بينما كان القادة الأوروبيون يجتمعون في باريس لمناقشة استبعادهم من المحادثات حول مستقبل أوكرانيا، كان السؤال الأهم الذي يشغل أذهانهم: كيف يمكنهم التأثير على نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟

صدقية الولايات المتحدة باتت على المحك

وفي مؤتمر ميونيخ للأمن، حاول الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب تقديم نصيحة مستوحاة من ثقافة بلاده، قائلًا: "نحن الفنلنديون نواجه الأزمات بهدوء، نأخذ حماماً جليدياً، ثم نذهب إلى البخار ونتأمل"، مضيفاً "نحن بحاجة إلى كلام أقل وجهود أكبر".

أما الرئيس اللاتفي إدغارس رينكيفيتش، فشبّه النقاش حول علاقة أوروبا بأمريكا بالاستشارة النفسية، معبراً عن قلقه من أن الثقافة الأوروبية قد لا تكون جذابة لأمريكا اليوم، بحسب ما كتب باتريك وينتور في صحيفة "غارديان" البريطانية.

‘It’s Trump’s world’: European leaders divided on how to navigate ‘cacophony’ https://t.co/IdQ693Io5M

— Andy Sharp (@sharp_writing) February 17, 2025

أما رئيسة وزراء أيسلندا كريسترون فروستادوتير فحثت على ضبط النفس، قائلة: "هناك الكثير من الجدل وقليل من الوضوح بشأن ما تقوله الولايات المتحدة وتريده، علينا أن نتأكد من أننا لا نرد على الأمور الخاطئة".

عالم بلا قواعد؟

لكن ضبط النفس قد لا يكون كافياً. إذ زار نائب الرئيس الأمريكي جيه. دي. فانس معسكر داخاو النازي، ثم أطلق تصريحات داعمة لحزب "البديل من أجل ألمانيا"، ما أثار قلقاً أوروبياً.
وحذر أليكس يونغر، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطانية "MI6"، من أن ترامب يقود العالم إلى نظام بلا قواعد، حيث لا يهم سوى القوة. وقال: "انتقلنا من عالم المؤسسات المتعددة الأطراف إلى عالم الصفقات بين الأقوياء، هذا هو عالم ترامب". 

https://t.co/AT9wynwYca
We are now firmly ensconced in the weird weird world of Donald Trump, madman, white supremacist, racist, misogynist, and respecter of no man or no man's law. It's a dark place. Many will suffer. Many will die.

— Noel Stevenson (@Bodysatnav) February 15, 2025 ظل بوتين

ولم يكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مخطئاً في قوله إن ظل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان يخيم على كل محادثة في ميونيخ، وأضاف مازحاً: "يبدو أن العضو الأكثر نفوذاً في حلف شمال الأطلسي، هو فلاديمير بوتين".

أمام هذا المشهد، يرى البعض أن الحل يكمن في تعزيز الإنفاق الدفاعي الأوروبي، إذ شدد الرئيس الفنلندي ستاب على ضرورة تحمل أوروبا المزيد من المسؤولية، بينما أكد وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي أن مصداقية الولايات المتحدة على المحك في إنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية، محذراً: "إذا سمحت واشنطن لبوتين بإخضاع أوكرانيا، فستبعث برسالة إلى الصين بأنها قادرة على استعادة ما تعتبره إقليماً متمرداً".

ترامب يمحو أوروبا من الشؤون العالمية الكبرى - موقع 24أجمعت تحليلات وآراء كبار السياسيين والمُفكّرين الفرنسيين، على خطورة التقارب بين واشنطن وموسكو على القارة الأوروبية، مُطلقين تحذيرات من سعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، لإنهاء الحرب في أوكرانيا على حساب الأوروبيين، الذين سيُكلّفهم ضمان أمنها وإعادة إعمارها الكثير.

 ومع ذلك، لا يزال من الأفضل بالنسبة لمعظم الأوروبيين إنقاذ العلاقات مع أمريكا، فأوروبا ليست مستعدة للوقوف بمفردها دون المظلة النووية الأمريكية.

"جائزة نوبل لترامب؟"

ووسط كل هذا التوتر، اقترح سيكورسكي حلاً غير تقليدي لكسب ترامب: تذكيره بأن "الأوروبيين يسيطرون على جائزة نوبل للسلام"، قائلاً: "إذا كنت تريدها، فعليك تحقيق سلام عادل".

