قالت مجلة أمريكية إن هزيمة الحوثيين في اليمن الذي يشهد صراعا منذ عشر سنوات تتطلب إستراتيجية أكثر من مجرد قتل زعيمهم عبدالملك الحوثي.

 

وأضافت " warontherocks " وهي مجلة مهتمة بالشأن الأمني والعسكري في تقرير لها ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" أن بعض المحللين اقترحوا أن اغتيال عبد الملك الحوثي من شأنه أن يؤدي إلى انهيار التنظيم وبالتالي القضاء على التهديد.

 

وتابعت "من الممارسات الشائعة، أن يقدم المحللون وصفة سياسية عامة للغاية ولكنها ملموسة تتلخص في جملة "اقتل الرجل المسؤول وستُحل جميع مشاكلك مع الجماعة".

 

ولكن الواقع حسب المجلة أن حركة الحوثي أصبحت مؤسسية، مما يجعلها أكثر مرونة تنظيمياً، ولم يتم تعطيلها بشكل كبير بسبب الاغتيالات رفيعة المستوى في الماضي.

 

وتطرقت المجلة إلى تصريحات سابقة لـ إدموند فيتون براون، السفير البريطاني السابق في اليمن، والذي روى نقاشا مرعبا في عام 2016 مع مفاوضي الحوثيين: حيث زعم المسؤولون الحوثيون أن ميزتهم الاستراتيجية على القوات المدعومة من الغرب هي أنهم "لا يهتمون بعدد اليمنيين الذين يقتلون، وعندما يموت عدد كافٍ، سيأتي [الغرب] إلينا راكعًا ويتوسل إلينا لإحلال السلام".

 

وفق المجلة فقد ثبتت دقة هذا التوقع بشكل عام مع تزايد الضغوط على التحالف المناهض للحوثيين من عام 2018 فصاعدًا لإنهاء الحملة في اليمن بسبب الخسائر الإنسانية الهائلة للصراع. ومع ذلك، في حين لا يهتم الحوثيون بعدد قتلى اليمنيين، قد تتأثر الجماعة بشدة بمقتل يمني واحد بعينه: إنه زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي.

 

تقول المجلة في تقريرها "لذا، ففي حين أن القضاء على زعيم الحوثيين سيكون تطوراً مرحباً به، يظل من غير المرجح أن يقدم في حد ذاته حلاً شاملاً للتهديدات التي تشكلها الجماعة.

 

وأشار التقرير إلى التهديدات العديدة التي تشكلها منظمة الحوثيين، وأولها أن لديها القدرة والإرادة لمهاجمة الأصول الأميركية وحلفائها ضمن مدى 2500 كيلومتر من ترسانتها من الصواريخ الباليستية.

 

وذكر أن الجماعة أثبتت قدرتها على تعطيل الشحن الدولي من خلال إغلاق حركة المرور في البحر الأحمر تقريباً وإجبار التجارة البحرية على إعادة التوجيه. كما أثبت الحوثيون بإرسالهم مرتزقة للقتال لصالح روسيا في أوكرانيا، فإن الجماعة على استعداد لبيع السلع والخدمات للجهات المارقة في جميع أنحاء العالم من أجل جلب الأموال التي تحتاجها بشدة.

 

تضيف المجلة "من المؤسف أن هذه التهديدات من غير المرجح أن يتم القضاء عليها بضربة واحدة بطائرة بدون طيار".

 

وزادت "من المهم أيضاً أن نؤكد بوضوح أن اغتيال عبد الملك الحوثي مبرر على أسس أخلاقية وقانونية ومتعلقة بالأمن القومي. فقد جر اليمن إلى عقود من الحرب غير الضرورية التي قتلت بالفعل مئات الآلاف من اليمنيين، وحكم عشرين مليون يمني بوحشية لا ترحم شملت القتل والاغتصاب والسرقة، وزعزعة استقرار الشرق الأوسط من خلال هجمات الحوثيين على جيرانهم الإقليميين فضلاً عن التجارة البحرية الدولية.

 

تشير المجلة أن باتريك جونستون قدم قضية مقنعة تشير إلى أن المنظمات أصبحت عُرضة للخطر بعد اغتيال كبار القادة، مشيراً إلى أن "تحييد قادة المتمردين الحوثيين له تأثير كبير ومهم إحصائياً على العديد من مقاييس فعالية مكافحة التشدد".

 

تتابع "لكن حقيقة أن العدالة والمصالح القومية سوف تتحقق بقتل عبد الملك الحوثي ليست سبباً لتضخيم التأثير التنظيمي لمقتله إلى الحد الأقصى لاستراتيجية مناهضة الحوثيين".

