لم تكترث الولايات المتحدة بالتوتر والصراع الجديد بين باكستان والهند، وكان هذا واضحا في تصريح لنائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، غير أن الأخير غير رأيه فجأة وقرر التدخل لإحتواء التوتر.

وكشفت صحيفة "الإندبندنت" أن فانس هو من اتصل برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لتشجيع محادثات وقف إطلاق النار بشأن الصراع المتصاعد مع باكستان بعد أن تلقت الولايات المتحدة "معلومات استخباراتية مثيرة للقلق".



وأفادت شبكة "سي إن إن" أن نائب الرئيس الأمريكي ووزير الخارجية ومستشار الأمن القومي المؤقت ماركو روبيو ورئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز اضطروا إلى زيادة دور أمريكا في الصراع بعد تلقي المعلومات الاستخباراتية صباح الجمعة.

وقد شكل هذا تغييرا في موقف فانس، الذي كان قد صرح أن الصراع الخطير بين القوتين النوويتين "ليس من شأننا".


ولم يشارك مسؤولون في إدارة ترامب مزيدًا من التفاصيل الاستخباراتية حول المعلومات الاستخبارية التي وصلتهم بشأن الصراع بين باكستان والهند، لكنهم قالوا إنها كانت "حاسمة" في إقناع الثلاثة بالتحرك.

وبعد أن أطلع فانس الرئيس دونالد ترامب على أحدث التطورات وخطة العمل الخاصة بهم، اتصل برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عند الظهر بالتوقيت الشرقي الجمعة، وأخبره أن البيت الأبيض يعتقد أن هناك احتمالا كبيرا لتصعيد دراماتيكي.

وأفادت شبكة CNN أيضًا أن فانس عرض على مودي "مخرجًا محتملًا" فهمت الولايات المتحدة أن الباكستانيين سيقبلونه. ولم يُكشف عن مزيد من التفاصيل حول ذلك.

وقال المسؤولون إن "فانس شجع مودي على أن تتواصل بلاده مع باكستان بشكل مباشر وأن تدرس خيارات خفض التصعيد"، بحسب شبكة "سي إن إن".

وذكرت التقارير أن روبيو ومسؤولي وزارة الخارجية "عملوا طوال الليل" في التنسيق مع نظرائهم في الهند وباكستان، فيما قال مسؤولون لشبكة CNN إن دور إدارة ترامب كان إلى حد كبير هو جعل الجانبين يتحدثان، وليس صياغة اتفاق وقف إطلاق النار.

وأعلن ترامب صباح السبت بتوقيت الولايات المتحدة أن الهند وباكستان اتفقتا على "وقف إطلاق نار كامل وفوري" بعد أن توسطت أمريكا في المحادثات.

وكان جيه دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال الخميس، إن التوتر بين الهند وباكستان "ليس من شأن الولايات المتحدة"، وأن واشنطن لن تتدخل في الأمر.


وقال فانس في برنامج على قناة "فوكس نيوز" إن واشنطن تريد خفض التوتر في أسرع وقت ممكن بين الهند وباكستان، لكنها لا تستطيع التحكم بهما.

وأشار إلى أن هذا التوتر "ليس من شأن الولايات المتحدة"، وأن الإدارة الأمريكية لن تتدخل فيه.
وذكر أن الولايات المتحدة لا يمكنها إجبار أي من الطرفين على إلقاء السلاح، معربا عن قلقه من التوتر.

والثلاثاء الماضي، أطلق الجيش الهندي عملية عسكرية ضد "أهداف" في باكستان وإقليم "آزاد كشمير" المتمتع بحكم ذاتي والخاضع لسيطرة إسلام آباد.

وقال إنه استهدف 9 مواقع وصفها بأنها "بنى إرهابية"، فيما أعلنت إسلام آباد أن المستهدف 6 مواقع مدنية، ما أسفر عن مقتل 31 شخصًا وإصابة 57 آخرين.

