نظمت جمعية المهندسين المصرية ندوة بعنوان: “إدارة التغيير” حاضر فيها المهندس أسامة كمال، رئيس الجمعية ووزير البترول الأسبق، وسط حضور ضم نخبة من الشخصيات العامة والتنفيذية.

شهدت الندوة مشاركة المهندس فاروق الحكيم الأمين العام للجمعية، ووفد من نقابة المهندسين برئاسة المهندس طارق النبراوي نقيب المهندسين، والمهندس محمود عرفات الأمين العام للنقابة، والمهندس كريم الكسار الأمين العام المساعد للنقابة، إلى جانب عدد من الوزراء والمحافظين السابقين، من بينهم الدكتور أحمد درويش، والدكتور هاني محمود، واللواء أحمد عبدالله، والمهندس علاء خشب، والمهندس حسن عبد العليم، والدكتور مصطفى هدهود ، والدكتور طارق حماد، المهندس شريف هدارة، الدكتور كمال شاروبيم

واستهل المهندس أسامة كمال حديثه بالإشارة إلى حساسية موضوع التغيير في المؤسسات الصناعية، موضحاً أنه يواجه تحديين رئيسيين: الأول هو التحديث المستمر للندوة في كل مرة بسبب التطورات المتسارعة، والثاني هو محاولات إسقاط مضامين الندوة على الشأن السياسي، وهو ما يحرص على تجنّبه تماماً.

تطوير المؤسسات الصناعية 

وأوضح كمال، أن الصناعة لا تقتصر على الآلات والمعدات، بل تمتد إلى جميع مناحي الحياة: “الطب، السياحة، الهندسة، والإدارة كلها صناعات وحرف، موكدا أن سرعة التغيرات في العالم تفوق تصور كثير من القيادات التقليدية، ضاربًا المثل بتسارع تكنولوجيا الاتصالات من G5 إلى G10 كما طرحتها الصين، مما يشكل ضغطًا هائلًا على المؤسسات التي لا تتبنى الابتكار والتطوير.

وعرف" كمال"  التغيير بأنه رد فعل لأي أمر مخطط أو غير مخطط بهدف التكيّف مع الجديد، مضيفاً أن التغيير من أجل التغيير فقط ليس تغييراً حقيقياً، مستعرضا أمثلة من الواقع المصري لتوضيح أهمية التكيّف مثل تراجع صناعة الحديد والصلب واختفاء شركات مثل “النصر للسيارات”، مقابل نجاحات مثل تطور منظومة الاتصالات وصناعة السيراميك التي باتت تنافس كبرى الدول في أوروبا.

وفرق وزير البترول الأسبق، بين مفهوم ثقافة التغيير وتغيير الثقافة، الأولى تشير إلى قابلية الأفراد للتفاعل مع المتغيرات، وهي سمة مرنة وسريعة التشكل، بينما الثانية تعني تعديل المعتقدات والقيم المتجذرة، وهي عملية بالغة الصعوبة، وذكر أمثلة من تجربته مع شركات أجنبية عايش فيها هذا النوع من التكيف، مؤكداً أن مؤسسات مثل “إنبي” استمرت بفضل قبولها لتغييرات المواصفات والتكنولوجيا الجديدة، عكس شركات أخرى عجزت عن التكيّف.

واستعرض" كمال "أنواع التغيير، موضحاً الفرق بين التغيير التنظيمي الذي يستهدف تعديل العمليات والهياكل الداخلية، والتغيير الاستراتيجي الذي يهدف إلى إعادة توجيه المؤسسة لأسواق جديدة أو أهداف مختلفة، كما حدث مع محطات الوقود التي تحولت إلى مراكز تجارية متعددة الخدمات.

وأوضح رئيس جمعية المهندسين المصرية، بأن عملية إدارة التغيير تمر بعدة مراحل تبدأ بتحديد المناطق التي تحتاج إلى تغيير، تليها دراسة المخاطر المحيطة، مشدداً على أهمية تأهيل الأفراد والمؤسسات لاستيعاب التغيير ،“يمكن لأي تغيير غير محسوب أن يهدم المؤسسة من أساسها”، بحسب تحذيره.