وفي النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً: هل تستطيع أوروبا التأثير على ترامب، أم أنها ستواصل محاولات الاحتواء دون نجاح؟



المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: آيدكس ونافدكس رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ميونيخ فانس ترامب الحرب الأوكرانية ميونيخ الاتحاد الأوروبي أوروبا ترامب فانس الناتو الولايات المتحدة

إقرأ أيضاً:

تحليل لـCNN: ماذا سيحدث بعدما انقلب ترامب على بوتين؟

تحليل بقلم ستيفن كولينسون من شبكة CNN

(CNN) --  يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعلم الدرس الذي استخلصه جميع أسلافه في القرن الحادي والعشرين بصعوبة: لا يمكن إعادة ضبط العلاقات الأمريكية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

لقد كان مسار ترامب من تقديس الرئيس الروسي إلى انتقاده اللاذع أشبه بمسرحية جيوسياسية شخصية لكن ما سيحدث بعد ذلك أهم بكثير.

ويُتيح إدراك ترامب إمكانيات جديدة لأوكرانيا، ومنتقدي بوتين في الكونغرس، وحلفاء أمريكا المُرهَقين لكنه يحمل أيضًا مخاطر- أبرزها اختبار الإرادات بين ترامب وبوتين، الرجلين المسيطرين على أكبر ترسانتين نوويتين في العالم.

يحاول ترامب دائمًا تصعيد التوتر مع الأصدقاء والأعداء الأجانب من خلال الخطابات والرسوم الجمركية لكنه الآن يواجه خصمًا لا يرحم يرفع الرهانات ليس بالتهديدات، بل بالأرواح البشرية، كما تُظهر الغارات الجوية المكثفة بالطائرات المسيرة على كييف، وهي رسالة واضحة للبيت الأبيض.

وبفضل طبيعة ترامب التجارية، من المنطقي التساؤل عن المدة التي سيستمر فيها عداؤه تجاه صديقه السابق في الكرملين. 

ورغم أنه يتحدث عن مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها، فمن الصعب أن يمتد تحوله ليُضاهي عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات العسكرية والمالية التي أرسلها الكونغرس الأمريكي إلى كييف خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.

ومع ذلك، ذكر ترامب لشبكة NBC، الخميس، أنه توصل إلى اتفاق عبر حلف شمال الأطلسي (الناتو) لإرسال صواريخ باتريوت جديدة مضادة للصواريخ إلى كييف التي تحتاجها بشدة لصد الهجمات الروسية على الأهداف المدنية.

وقال ترامب: "نحن نرسل أسلحة إلى حلف شمال الأطلسي ويدفع ثمن تلك الأسلحة بالكامل، وسنرسل صواريخ باتريوت إلى الحلف، ثم سيقوم الناتو بتوزيعها". 

ولم تتضح معالم الاتفاق بدقة فورًا، وتواصلت شبكة CNN مع التحالف.

يبدو أن ترامب قد وصل إلى نقطة تحول، فقد انتقل من إلقاء اللوم المبهم على أوكرانيا، ضحية الحرب، إلى اتهام روسيا، المعتدي، بإطالة أمدها دون داعٍ.

والسؤال هو: كيف يغير هذا سياسة الولايات المتحدة تجاه الحرب وروسيا، وكذلك محاولات ترامب نفسه لممارسة القيادة الأمريكية والسياسة الداخلية المتعلقة بأوكرانيا؟

بوتين يتجاهل جميع توسلات ترامب

كان إعلان ترامب أنه سئم من "هراء" بوتين هذا الأسبوع بمثابة تحول مفاجئ، وإن كان أحد سمات أسلوبه السياسي المُبتذل أحيانًا.

ولم يبذل أحد جهدًا أكبر من ترامب لإقناع بوتين بإنهاء الحرب في أوكرانيا، التي بدأت بغزو غير قانوني عام 2022، لقد أمضى سنوات يُشيد بذكاء الرئيس الروسي وقوته.

ولكن حتى مع انقلاب ترامب على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد عودته إلى منصبه - بما في ذلك حادثة المكتب البيضاوي الشهيرة - رفض بوتين جميع شروط الرئيس الأمريكي السخية للغاية لوقف إطلاق النار واتفاقية السلام في نهاية المطاف.

وتُعدّ دوافع بوتين اعتبارًا مهمًا هنا.

ومن منظور غربي، قد يكون الرئيس الروسي مذنبًا بزلة سياسية غير عادية ارتكبها بنفسه، وكان بإمكانه الحصول على اتفاق سلام مدعوم من الولايات المتحدة، يخشى حلفاء أوكرانيا في أوروبا أن يكافئ عدوانه، ويضمن المكاسب الإقليمية للغزو، ويؤكد أن أوكرانيا لن يكون لها طريق للانضمام إلى عضوية الناتو.

