باحثة بالجامع الأزهر: الزكاة طهارة للمُزكِّي ومالِه وليست مجرد فرضا
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
واصل الجامع الأزهر اليوم الإثنين، 24 رمضان 1446هـ، عقد فعاليات ملتقى الظهر (رمضانيات نسائية) في رواق الشراقوة، تحت عنوان “منزلة الزكاة في الإسلام” بحضور الدكتورة أسماء سعيد إبراهيم، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، وهيبة حامد عبد الحميد، الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية، الدكتورة حياة حسين العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر.
وأكدت الدكتورة أسماء سعيد إبراهيم، أن الزكاة تعد من أركان الإسلام الأساسية، حيث وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ما يوضح مكانتها وأهميتها.
وأشارت إلى أن هناك فرقًا بين الزكاة والصدقة، فبالرغم من أن لفظ "الصدقة" قد يُستخدم أحيانًا للإشارة إلى الزكاة؛ إلا أن الصدقة تعتبر سنة مستحبة، يمكن أن تكون بأي شيء، ولأي شخص، وفي أي وقت، دون مقدار محدد، وتنفقها النفس ابتغاء رضا الله.
وأضافت أن الزكاة، على عكس الصدقة، هي فريضة واجبة، وتنقسم إلى نوعين: زكاة المال وزكاة الفطر، ولكل نوع منهما شروطا خاصة، تتعلق بالنصاب، وموعد الوجوب، بالإضافة إلى مقدار معين يجب إخراجه، ولا يجوز التقليل منه أو التلاعب في تفاصيله.
وأوضحت أن الزكاة تُعطى لأشخاص معينة دون غيرهم، وتعد من أسمى وسائل تطهير النفس من أمراض القلب واللسان، كما أن الالتزام بها يعزز التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، ويزيد من المحبة والمودة بينهم، مما يؤدي إلى خلق بيئة مليئة بالرحمة والتعاون.
وشددت على أن أداء الزكاة هو طاعة لله- سبحانه وتعالى-، ويجب على المكلفين بها الالتزام بها، حيث أن تركها يعرض الإنسان للعقاب الإلهي.
فيما أكدت وهيبة حامد عبد الحميد، أن الزكاة تمثل أمانة مالية بيد الأغنياء وفرض من الله- عز وجل-، تتنقل من الميسورين إلى الفقراء في إطار التكافل الاجتماعي، مشيرة إلى أن الزكاة تحتل مكانة عظيمة في الإسلام، حيث تُذكر دائمًا مقترنة بالصلاة في آيات القرآن الكريم، ما يعكس أهميتها الكبرى في حياة المسلم.
وأضافت أن الزكاة تعد وظيفة مالية تعبدية تهدف إلى تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة، وتحقيق التوازن الروحي، فضلاً عن تعزيز التكافل الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي والسياسي.
ونوهت بأن إخراج الزكاة، يجب أن يكون من الطيب من المال، محذرة من التصدق بالرديء.
وفي سياق الحديث عن فضائل الزكاة، أكدت أن الزكاة تعد دليلاً قوياً على صدق إيمان صاحبها وحبه لله- تعالى-، مشيرة إلى قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "...والزكاة برهان"، أي أنها شهادة على إيمان المسلم ورغبته في نيل ثواب الله. كما أن الزكاة تسهم في تهذيب أخلاق المزكي، وتنقله من فئة البخلاء إلى فئة الكرماء، بالإضافة إلى دورها في إزالة الحقد والحسد من قلوب الفقراء.
وفي ختام الملتقى أشارت حياة العيسوي، إلى عظمة الزكاة في الإسلام وكونها ركنًا أساسيًا من أركان الدين، بل هي الركن الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة. وقالت العيسوي إنه لا يمكن لأي مسلم أن يجهل أهمية الزكاة، فهي فريضة من الله عز وجل تهدف إلى تحقيق التكافل الاجتماعي وتنقية المال من الشوائب. وأضاف أن الزكاة تُذكر في القرآن الكريم بشكل متكرر مع الصلاة، مما يدل على أهميتها في الإسلام.
وأكدت العيسوي أن الزكاة ليست مجرد فرض مالي، بل هي طهارة للمزكي وماله، وقالت إن الله سبحانه وتعالى أمر بإخراج الزكاة بهدف تطهير المال وزكاة النفس.
وأضافت أن الزكاة تحقق مصالح عظيمة للمجتمع المسلم، حيث تُصرف في ثمانية مصارف، تشمل الفقراء والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، والرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل.
وأشارت العيسوي إلى أن الزكاة تعتبر وسيلة لزيادة البركة والرزق. كما حذرت من عواقب البخل بالزكاة، حيث توعد الله سبحانه وتعالى الذين لا يؤدون الزكاة بعذاب أليم يوم القيامة.
وأوضحت العيسوي أن المال الذي لا تؤدى زكاته يعد كنزًا، ويكون وبالًا على صاحبه يوم القيامة، حيث يعذب بالمال الذي جمعه وبخل به.
