاقة الوثيقة" بين الإخفاء القسري وتنفيذ الإعدامات، حيث بلغ عدد المعتقلين والمختفين قسريا لدى النظام 136 ألفا و614 شخصا حتى أغسطس/آب 2024، من بينهم 112 ألفا و414 شخصا لا يزال مصيرهم مجهولا، وأضاف التقرير "تشير الأدلة إلى أن الغالبية العظمى منهم قد تم تصفيتهم في السجون، سواء عبر التعذيب أو الإعدام السري، دون أي إجراءات قانونية".

وأكد التقرير أن آلاف المعتقلين الذين أُحيلوا إلى محاكم الميدان العسكرية لم يُكشف عن مصيرهم لعائلاتهم، ولم تُسلّم جثامينهم بعد تنفيذ الإعدام. وقال "هذه الممارسة ترقى إلى جريمة الإخفاء القسري، المصنفة كجريمة ضد الإنسانية وفقا للقانون الدولي".

إعلان

وعلى الرغم من إلغاء محكمة الميدان العسكرية بالمرسوم رقم 32 لعام 2023، لم يؤدِّ ذلك إلى وقف الإعدامات، حيث استمر نظام الأسد باستخدام المحاكم العسكرية الأخرى لإصدار الأحكام الجائرة بحق المعارضين السياسيين، بحسب المصدر.

وفي تقريرها، أوضحت الشبكة السورية أن النظام اعتمد على 3 جهات قضائية لإصدار وتنفيذ حكم الإعدام بحق المعارضين، وهي محكمة الميدان العسكرية، ومحكمة الإرهاب، ومحاكم الجنايات العسكرية والعادية.

وتم تنفيذ عمليات الإعدام والإخفاء القسري بقرارات مركزية صادرة عن أعلى المستويات الأمنية والعسكرية والقضائية، وبحسب تقرير الشبكة، فإن الجهات المتورطة في الإعدامات هي رئيس الجمهورية، ونائب رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، ومجلس الأمن الوطني ووزارة الدفاع، والأجهزة الأمنية، والقضاء الاستثنائي.

إنفوغراف الإعدام في عهد الأسد أداة للقمع السياسي (الجزيرة)

وكشف التقرير عن حجم إعدامات القاصرين داخل السجون السورية في عهد الأسد، حيث سجل 3700 حالة اختفاء قسري لأطفال، و190 حالة وفاة تحت التعذيب، و50 طفلا تم إعدامهم على الأقل داخل محاكم الميدان العسكرية بين 2018 و2024.

وبناء على ما سبق، طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتحرك دولي لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم من خلال فرض عقوبات على الأفراد المتورطين، وإلزام الدول الداعمة لنظام الأسد مثل روسيا وإيران بتسليم المطلوبين للقضاء الدولي، ودعم العدالة الانتقالية في سوريا لضمان كشف الحقيقة ومنع تكرار الجرائم.

وفي توصيات قدمتها للحكومة السورية الجديدة، طالبت الشبكة باتخاذ سلسلة إجراءات، تتضمن التحقيق والمحاسبة، والتعاون مع المؤسسات الدولية، وإصلاح النظام القضائي والقانوني، والشفافية وحرية الوصول إلى المعلومات.

وأكد التقرير أن "العدالة الانتقالية ليست خيارا، بل ضرورة، وأن استمرار إفلات المسؤولين عن هذه الجرائم من العقاب يهدد الأمن والسلم الأهلي".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المیدان العسکریة الشبکة السوریة

إقرأ أيضاً:

فرنسا وسوريا تطالبان لبنان باعتقال مهندس قمع السوريين

طلبت سوريا وفرنسا من لبنان اعتقال مدير المخابرات الجوية السورية السابق جميل الحسن المتهم بارتكاب جرائم حرب وباعتباره مهندس حملة العقاب الجماعي التي شنها نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في أعقاب مظاهرات عام 2011، والذي يُعتقد أنه يوجد في الأراضي اللبنانية، وفق صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

ووفق تقرير نشرته الصحيفة أمس الخميس، أكد مسؤول فرنسي أن كلا من باريس ودمشق طالبتا بيروت باعتقال الحسن المدان غيابيا في فرنسا لدوره في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والمطلوب بموجب مذكرة توقيف في ألمانيا، كما أنه مطلوب من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي لدوره في اختطاف وتعذيب مواطنين أميركيين.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول قضائي لبناني رفيع قوله إن الحكومة اللبنانية لا تملك معلومات مؤكدة عن مكان وجود الحسن الذي فر من سوريا بعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.