وركز كمال على العوائق الحقيقية التي تواجه إدارة التغيير، موضحاً أن الخوف يأتي على رأس هذه العوائق، إذ يعد من أكثر العوامل التي تثبط محاولات التغيير، مشيرا إلى أن عدم إشراك الأفراد في عملية التغيير يفقدهم الحافز، مشددًا على ضرورة تهيئة العاملين لمواجهة التحديات والتكنولوجيا الحديثة، عبر التدريب والتوعية المستمرة.

وأكد أن نظام الحوافز والجزاءات يلعب دورًا محوريًا، ويمكن أن يكون سببًا في مقاومة التغيير إن لم يدار بذكاء وعدالة.،

كما شدد على أهمية وضوح الرؤية والأهداف، إلى جانب الحاجة إلى نموذج أخلاقي ومهني يقود عملية التغيير، ويمنحها المصداقية والاستدامة.

وأوضح كمال، أن أصعب ما في إدارة التغيير هو التغيير في الأفراد، وليس في النظم أو الآليات، مطالبًا بترسيخ قيم أخلاقية ومهنية واضحة، وبناء كوادر مدربه قادرة على قيادة التغيير، داعياً إلى تبني فكر مرن وقابل للتطور، مشيراً إلى أن النجاح لا يأتي فقط من الإمكانيات بل من القدرة على التكيّف والتجديد المستمر.

واختتم وزير البترول الأسبق، محاضرته بالتأكيد أن إدارة التغيير ليست رفاهية بل شرط للبقاء، وأن المؤسسات التي لا تواكب التغيير مصيرها الزوال، مؤكداً أن التدريب المستمر ووجود قيادة أخلاقية هما حجر الأساس لضمان نجاح أي عملية تغيير داخلي.

من جانبه اعتبر المهندس فاروق الحكيم الأمين العام للجمعية، أن الندوة تسلط الضوء على جانب إداري بالغ الأهمية، غالبًا ما يتم تجاهله في برامج التدريب التي تركز في العادة على الجوانب العلمية والفنية البحتة، مضيفاً: إدارة التغيير لم تعد خيارًا، بل أصبحت ضرورة في بيئة العمل الحديثة، ويجب أن يمتلك المهندس أدوات التعامل معها بوعي وكفاءة.

وأشار إلى أن الإدراك بمفاهيم الإدارة وأساليب التغيير يجب أن يشمل كافة المهندسين، من حديثي التخرج وحتى أصحاب الخبرات الطويلة، مؤكدًا أن الجمع بين المعرفة الهندسية والمهارات الإدارية يعزز قدرة المهندس على اتخاذ قرارات فعالة ومواكبة تطورات السوق والعمل المؤسسي.

واختتم "الحكيم" كلمته بالدعوة إلى دمج مفاهيم الإدارة الحديثة في برامج التأهيل والتدريب الهندسي، بما يسهم في إعداد كوادر قادرة على قيادة التغيير لا مجرد التكيف معه، كما أشار  الدكتور  مصطفي شعبان (نائب رئيس الجمعية) الي تجربته في تغيير مقررات الدراسة في التعليم الجامعي.

وشهدت الندوة عدد من المداخلات التفاعلية المميزة من الحضور لتبادل الخبرات، شارك فيها عدد من الوزراء السابقين وكبار المسؤولين، حيث عرضوا تجاربهم الشخصية في قيادة التغيير داخل الوزارات والمؤسسات التي تولّوا إدارتها.

وسرد المتحدثون تحدياتهم في مواجهة البيروقراطية، مقاومة التغيير، وكيف نجحوا - أحيانًا بعد صعوبات - في تنفيذ رؤاهم وتحقيق تطوير ملموس داخل قطاعاتهم.

ووقد جاءت هذه الشهادات الواقعية بمثابة دروس عملية للحضور من مهندسين وإداريين، خاصة في كيفية اتخاذ القرار، كسب دعم الفرق، ومواجهة الأزمات بثبات ومرونة.