وتصاعد التوتر بين الهند وباكستان في 22 نيسان/ أبريل عقب إطلاق مسلحين النار على سائحين في بلدة باهالغام بإقليم "جامو وكشمير" الخاضع للإدارة الهندية، ما أسفر عن مقتل 26 شخصا وإصابة آخرين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية باكستان فانس الهندي وقف إطلاق النار امريكا باكستان الهند وقف إطلاق النار فانس المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الهند وباکستان

إقرأ أيضاً:

كيف خسرت الهند بنغلاديش وربحتها الصين وباكستان؟

في أبريل/نيسان من هذا العام التقى المستشار الأعلى لبنغلاديش محمد يونس بعد ثورتها العام الماضي برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والتقط معه صورة ودية وهما يتصافحان.

خرج بعدها المتحدث باسم محمد يونس قائلا إن لقاء القائدين كان بناء ومثمرا، وصرحت وزارة الخارجية الهندية بأن الهند ومودي يدعمان مسيرة التحول الديمقراطي وتحقيق الاستقرار في بنغلاديش ويدعمان إقامة دولة سلمية وتقدمية فيها، وأن الهند تسعى لإقامة علاقة بناءة قائمة على البراغماتية مع جارتها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أسقطت المرأة الحديدية واستبعدت إسرائيل.. الثورة تغيّر بنغلاديشlist 2 of 2نيبال تشتعل.. هل هو ربيع آسيوي جارف؟end of list

لكن ما يدور على الأرض يشي بتوتر مكتوم قد يكون له بالغ الأثر في السنوات المقبلة، فانتخابات بنغلاديش المزمعة إقامتها في أبريل/نيسان 2026 من المرجح أن تأتي بأطراف إلى الحكم على خصومة كبيرة مع الهند وقيادتها الحالية.

وعلى مدار الشهور التي قضاها محمد يونس في السلطة اتسمت إدارته الخارجية بتغيير وجهة البلاد بمهارة وتأن، إذ قالت مجلة "ذا ديبلومات" إنه نجح في تقوية علاقته مع الصين وإبرام العديد من الصفقات معها، وفي الوقت نفسه نجح في التواصل ببراغماتية وذكاء مع مودي، كما حافظ على علاقة جيدة مع الإدارة الأميركية ويحافظ على دعمها لبلاده.

لكن رغم استخدام يونس وإدارته لغة ذكية وماهرة في التعامل مع جارته الكبرى وحرصه في خطاباته على ألا يثير استفزازها فإنه على أرض الواقع مال ببلاده بقوة نحو التقارب مع الصين على حساب الهند، الأمر الذي ربما يتعمق مع تولي حكومة منتخبة إدارة بنغلاديش العام المقبل إذا أجريت الانتخابات.

وإذا ما تسارعت الأمور أكثر فإن الهند ربما تجد نفسها في موقف لا تُحسد عليه يهدد أمنها القومي، فقد تتقارب بنغلاديش وباكستان والصين معا، وكل واحدة منهما لديها خصومة مع الهند.

كيف وصلت علاقة الهند وبنغلاديش إلى الحضيض؟

لا تتوقف وسائل الإعلام الهندية عن الإشارة إلى خطورة فقدان بنغلاديش وتوتر العلاقة بين البلدين، لكن اللهجة السائدة تعزو هذه الأزمة إلى ظروف خارجة عن إرادة الهند، فهي تعود في نظرها إلى أن الإسلاميين المتطرفين بعد الثورة صارت لهم كلمة عليا في بنغلاديش، فهم يكرهون الهند لأسباب طائفية بحسب تلك الرؤية.

إعلان

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الصين استغلت الثورة وحاكت مؤامرة ضد الهند استطاعت أن تكسب بها بنغلاديش إلى صفها بحسب تلك الرؤية السائدة في بعض وسائل الاعلام.

لكن هذا التفكير التآمري المنتشر في صفوف بعض المحللين الهنود يغض الطرف عن حقيقة كون الهند مسؤولة إلى حد كبير عن وصول العلاقات بين البلدين إلى ما هي عليه الآن.

لقد أتت الثورة على الشيخة حسينة بمثابة ضربة موجعة ومفاجأة لدلهي، إذ كانت حسينة قبل عام واحد من الثورة قد أعلنت أن علاقة بلادها بالهند تعيش عصرها الذهبي.

