تداعيات كورونا طالت الكعب العالي.. كيف تُرجِم ذلك في عالم الموضة؟
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في عالم الأزياء المتغيّر باستمرار، تتبدل صيحات الموضة مع تغيّر الفصول.. بيد أنّ تغيّرًا واحد بعينه لفت انتباه الخبراء في الآونة الأخيرة: التراجع التدريجي في شعبية الكعب العالي.
ففيما كان الكعب العالي مرادفا للأناقة والرقي، بدأ رمز "الأنوثة" يعلن انسحابه بهدوء من الضوء، مفسحًا المجال لموجة جديدة من الخيارات التي تعتمد الراحة.
والسؤال الذي يطرح نفسه يتمثّل بالتالي: هل كانت جائحة كورونا الضرية القاضية التي حسمت زوال الكعب العالي؟ إذ لا شك في أن المسار المتغير لحياتنا لعب دورًا بتراجع الصيحة السائدة.
وقبل أن يتوقف العالم، كانت الكعوب العالية في القمة بالمعنى الحرفي، إذا أنها لا ترفع مكانة المرأة التي تنتعلها فحسب، بل أثارت أيضًا إحساسًا بالأناقة يتجاوز مجرد كونها لباسًا للقدمين بل كانت بمثابة بوابة للثقة والجاذبية ولمسة من السحر الجامح.
من جهتها، قالت الدكتورة كارولين ماير، عالمة النفس المعرفي ومستشارة الأزياء، ومؤلفة كتاب "سيكولوجية الموضة"، لـCNN: "إنّ الكعب العالي يغيّر وضع الجسم فيصبح ممشوقًا ويخلق أسلوبًا مميزًا بالمشي، ويضفي جاذبية ملموسة، ويثير إعجاب الآخرين".
وتابعت: "يمكن أن يساهم ذلك بتعزيز مشاعر الثقة بالنفس والشعور بالاهتمام والتقدير على اعتبارك أنثوية أو محترفة".
أولويات جديدة لأسلوب حياة جديدومع ذلك، عندما اشتدت الجائحة، ترجّلت الأحذية ذات الكعب العالي عن مكانتها بشكل ملحوظ، إذ انخفضت مبيعاتها بنسبة 65% على أساس سنوي خلال الربع الثاني من عام 2020، وفقًا لبيانات من شركة أبحاث السوق NPD Group.
أما السبب، فيعزى إلى التحوّل الصارخ بالأولويات الناجم عن طريقة جديدة للعيش، متمثلة بتفضيل الراحة والعملية على جاذبية الكعب العالي.
وأدت الزيادة الكبيرة في العمل عن بعد إلى عدم وضوح الحدود بين ملابس العمل والترفيه؛ وتقلّص عدد الفعاليات الكبرى، وحل محلها صعود الاتجاه الرياضي.
وأوضحت ماير لCNN: "نتيجة للجائحة، أعطى الكثير منا الأولوية للراحة والعملية. وأدى انخفاض فرص الاختلاط وحضور المناسبات الرسمية والاعتماد الواسع النطاق للعمل عن بعد إلى التحول نحو الملابس غير الرسمية".
ويبقى السؤال رغم ذلك. هل تسببت الجائحة بالفعل في مثل هذا التغيير الهائل في شعبية الكعب العالي أم أن هذا التراجع يعد جزءًا من اتجاه أكبر؟
وأوضحت ماير لـCNN: "مع اتجاه المجتمع نحو مُثُل أكثر مساواة، هناك رفض للأنوثة المحددة بشكل صارم التي تربط الكعب العالي كعنصر أساسي للأنوثة".
وأضافت: "يشجعنا هذا التحوّل على احتضان الفردية، ورفض الأحذية التي قد تحد من الحركة والراحة".
وفي تلك الأثناء، تظهر الطليعة الجديدة للأحذية التي تجمع بين الأناقة والراحة من دون التخلي عن أي منهما. وأدى انتشار الأحذية الرياضية والأحذية من دون كعب والأحذية ذات الكعب العريض إلى إعادة تشكيل مشهد خيارات الأحذية النسائية.
تعكس الحداثة الجديدةوينعكس هذا على ارتفاع شعبية أنماط مختلفة من الأحذية في السنوات الأخيرة.
وفي عام 2023، زادت عمليات البحث عن "أحذية رياضية مكتنزة" و"أحذية باليه سوداء" بنسبة 70% و71% على التوالي، وفقًا لمحللة صناعة الأزياء، مادي لابويرتا.
بعد الجائحة، لم تنتعش الرغبة بالأحذية ذات الكعب العالي بشكل كامل. ورغم العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية، وزيادة الاهتمام بالبحث بنسبة 177% مقارنة مع عام 2020، في الربع الثالث من عام 2021 (وفقًا لمنصة تسوق الأزياء العالمية Lyst)، ظلت عمليات البحث عنها بشكل عام أقل بشكل ملحوظ مقارنة مع مستويات ما قبل الجائحة، وبدلاً من ذلك، اتجه الاهتمام نحو الكعب المنخفض المريح والكعب العريض.
وقال متحدث باسم كريستيان لوبوتان لـCNN: "ظلت شعبية الأحذية ذات الكعب العالي كبيرة أثناء فترة الإغلاق وبعدها، وكانت واحدة من أقوى الفئات".
