قمة بغداد: العراق.. من العزلة إلى الريادة
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
14 مايو، 2025
بغداد/المسلة: تواصل بغداد استعداداتها لاستقبال القمة العربية المقبلة وسط مؤشرات على تحولات نوعية في السياسة الإقليمية للعراق، حيث يستعيد موقعه في قلب القرار العربي بعد سنوات من العزلة والاضطراب.
واستبقت الحكومة العراقية القمة بإطلاق سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية الرفيعة مع العواصم العربية، مؤكدة رغبتها في تعميق الشراكات الاقتصادية وإعادة ترسيخ دورها كركيزة في استقرار المنطقة، مستفيدة من الأوضاع الأمنية المحسنة ونمو الثقة الدولية بقدرتها على تنظيم فعاليات بهذا المستوى.
واستندت الحكومة إلى تحسن ملحوظ في مؤشرات الأمن والاستثمار، إذ أعلنت وزارة التخطيط العراقية هذا العام عن تسجيل نمو بنسبة 4.2% في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة في حجم الاستثمارات الأجنبية بنسبة 27% مقارنة بعام 2023، ما يعزز فرضية أن بغداد لم تعد ساحة صراع، بل منصة شراكة.
وارتكزت آمال صناع القرار العراقي على أن تكون القمة نقطة انطلاق جديدة لتكامل عربي اقتصادي، خاصة في مجالات الطاقة والنقل والزراعة، مع تزايد الحديث عن ممرات تجارية تربط الخليج بالبحر الأبيض عبر العراق وسوريا.
وتمحورت التحضيرات حول ضمان حضور واسع لقادة وزعماء الدول العربية، في مشهد يعيد إلى الأذهان قمة بغداد عام 2012، التي كانت حينها مؤشراً على خروج العراق جزئياً من نفق العزلة الدولية، رغم أجواء التوتر والشكوك التي سادت حينها.
واستحضرت الذاكرة السياسية أيضاً تجربة مصر في قمة شرم الشيخ 2015، حين استُخدمت المناسبة لحشد الدعم السياسي والاقتصادي، كما استُحضرت قمة بيروت 2002 التي أفرزت “مبادرة السلام العربية”، لتؤكد أن القمم العربية لا تُقاس فقط بنتائجها المباشرة بل برسائلها الرمزية أيضاً.
وأكد مراقبون أن المشهد في بغداد يعكس مرحلة جديدة من تموضع العراق في الإقليم، حيث تنتقل الدبلوماسية العراقية من الدفاع إلى المبادرة، ومن رد الفعل إلى بناء النفوذ، خاصة مع تراجع التأثير الخارجي المباشر في بعض مفاصل القرار العراقي، وهو ما تجلّى في تنويع التحالفات وزيارات متكررة للمسؤولين العراقيين إلى عواصم خليجية وعالمية.
وتداول ناشطون على منصة “إكس” صوراً من شوارع بغداد وهي تتهيأ لاستقبال القادة العرب، بينما كتب الصحافي العراقي سعد عواد: “القمة ليست بروتوكولاً، بل هي اختبار لوضوح نوايا العراق.. بغداد تعود من بوابة السياسة لا من مرافئ الحروب”.
واستشرفت وزارة الخارجية العراقية عبر بيان رسمي نُشر يوم 10 مايو 2025، أن القمة تمثل “إعادة رسم لخريطة التعاون العربي على أسس جديدة تأخذ في الاعتبار التحديات الاقتصادية والأمنية التي فرضتها السنوات العشر الماضية، وخصوصاً ما بعد جائحة كورونا وأزمة غزة وأوكرانيا”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
العراق يضع حجر أساس مدينة الذهب العالمية
بغداد- يسعى العراق لإحداث نقلة نوعية في قطاع صناعة الذهب من خلال إنشاء مدينة الذهب العالمية في العاصمة بغداد، التي تأتي ضمن أهداف البرنامج الحكومي لدعم التنمية الصناعية وتوفير فرص عمل، فضلا عن توطين صناعة الذهب والمجوهرات وتعزيز الإنتاج المحلي.