وكانت حسينة كنزا استراتيجيا للهند، وبحسب منتدى دراسات شرق آسيا فإن نظام حسينة وفر للهند 5 مزايا كبرى، الأولى أن بنغلاديش كانت تتعاون مع الهند في مكافحة الجماعات الإسلامية المسلحة وقمع نشاطها عبر الحدود، والثانية تحجيم الأنشطة الباكستانية في بنغلاديش، والثالثة توفير الحماية الكافية للأقلية الهندوسية في البلاد، والرابعة التوصل إلى اتفاقيات حدودية كانت معقدة قبل حسينة، والخامسة إقامة اتفاقات مفيدة اقتصاديا للهند كانت تتركز في مجالات الطاقة والبنية التحتية.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (يمين) ورئيسة وزراء بنغلاديش المخلوعة الشيخة حسينة في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2019 (الفرنسية)

والأهم من ذلك أن شراكة بنغلاديش مع الهند مكنت الأخيرة من ترسيخ صورة الدولة الرائدة لاقتصادات جنوب آسيا.

وقد وصلت العلاقات إلى حد إنشاء خط سكة حديد يمتد من دلهي إلى داكا، مما ساهم في تنمية شمال شرق الهند الفقير والمعرّض باستمرار للاضطرابات.

وبحسب مجلة فورين بوليسي الأميركية، فإن حسينة أيضا منحت الهند حقوق عبور حيوية، كما منحت بنغلاديش في عهدها عقودا ومزايا لمجموعة أداني، وهي تكتل من الشركات الهندية المقربة لمودي.

وفي المقابل، أعطت الهند نظام حسينة الدعم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي حتى جاءت لحظة سقوطها.

وقد تجاهلت دلهي تماما الاتهامات الموجهة إلى حسينة بانتهاك حقوق الإنسان في بنغلاديش وتزوير الانتخابات، بل وبحسب مجلة فرونتلاين الهندية فإن وزير الشؤون الخارجية في الهند اعترف بعد الثورة بأنه كان على علم بحجم الغضب في الشارع البنغالي تجاه حسينة.

لم يكن غريبا إذن أن تكون ثورة بنغلاديش مفعمة بروح الخصومة مع الهند، فقد ظهر هذا التوجه منذ الأيام الأولى للثورة عند الطلاب والمسيسين من أنصار الحزب الوطني في بنغلاديش، إضافة إلى الإسلاميين.

ورغم أن إدارة بنغلاديش الحالية تبنت نبرة هادئة في الحديث مع الهند فإن ديبابريا بتاتشاريا -وهو خبير اقتصادي بنغالي مقرب من الحكومة- أجرى حوارا مع مجلة فرونتلاين حاول فيه تتبُّع خطاب الحكومة الهادئ، لكنه شرح في الوقت نفسه سبب غصب الشارع البنغالي من دلهي، وقال إن كثيرين في بنغلاديش يحمّلون الهند مسؤولية استمرار نظام حسينة، ويشعرون بالاستياء من أن الهند لم تجر مراجعة حقيقية لموقفها السابق.

وعلاوة على ذلك لا زالت الهند تستضيف حسينة الهاربة وتسمح لها بمحاولة التأثير على بنغلاديش من الخارج، وهو أمر يُنظر له في الشارع البنغالي على أنه عمل عدائي.

إعلان

وبحسب بتاتشاريا، فإن النظام الهندي اتبع نهجا في التعامل مع بنغلاديش اعتمد على المنظور الأمني بامتياز، وحتى حين سعت الهند إلى التعاون مع بنغلاديش في مسائل تنموية واقتصادية كانت تتصرف بهواجس أمنية، ولذا انتهى بها الأمر إلى دعم حكومة قمعية أجرت 3 انتخابات مزورة، وبالتالي يتوجب على الهند أن تتعلم احترام اختيارات الشعب البنغالي اليوم وتحترم استقلاليته وألا تحاول أن تفرض عليه من لا يمثلونه.

