الغرفة الزهراء.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها الفكرة
تاريخ النشر: 1st, April 2025 GMT
قال الأسير المحرر والكاتب الروائي الفلسطيني وليد الهودلي إنه وجد في السجون الإسرائيلية زنزانة تزهر الرجال والأفكار والصمود، في ظاهرها ويلات "العذاب" بحق الأسرى الفلسطينيين وفي باطنها "الرحمة والفكرة".
تلك الرؤية خطها الهودلي بأسلوب روائي في روايته الجديدة "الغرفة الزهراء"، التي صدرت الأسبوع الماضي في 286 صفحة.
وفي هذه الرواية تتجسد شخصيات 4 من الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم في التبادل الأخير بين حركة حماس وإسرائيل وهم: عميد الأسرى نائل البرغوثي، ونضال زلوم، وعلاء البازان، وعبد الرحمن عيسى.
والهودلي لاجئ الأصل يعيش بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، وصدر له نحو 20 كتابا ورواية، تحول بعضها إلى أفلام سينمائية، ومن مؤلفاته "مدافن الأحياء"، و"فرحة"، و"ليل غزة الفسفوري"، و"الشعاع القادم من الجنوب".
وأمضى الهودلي في سجون إسرائيل 14 عاما، وعاش مع الأسرى الأربعة المحررين سنوات طويلة خلف القضبان.
وذكر الهودلي، في مقابلة مع الأناضول، إن "هذه الغرفة (سجون إسرائيل) أزهرت أيضا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد يحيى السنوار".
وأضاف أن "كل القادة مرّ ذكرهم في الرواية، بما فيهم السنوار، وحسن نصر الله (الأمين العام الأسبق لـ"حزب الله" اللبناني)، وصالح العاروري (قائد حماس بالضفة الغربية)، وإسماعيل هنية (الرئيس الأسبق للمكتب السياسي لحماس)، في سياق الشهادة والفعل والحضور المقاوم المشتبك مع المحتل بطريقة فيها إبداع وتميز".
إعلانوكل هؤلاء اغتالتهم إسرائيل منذ أن بدأت الإبادة الجماعية، بدعم أميركي مطلق، بقطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ثم شنت في اليوم التالي عدونا على لبنان تحول في 23 سبتمبر/أيلول 2024 إلى حرب شاملة مدمرة.
وأضاف الهودلي أن "السنوار كان من بينهم، هو ألقى بظلاله على أبطال الرواية، كونهم عاشوا معه، وكانوا يستذكرونه في كل مفصل من مفاصل الحرب التي تحدث، له مكان مميز كما لبقية القادة الذي استشهدوا في المعركة".
ويقبع في سجون إسرائيل أكثر من 9500 أسير فلسطيني، بينهم 3405 معتقلين إداريين (دون تهمة) و350 طفلا و26 سيدة، ويعاني الأسرى تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، مما أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
فكرة الروايةوعن فكرة روايته، قال الهودلي إنها "تدور بعد 7 أكتوبر (2023)، وما تعرضت له السجون من حالة توحش وتنكيل بشكل مروع" بحق الأسرى الفلسطينيين.
وأضاف: "فكان لا بد من عمل روائي أدبي لمتابعة الوضع، وكذلك ’طوفان الأقصى’ والأحداث التي جرت في قطاع غزة أيضا تحتاج إلى أن توثق".
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، هاجمت حماس 22 مستوطنة و11 قاعدة عسكرية بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين، ردا على "جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى"، وفق الحركة.
وزاد الهودلي أنه كان لا بد أن "يلعب الأدب دوره في أن يسرد سردية فلسطينية تتناسب مع الحدث الكبير والعظيم من كل النواحي، بما فيها الإجرام الصهيوني و(الدور) البطولي الفلسطيني والألم الفلسطيني".
ثم "جاءت الحرب تلقي ثقلها على السجون بطريقة مختلفة تماما، فكان لا بد من عمل روائي أدبي يتابع هذه الملحمة التي تجري في السجون وغزة في ذات الوقت"، وفق الهودلي.
وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت إجمالا أكثر من 163 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وسط دمار هائل.
قال الهودلي إن "محور الرواية هو المكان.. زنزانة في سجن نفحة (جنوبي إسرائيل) فيها مجموعة من الأسرى".
إعلانوأضاف أنهم "أمضوا أحكاما طويلة جدا، منهم أطول حكم في التاريخ نائل البرغوثي 44 عاما، وعلاء البازيان 40 عاما، ونضال زلوم وعبد الناصر عيسى كل منهم 30 عاما".