وتابع: "ومع ذلك، فقد أدت الجائحة إلى ظهور اهتمام بمجموعة كبيرة من أنماط الكعب التي تعكس التغيير في نمط الحياة والاتجاهات، بما في ذلك الأحذية ذات الكعب المنخفض والمكتنز".
وفي أماكن أخرى، ترتفع مبيعات الأحذية المسطحة والأحذية الرياضية.
وكان موضوع الأحذية المسطحة حاضرًا على منصات عروض أزياء خريف وشتاء 2023 أيضاً؛ سادت أحذية الباليه المدببة بين علامتي "برادا" و"بالمان".
وفيما نودع الكعب العالي مؤقتًا، تظل الأسئلة قائمة حول مصيره المستقبلي. هل سيشهد عودة لإثبات مكانته كمثال للجاذبية؟
وأشارت ماير إلى أنه من المرجح أن يظل الكعب العالي خيارًا شائعًا للمناسبات الخاصة مثل حفلات الزفاف".
ومع ذلك، أضافت: "شجع التصور المجتمعي المتطور للجمال والأنوثة على قبول أوسع لأنواع الجسم المتنوعة، وإعطاء الأولوية للراحة والعملية، وتعزيز التعبير عن الذات والتفرد، وتحدي المعايير الجنسانية التقليدية".
لا شك أن الجائحة أعادت كتابة قواعد الموضة، إيذانا ببدء عصر تتشابك فيه الراحة مع الأناقة بسلاسة، لكن الوقت وحده سيكشف مصير الكعب العالي. في الوقت الحالي، لم يعد يُنظر إلى هذا الأسلوب باعتباره علامة أساسية للأنوثة.
أزياءفيروس كوروناموضةنشر الجمعة، 25 اغسطس / آب 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أزياء فيروس كورونا موضة
إقرأ أيضاً:
كوندي ناست تعلن نهاية عصر الفرو على صفحاتها وفي إعلاناتها
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- لن تعرض مجلة "فوغ" بعد الآن أي فرو حيواني جديد في المحتوى التحريري أو الإعلانات، وفقًا للإرشادات المحدثة على موقع الشركة الأم "كوندي ناست".
تسمح الإرشادات، التي تشمل بعض الاستثناءات المحددة مثل المنتجات الثانوية لممارسات البقاء على قيد الحياة والعادات التقليدية للسكان الأصليين، أيضًا لغيرها من المجلات المملوكة للشركة، مثل "ذا نيويوركر" و"فانيتي فير" و"جي كيو".
لكن يظهر الأثر الأكبر لهذه الخطوة في مجلة "فوغ"، التي لطالما اعتُبرت المرجع الأهم في عالم الموضة، إذ تمثل تحولًا ملحوظًا داخل الصناعة بعيدًا عن استخدام الفرو.
وأفاد المتحدث باسم "كوندي ناست" عن هذا القرار لموقع CNN: "تعكس قيمنا وإرشاداتنا في الموضة هذا التوجه منذ سنوات عديدة".
تراجع استخدام الفرو الحيواني عند العلامات التجاريةكان قد تراجع استخدام الفرو الحيواني منذ سنوات عديدة، حيث أعلنت علامات ومتاجر مثل "كندا غوس"، و"غوتشي" و"نت-أ-بورتر"، و"فيرساتشي"، و"برادا"، و"نيمان ماركوس"، و"مايكل كورس" عن نيتها التخلص التدريجي من منتجات الفرو منذ العقد 2010.
كما حظرت مجلة الموضة "Elle" استخدام الفرو في جميع إصداراتها الدولية في ديسمبر/ كانون الأول 2021، دعمًا لرفاهية الحيوانات ومواكبة لتغير الأذواق. ويُذكر أن تربية الفرو محظورة في دول عدة مثل المملكة المتحدة، والنمسا، وكرواتيا، وإيطاليا، والنرويج، بينما أصبحت إسرائيل أول دولة تحظر بيع الفرو الجديد في العام 2021.
لكن في العام 2024، أصبح أسلوب "زوجات المافيا" رائجًا على تيك توك، ما أثار اهتمامًا متجددًا بالفرو، خصوصًا بين الأجيال الشابة، إذ تضمن الاتجاه معاطف فرو كبيرة، وطباعة الحيوانات، ومجوهرات ذهبية ثقيلة، وسراويل جلدية لامعة. في ذلك الوقت، نشرت مجلة "فوغ" مقالات عدة تُحلّل أخلاقيات هذا الاتجاه، حتى لو كان الفرو المستخدم قديمًا أو صناعيًا. وكان عنوان أحد المقالات: "الفرو عاد.. هل من مشكلة؟"، بينما تساءل مقال آخر: "هل ارتداء الفرو القديم مقبول اجتماعيًا الآن؟".
ولم تذكر "كوندي ناست" مع ذلك، قبل عشرة أيام فقط، أي شيء عن الفرو في صفحة الاستدامة على موقعها الإلكتروني، وفقًا لصور محفوظة على The Wayback Machine، وهي أداة لأرشفة صفحات الإنترنت. وجاء قرار "كوندي ناست" بعد حملة استمرت تسعة أشهر قادها الائتلاف لإلغاء تجارة الفرو ("CAFT").