وبحسب صحيفة "إنديا توداي" الهندية، فإن هذه ليست المرة الأولى في التاريخ التي تشهد فيها العلاقات بين الهند وبنغلاديش توترا كبيرا، فبعد استقلال بنغلاديش عام 1971 كانت العلاقات في أوج قوتها، إذ دعمت الهند بنغلاديش بقوة للحصول على استقلالها من باكستان، وساهمت في تأسيس دولتها الجديدة بعد أن تعاونت مع المتمردين البنغال، وأعلنت بنغلاديش حينها أن الهند ستكون أقرب حلفائها وحجر زاوية علاقاتها الخارجية.

لكن سرعان ما استشعرت بنغلاديش أن الهند تستغل البلاد اقتصاديا وتحتكر موارد المياه التي من المفترض أن تكون مشتركة بينهما، ورأى قطاع واسع من البنغال أن للهند دورا في انتشار الفقر في بلادهم.

وقد تفاعل زعيم بنغلاديش آنذاك مجيب الرحمن مع تلك المشاعر المعادية للهند، وسرعان ما ظهر التوتر بين البلدين بعد معاهدة الصداقة والتعاون بينهما عام 1972، وبدأ مجيب الرحمن في الترويج لخطاب ينتقد الهند، ومع ذلك استمر دعم الهند للزعيم البنغالي، وظلت العلاقة بين البلدين مقبولة.

وبحلول منتصف السبعينيات اغتيل مجيب الرحمن، ولم يكن من أتوا بعده متحمسين للهند، ومالوا أكثر من ذي قبل نحو باكستان والصين، وسط أجواء معادية للهند.

وبحسب صحيفة "إنديا توداي"، كان على الهند أن تتعلم من هذا الدرس التاريخي وألا تفكر في الاعتماد على زعيم مستبد في بنغلاديش، لكنها كررت الخطأ نفسه مع الشيخة حسينة التي أدخلت العلاقات بين البلدين إلى عصرها الذهبي وحصلت في المقابل على دعم هندي كامل، لكن بمجرد سقوطها تكرر ما حدث في السبعينيات وبدرجة أكبر، فقد باتت الهند في عين قطاع واسع من الشعب عدوة له تدعم من يستبدون به.

ووفقا لمجلة فورين بوليسي، فإن الغضب العارم في الشارع البنغالي يعود أيضا إلى أسباب أخرى بخلاف الشعور العام بأن العلاقة مع الهند أفادت دلهي بشكل غير متناسب على حساب مصالح بنغلاديش، وأن الهند هي التي كانت تحمي نظام حسينة المستبد لسنوات طويلة.

فثمة غضب منفصل تجاه حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند وزعيمه ناريندرا مودي بسبب سياساته القومية الهندوسية المتطرفة التي تضطهد المسلمين، فضلا عن أن الشعب في بنغلاديش لا ينسى حين استثنى قانون تعديل الجنسية عام 2019 المسلمين من مشروع أحكام الجنسية الهندية السريعة للمضطهدين من الدول المجاورة.

ومع قيام الثورة باتت كراهية النظام الهندي الحاكم والعداء للهند تيارا جارفا في بنغلاديش، خاصة مع صعود القوى القومية والإسلامية في البلاد، والتي ترى أنه ينبغي أن يكون حلفاء بنغلاديش هم باكستان والصين وليست الهند.

والواقع أن المشاعر المعادية للهند بلغت مستوى لم يسبق أن وصلت إليه في تاريخ بنغلاديش بحسب تعبير بتاتشاريا، كما أن هناك شعورا عاما في بنغلاديش مفاده أن الهند تتعامل مع كل الأطراف في البلاد باستعلاء وبوصفهم جميعهم إسلاميين متطرفين سيحوّلون بنغلاديش إلى دولة إسلامية متطرفة وهمجية.

وبعد الثورة كان الحس القومي والإسلامي الكاره لحقبة الاستبداد يسود المشهد في بنغلاديش، وفي المقابل لم تحسن الهند التصرف من وجهة نظر الكثير من المراقبين لكي تحافظ على علاقة جيدة مع نظام ما بعد الثورة.

فإلى جانب استقبال الشيخة حسينة -الذي أثار استياء الحكام الجدد في بنغلاديش على نحو واضح في التصريحات الرسمية- تقول أصوات بنغالية مقربة من الحكومة إن بنغلاديش أرادت أن يكون أول اجتماع ثنائي بين يونس وزعيم أجنبي مع رئيس وزراء الهند مودي، لكن الهند لم تسارع إلى تلبية الأمر من جهتها، وبالتالي اختارت الحكومة البنغالية أن تكون أول زيارة ليونس إلى الصين.

إعلان

وعلى جانب آخر، خفّضت الهند تأشيرات المرضى البنغال وأوفقت صادرات بنغلاديش من الملابس الجاهزة وغيرها من السلع عبر جميع الموانئ البحرية، وسمحت بدخولها فقط من خلال مومباي وكالكوتا بعد عمليات التفتيش.

وقد بدأت الهند تنتقد بشدة الهجمات التي تعرّض لها أبناء الأقليات الدينية في بنغلاديش على أيدي بعض المتطرفين دينيا، وهي انتقادات لم يُنظر إليها بصورة إيجابية من الحكومة البنغالية التي رأت أن الهند تبالغ بشدة في الحديث عن تلك الأحداث، وتنشر معلومات مضللة ومبالغ فيها.

وقد أشار يونس بوضوح إلى أنه يرغب في تحسين العلاقة مع الهند لكن عليها أن تتوقف عن المبالغة بشأن ما يتعرض له الهندوس في بلاده.

رئيس حكومة بنغلاديش المؤقت محمد يونس، يتحدث في جلسة خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في 22 يناير/كانون الثاني 2025 (الفرنسية)

لكن رغم أن العلاقات بين الهند وبنغلاديش لم تصل إلى درجة الانهيار حتى الآن، إذ حاول كل من مودي ويونس أن يرقصا على السلالم في تلك العلاقة بعدم تجاوز الخطوط الحمراء مع بعضهما البعض فإن هناك دولتين ما زالتا تسعيان بجد إلى ملء فراغ الهند بعد نظام حسينة، مستغلتين صعود المشاعر القومية والإسلامية في بنغلاديش المعادية للسياسة الهندية، وزيادة نفوذ هاتين الدولتين في بنغلاديش يعد بمثابة خطر يحدق بالهند.

الرابحان.. باكستان والصين

وبحسب منتدى دراسات شرق آسيا، فإن نظام حسينة نفسه كان يقيم علاقات مع الصين ويسعى إلى تحقيق التوازن بين الهند وبين منافستها الصين ذات القوة الكبيرة، لكن حسينة كانت تميل بوضوح ناحية دلهي، فتحت الضغط الهندي على سبيل المثال ألغت مشروع ميناء سوناديا البحري في بنغلاديش الواقع في جزيرة سوناديا، والذي كان مدعوما من جهة الصين نظرا لأهميته الإستراتيجية بالنسبة لها.

لكن مع مجيء الثورة وجدت الصين فرصة كي تقلب المشهد، وسرعان ما بدأت السفارة الصينية في بنغلاديش بتقوية علاقتها بمختلف الجهات السياسية الفاعلة، بداية من أفراد حكومة يونس وصولا إلى قيادات الحزب الوطني البنغالي، وحتى زعماء الإسلاميين، وعلى رأسهم الجماعة الإسلامية في البلاد.

كل ذلك في وقت كانت الهند تتواصل فيه ببطء شديد مع الأطراف البنغالية الفاعلة، خاصة القوميين والإسلاميين، حتى إن الهند بدأت في التواصل مع الحزب الوطني البنغالي فقط في أعقاب تواصل الصين معه، بحسب صحيفة "إنديا توداي".

ومن جهة أخرى، استُقبل يونس استقبالا حافلا في الصين ومُنح الدكتوراه الفخرية هناك، ووقّع البلدان في أعقاب ذلك العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية.

وفي إطار تخفيض الهند عدد التأشيرات التي تمنحها للمرضى البنغال بدأت بنغلاديش تتجه أكثر إلى فكرة تسيير رحلات مباشرة أكثر إلى الصين لتسهيل السفر الطبي بين البلدين.

والواقع أن الصين لا تدخر جهدا كي تجذب بنغلاديش بعيدا عن الهند، وتجرها إلى فلك مبادرة الحزام والطريق، وتستغل علاقتها بها في الضغط الإستراتيجي على الهند في إطار لعبة توازن القوى والقدرة على الردع بين البلدين.