وأردف أن الرواية تتابع "هؤلاء الأسرى كيف وقعت عليهم عذابات السجون في هذه الفترة الحرجة، كيف وقع عليهم العذاب، وكيف تعاملوا معه، وحالتهم النفسية والمعنوية، وكيف تداولوا أخبار الحرب والنقاش الذي يدور في غزة؟".
وأوضح أن "الرواية فيها خطان، الأول مسار الحرب في غزة ومسار العذاب والتوحش في السجون، وكأننا أمام مجزرتين، الأولى بالدم وتدمير في غزة، والثانية بالعذاب والتنكيل في السجون".
وتابع أن "الرواية تتابع المسارين بطريقة متوازية، وكيف (عاش) هؤلاء الأسرى القدامى الذين يعتبرون خبراء في كل شيء في مجالات الفكر والشأن الفلسطيني والإسرائيلي".
وأكمل أن "كل الأمور التي كانت محل نقاش كانت تُجرى وفق هذه العقول الكبيرة ذات الخبرة الواسعة على طول الأمد الذي مكثوه في السجون".
وعن تسمية الرواية بـ"الغرفة الزهراء"، قال "لأنها أزهرت كثيرا من الأبطال، وتم صياغة نفوسهم وتكوينهم الثوري تحت مطارق العذاب والألم في هذه الزنزانة".
واستطرد: "فهي أزهرت أبطالا وأفكارا ومشاريع سياسية وجوانب إنسانية وروحية وتربوية وأخلاقية وأدبية ودينية.. تزهر (الغرفة) كثيرا.. كان ظاهرها العذاب وباطنها فيه الرحمة والفكرة".
وبالنسبة إلى خط سير الأحداث في "الغرفة الزهراء"، قال الهودلي: "قررت السير وفق ما يجري من أحداث، وكل حدث كتبت عنه وتقمصت شخصية الأسرى، وأنثر مما لدي من معان وأدب على لسانهم وأحوالهم بطريقة تتناسب مع شخصياتهم".
ومضى بالقول إن "رسم الشخصيات مهم جدا، كيف فكروا وشعروا وتحركوا وكيف كان نقاشهم وكيف كانت كل صغيرة وكبيرة تحدث في السجون أو في غزة".
إعلانوبين أن "أكثر المشكلات التي واجهتني في سرد الرواية هو الألم الذي كان ينتابني عند تلقي أخبار مروعة عن عذابات الأسرى، وكيف أحول الأفكار والأحداث المخيفة والعنيفة إلى عمل درامي فيها التشويق والسلاسة التي تقتضيها الرواية".
وتابع الروائي الفلسطيني: "أن تُفرغ الألم إلى لغة جميلة وشائقة مؤلم جدا".
وعن طباعة الرواية ونشرها، قال إنه واجه "صعوبات عديدة جراء التضييق الإسرائيلي، الذي يحارب ويلاحق بقوة السلاح كل من يحاول أن يكذّب سرديته".
ورأى الهودلي: "كل رواية لها نكهة خاصة ورونق خاص، وأظن أنها (الغرفة الزهراء) ستلاقي نجاحا جيدا لأن فيها ما فيها".
واعتبر أن "الفضل يعود للطوفان، الذي عمل على التغيير وأحدث نقلة نوعية، وأهمها أن العقل الفلسطيني يمكنه أن يتغلب على العقل الصهيوني".
وختم الهودلي بالتشديد على أن "مَن تغلب في الميدان يتغلب أيضا في الفكرة والأدب والثقافة".
وكشف هجوم "طوفان الأقصى" عن فشل إسرائيلي ذريع على المستويات العسكرية والأمنية والمخابراتية، وتسبب باستقالة وإقالة مسؤولين كبار في قطاعات عديدة معنية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان فی السجون فی غزة
إقرأ أيضاً:
تجاهل مُريب للمبعوث الأممي ومكتبه لمبادرات محلية وإعلامية في ملف الطرقات والأسرى
أحيى نجاح المبادرات المحلية في فتح طريق الضالع أحد أهم الطرق الرئيسية بين المحافظات الشمالية والجنوبية، الأمل لدى اليمنيين بإعادة فتح باقي الطرقات الرئيسية المغلقة بسبب الحرب منذ 10 سنوات.
Read also :فتح طرقات اليمن.. ملف يكشف زيف الحوثيينوتشهد محافظة أبين منذ أكثر من أسبوع، حراكاً وجهوداً مجتمعية يدفع نحو إعادة فتح طريق عقبة ثرة الجبلية الرابط بين المحافظة المحررة ومحافظة البيضاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية.