جدير بالذكر أن ملتقى "رمضانيات نسائية" يأتي في إطار الخطة العلمية والدعوية للجامع الأزهر خلال شهر رمضان، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجامع الأزهر رمضانيات نسائية الأزهر البحوث الإسلامية أركان الإسلام الزكاة المزيد التکافل الاجتماعی أن الزکاة ت فی الإسلام
إقرأ أيضاً:
الأزهر: الزواج بناء وليس محطة للإصلاح العاطفي أو مصحة علاجية
كثير ما نرى فى مجتمعنا أن الأهل يريدين أن يزوجوا أبنائهم وبناتهم لينصلح حالهم ظنا منهم أن الزواج سيصلحهم، أو نرى الشباب يلجأون للزواج بعد خروجهم من أزمة عاطفية كعلاج لصدمتهم، ولكن الإسلام لم يقل ذلك، فماذا قال الاسلام عن الزواج ، وهل يجوز الزواج من أجل العلاج أو انصلاح الحال؟.. سوف نوضح ذلك فى السطور التالية.
الزواج بناء.. وليس علاجًا!
فى هذا السياق أوضح مرصد الأزهر لمكافحة التطرف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك أن الإسلام وضع للزواج والأسرة أسسًا وقواعد تنظيمية عميقة، لضمان استقرار هذا البنيان، باعتباره اللبنة الأولى والأساسية لبناء مجتمع سليم قادر على النهضة والاستمرارية.
الرؤية الإسلامية للزواج
ونوه أن الرؤية الإسلامية للزواج تتناغم بشكل لافت مع الدراسات النفسية والاجتماعية التي أكدت أهمية استقرار كيان الأسرة لتحقيق التوازن على مستوى الأفراد، ومن ثم المجتمع.
الميثاق الغليظ والواقعية
وتابع: إسلاميًا، وصف القرآن الكريم العلاقة بالـ "مِيثَاقًا غَلِيظًا"، وفيها دلالة واضحة على قدسية العقد والتزاماته المتبادلة.
ونفسيًا: يؤسس هذا الميثاق لتوقعات واقعية ويمنع تحميل الشريك مسؤولية تعويض النقص أو علاج الصدمات السابقة. فالأسرة السليمة هي التي تبدأ على قاعدة الاكتمال النسبي لا الاحتياج المطلق.
المودة والرحمة كركيزة للاستقرار
إسلاميًا: قال تعالى: "وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً". إذاً المودة هي الحب الفاعل والرحمة هي أساس نفسي داعم لهذا الكيان.
ونفسيًا: هذه الثنائية القيمية تخلق "بيئة ارتباط آمنة" للأبناء والشريكين على حد سواء، وهي أساس الصحة النفسية والقدرة على مواجهة تحديات الحياة خارج محيط الأسرة بثقة.
علمًا بأن هذه الصفات كـ (الود والرحمة والعطاء) لا تنبع إلا من نفس مستقرة متصالحة مع ذاتها، بينما النفس المضطربة لا تنتج سوى الاحتياج والصراع.
الزواج ليس محطة للإصلاح العاطفي أو مصحة علاجية!
وقال الأزهر: جميعنا نتفق على أن الأسرة في الإسلام هي الأساس الأول لـ "تنشئة الفرد الصالح".
وهذا أيضًا ما أشارت إليه الدراسات التي تؤكد أن الأبناء الذين ينشئون في بيئة أسرية مستقرة ذات قواعد وقيم واضحة (كما هي محددة في الشريعة)، يكونون أكثر قدرة على الاندماج الإيجابي والمساهمة الفعالة في المجتمع، وتقل لديهم السلوكيات الانحرافية.
مسؤولية الأهل في اختيار شريك مؤهل نفسيًا وأخلاقيًا
هذه الرؤية المتكاملة للزواج كبناء تتطلب يقظة من الأهل في المراحل الأولى.. فالأهل ليسوا مجرد منظمين لحفل زفاف، بل هم شركاء في تحقيق هذا الاستقرار.
دور أهل الزوجة: تقع عليهم مسؤولية كبرى في التأكد من "النضج النفسي" و"الأهلية القِيَمِية" للزوج، لا الاكتفاء المادي فقط. إذ يجب التدقيق في مقومات الزوج كشريك واعٍ ومستعد للمسؤولية، مدركين أنهم يختارون أساسًا لبنية اجتماعية سليمة، وليس فقط مُعيلًا لابنتهم.
مسؤولية أهل الزوج (الحاضنة الأسرية): كما أن عليهم واجب كبير في توعية ابنهم بقدسية ميثاق الزواج وتأهيله لتحمل الشراكة، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي دون التدخل الذي يهدد استقلالية الكيان الجديد.
الخلاصة: عندما يتحمل الأهل مسؤوليتهم في اختيار الشخص "الصالح والمؤهل" نفسيًا وأخلاقيًا، فإنهم يساهمون بشكل مباشر في تحقيق البيئة الآمنة والتي تضمن نموًا سليمًا للأسرة الجديدة وللمجتمع بأكمله.
وشدد على أن رسالتهم للمجتمع أن استقرار الأسرة ليس رفاهية، أو ضربة حظ (يا يُصيب .. يا يُخيب) بل يعد مشروعًا إسلاميًا ووطنيًا وضرورة لنهضة الأمة.
وأكد أن: الزواج بنيان يتشارك فيه الرجل والمرأة، وليس مصحة علاجية يدخل كل طرف منهما ويحمل على عاتقه مسؤولية تقويم وإصلاح الطرف الآخر، بل ينبغي الاستثمار في البنيان الداخلي أولاً، من خلال التركيز على إصلاح الذات في البدء قبل الدخول في تجربة الزواج، والتعامل مع الزواج كـ "تكامل" لا "ترميم" للنفس.
إذا، هناك ضرورة إسلامية ونفسية ومجتمعية لبناء الزواج على أسس الشراكة الواعية والنضج النفسي، لا على الأوهام الرومانسية أو التوقعات العلاجية.