وأكد الحضور، أن النجاح في إدارة التغيير لا يتطلب فقط رؤية واضحة، بل شجاعة وارادة في التنفيذ، ومرونة في التعامل مع التحديات اليومية، وتنوعت القصص بين إعادة هيكلة قطاعات حيوية، وإدخال التكنولوجيا الحديثة، وتحسين جودة الخدمات العامة.

واختتمت الندوة بتأكيد ضرورة تعميم ثقافة التغيير الإيجابي، وتزويد الكوادر الشابة بالمهارات الإدارية إلى جانب المعارف الفنية، بما يضمن مستقبلًا مهنيًا أكثر كفاءة واستدامة.

طباعة شارك جمعية المهندسين المصرية نقابة المهندسين طارق النبراوي نقيب المهندسين المؤسسات الصناعية النصر للسيارات

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: جمعية المهندسين المصرية نقابة المهندسين طارق النبراوي نقيب المهندسين المؤسسات الصناعية النصر للسيارات المؤسسات الصناعیة إدارة التغییر الأمین العام التکی ف

إقرأ أيضاً:

جولة ترامب في الشرق الأوسط تكشف تجاهله لغزة

بينما يتنقل دونالد ترامب من عاصمة خليجية إلى أخرى، ويُوقّع صفقات لافتة، ويزور الرئيس السوري الجديد، بل ويُحرز، كما يُقال، تقدمًا في ملف إيران النووي، يبدو أن الحرب في غزة قد أُزِيحت إلى هامش الدبلوماسية الأمريكية.

فرغم وجود مفاوضات شارك فيها الأمريكيون الأسبوع المنصرم في قطر بشأن إطلاق سراح الرهائن، فإن إسرائيل رأت من المناسب تنفيذ محاولة اغتيال مدمرة لقائد حماس، محمد السنوار، تلتها غارات جوية كثيفة على قطاع غزة. وعلى الرغم من أن مصير السنوار لم يُؤكَّد بعد، فإن توقيت هذا التصعيد خلال وجود الرئيس الأمريكي في المنطقة يكشف بوضوح مدى عدم جدية الحكومة الإسرائيلية في إنهاء الحرب.

وفي الحقيقة، إذا استؤنفت الحرب بشكل كامل قريبًا، فلن يكون ذلك مفاجئًا، إذ إن المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي صادق في وقت سابق من هذا الشهر بالإجماع على خطة لتوسيع الهجوم العسكري في غزة، مع قيدٍ وحيد، وهو انتظار انتهاء جولة ترامب في الشرق الأوسط. وقد وُضعت هذه الخطة الجديدة تحت ضغط شديد من أكثر أعضاء الائتلاف تطرفًا، وتذهب إلى ما هو أبعد من - هزيمة حماس-، حيث لا تُبدي اهتمامًا يُذكر بمصير الرهائن المتبقين، بل تسعى إلى احتلال دائم لكامل أراضي القطاع.

ورغم محاولات نتنياهو تزيين المرحلة المقبلة من الحرب بأسباب -أمنية- وحجج -إنسانية- زائفة، مثل القول إن سكان غزة سيتم -نقلهم لحمايتهم- فإن وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أحد رموز اليمين الاستيطاني المتطرف، كشف النقاب عن النوايا الحقيقية. فقد صرّح أن سكان غزة، خلال ستة أشهر، سيُحصرون في رقعة ضيقة من الأرض، بينما سيتم -تدمير ما تبقى بالكامل- ما سيدفعهم إلى -البحث عن أماكن أخرى لبدء حياة جديدة. أي أن الهدف الحقيقي هو التهجير القسري.

في الماضي، حين كانت هذه الأفكار المتطرفة محصورة في هامش السياسة والمجتمع الإسرائيلي، كان من الممكن اعتبارها مجرد شعبوية يمينية. أما اليوم، فهؤلاء الأشخاص أنفسهم يشغلون مناصب وزارية رئيسية، ويُسيطرون على قرارات الحكومة. والأسوأ من ذلك، أن نتنياهو يعتمد عليهم بشكل كامل للبقاء في الحكم إلى حين موعد الانتخابات المقبلة، وهو ما يتيح له أيضًا محاولة عرقلة محاكمته بتهم فساد، خاصة وأن المحاكمة دخلت مرحلة حساسة من استجوابه من قِبل الادعاء العام.