 

وأوردت المجلة الأمريكية أربعة أسباب على الأقل، ربما تكون نتائج مقتل زعيم حركة الحوثي مخيبة للآمال بالنسبة لأولئك الذين علقوا عليه توقعات كبيرة:

 

أولها، من المهم أن ندرك حقيقة مفادها أن الحوثيين تطوروا بشكل أساسي من جماعة متمردة إلى شبه دولة. فقد تم إضفاء الطابع المؤسسي جزئيًا على الحوثيين من خلال استيلائهم على أجهزة الدولة اليمنية القائمة بعد زحفهم إلى العاصمة صنعاء في عام 2014، وعززوا سيطرتهم على المؤسسة بعد قتل علي عبد الله صالح وتطهير الموالين له من البيروقراطيين في عام 2017.

 

وطبقا للمجلة فإنه وبالإضافة إلى سيطرتهم على البيروقراطية الرسمية، أنشأ نظام الحوثيين أيضًا هياكل قيادية موازية سرية مستوحاة من حزب الله مثل مجلس الجهاد. لذلك، لم يعد الحوثيون مجرد ميليشيا غير منظمة، بل أصبحوا الآن يشملون أيضًا آلية هرمية وبيروقراطية خاضعة لسيطرة عبد الملك.

 

وقالت إن سيطرة الحوثيين الراسخة على الاقتصاد في المناطق الخاضعة لسيطرتهم من شأنها أن تجعل من الصعب بشكل خاص إزاحتهم. فقد كان القطاع الخاص في اليمن ضعيفًا إلى حد ما مقارنة بالقطاع العام المتضخم، وأولئك الذين يعملون لصالح الحكومة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين يعتمدون الآن على النظام للحصول على دخلهم.

 

وترى أن السيطرة على القطاع العام لم تلبي حاجة الحوثيين إلى النقد، وبالتالي استولت الجماعة على جميع الصناعات الرئيسية في أراضيها، بما في ذلك العديد من الشركات التي لم تكن مملوكة للحكومة من قبل. في صناعة الاتصالات، على سبيل المثال، استولى النظام على شركتي سبأفون وإم تي إن يمن (الآن يو تيليكوم).

 

واستدركت "في ضوء المؤسسات العديدة المخصصة لضمان استمرار حكم الحوثيين على شعب واقتصاد شمال اليمن، قد يكون من الأفضل وصف النظام في صنعاء بأنه هجين بين جماعة إرهابية مثل القاعدة ونظام استبدادي مارق مثل إيران أو كوريا الشمالية".

 

وبشأن السبب الثاني تقول المجل "أصبح لدى الحوثيين وداعميهم في بيروت وطهران الوقت الكافي للتحضير لمحاولات اغتيال عبد الملك الحوثي. ومن المرجح أنهم يتخذون التدابير اللازمة لمنع نجاح مثل هذه الضربات فضلاً عن إعداد آلية لما بعد ذلك".

 

واستطردت "من المرجح أن تتضمن هذه الخطوات عزله عن جميع الاتصالات الإلكترونية، وإبقائه في مخابئ آمنة وسرية، ومنع كبار القادة من التجمع، وتحديد الشكل الذي ينبغي أن تتخذه خلافته في حالة وفاته.

 

ويشير التقرير إلى أن السبب الثالث فهناك أمثلة تاريخية ذات صلة حيث فشلت عمليات الاغتيال الناجحة لقادة الإرهاب في التأثير سلبًا على أداء ساحة المعركة أو حتى تمهيد الطريق لقادة أكثر كفاءة لتولي زمام الأمور.

 

وقال "يمكن للمرء أن يزعم أن اغتيال إسرائيل لزعيم حزب الله عباس الموسوي في عام 1992 مهد الطريق أمام حسن نصر الله الأكثر قدرة للسيطرة على المنظمة. فقبل مقتله في عام 2024، بنى نصر الله المنظمة لتصبح أكبر منظمة إرهابية وأفضلها تمويلًا في العالم".

 

ولفت إلى أن هناك أمثلة على هذه الظاهرة المزعجة نفسها تحدث داخل اليمن. فلم يتولى عبد الملك السيطرة على حركة الحوثيين إلا بعد مصرع شقيقه حسين على يد الحكومة اليمنية في عام 2004. ومنذ ذلك الحين، عمل على تنمية حركة حرب العصابات بالأسلحة الصغيرة وحولها إلى جهاز يشبه الدولة مع ترسانة خطيرة من الصواريخ الباليستية.

 

ونوهت المجلة الأمريكية إلى أن تعليق الاستراتيجية المناهضة للحوثيين على عملية سوف يستغرق إعدادها وقتا طويلا ولا تضمن نجاح القضاء على الهدف، ناهيك عن انهيار النظام، سيكون مقامرة محفوفة بالمخاطر بلا داع.

