شبح المجاعة يهدد سكان الفاشر شمال دارفور
تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT
الشرق الأوسط/ تشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أوضاعاً إنسانية غاية في الخطورة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في المواد الغذائية، ما دفع مئات الأسر إلى الفرار إلى مناطق أخرى في الإقليم، فيما تشدد «قوات الدعم السريع» الخناق أكثر على المدينة. ويهدد الجوع وانعدام المواد الغذائية في الفاشر والمعسكرات حولها حياة آلاف المدنيين في ولاية شمال دارفور المحاصرة لنحو 6 أشهر من قبل «قوات الدعم السريع»، مما يفاقم معاناة السكان الذين يترقبون حلولاً سريعة للأزمة.
وقال مواطنون في الفاشر لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف، إن «الوضع سيئ للغاية، وتكلفة شراء المواد الغذائية باتت مرتفعة جداً». وذكروا أن المتوفر من السلع والمواد التموينية «قليل جداً في المحال التجارية، وليس بمقدور الكثير من المواطنين الحصول عليها».
وقال أحد المواطنين، طلب عدم الإفصاح عن اسمه أو مقر سكنه: «لم يبق أمامنا غير مغادرة المدينة، لا نملك المال لشراء ما يسد حاجاتنا من الطعام».
وأشار آخر، من بين العالقين في المدينة، إلى أن «كل أسعار المواد الغذائية ارتفعت بصورة كبيرة، حيث تضاعفت أسعار السلع، ومن بينها الضرورية مثل الخبز والأرز والسكر. وأضاف أن «المدينة كانت تعتمد في السابق على دخول السلع الغذائية عبر التجار، لكن خلال الفترة الماضية أصبحت حركة مرورهم مقيدة بشدة بسبب تردي الأوضاع الأمنية، جراء العمليات العسكرية» بين الجيش وحلفائه من جهة، و«قوات الدعم السريع»، من جهة أخرى.
تحديات تواجه سكان المدينة
وتتحدث الجهات المسؤولة عن تحديات كبيرة تواجه المواطنين، على رأسها النقص الكبير في الغذاء ومياه الشرب، بسبب تطاول حصار المدينة من قبل «قوات الدعم السريع».
وعبّر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن قلقهم الشديد من الأوضاع الإنسانية التي وصفوها بالكارثية في الفاشر. وأشاروا إلى أن الوضع الصحي في المدينة حرج للغاية، بعد تعرض المرافق الصحية إلى تدمير من خلال القصف المدفعي، وهناك حاجة ملحة إلى الأدوية والمستلزمات الطبية لمواجهة الأمراض والإصابات التي يتعرض لها المدنيون.
واستقبلت محليات في شمال دارفور، موجودة خارج نطاق النزاع، في الأيام الماضية المئات من الأسرة الفارة من الفاشر ومعسكر زمزم بسبب الجوع، وتواجه أوضاعاً قاسية وهي تعيش في العراء.
ومع تفاقم الأوضاع الأمنية، قلّصت الفرق الطبية الدولية والمنظمات الأخرى العاملة في المجالي الإنساني والصحي وجودها في الفاشر والمعسكرات المجاورة لها. وذكرت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين (منظمة تطوعية محلية) في إفادات على موقع «فيسبوك»، أن غلاء المعيشة أجبر المئات من النازحين في مخيم زمزم على الفرار إلى محلية طويلة.
وقطع النازحون مسافات طويلة سيراً على الأقدام والعربات التي تجرها الدواب؛ للوصول إلى المناطق الأمنة في شمال ولاية دارفور.
فشل إسقاط المساعدات
وفي وقت سابق، لجأ الجيش السوداني إلى تزويد المواطنين هناك بالمساعدات الإنسانية عبر الإسقاط الجوي، لكن الطائرات تتعرض لاستهداف من قبل مقاتلي «الدعم السريع».
وخلال الأيام الماضية، كثفت «قوات الدعم السريع» من القصف المدفعي العشوائي على الفاشر ومخيمي زمزم والسلام للنازحين، أسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى وسط السكان.
وتحاصر «قوات الدعم السريع» مدينة الفاشر، منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعد المدينة الوحيدة خارج سيطرتها في إقليم دارفور، غرب البلاد. وتؤوي المدينة أكثر من نصف مليون شخص.
وفي أغسطس (آب) 2024، أعلنت الأمم المتحدة عن تفشي المجاعة في أجزاء من ولاية شمال دارفور، وعلى وجه الخصوص مخيم زمزم، بسبب العراقيل التي يضعها طرفا القتال: الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في السماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى تلك المناطق.
وطالب مجلس الأمن الدولي «قوات الدعم السريع» بإنهاء الحصار على المدينة؛ للسماح بمرور آمن للمدنيين، دون استجابة.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع المواد الغذائیة شمال دارفور فی الفاشر
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـالدعم السريع
رفض الاتحاد الإفريقي الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرا من خطر تقسيم البلاد وتداعيات ذلك على جهود السلام، وداعيا المجتمع الدولي إلى عدم التعامل مع الكيان الجديد. اعلان
دعا الاتحاد الإفريقي إلى عدم الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرًا من تداعيات هذه الخطوة على وحدة البلاد وجهود السلام الجارية، في وقت تتصاعد فيه الأزمة الإنسانية نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
تحذير من تقسيم السودانوفي بيان له، دعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي "جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي إلى رفض تقسيم السودان وعدم الاعتراف بما يُسمى الحكومة الموازية" التي شكلتها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المدعو "حميدتي".
وأكد البيان أن هذه الخطوة "ستكون لها عواقب وخيمة على جهود السلام ومستقبل السودان"، منددا مجددا بـ"جميع أشكال التدخل الخارجي التي تؤجج النزاع السوداني، في انتهاك صارخ" لقرارات الأمم المتحدة.