وحسب وزارة التجارة العراقية، ستمثل المدينة منظومة متكاملة تشمل وحدات صناعية متخصصة، ومراكز تدريب متطورة لصياغة الذهب وفقًا للمعايير العالمية، فضلا عن أسواق وبورصة للمعادن الثمينة.
خطوات الإطلاققال المتحدث الرسمي باسم وزارة التجارة، محمد حنون لـ(الجزيرة نت) إن المجلس الوزاري للاقتصاد وافق مبدئيا على إنشاء مدينة الذهب وفق مخططات معمارية حديثة، مشيرا إلى أن الوزارة تقوم بمتابعات جدية وإجراءات مهمة لتخصيص الأرض وإصدار الإجازات الاستثمارية اللازمة للمشروع.
وتتولى وزارة التجارة، بصفتها الجهة التي قدمت المقترح، مسؤولية الإشراف المبدئي والتنسيق مع الهيئة الوطنية للاستثمار لاستكمال تخصيص الأراضي وإصدار الإجازات، إضافة إلى الإشراف التنفيذي والهيكلة الاستثمارية بالتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة، وفق حنون.
وأوضح حنون أن مدينة الذهب ستقام ضمن المدينة الاقتصادية المتكاملة التي يجري إعدادها في بغداد، مبينا أن هذه المدينة ستكون مركزا اقتصاديا متكاملا يضم جميع الأنشطة الاقتصادية، وستتمتع بموقع إستراتيجي قريب من الطرق الرئيسية والخدمات اللوجستية والمناطق الصناعية المخططة بما يسهل الوصول إلى الأسواق المحلية والإقليمية، ويوفر الخدمات اللوجستية الضرورية للمصدرين والمصنعين.
شدد حنون على أن مدينة الذهب لن تؤدي أي دور موازٍ أو شبيه بإدارة العملة التي يقوم بها البنك المركزي العراقي، مؤكدا أن البنك هو المسؤول الوحيد عن السياسة النقدية وإدارة العملة واحتياطيات الذهب، أما مدينة الذهب، فستخضع لتنظيمات رقابية صارمة منها:
إعلان وضع ضوابط واضحة لضبط جودة العيار والوزن، وحماية المستثمرين. مكافحة غسل الأموال حيث ستُطبق آليات صارمة لمراقبة مصادر الذهب وسجلات التداول. اعتماد شهادات عيار ومختبرات معترف بها دوليا. إنشاء بورصة شفافة لتنظيم تسعيرة التداولات. الجدول الزمنيأفاد حنون بأن الفترة الزمنية المتوقعة لتنفيذ المشروع تتراوح بين سنتين إلى 5 سنوات للوصول إلى التشغيل الكامل، بعد بدء التشغيل الجزئي التدريجي، موضحا أن هذه الفترة تقديرية وليست رسمية، نظرًا لطبيعة المشروع الذي يتطلب عدة مراحل، بدءًا من تخصيص الأرض، وعقود الاستثمار، وتجهيز البنى التحتية، وانتهاءً بإنشاء المصانع والمختبرات.
وأكد حنون أن الحكومة تتخذ إجراءات مهمة لضمان مصداقية المشروع وتنافسيته، وهي:
إطار تشريعي وتنظيمي واضح من خلال وضع قوانين للتراخيص، ومعايير الصناعة، وآليات الرقابة على الجودة. مكافحة غسل الأموال والشفافية وتطبيق آليات صارمة لمراقبة مصادر الذهب والتعاون مع الجهات الأمنية لمنع التهريب. اعتماد معايير وشهادات دولية لضمان تصدير منتجات مطابقة للمواصفات العالمية. حوافز استثمارية وتوفير تسهيلات وإجازات استثمارية لجذب الشركات. مراكز تدريب لإعداد كوادر متخصصة في صياغة الذهب وفق المعايير العالمية. بورصة ذهبية شفافة تعمل على تنظيم التداولات وقواعد الإدراج لتعزيز ثقة المتعاملين. حوكمة وإشراف مستقل عبر إنشاء هيئة رقابية خاصة للمدينة تضم ممثلين عن الوزارة وهيئة الاستثمار والبنك المركزي. احتياطي العراقأكد المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن احتياطي العراق الرسمي من الذهب لدى البنك المركزي يبلغ حاليا قرابة 163 طنا.