 

وقالت "قد يستغرق الأمر بعض الوقت لتطوير المعلومات الاستخباراتية في الوقت الحقيقي اللازمة لاغتيال عبد الملك، وقد يستغرق الأمر وقتا أطول حتى تتاح الفرصة العملياتية لشن الضربة".

 

وخلصت المجلة في تقريرها إلى القول "من أجل هزيمة النظام الحوثي بشكل قاطع، يتعين على الولايات المتحدة وإسرائيل وأولئك الذين يسعون إلى الاستقرار في المنطقة أن يدمروا البنية التي تمكن النظام من العمل: اقتصاده، وآلته الدعائية، وأدوات القمع، والقدرات العسكرية، وقيادته المتعددة المستويات".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الحوثي أمريكا البحر الأحمر اسرائيل اغتیال عبد الملک عبد الملک الحوثی المرجح أن فی الیمن إلى أن فی عام

إقرأ أيضاً:

استمرار تدفق المهاجرين الأفارقة إلى اليمن وتسجيل أكثر من 670 مهاجراً منذ مطلع يونيو

تشهد السواحل اليمنية، وتحديداً سواحل محافظة شبوة شرقي البلاد، تصاعداً لافتاً في موجات الهجرة غير الشرعية القادمة من منطقة القرن الإفريقي، مع تسجيل ثالث عملية وصول جماعي خلال أقل من أسبوعين، ما يرفع عدد المهاجرين إلى أكثر من 670 شخصاً.

وذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أن 350 مهاجراً إفريقياً غير شرعي وصلوا، مساء أمس، إلى ساحل كيده بمديرية رضوم، على متن قاربين تهريبيين.

وبحسب بيان صادر عن شرطة محافظة شبوة، ضم القارب الأول 110 رجال و40 امرأة، بينما كان على متن القارب الثاني 150 رجلاً و50 امرأة، وجميعهم يحملون الجنسية الإثيوبية.

وأكدت السلطات المحلية في شبوة أن الأجهزة الأمنية، وبالتنسيق مع الجهات المعنية، باشرت اتخاذ الإجراءات القانونية والإنسانية للتعامل مع المهاجرين.

ويأتي هذا التطور بعد أيام من وصول قارب تهريب آخر إلى الساحل ذاته، الثلاثاء الماضي، على متنه 150 مهاجراً غير شرعي، بينهم 20 امرأة، جميعهم من الجنسية الإثيوبية أيضاً، وفقاً لما أفادت به شرطة المحافظة.

وفي 3 يونيو الجاري، اعترضت الأجهزة الأمنية بمحافظة شبوة قارب تهريب يُدعى "القيادي"، أثناء محاولته إنزال عشرات المهاجرين غير النظاميين على سواحل مديرية رضوم.

وتم ضبط القارب عند وصوله إلى ساحل كيده، وعلى متنه 170 مهاجراً، من بينهم 132 رجلاً و13 امرأة إثيوبية، بالإضافة إلى 25 مهاجراً صومالياً.

وأشار مصدر أمني إلى أن تصاعد وتيرة الهجرة غير النظامية إلى اليمن، يأتي وسط تحذيرات منظمات حقوقية وإنسانية من تفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية في مناطق الوصول، خصوصاً في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجهها البلاد.

مقالات مشابهة

  • مقطع نادر يوثق الحياة اليومية في اليمن السعيد قبل أكثر من 45 عامًا. فيديو
  • صحيفة أمريكية: الدفاعات الإسرائيلية لن تتحمل أكثر من 12 يومًا
  • استمرار تدفق المهاجرين الأفارقة إلى اليمن وتسجيل أكثر من 670 مهاجراً منذ مطلع يونيو
  • تمرد قبلي ضد الحوثيين في ذمار.. اقتحام مكاتب الجبايات وحرقها بالنار
  • مجلة أمريكية: إسرائيل ارتكبت آلاف جرائم الحرب في قطاع غزة
  • "أكثر من مجرد مدينة".. ما أهمية الضربات الإيرانية على هرتسيليا الإسرائيلية؟
  • جزيرة سقطرى اليمنية.. الجنة البعيدة المليئة بالعجائب الطبيعية الخلابة (ترجمة خاصة)
  • صحيفة أمريكية شهيرة تتحدث عن تصفية محمد علي الحوثي بغارة إسرائيلية
  • غارات مركزة واغتيالات محتملة.. إسرائيل تخترق الحوثي وتدخل خط تصفية القيادات
  • موقع عبري: قوات الشرعية في اليمن ممزقة وأمريكا خيبت آمال السعودية في حرب الحوثيين (ترجمة خاصة)