حكومة موازية وسط رفض محلي ودوليوأعلنت قوات الدعم السريع يوم السبت 26 تموز/يوليو تشكيل حكومة موازية تتألف من 15 عضوا، يرأسها حميدتي، ويتولى عبد العزيز الحلو، زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي. كما تم تعيين محمد حسن التعايشي رئيسا للوزراء، والإعلان عن حكام للأقاليم، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور.
وكان حميدتي قد أعلن في نيسان/أبريل الماضي، في الذكرى الثانية للحرب الأهلية، نيته تشكيل "حكومة السلام والوحدة"، مؤكدا أن التحالف الجديد يمثل "الوجه الحقيقي للسودان"، مع وعود بإصدار عملة ووثائق هوية جديدة، واستعادة الحياة الاقتصادية.
وقد أعربت الأمم المتحدة في حينه عن قلقها العميق من خطر "تفكك السودان"، محذّرة من أن مثل هذه الخطوات ستؤدي إلى تصعيد إضافي في النزاع وترسيخ الأزمة.
Related 30 قتيلاً بينهم نساء وأطفال.. اتهامات لقوات الدعم السريع بتنفيذ هجوم على مدنيين في السودان11 قتيلًا في هجوم دموي لقوات الدعم السريع بشمال كردفانعبر تذاكر مجانية.. مبادرة مصرية لإعادة اللاجئين السودانيين من القاهرة إلى الخرطوم اتهامات لـ"الدعم السريع" باستهداف المدنيينوقبل أيام، اتهمت مجموعة "محامو الطوارئ" السودانية، المعنية بتوثيق الانتهاكات خلال الحرب المستعرة في البلاد، قوات الدعم السريع بارتكاب مجزرة راح ضحيتها 30 مدنياً على الأقل، بينهم نساء وأطفال، خلال هجوم استمر يومين على قرية بريما رشيد بولاية غرب كردفان.
وذكرت المجموعة، في بيان صدر الجمعة 25 تموز/يوليو، أن الهجوم وقع يومي الأربعاء والخميس واستهدف القرية الواقعة قرب مدينة النهود، وهي منطقة استراتيجية لطالما شكلت نقطة عبور للجيش السوداني في إرسال التعزيزات نحو الغرب. وأسفر اليوم الأول من الهجوم عن مقتل ثلاثة مدنيين، بينما ارتفع عدد الضحايا في اليوم التالي إلى 27.
وأكد البيان أن "من بين القتلى نساء وأطفال، ما يجعل من الهجوم جريمة ترقى إلى انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي، لاسيما من حيث الاستهداف المتعمد والعشوائي للمدنيين".
وفي تطور خطير، اتهمت المجموعة قوات الدعم السريع باقتحام عدد من المنشآت الطبية في النهود، بينها مستشفى البشير والمستشفى التعليمي ومركز الدكتور سليمان الطبي، ووصفت ذلك بأنه "انتهاك صارخ لحرمة المرافق الطبية".
ولم تصدر قوات الدعم السريع حتى الآن أي تعليق رسمي على تلك الاتهامات.
انقسام ميداني يعمق الأزمة الإنسانيةوتخوض قوات الدعم السريع منذ 15 نيسان/أبريل 2023 حربا دامية ضد الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، أسفرت عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وتشريد أكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة. وتسيطر قوات الجيش على مناطق الشمال والشرق والوسط، بينما تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها على معظم إقليم دارفور وأجزاء من كردفان.
في ظل هذا الانقسام، تعاني البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو 50 مليون نسمة من أزمة إنسانية غير مسبوقة، تتفاقم مع انتشار المجاعة وصعوبة وصول المساعدات.
13 وفاة بسبب الجوع في دارفوروفي مؤشر على عمق الكارثة الإنسانية، أعلنت مجموعة "شبكة أطباء السودان" أمس الثلاثاء عن وفاة 13 طفلا في مخيم لقاوة بشرق دارفور خلال الشهر الماضي بسبب سوء التغذية. ويأوي المخيم أكثر من 7000 نازح، معظمهم من النساء والأطفال، ويعاني من نقص حاد في الغذاء.
ودعت المجموعة المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة إلى زيادة الدعم الإنساني العاجل، محذرة من تفاقم الوضع في ظل تزايد معدلات الجوع بين الأطفال. كما ناشدت منظمات الإغاثة الأطراف المتحاربة السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى مناطق النزاع.
أزمة إنسانية خطيرةوبحسب تقييمات الأمم المتحدة، يعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، في ظل تعقيدات أمنية وسياسية تحول دون الوصول الآمن للمساعدات. ومع تزايد المبادرات المنفردة لتقاسم السلطة، تبدو البلاد مهددة بتفكك فعلي، في غياب تسوية شاملة للنزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
من جهة أخرى، قالت المنظمة الدولية للهجرة إنه "رغم احتدام الصراع في السودان ظهرت بؤر من الأمان النسبي خلال الأشهر الأربعة الماضية، مما دفع أكثر من 1.3 مليون نازح للعودة إلى ديارهم، لتقييم الوضع الراهن قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلدهم نهائيا".
وأضاف المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة عثمان بلبيسي أن "أغلبية العائدين توجهت إلى ولاية الجزيرة، بنسبة 71% تقريبا، ثم إلى سنار بنسبة 13%، والخرطوم بنسبة 8%".
وتوقع بلبيسي عودة "نحو 2.1 مليون نازح إلى الخرطوم بحلول نهاية هذا العام، لكن هذا يعتمد على عوامل عديدة، ولا سيما الوضع الأمني والقدرة على استعادة الخدمات في الوقت المناسب".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة