لجريدة عمان:
2025-10-14@16:26:50 GMT

هل يبدو المستقبل قاتمًا في هذه اللحظة؟

تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT

في العصر الذي يغزو فيه الذكاء الاصطناعي العالم نرى الأب الروحي للذكاء الاصطناعي البريطاني الكندي جيوفري هنتون، الحائز على نوبل الفيزياء ٢٠٢٤، لإسهاماته في بحوث الذكاء الاصطناعي، يقود حملة إعلامية للضغط على الشركات الكبرى لتنهض بمسؤوليتها في العمل على بحوث عاجلة لإنتاج أنظمة آمنة للذكاء الاصطناعي، بحيث تحد من المخاطر المحتملة على البشرية نتيجة سيطرة الذكاء الاصطناعي المستقبلية؛ ومن تلك المخاطر التي بدأت تظهر للعيان ما أعلنه مركز دراسات السياسات العامة البريطاني IPPR نهاية مارس الماضي من أن ٧٠٪ من وظائف (اقتصاد المعرفة) مهددة بسبب الذكاء الاصطناعي، إضافة لتقريره في العام الماضي أن ٨ ملايين وظيفة مهددة بسبب الذكاء الاصطناعي في بريطانيا وحدها.

وبينما تستشرس آلات الإبادة الإسرائيلية في حصاد أرواح الفلسطينيين، شبه العزل من كل شيء سوى كرامتهم وإنسانيتهم المهدرة، تحت طغيان حكومة صهيونية متطرفة، لا تبالي بالأرواح ما دامت تكسب الوقت قبل انهيارها المرتقب وتكسب نقاط تفاوض مستقبلية، يبتلع الصدى صيحات انطونيو جوتريش أمين عام الأمم المتحدة.

والأمم المتحدة نفسها ليست بأفضل حال وتجد نفسها في مرمى الهجوم، وقد بدأت بعض منظماتها الكبرى بالتضعضع، كمنظمة الصحة العالمية التي توشك على إيقاف عدد من برامجها مثل برامج مكافحة انتشار الإيدز والملاريا وشلل الأطفال، جراء انسحاب الولايات المتحدة وهي أكبر مانح لتلك المشروعات الصحية، مع توقعات بزيادة عدد الوفيات العالمية نتيجة تلك الأمراض إلى عشرة أضعاف في هذا العام وحده، وفق تصريح مدير منظمة الصحة العالمية مؤخرًا في المؤتمر الذي عقده في جنيف ١٧ مارس الماضي.

يأتي ذلك مع إعلان رئيس الوزراء البريطاني في تصريح له الأسبوع الماضي حول انهيار منظومة العولمة والتحول إلى نظام التحالفات، وذلك إثر القرار الأمريكي برفع أسعار الضرائب على البضائع المستوردة، في خطة الرئيس الأمريكي الحالي المعلنة لإعادة توطين الصناعات المهاجرة، فيما يبدو خطة فاشلة على المدى القصير وأن المراد بذلك حركة للتفاوض الثنائي مع بعض الدول للحصول على مكاسب، مع استهداف الصين تحديدًا، وهو ما أكدته شبكات الأخبار نهاية الأسبوع؛ فكما يبدو أصبح بث الاضطراب لزيادة المكاسب سياسة.

وفي الولايات المتحدة نفسها اعتمد الكونجرس مؤخرًا موازنة اقترحتها الحكومة بتخفيض ١.٥ تريليون (بليون) دولار من الإنفاق الفيدرالي، وهي الخطة التي يعلن الاقتصاديون أن المتضرر الأول منها هو الاقتصاد الأمريكي ككل، وهو الضرر الذي سيسحق الضعفاء في أدنى سلالمه وأضعف حلقاته، في ظل ارتفاع معدل الفقر في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة ١١٪ من عدد السكان، بإجمالي ٣٨ مليون نسمة، فيما تصنف عشر ولايات أمريكية تحت خط الفقر، في أغنى دولة في العالم.

يحدث كل هذا في الوقت الذي يعلن فيه خبراء اقتصاديون مرموقون مثل اليوناني يانس فاروفاكس في كتابه الأخير نهاية الرأسمالية المعروفة التي حكمت العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، النصف الثاني من القرن العشرين حتى عام الأزمة المالية ٢٠٠٨م، وبداية عصر جديد يدعوه عصر الإقطاعيات السحابية والتقنية وذلك في كتابه: الإقطاعيات التقنية: ما قتل الرأسمالية (٢٠٢٣م) Technofeudalism: What Killed Capitalism، وهو كتاب مثير يعيد إلقاء الضوء على ما حدث في العقد الماضي منذ الأزمة المالية ٢٠٠٨م إلى عام الوباء ٢٠٢٠م، وما نتج من صعود ما يدعوها بالإقطاعيات التكنولوجية، والمراد شركات التقنية الكبرى التي تدعى كذلك عمالقة وجبابرة التقنية.

وسط هذا كله، دون أن ننسى الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة، ولا حالتنا العربية السياسية المعاصرة بكل تشظياتها المستمرة ومخاضاتها العسيرة في كبريات دولنا العربية، مضافًا إليها حالتنا الفلسطينية بفصولها المستمرة بكل معاناتها، من البديهي أن نتساءل أين يمضي العالم؟

ظاهريًا لاشك بأن الأجيال الجديدة، في كل مكان، إما أن تقع فريسة الشك واليأس والتخلي والبحث عن ملجأ آمن وسط هذا العالم الذي يبدو في غاية الاضطراب والفوضى، والذي لا تقدم أخباره شيئًا آخر غير وعد بحروب قريبة مدمرة، ولعل لهذا الجيل الحق في أن يفقد إيمانه بالعالم لما يرى من طراز السياسيين الذين يقودون زمانه، والذين يعلنون بكل صراحة في كل مناسبة عدم اهتمامهم بأي شيء آخر غير مصالحهم، ومصالح الطبقة التي تدعمهم، وهي الطبقة التي رفعتهم ومكنتهم من التصرف بممكنات ومقدرات أجزاء مهمة من العالم، لكن لا أحد يريد، أو حتى بمقدوره، أن يتحمل مسؤولية مستقبل البشرية أو مستقبل العالم، كلهم مشغول بإطالة بقائه لا أكثر، وبالتالي لن يخلفوا للجيل القادم عالمًا أفضل، بل عالمًا مضطربًا في حالة هي أقرب للانفجار، إن لم ينفجر قبل ذلك.

كل ذلك بينما نجد مشهد الشاب المعاصر بسماعته وشاشته، وكأنه راهب معاصر، يرى ما يريد ويسمع ما يريد، لا ما يفرضه العالم عليه، نسبيًا، فيما يبدو شبه عزوف أو عدم اكتراث، بينما هو في الواقع موقف نفسي عام، ينتظر أمرًا غامضًا في عالم لا يعد ولا يقدم أية ضمانات بشيء؛ وبلا شك ستقتصر تطلعات الجيل الجديد على عالمه الفردي، عالمه المكون من شاشته، وهي الشاشة المعممة في غالبية مناطق العالم، في مساواة غير معتادة من نوعها تتساوى فيها كل الطبقات على تفاوت مداخيلها، وكل ذلك يصب في مصلحة شركات التقنية نفسها، تلك الشركات التي يعدنا المحللون والخبراء بأننا سنبقى تحت سيطرتها في المستقبل المنظور. فأين السبيل؟

في الواقع التاريخيّ اعتاد الساسة خلق الاضطراب والتوترات فيما بينهم مقامرين ببلدانهم منذ قديم الزمان، وقد أصبح من المعروف أن التخطيط المبالغ فيه يقع في فخ ثقته العمياء بنفسه، وأن العالم يمضي بطريقته الخاصة وأن الطبيعة، والبشرية منها، لها طرائقها الخاصة في الوصول لمستقبلها، بطرق لا يتمكن ذكاؤنا من التعرف عليها إلا متأخرًا، كذلك في العصر الذي نعتقد فيه، مدفوعين بالخوف، بأننا محكومون سلفًا بمسارات إجبارية لا محيد ومحيص عنها، تتفتح آفاق جديدة لم تكن في الحسبان ولدتها نفس الظروف الخانقة التي كانت سبب شكوانا، وتحولت مع الوقت إلى أطواق نجاة معتمدة لمستقبل جديد، لذلك لا غرابة أن يتخذ الكثيرون منا إزاء العالم وضعية أقرب للمتفرج، متتبعين بذلك رأي فلاسفة مشهورين من الصين للعرب إلى اليونان.

لا شك أن العلم والبحوث دليل استشراف مستقبلي، ولا يمكننا الاستخفاف بالنتائج التي تقدمها، لكن للخبرة البشرية والحس البشري المشترك أساليبه الخاصة كذلك في تلمس طريق المستقبل واتباعه، مهما تعالت الدعوات من كل جانب لاتباع منطق الخوف وأحكامه الاستباقية الداهية، فالبشرية تبعت نداءها الخاص حتى في أحلك الظروف، وهو نداء لا يزال حيًا مع أنه مجهول الملامح، وإن كان واضحًا في كلياته ومبادئه الأخلاقية العامة، وهي ليست غير المبادئ الأخلاقية الكبرى للعدالة والسلم والأخوة البشرية والاحترام الحقيقي بين الأمم والشعوب، وتلك الدعوات لا تبطل مهما استعرت الحرب أو تمادى الطغيان، أو ظن المتحكمون أن بمقدورهم التلاعب بقلق العالم لمصالحهم الضيقة الأفق.

إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي يبدأ العمل العام المقبل

قال الرئيس التنفيذي للشؤون العالمية بمجموعة جي42، ومقرها أبوظبي، طلال القيسي، إن أول 200 ميغاوات من مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي المخطط له في أبوظبي بقدرة خمسة غيغاوات ستدخل الخدمة العام المقبل.

وتنفق الإمارات، وهي دولة مُصدرة رئيسية للنفط، مليارات الدولارات لتصبح مركزا عالميا للذكاء الاصطناعي، مستفيدة من علاقاتها القوية مع واشنطن للوصول إلى التكنولوجيا.



وخلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للخليج في أيار/ مايو، وقعت الإمارات صفقة بمليارات الدولارات لبناء أحد أكبر مراكز البيانات في العالم في أبوظبي باستخدام تكنولوجيا أمريكية. وقالت شركة جي42 آنذاك إن المشروع سيعمل بالطاقة النووية والشمسية بالإضافة إلى الغاز الطبيعي.

مناقشات حول بقية المشروع

تعمل شركات التكنولوجيا العملاقة إنفيديا وأوبن إيه.آي وسيسكو وأوراكل إلى جانب مجموعة سوفت بنك اليابانية مع جي42 لبناء المرحلة الأولى، المعروفة باسم (ستارجيت الإمارات) والمقرر تشغيلها عام 2026.

وقال القيسي، خلال أعمال مؤتمر جيتكس جلوبال للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في دبي، "في إطار سعينا للوصول إلى أول غيغاوات، لدينا 200 ميغاوات من المقرر تشغيلها العام المقبل".

وأضاف القيسي "نجري أيضا مناقشات معمقة مع شركات أخرى متخصصة في مجال الحوسبة السحابية فائقة السرعة من الولايات المتحدة بشأن الأربعة غيغاوات المتبقية".



ووفقا لما ذكرته رويترز سابقا نقلا عن مصادر، فإنه لم يتم الانتهاء من صفقة بناء المجمع وسط مخاوف أمنية بسبب العلاقات الوثيقة بين الإمارات والصين.

وتتطلب الصفقات في الشرق الأوسط تراخيص تصدير من إدارة ترامب، وأثارت علاقات مجموعة جي42 السابقة مع الصين تدقيقا في واشنطن بسبب المخاوف من وصول بكين إلى أشباه الموصلات المتقدمة، بما في ذلك عبر أطراف ثالثة.

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي أندرو فيلدمان لرويترز إن شركة سيربراس سيستمز الناشئة في مجال رقائق الذكاء الاصطناعي تهدف إلى نشر بنيتها التحتية في الإمارات العربية المتحدة لدعم قطاع الذكاء الاصطناعي سريع النمو في الدولة الخليجية وكذلك الأسواق في الهند وباكستان.

وقال فيلدمان: "أنا واثق جدا من أنه ستكون هناك مجموعات كبيرة هنا من معداتنا" ، بما في ذلك "معدات بقيمة ميغاوات" لمشروع ستارجيت، في إشارة إلى الاتفاقية بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة لبناء أكبر مجموعة من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في العالم خارج الولايات المتحدة.

مقالات مشابهة

  • مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي يبدأ العمل العام المقبل
  • المستقبل الوظيفي في ظل الذكاء الاصطناعي.. ندوة بآداب بنها
  • «السواحه» يجتمع مع مارك زوكربيرغ لتعزيز الشراكات التقنية في الذكاء الاصطناعي وتقنيات المستقبل
  • وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي أداة للتعليم والمعلم يظل البوصلة التي توجه المستقبل
  • فرومان: الصين وأميركا وسباق الهيمنة على الذكاء الاصطناعي
  • الصين والولايات المتحدة وسباق الهيمنة على قطاع الذكاء الاصطناعي
  • 7 فرص لغرف الأخبار في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ما الذي يريده الجمهور؟
  • هواوي: الذكاء الاصطناعي سيرفع الناتج المحلي ومصر تتحرك في 6 محاور لبناء المستقبل
  • دراسة: معظم الناس يواجهون صعوبة في التفريق بين الأصوات البشرية وتلك التي يولدها الذكاء الاصطناعي
  • كيف يمكن أن تتفوق الصين في سباق الذكاء الاصطناعي؟