أحدث نتائج هذه الجهود كان إعلان محافظ أبين اللواء أبوبكر حسين سالم، الأحد، موافقة السلطات المحلية على فتح الطريق وقال المكتب الإعلامي للمحافظة، إن قرار المحافظ جاء عقب لقائه، بفريق "الرايات البيضاء"، لمناقشة الأوضاع الإنسانية التي يعاني منها السكان في المناطق المحاذية لعقبة ثره.
موقف المحافظ سبق وان أعلنته القيادات الأمنية والعسكرية بالمحافظة التي أكدت عدم وجود مانع في إعادة فتح الطريق، متهمة مليشيا الحوثي بأنها من تقف خلف عرقلة تحقيق ذلك.
مليشيا الحوثي من جانبها أعلنت عبر المُعين من قبل محافظاً للبيضاء عبدالله إدريس خلال لقاءه الفريق الأربعاء الماضي إزالة مخلفات الحرب لفتح الطريق، وزعم بأنه "لم يتبق سوى الاستجابة من الطرف الآخر وفتح الطريق من جانبه".
وتبع ذلك تصريح للمعين من قبل المليشيا محافظاً لأبين صالح الجنيدي الخميس زعم فيه بأن طريق عقبة ثرة مفتوحة من جانب المليشيا منذ نحو عام، إلا أنه أشار التنسيق مع "الوسطاء بشأن إصلاح الطريق والاتفاق على كافة الترتيبات ذات العلاقة بالمرور الأمن في طريق عقبة ثرة لضمان استمرارية المرور فيه".
تُعيد هذه التصريحات، ما شهدته محاولات فتح طريق الضالع – قطعبة وهو أحد الطرق الرئيسية الرابطة بين صنعاء وعدن، الشهر الماضي، بعد إعلان السلطة المحلية فتح الطريق من جانبها، الا أن تحقيق ذلك استغرق أكثر من أسبوعين.
هذا التأخير وتبادل الاتهامات بين السلطات الشرعية بالمحافظات ومليشيا الحوثي حول عرقلة فتح الطرقات الرئيسية، أثار التساؤلات حول تجاهل المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ ومكتبه لمثل هذه التطورات وعدم أخذ المبادرة في التنسيق لفتح الطرقات، لكون ذلك من صميم مهمة المبعوث ومكتبه.
فإلى جانب طريق عقبة ثرة، تسعى مبادرات مجتمعية إلى إعادة فتح طريق الراهدة – كرش الذي يعد من أهم واقصر الطرق الرئيسية التي تربط شمال اليمن وجنوبه، إلا أن تعقيدات أعادة فتح هذا الطريق تُعد الأكبر، نظراً للأهمية الاستراتيجية للطريق والتأثير العسكري على الجبهات بالمناطق التي يمر منها الطريق.
ومع تجاهله لدوره في هذا الملف، اكتفى المبعوث الأممي في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الخميس بالإشادة بإعادة فتح طريق الضالع، مشيداً بـ" الميسّرين المحليين"...وحث "الأطراف على حماية هذا الإنجاز"، معبراً عن أمله في أن "يُفضي ذلك إلى فتح المزيد من الطرقات".
وفي حين اكتفى المبعوث الأممي بالإشادة بالمبادرات المجتمعية الساعية إلى فتح الطرقات الرئيسية في اليمن، تجاهل المبعوث تماماً التصريحات الإعلامية المتبادلة بين الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي والتي أثارت مؤخراً ملف الأسرى والمختطفين.
حيث وجه رئيس لجنة الأسرى بمليشيا الحوثي عبدالقادر المرتضى في أول أيام عيد الأضحى دعوة لإجراء عملية تبادل كاملة تشمل جميع الأسرى بدون استثناء"، وهو ما سارعت الحكومة عبر ناطق وفدها المفاوض ماجد فضائل، بالرد عليه والتذكير بالموقف الحكومي الداعي لإنهاء ملف الأسرى والمختطفين على قاعدة " الكل مقابل الكل ".
وتبادلت الحكومة والمليشيا في هذه التصريحات الاتهامات بعرقلة حل ملف الأسرى وافشال آخر جولة مفاوضات عُقدت قبل نحو عام في العاصمة العُمانية مسقط برعاية أممية.
وفي حين كان يُنتظر ان يلتقط المبعوث الأممي ومكتبه هذه التصريحات الإعلامية لإحياء المفاوضات في ملف الأسرى، إلا أن التجاهل التام كان سيد الموقف، حيث لم يعلق المبعوث أو مكتبه على هذه التصريحات، في موقف يُثير التساؤلات عن الجدوى من وجود الرجل ومكتبه كمبعوث لحل النزاع في اليمن.