مما يتداول فـي هذا المعنى: «من ينكر التاريخ يجازف بتكراره» فالتاريخ مليء بالأحداث والمواقف التي يفترض أن تكون قاعدة معرفـية لكل فرد فـي الحياة، وأن كل هذا التراكم من الأحداث ونتائجها يكون محطة للعبرة، والاستفادة منها، وفـي هذا المعنى الكثير من الدلالات التي يجب ألا تغيب عن ذي بصيرة؛ لأن المحافظة على الحياة، وعلى الممتلكات، بل وعلى كل المكاسب التي يستطيع الفرد أن يجمعها فـي فترة زمنية ما، فبقدر ما هو مسؤول عنها، هو فـي الوقت ذاته رصيد تراكمي يفترض أن يكون له مصدر فخر، ذلك وأنه بتقدير من الله عز وجل وكرمه وفضله، يكون هو كفرد حقق ما لم يحققه غيره، مع أن كليهما يعيشان الظروف نفسها فـي أغلب الأحيان، وبالتالي فأي مكتسب مادي أو معنوي هو عمر مكتسب فـي هذه الحياة، ولذلك يكون من الغباء أن يفرط الفرد فـي مكتسباته، ويعرضها لتذروها الرياح فـي غمضة عين.
يأتي هذا الحرص على المحافظة على كل مكتسب فـي الحياة، تحسبا للوقوع فـي مأزق سلب النعمة من لدن رب العزة والجلال، والنعمة لن تسلب إلا إذا تزاحمت أسباب منكرة للفضل، أو متغافلة عن القدر الكبير والأهمية الأكبر مما تحقق، وفـي ذلك إنكار للنعمة، وعدم الإحساس بها، وبقدر ما تكون النعمة فـي حقيقتها قدرا، يأتي سلبها أيضا قدرا، ولأن القدر أمر محتوم فـي حالتي المكسب والخسارة، فكذا ينبغي للإنسان أن يحذر من هذا القدر، ويعمل على ما يجب أن يكون القدر هو مما يكون فـي صالحه، وليس العكس، ولنا فـي الحديث المرويّ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فـي شأن اغتنام مجموعة من المكاسب قبل فواتها مبلغ الأثر فـي الحذر من القدر «فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل يعظه: «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك» أخرجه الحاكم فـي المستدرك «وفق المصدر» فهذه الخمس كلها أقدار مكتوبة على الإنسان ليس له خيار الرفض أو القبول فـيها ولكن يمكن الحذر، وبكثير من الحكمة فـي مقابلها، أو فـي التحكم النسبي فـي النتائج المتوقعة لها بعد اقتطاع زمن مقدر من الحياة التي يعيشها الإنسان، وبالتالي فإذا كانت الحياة قدرا والموت قدرا، فإن المساحة المتاحة بين القدرين هي من المسؤولية الذاتية عند الإنسان، وكذلك ينطبق الفهم نفسه بين الشباب والهرم، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والفراغ والاشتغال، فما بين كل هذه المتضادات، هناك مساحة رائعة متاحة للإنسان لأن يقتنص فرصة وجوده، وحضوره ليسجل لنفسه مكاسب كثيرة لا تعد ولا تحصى، وهذا الاشتغال ليس معفـي عنه بالمطلق، بل هو ملزم بالمطلق، ومن لا يعمل وفق ما يتاح له من عمر، ومن استثمار شبابه، وصحته، وغناه، وفراغه، فإن بذلك يقع فـي فخ القدر الآخر، مع سبق الإصرار والترصد.
نعم؛ القدر محتوم بالضرورة، ولكن نسبة ذلك لا تتجاوز الـ(10%) فقط، أما الـ(90%) فهي متاحة للإنسان لأن يتحرك فـيها وفق قراره، وقناعته؛ فأداء الصلاة على سبيل المثال هو قدر مكتوب، وهو ضمن الـ(10%) لكن مكان تأديتها، والإسراع فـي تأديتها، والخشوع فـي تأديتها، والإخلاص فـي تأديتها، كل ذلك يكون ضمن الـ(90%) والحذر هنا يبقى فـي هذه المساحة؛ لأن العقاب المتوقع فـي حالة الإهمال -وهو قدر- قد يكون قاسيا، فـيجب الحذر منه، وقس على ذلك أمثلة كثيرة، ومعنى هذا أن من يحذر القدر يكنْ فـي مأمن، ولو كان نسبيًا.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
دراسة تحذر … الترامادول قد يكون أكثر خطورة من فائدة
صراحة نيوز- كشفت دراسة جديدة أن الترامادول، المسكن الأفيوني الشائع، قد لا يكون فعالًا بشكل كبير في تخفيف الآلام المزمنة، بينما قد يزيد في الوقت نفسه من احتمالات التعرض لأعراض جانبية خطيرة.
وقام الباحثون بتحليل بيانات 19 تجربة سابقة شملت 6506 متطوعين يعانون من آلام مزمنة، ووجدوا أن الأضرار المحتملة للترامادول قد تتجاوز فوائده.
ركزت خمس تجارب على الألم العصبي، وتسع تجارب على التهاب المفاصل، وأربع على آلام أسفل الظهر المزمنة، وتجربة واحدة على الألم العضلي الليفي. وكان متوسط عمر المشاركين 58 عامًا، وامتدت فترة العلاج بين أسبوعين و16 أسبوعًا.
وأشار التقرير المنشور في مجلة BMJ Evidence-Based Medicine إلى أن احتمالات المشاكل المرتبطة بالترامادول كانت ضعف تلك المرتبطة بالعلاج الوهمي، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى زيادة مخاطر أمراض القلب مثل ألم الصدر ومرض الشريان التاجي وفشل القلب. كما تسببت الجرعات في أعراض أقل حدة مثل الغثيان والدوار والإمساك والنعاس.
وأظهرت الدراسة أيضًا ارتباط الترامادول بزيادة خطر بعض أنواع السرطان، رغم قصر فترة المتابعة، ما يجعل هذه النتيجة غير مؤكدة تمامًا.
وكان يُعتقد سابقًا أن الترامادول أقل خطورة وأقل قابلية للإدمان مقارنة بمسكنات الأفيون الأخرى. لكن الباحثين خلصوا إلى أنه نظرًا لمحدودية فوائده وزيادة مخاطره، يجب إعادة النظر في استخدام الترامادول لعلاج الألم المزمن.