ولكي يُرضي هؤلاء المتطرفين، يفعل نتنياهو ما يشاؤون، لأنه لا يستطيع تحمُّل انتخابات جديدة، وهو ما يطالب بها معظم الإسرائيليين، ولا احتمال تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الفشل الذريع الذي أدى إلى أحداث 7 أكتوبر.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من ثلثي الإسرائيليين يُفضِّلون التوصل إلى صفقة مع حماس تُفضي إلى إطلاق سراح الرهائن على الاستمرار في الحرب. كما تُظهر هذه الاستطلاعات أن الأحزاب الائتلافية الحاكمة ستخسر بشدة في أي انتخابات عامة حالية. لهذا يتمسّك نتنياهو بائتلافه الحالي، ويخضع لإملاءاته، حتى وإن كانت مدمّرة وجنائية.

لكن ثمن هذا التمسّك المحموم بالسلطة يُدفع أولًا وقبل كل شيء من قبل الفلسطينيين، ويُدفع أيضًا من قِبل الإسرائيليين أنفسهم. فإسرائيل تواصل منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ أسابيع، في وقت تُحذِّر فيه المنظمات الإغاثية من مجاعة وشيكة، ومن انعدام الرعاية الطبية، خاصة مع قصف المستشفيات، وانقطاع المياه النظيفة والصرف الصحي. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، الوضع هذا الأسبوع بأنه -غير محتمل تمامًا، وغير مقبول، وغير إنساني، ولا يُغتفر. ويجب إيقافه فورًا.

إن مسؤولية وقف ترجمة قرار الحكومة الإسرائيلية بتوسيع الحرب إلى واقع على الأرض تقع على عاتق المجتمع الدولي.

فقد حشدت قوات الاحتلال عشرات الآلاف من الجنود تمهيدًا لاقتحام غزة المدمّرة، التي يُقيم فيها سكان يعانون من الصدمة الجماعية. وإذا لم يستخدم المجتمع الدولي أدواته ونفوذه لمنع اندلاع حرب جديدة شاملة، وإذا قرر ترامب ألا يُلوِّح بعضلاته كما فعل في مناسبات سابقة، فإن العالم سيكون شريكًا في المزيد من سفك الدماء، والتهجير، وسلب الفلسطينيين أراضيهم. بل وقد يكون هذا الفصل أسوأ من كل ما سبقه.

يوسي ميكلبرغ أستاذ العلاقات الدولية وزميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «تشاتام هاوس».

مقالات مشابهة

  • ترامب يعلن عن القبة الذهبية.. وهذه أبرز التحديات التي تواجهها
  • بتعاون من النقابة.. المهندسين تبحث زيادة أعمال يوتن في مصر
  • تعاون لرفع كفاءة البنية التحتية لمشاريع المدن الصناعية بالشرقية
  • ندوة حول استراتيجيات المرونة الرقمية في مواجهة مخاطر الأمن السيبراني
  • أمريكا.. خبراء يحذرون من تسونامي كارثي يهدد ملايين السكان في ألاسكا وهاواي والساحل الغربي
  • فيديوهات: قوات الجيش و المخابرات تستولي على عتاد ومعدات قتالية ضخمة وبطاقات مقاتلين “كولمبيين” في عملية توغل برية واسعة وقائد سلاح المهندسين داخل الصالحة.. سيارات مصفحة ومسيرات
  • المشاري: التطوير العقاري ضرورة حتمية لمواكبة التغيرات البيئية والاقتصادية
  • خبراء يحذرون: "ميغا تسونامي" يهدد ثلاث مناطق أميركية
  • جولة ترامب في الشرق الأوسط تكشف تجاهله لغزة
  • إدارة المولودية تحذّر من “الويكلو” أمام اتحاد العاصمة