البلاد – رام الله
وسط صمت العالم، تتكشف ملامح كارثة إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة، حيث انهارت البنية التحتية، وارتفعت أسعار السلع الغذائية بأكثر من 500 %، وقفزت معدلات الفقر إلى أكثر من 90 %، مع استمرار الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول المساعدات منذ قرابة شهرين، مما دفع القطاع إلى شفا مجاعة شاملة وانهيار تام للخدمات.


في رسالة مؤثرة نشرتها مجلة “نيويوركر”، شبّه طبيب الطوارئ الأمريكي كلايتون دالتون الوضع شمال غزة بمشهد مدينة هيروشيما بعد القنبلة النووية، مشيرًا إلى أن مناطق بأكملها سويت بالأرض بفعل الدمار. وأكد دالتون أن المستشفيات لم تعد ملاذًا للمرضى بل أهدافًا مباشرة للهجمات، مما أدى إلى شلل القطاع الصحي. وأضاف أن الأطباء يعالجون الجروح الملوثة بوسائل بدائية في ظل نقص شديد في الأدوية والمعدات، فيما تُجرى العمليات الجراحية للأطفال دون مسكنات.
في السياق ذاته، أعلنت وكالة “أونروا” نفاد مخزونها من الطحين، مشيرة إلى وجود نحو 3000 شاحنة محملة بمساعدات حيوية لا تزال ممنوعة من الدخول. وأوضحت الوكالة أن الجوع يتفاقم مع استمرار الحصار، حيث بعتمد السكان، بما فيهم الأطفال، على الوجبات الخيرية للبقاء على قيد الحياة. وأكد برنامج الأغذية العالمي أن غزة تشهد أطول إغلاق لمعابرها في تاريخها الحديث.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد حذرت غرفة تجارة وصناعة غزة من أن الإغلاق المتواصل للمعابر تسبب في ارتفاع جنوني لأسعار المواد الغذائية بأكثر من 500 %، وقفزت معدلات الفقر إلى أكثر من 90، مع توقف مئات المصانع والمزارع والمطاعم عن العمل. وطالبت الغرفة بتسهيل دخول الوقود والإمدادات الطبية والغذائية، رافضة آلية إدخال المساعدات عبر الجانب الإسرائيلي.
من جهته، أكد جوناثان ويتال، رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، أن الإمدادات الإنسانية قد نفدت تقريبًا، محذرًا من اختناق كامل للحياة في القطاع وسط اكتظاظ المستشفيات ومعاناة لا توصف للسكان العالقين في كابوس متواصل.
تقف غزة اليوم شاهدة على أقسى وجوه المأساة البشرية، تئن تحت الركام، يجوع أهلها، ويموت أطفالها بصمت مروع، فيما الضمائر الغائبة تواصل التغاضي عن جريمة تجويع وإبادة لا مثيل لها.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

غزة: شحّ الغذاء وتفاقم الأزمة الإنسانية يدفعان رجلاً إلى بيع خاتم زوجته لشراء الطعام لأطفاله

اضطرّ رجل في غزة، وسط شحّ الطعام والدواء، إلى بيع خاتم زوجته الذهبي، آخر ما تملكه العائلة، في محاولة يائسة لشراء الدقيق لأطفاله الجائعين. اعلان

تتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة يومًا بعد يوم، حيث يعيش المدنيون، بمن فيهم النساء والأطفال، أوضاعًا مأساوية نتيجة نقص حاد في الغذاء والوقود والرعاية الطبية والخدمات الأساسية. وفي ظل هذا الواقع المرير، بات السعي وراء أبسط مقومات الحياة مأساة إنسانية تُفاقم مشاعر اليأس والمعاناة.

في وسط هذا الدمار، تجسيدًا لمعاناة آلاف العائلات، سار ياسر أبو صواوين من البيرة إلى دير البلح، أكثر من ساعة تحت أشعة الشمس الحارقة، في مهمة يائسة للحصول على طعام لأطفاله الجائعين.

ياسر، مثل العديد من الفلسطينيين المحاصرين في القطاع، يواجه خيارات محدودة للغاية للحصول على الطعام والمستلزمات الأساسية. بعد أيام من الجوع، قرر بيع خاتم الذهب الذي كانت تملكه زوجته، آخر مقتنيات العائلة الثمينة، في محاولة يائسة لشراء الدقيق.

Related خلال اقتحام مخيم في نابلس.. مقتل فتى فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربيةمجاعةٌ في القطاع ومعابرُ مغلقة: مستشفيات غزة تقف عاجزة وهي ترى الأطفال يموتون جوعابريطانيا تتحرّك لإسقاط مساعدات جواً فوق غزة.. و"الأونروا" تحذّر من محدودية الجدوى

لكنّ الوضع الاقتصادي المتردي في غزة، إلى جانب الانهيار النقدي، يجعل حتى هذه المحاولة البسيطة أمرًا شبه مستحيل. فأجهزة الصراف الآلي خارجة عن الخدمة منذ فترة طويلة، كما أن التدفق النقدي إلى داخل القطاع توقّف في مراحل مبكرة من الصراع، بحجة منع حركة حماس من الحصول على الأموال.

وقال ياسر أبو صواوين: "أريد أن أبيع خاتم زوجتي الذهبية. إنه آخر ممتلكاتنا." وأضاف: "جعلونا لا نفكر إلا في كيفية إطعام أطفالنا. نحن منهكون، نحن متعبون، لقد حولونا إلى متسولين ومجرمين. هذه ليست أي نوع من ظروف الحياة."

وأعرب عن استيائه من الوضع القائم، قائلاً: "لقد فقدنا كل شيء. الآن أصبحنا أعداء للناس الذين نحاول الشراء منهم."

وفي لحظة مؤثرة، طالب أبو صواوين المجتمع الدولي بالتدخل، قائلاً: "نطلب من العالم أن يخبر إسرائيل بالسماح بدخول الطعام. أو على الأقل أن تحارب مع الناس البعيدين عنا. نريد طعامًا. يا عالم، نريد أن نأكل!"

وعلى الرغم من بيعه الخاتم، وجد أبو صواوين السوق خالية من معظم السلع الأساسية، ولا شيء يُشترى بالمال الذي حصل عليه.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • الاقتصاد ينمو والفقر يزيد
  • بكين تخصص 69 مليار يوان لبرنامج استبدال السلع الاستهلاكية القديمة بأخرى جديدة
  • التموين تطلق سوق اليوم الواحد بالجمالية.. أسعار مناسبة وسلع متنوعة لخدمة المواطنين
  • المجاعة في غزة: وفاة رضيعة بسوء التغذية تُجسّد تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع
  • غزة: شحّ الغذاء وتفاقم الأزمة الإنسانية يدفعان رجلاً إلى بيع خاتم زوجته لشراء الطعام لأطفاله
  • تصعيد إسرائيلي شامل ضد غزة.. خطة لتطويق القطاع وسط نداءات لإنهاء الحصار
  • قائمة أسعار سلع التموين الرسمية.. سعر كيلو السكر 12.60 جنيه
  • 1.3 مليون نازح سوداني يعودون إلى ديارهم وسط دمار شامل ونداءات أممية للدعم العاجل
  • كركي: رفع تعرفات جديدة ودعم المستشفيات والمضمونين
  • 116 وفاة في غزة نتيجة المجاعة ونقص الغذاء والمساعدات الإنسانية