خريطة بنغلاديش (الجزيرة)

وقد عرضت الصين على بنغلاديش أيضا أن تشاركها تكنولوجيا متقدمة وتمنحها وصولا معفيا من الرسوم الجمركية على الصادرات، وتعهدت بكين أيضا بأن تستورد المزيد من السلع من بنغلاديش، وكذلك تعهدت الصين بمعونات مادية لبنغلاديش.

وبحسب مجلة فورين بوليسي، فإن هناك مسألة حيوية في علاقات الصين ببنغلاديش تثير مخاوف الهند، وهي ممر سيليكوري الذي يربط شمال شرق الهند ببقية البلاد، وهو بحسب المجلة شريان الحياة للولايات الهندية المتاخمة لميانمار والصين.

فبنغلاديش في حال تحالفها مع الصين وباكستان يمكنها فعليا أن تخنق هذا الممر، مما يؤدي بدوره إلى عزل الشمال الشرقي الهندي، وقد عبرت دلهي عن مخاوفها أثناء زيارة يونس للهند حين استحضر الحديث عن الممر، إذ حثها على ترسيخ نشاطها الاقتصادي في بلاده، مؤكدا تميز بنغلاديش بموقع إستراتيجي فريد.

وقال يونس حينها "شمال شرق الهند منطقة غير ساحلية، وتسيطر بنغلاديش بالكامل على وصوله إلى المحيط، وممر سيليكوري الطريق الوحيد الذي يربط الشمال الشرقي ببقية الهند، ويمر هذا الاتصال عبر بنغلاديش".

من جهة أخرى، فإن باكستان لم تفوت الفرصة الذهبية المتمثلة في الثورة وصعود التيارات القومية والإسلامية بقوة في بنغلاديش، إذ شهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا بعد الثورة، فقد رست سفن الشحن الباكستانية في الموانئ البنغالية لأول مرة منذ تأسيس دولة بنغلاديش.

إعلان

كما أعلنت الأخيرة إعفاء الواردات القادمة من باكستان من التفتيش الجمركي، بالإضافة إلى إجراء تسهيلات خاصة للمواطنين الباكستانيين الراغبين في دخول بنغلاديش، فضلا عن أن البلدين شرعا في الانخراط في تعاون عسكري لم تتضح معالمه بعد.

وبالطبع، أثارت تلك التطورات مخاوف هندية عدة، فعبر تلك العلاقة يمكن أن تصبح باكستان قادرة على تشكيل تهديد لاستقرار شرق الهند، كما أن تسهيل التأشيرات بين البلدين يقلق الهند من أن حدودها قد تصبح مرتعا للجهاديين الإسلاميين حسب تصورات شائعة في دلهي.

وبحسب صحيفة "إنديا توداي"، فإن الهند باتت لأول مرة مند قيام دولة بنغلاديش تفكر بقلق شديد إزاء توحد الصين وبنغلاديش وباكستان في جبهة متعاونة بشكل يهدد مصالح الهند بصورة غير مسبوقة.

مقالات مشابهة

  • وقف إطلاق النار في غزة.. لماذا جاء الاتفاق متأخرًا؟
  • حماس: تسليم الرهائن الأحياء الـ 20 تنفيذًا لخطة "ترامب"
  • الصليب الأحمر يستعد لاستلام دفعة ثانية من الرهائن لدى حماس - عاجل
  • نائب الرئيس الأمريكي: أعتقد أننا سنتمكن من تحديد مكان معظم الضحايا المختطفين
  • تفاصيل لقاء حسين الشيخ مع "بلير" بشأن مسألة اليوم التالي في غزة
  • كيف خسرت الهند بنغلاديش وربحتها الصين وباكستان؟
  • قطر والسعودية تتوسطان بعد إطلاق نار بين أفغانستان وباكستان
  • لماذا دعا الرئيس السيسي «ترامب» لحضور توقيع اتفاق وقف إطلاق النار؟.. خبير سياسي يجيب |فيديو
  • هدوء هش تحت النار.. نزع سلاح حماس يعيد التوتر إلى اتفاق ترامب
  • وزير خارجية إيطاليا: ننسق مع واشنطن لوقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ خطة ترامب للسلام