من اليمن إلى أمريكا.. واشنطن أمام خيارين.. الانسحاب أو الاستنزاف!
تاريخ النشر: 2nd, April 2025 GMT
لم يعد البحر الأحمر ممرًا آمنًا للأساطيل الأمريكية، ولم تعد واشنطن قادرةً على فرض هيمنتها العسكرية كما اعتادت. اليوم، يقف اليمن، بقوة ردعه وإرادته الصلبة، في قلب معركة استنزاف تُعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة، فارضًا على الإدارة الأمريكية معادلة لم تكن تتوقعها: إما الانسحاب وتجرّع الهزيمة، أو البقاء في مستنقع استنزاف لا نهاية له.
تصعيد يمني يقلب الحسابات الأمريكية
في الساعات الأولى من فجر الاثنين، وجّهت القوات المسلحة اليمنية ضربةً قاسيةً لحاملة الطائرات الأمريكية يو إس إس هاري ترومان في شمال البحر الأحمر، وذلك للمرة الثانية خلال 24 ساعة. العملية التي نفّذتها بصواريخ باليستية ومجنحة، إلى جانب طائرات مسيّرة، لم تكن مجرد هجوم تكتيكي، بل جزء من استراتيجية يمنية طويلة الأمد تهدف إلى شلّ قدرة العدو على المناورة وفرض واقع جديد في البحر الأحمر.
استمرار هذه الضربات الدقيقة أربك القيادات العسكرية الأمريكية، حيث استمرت الاشتباكات لساعات، وأجبرت الطائرات الحربية الأمريكية على التراجع دون تحقيق أي أهداف، ما يعكس فشلًا ذريعًا في تأمين أسطولها الحربي في واحدة من أهم الممرات البحرية العالمية.
واشنطن في مأزق.. لا انتصار ولا مخرج آمن
لم تعد واشنطن تمتلك رفاهية المناورة، فكل تحرك عسكري لها يُقابل بردّ يمني أكثر إيلامًا. لم يعد أمامها سوى خيارين لا ثالث لهما:
1. الاستمرار في التصعيد، مما يعني مزيدًا من الخسائر العسكرية والاقتصادية، واستنزافًا طويل الأمد في مواجهة خصم يملك إرادة القتال ويفرض معادلاته على الأرض.
2. الانسحاب التدريجي، وهو ما يعني إقرارًا بفشل المشروع الأمريكي في فرض السيطرة على البحر الأحمر، وانكسار هيبة واشنطن أمام حلفائها وخصومها على حد سواء.
اليمن.. لاعب إقليمي يرسم قواعد جديدة
لم يعد اليمن تلك البقعة التي يُنظر إليها من زاوية الصراعات الداخلية، بل بات قوةً إقليميةً تؤثر في معادلات البحر الأحمر والخليج العربي، وتُعيد رسم خرائط النفوذ. الاستراتيجية اليمنية ليست مجرد رد فعل، بل هي مشروع مقاومة متكامل يُعيد تشكيل التوازنات في المنطقة، ويثبت أن اليمنيين قادرون على مواجهة أعتى الجيوش بأدواتهم الخاصة.
ختامًا: هل تعترف واشنطن بالهزيمة؟
ما يجري اليوم في البحر الأحمر ليس مجرد مناوشات، بل هو معركة فاصلة في مسار النفوذ الأمريكي بالمنطقة. كل ضربة يمنية تُكلف واشنطن المزيد من الخسائر، وكل تراجع أمريكي يعني انتصارًا جديدًا لقوى المقاومة. فهل تتحمل واشنطن كلفة هذه المواجهة المفتوحة، أم أنها ستجد نفسها مضطرةً للاعتراف بأن البحر الأحمر لم يعد أمريكيًا؟
في كلتا الحالتين، اليمن منتصر… والمعتدون إلى زوال.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
دراسة سعودية تثبت تعرض البحر الأحمر لجفاف تام قبل 6 ملايين سنة
قدّم علماء من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أدلة علمية قاطعة تُثبت أن البحر الأحمر جفّ بالكامل قبل نحو 6.2 مليون سنة، قبل أن يُعاد ملؤه فجأة إثر فيضان كارثي ضخم من المحيط الهندي، في حدثٍ غيّر شكل المنطقة الجيولوجي إلى الأبد.
ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة Communications Earth & Environment العلمية، حيث تمكّن فريق الباحثين من تحديد الإطار الزمني الدقيق لهذا التحوّل الجيولوجي الهائل، الذي شكّل نقطة فاصلة في تاريخ البحر الأحمر.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } دراسة سعودية تثبت تعرض البحر الأحمر لجفاف تام قبل 6 ملايين سنة
واعتمد الباحثون في دراستهم على بيانات التصوير الزلزالي وتحليل الأحافير الدقيقة وتقنيات التأريخ الجغرافي الكيميائي، ليكتشفوا أن الجفاف وإعادة الغمر وقعا في فترة قصيرة نسبيًا لا تتجاوز مئة ألف عام — وهي مدة تُعد وجيزة للغاية بمقاييس الأحداث الجيولوجية.
وقالت الدكتورة تيهانا بنسا، الباحثة الرئيسة في كاوست:"تكشف نتائجنا أن حوض البحر الأحمر شهد أحد أكثر الأحداث البيئية تطرفًا على وجه الأرض، إذ جفّ تمامًا ثم غُمر فجأة قبل نحو 6.2 مليون سنة. لقد غيّر ذلك الفيضان شكل الحوض وأعاد إليه الحياة البحرية، مؤسسًا الاتصال الدائم بين البحر الأحمر والمحيط الهندي".
في بدايات تكوّنه، كان البحر الأحمر متصلًا بالبحر الأبيض المتوسط من الشمال عبر حاجز ضحل، لكن هذا الاتصال انقطع لاحقًا، ما أدى إلى جفاف البحر الأحمر وتحوله إلى صحراء ملحية قاحلة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } دراسة سعودية تثبت تعرض البحر الأحمر لجفاف تام قبل 6 ملايين سنة
أما من الجنوب، فكانت سلسلة بركانية قرب جزر حنيش تفصله عن مياه المحيط الهندي.
لكن قبل نحو 6.2 مليون سنة، اخترقت مياه المحيط هذا الحاجز في فيضان هائل، نحت خندقًا بحريًا بطول 320 كيلومترًا، لا يزال أثره واضحًا حتى اليوم في قاع البحر.
وخلال فترة قصيرة، امتلأ الحوض من جديد وعادت إليه المياه، لتتشكل الظروف البحرية الطبيعية في أقل من مئة ألف عام، وذلك قبل نحو مليون سنة من فيضان زانكلي الذي أعاد ملء البحر الأبيض المتوسط.
وتشير الدراسات إلى أن البحر الأحمر نشأ نتيجة انفصال الصفيحة العربية عن الإفريقية قبل نحو 30 مليون سنة، وكان في بدايته واديًا صدعيًا ضيقًا تحول تدريجيًا إلى خليج واسع بعد أن غمرته مياه البحر الأبيض المتوسط قبل 23 مليون سنة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } دراسة سعودية تثبت تعرض البحر الأحمر لجفاف تام قبل 6 ملايين سنة
وازدهرت آنذاك الحياة البحرية، كما تشهد على ذلك الشعاب المرجانية الأحفورية الممتدة قرب ضبا وأملج.
لكن مع مرور الزمن، أدت الحرارة المرتفعة وضعف دوران المياه إلى زيادة الملوحة، ما تسبب في انقراض واسع للكائنات البحرية بين 15 و6 ملايين سنة مضت.
تراكمت إثر ذلك طبقات الملح والجبس حتى جف البحر تمامًا، قبل أن يعيده الفيضان القادم من المحيط الهندي إلى الحياة التي ما زالت تزدهر في شعابه المرجانية حتى اليوم.
يُعد البحر الأحمر اليوم مختبرًا طبيعيًا فريدًا لدراسة نشوء المحيطات وتفاعل المناخ مع الحركات التكتونية، بفضل تاريخه المعقّد وغناه الجيولوجي.
وتبرز نتائج الدراسة الجديدة مدى الترابط بين تاريخ البحر الأحمر وتغيرات المحيطات العالمية، مؤكدين أن المنطقة مرّت بظروف بيئية قاسية لكنها استطاعت استعادة توازنها البيئي على المدى الطويل.
البروفيسور عبد القادر عفيفي، أستاذ هندسة وعلوم أنظمة الأرض في كاوست
وقال البروفيسور عبد القادر عفيفي، أستاذ هندسة وعلوم أنظمة الأرض في كاوست وأحد المشاركين في البحث: وقال البروفيسور عبد القادر عفيفي، أستاذ هندسة وعلوم أنظمة الأرض في كاوست، وهو أحد المشاركين في الدراسة "تُضيف هذه الورقة إلى فهمنا لعمليات تكوّن المحيطات واتساعها على كوكب الأرض، كما تُعزز المكانة الريادية لجامعة كاوست في أبحاث البحر الأحمر".