ولا يزال مكان اختباء الحسن مجهولا، لكن العديد من المسؤولين السوريين والغربيين الحاليين والسابقين يشتبهون بوجوده بلبنان، حيث يعيد مسؤولو المخابرات السابقون في النظام بناء شبكة دعم.

هندسة القمع

ولطالما وُصف جهاز المخابرات الجوية خلال سنوات حكم عائلة الأسد بأنه "الأكثر وحشية وسرية" من بين أجهزة المخابرات الأربعة حينها (أمن الدولة والأمن السياسي والأمن العسكري والمخابرات الجوية)، وتولى الحسن قيادة الجهاز في عام 2009.

وبحسب وثيقة أمنية نقلت عنها الصحيفة، اجتمع الحسن وقادة الأجهزة الأمنية الأخرى في وسط دمشق للتخطيط لحملة تضليل وقمع عنيف بعد عامين من بدء الثورة السورية في 2011.

ووضعوا خطة في وثيقة وقّعوا عليها بالأحرف الأولى، وقد عرض مسؤول أمني سوري سابق الوثيقة على صحيفة وول ستريت جورنال، وأكدها مسؤول آخر.

وبحسب الوثيقة ووثائق أخرى، فضّل الحسن استخدام القوة الغاشمة والدموية مع المتظاهرين والمعارضين، وكانت رسالته إلى الأسد "افعل كما فعل والدك في حماة"، في إشارة إلى المجزرة الدموية التي ارتكبها الرئيس الراحل حافظ الأسد في حماة وأدت إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص عام 1982.

إعلان

وكتب قادة أنظمة أمن النظام المخلوع في الوثيقة أنه تجب محاصرة أي مكان تخرج فيه الاحتجاجات عن السيطرة.

وأضافت الوثيقة أنه سيتم إرسال قناصة لإطلاق النار على الحشود مع أوامر بإخفاء مصدر إطلاق النار وعدم قتل أكثر من 20 شخصا في المرة الواحدة، لتجنب ربط ذلك بالدولة بشكل واضح.

وجاء في الوثيقة "لن يُظهر أي تساهل تجاه أي هجوم على أسمى رمز مهما كانت التكلفة، لأن الصمت لن يؤدي إلا إلى تشجيع خصومنا".

وتُظهر وثائق جمعتها لجنة الشؤون الدولية والعدالة أن الحسن أمر قوات الأمن بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين.

تعذيب المدنيين

كما لعب الحسن دورا أساسيا في الحملة المتوحشة التي تعرضت لها مدينة داريا في عام 2012، حيث أرسل جيش النظام السابق دبابات رافقها رجال مخابرات الجوية التي عملت على مدى عامين لاعتقال المدنيين وتعذيبهم.

وكانت لدى جهاز مخابرات القوات الجوية محكمة عسكرية ميدانية خاصة بها في المزة في دمشق تُصدر أحكاما بالإعدام أو تُرسل المحكومين إلى سجن صيدنايا سيئ الصيت.

كما احتوى موقع القوات الجوية على مقبرة جماعية خاصة به، وفقا لمركز العدالة والمساءلة السوري في واشنطن، والذي استند في نتائجه إلى صور الأقمار الصناعية وزيارة للموقع بعد سقوط النظام.

وتتهم وزارة العدل الأميركية الحسن بتدبير حملة تعذيب شملت جلد المعتقلين بالخراطيم، وخلع أظافر أقدام الضحايا، وضرب أيديهم وأقدامهم حتى عجزوا عن الوقوف، وسحق أسنانهم، وحرقهم بالسجائر والأحماض، بمن فيهم مواطنون أميركيون وحاملو جنسية مزدوجة.

مقالات مشابهة

  • التقرير المبدئي وضح وفاتها بسبب الضرب المبرح.. محامي عروس المنوفية يوضح تقرير الطب الشرعي
  • فرنسا وسوريا تطالبان لبنان باعتقال مهندس قمع السوريين
  • ضغوط على بيروت لتسليم مدير المخابرات الجوية السورية السابق
  • أكثر من 160 ألف انتهاك رصيد الحوثيين خلال 10 سنوات على الإنقلاب.. تقرير حقوقي
  • مصرف سوريا المركزي: لدينا خطة للاندماج في النظام العالمي فور إنهاء قانون قيصر
  • جدل بعد تسريب يظهر سخرية الأسد ولونا الشبل من وجه بوتين
  • أسرع حكم في تاريخ القضاء.. ما مصير المتهم بالاعتداء على تلاميذ مدرسة الإسكندرية؟
  • حميميم وطرطوس ما مصير القواعد الروسية بعد الأسد
  • حقيقة إعدام أحمد حسون
  • سوريا.. فيديو وسيم الأسد وكيف ظهر خلال تحقيقات قبل إحالته إلى المحاكمة