وقال صالح لـ(الجزيرة نت) إن هذا الاحتياطي يُعد مكونا مهما ضمن إجمالي الاحتياطيات الأجنبية للبلاد، والتي تقترب قيمتها الإجمالية من 100 مليار دولار. وتتكون هذه الاحتياطيات من عملات أجنبية رئيسية مثل الدولار واليورو واليوان الصيني والجنيه الإسترليني والين الياباني، بالإضافة إلى الذهب.
ورأى أن مشروع مدينة الذهب العالمية في بغداد يمثل نقلة نوعية في الرؤية الاقتصادية للعراق منوها بأنه: "لا يقتصر على الجانبين الجمالي أو التجاري، بل هو محرك تنموي إستراتيجي ضمن توجه وطني أوسع يهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز مكانة العراق في سلاسل القيمة الإقليمية، خاصة في الصناعات الحرفية عالية الربحية".
وأشار إلى أن هذا المشروع يأتي في إطار خطة الحكومة العراقية لتنشيط القطاع الخاص، وتحفيز التصنيع المحلي، وتحقيق تكامل الاقتصاد العراقي مع محيطه الإقليمي والدولي، ويهدف هذا التوجه إلى تعزيز الاستقرار المالي وتوليد مصادر دخل جديدة قائمة على المعرفة والإبداع والحرفية، وفق صالح.
وتوقع صالح أن يسهم المشروع في تنظيم سوق الذهب، وحوكمة التبادل التجاري، وحماية الثروة الوطنية من التهريب وفقدان القيمة.
وتابع: "من المتوقع أن يُقام المشروع في العاصمة بغداد، في موقع قريب من المراكز التجارية والصناعية لضمان ربط لوجستي فعال، وتسهيل الاستثمار والتوزيع على المستويين المحلي والإقليمي".
أثر المشروعأكد صالح على الأثر الاقتصادي والاجتماعي للمشروع إذ يوفر التالي:
إعلان فرص عمل لآلاف الشباب العراقيين، خصوصا الحرفيين المهرة. تحويل العراق من مجرد سوق استهلاك للذهب إلى مركز إنتاج وتصدير ذي قيمة مضافة. المساهمة في تقليل الاعتماد على النفط. تنويع القاعدة الإنتاجية الوطنية من خلال استثمار الإمكانات الكامنة في الصناعات الصغيرة والمتوسطة ذات الطابع الحرفي والثقافي المرتبطة بجذور حضارية عميقة.وفي الربع الأخير من عام 2024، نما احتياطي البنك المركزي العراقي من الذهب 45.1%، وفق البيانات الرسمية.
وارتفعت قيمة هذه الاحتياطيات من حوالي 9.31 مليارات دولار (12.29 تريليون دينار) إلى ما يقارب 13.507 مليار دولار (17.83 تريليون دينار).
أكد الخبير الاقتصادي الدكتور صفوان قصي، أن العراق في أمسّ الحاجة لإنشاء أسواق متخصصة لجميع أنواع المعادن، وعلى وجه الخصوص الذهب.
وقال قصي لـ(الجزيرة نت) إن هذه الأسواق ستمكّن الجهات المعنية من التحكم بشكل أفضل في كميات الذهب المستوردة ومراقبة المشترين، مما يساهم في منع استخدامه في عمليات غسل الأموال.
وأشار قصي إلى أن الطلب المحلي المتزايد على الذهب، سببه قلق المواطنين من تقلبات سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار، ما يدفعهم للبحث عن ملاذ آمن لمدخراتهم، موضحا أن هذه الأسواق المتخصصة تعد خطوة أساسية للاستفادة من هذا الطلب، خاصةً فيما يتعلق بتخزين الذهب الخام من مصادر محددة.
وأضاف قصي أن تأسيس هذه الأسواق سيمهد الطريق لاحقًا لإنشاء أسواق متخصصة لتصنيع الذهب على مستوى جميع المعامل المسجلة في العراق، ما من شأنه تعزيز قدرة البلاد على استقطاب رؤوس الأموال، وزيادة مستوى ونوعية التصنيع لتلبية أذواق المستهلكين العراقيين، وفتح الباب أمام إعادة تصدير المصوغات الذهبية إلى دول المنطقة.