لكن فرض المنطق الغربي على حسابات بوتين كان دائمًا خطأً.

 وكان هذا عاملاً في سوء فهم إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما للرئيس الروسي قبل مغامرته الأولى في أوكرانيا - ضم شبه جزيرة القرم في 2014.

وأوضح بوتين قبل الغزو أنه يرى في الصراع تصحيحاً لخطأ تاريخي - سواءً فيما يتعلق بمطالبات روسيا القديمة بأوكرانيا أو بمظالمه الأوسع التي تعود إلى سقوط جدار برلين، الذي شاهده بفزع من منصبه كمقدم في جهاز المخابرات السوفيتية (كي جي بي) في ألمانيا الشرقية الشيوعية.

 ويتحدث بوتين عن "الأسباب الجذرية" للحرب، وهذا يُشير إلى عدد من المظالم الروسية، بما في ذلك وجود حكومة ديمقراطية في كييف.

ويشير أحياناً إلى مزاعم موسكو بأنها مهددة بتوسع حلف الناتو بعد الحرب الباردة، وإلى رغبتها في انسحاب قوات التحالف من الدول الشيوعية السابقة التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفيتي، مثل بولندا ورومانيا.

ومن هذا المنظور، ربما لم يكن بوتين ينوي إنهاء الحرب أبدًا، وكانت حسابات ترامب ومساعديه حول إمكانية إقناعه بعقد "صفقة" - الافتراض المحوري لنظرة الرئيس الأمريكي للعالم- خاطئة. 

وبعد مئات الآلاف من الضحايا الروس، قد تكون الحرب وجودية بالنسبة لبوتين من أجل بقائه السياسي.

حاول عدد لا يحصى من المراقبين الأمريكيين والأوروبيين إقناع ترامب بهذا الرأي لسنوات.

 ومن المذهل أن ترامب استغرق كل هذا الوقت للوصول إلى هذه النقطة، وقال هذا الأسبوع عن بوتين: "إنه لطيف للغاية طوال الوقت، لكن اتضح أن ذلك لا معنى له".

ويبدو إحباط ترامب من بوتين حقيقيًا هذه المرة. لكن في الأشهر الأخيرة، انتقد الرئيس الروسي عدة مرات، ثم خفف من غضبه لاحقًا.

ولكن إذا كان الرئيس الأمريكي قد خلص أخيرًا إلى أنه لا يستطيع إقناع بوتين بالانخراط في محادثات سلام، فهل هو مستعد لمحاولة إجباره على ذلك؟

يقول تشارلز كوبتشان، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية، لجون فوز بشبكة CNN: "أعتقد أن ترامب قد فهم الأمر الآن. عليه أن يمارس المزيد من الضغط على روسيا إذا أراد التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا".

وقد يشمل هذا الضغط زيادة في الأسلحة والذخيرة الأمريكية لأوكرانيا، حيث تعهدت الدول الأوروبية التي كانت تخشى انسحاب ترامب من كييف بزيادة مساعداتها. 

وقد يكون الفرق هائلًا، إذا كانت واشنطن ملتزمة حقًا، وقد يُربك اعتقاد بوتين الواضح بأنه قادر على الصمود أمام الغرب، وأنه قادر في النهاية على كسب الحرب.

كما قد يتبنى البيت الأبيض مشروع قانون مشترك بين الحزبين يفرض عقوبات صارمة جديدة على روسيا، بالإضافة إلى الصين والهند، وهما من المشترين الرئيسيين للنفط الروسي.

مقالات مشابهة

  • رسوم ترامب تفجر غضب قادة أوروبا.. وتحذير من تدابير مضادة
  • لماذا يعتبر تصريح ترامب عن بوتين نقطة تحول في حرب أوكرانيا؟
  • لماذا يبدو ترامب ضعيفا أمام بوتين؟
  • تحليل لـCNN: ماذا سيحدث بعدما انقلب ترامب على بوتين؟
  • ترامب يضغط على قادة أفارقة لقبول مهاجرين مُرحّلين من دول أخرى
  • زيلينسكي مناشدا حلفاءه الأوروبيين في مؤتمر روما: "نحن بحاجة إلى التمويل"
  • روسيا تقترح فكرة جديدة بشأن أوكرانيا وألمانيا تحض ترامب للوقف إلى جانب أوروبا
  • أوربان: لقاء بين بوتين وترامب ضروري لتحقيق السلام في أوكرانيا
  • ترامب يطلب من رئيس موريتانيا اختصار كلمته ويقاطعه أمام الحضور.. فيديو
  • لقاء ترامب مع قادة 5 دول أفريقية الغنية بالثروات