في الذكرى الـ77 للنكبة: تهجير جديد في هذا القرن تحت نيران الإبادة
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
سبعة وسبعون عاما مرّت على النكبة الفلسطينية، سبعة وسبعون عاما منذ أن اقتُلِعَ شعبٌ بأكمله من أرضه، من مدنه وقراه، من تاريخه وذكرياته، من دفاتر المدرسة، من قمح السهول وزيتون التلال. تلك النكبة التي بدأت عام 1948، حين هجّر الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 750 ألف فلسطيني من أراضيهم، ظنها العالم حدثا تاريخيا مضى، لكن الحقيقة أن النكبة لم تنتهِ، بل هي مستمرة، بأدوات أكثر فتكا، وبشراسةٍ غير مسبوقة، تُمارَس على مرأى ومسمع من العالم كل يوم، بلا محاسبة، بلا عدالة، وبصمتٍ دوليّ يشبه التواطؤ.
اليوم، وفي الذكرى السابعة والسبعين، لا نستحضر الماضي من باب الحنين أو الوجع، بل لأننا نعيش النكبة من جديد، فصولها لم تُغلق، ودماؤها لم تجف، وأوجاعها تتجدّد بوحشية، ليس في كتب التاريخ، بل في وجوه الأطفال الذين يموتون تحت الأنقاض، في صرخات الأمهات على أبواب المستشفيات، في جثث الشهداء التي تُجمع بالشاحنات، وفي أصوات الناجين الذين لا يعرفون إلى أين يذهبون. الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تدخل عامها الثاني، ما يحدث في غزة ليس عدوانا عابرا، بل هو استكمالٌ صارخ لمخطط النكبة. تهجير قسري لعشرات الآلاف من العائلات، إبادة جماعية تُنفّذ بدمٍ بارد، مدن كاملة تُمحى عن الخريطة، وبيوت تُسوى بالأرض، في مشهد يعيد إنتاج نكبة 1948 ولكن بتقنيات أكثر تطورا ودمارالا كعملية عسكرية محدودة كما زعمت آلة الدعاية، بل كإبادة جماعية ممنهجة، يهدف من ورائها الاحتلال إلى اقتلاع شعب بأكمله من أرضه، وقتل الروح الوطنية في كل فلسطيني ما زال يؤمن بحقه في العيش والحرية والكرامة.
ما يحدث في غزة ليس عدوانا عابرا، بل هو استكمالٌ صارخ لمخطط النكبة. تهجير قسري لعشرات الآلاف من العائلات، إبادة جماعية تُنفّذ بدمٍ بارد، مدن كاملة تُمحى عن الخريطة، وبيوت تُسوى بالأرض، في مشهد يعيد إنتاج نكبة 1948 ولكن بتقنيات أكثر تطورا ودمارا. رفح، خان يونس، جباليا، دير البلح، أسماء كانت تنبض بالحياة، تحوّلت إلى رموز للموت الجماعي والصمود البطولي. غزة، التي تخوض معركة الصمود منذ عقود، تواجه اليوم حربا تهدف إلى اجتثاث الوجود الفلسطيني من جذوره، وتفريغ الأرض من أصحابها الحقيقيين.
وفي الضفة الغربية، تكتمل فصول النكبة المستمرة. كل يوم تُقتحم المدن، وتُداهَم المخيمات، وتُعتقل الأرواح قبل الأجساد. آلة الاحتلال لا تتوقف عن مطاردة الحلم الفلسطيني، حتى داخل البيوت، في الأزقة، وفي مدارس الأطفال. جنين، طولكرم، مخيم نور شمس، عقبة جبر، نابلس، رام الله.. جميعها أهداف مفتوحة أمام رصاص الاحتلال وجرافاته ومجنده الذين لا يرحمون. السياسة نفسها، الأداة نفسها، الهدف نفسه: إرهاب الناس، دفعهم إلى الهجرة، جعل الحياة مستحيلة، وتشويه الرواية الفلسطينية.
ما لا يدركه الاحتلال، أن النكبة رغم قسوتها، لم تكسر هذا الشعب، بل صقلته، صنعت منه رمزا للصمود والتحدي. الفلسطيني الذي عاش النكبة وورّثها لأبنائه، لا يعيش على أمل الخلاص من الذكرى، بل على أمل كسرها، ومواجهة من أعاد إنتاجها
نكبتنا اليوم، ليست فقط نكبة التهجير، بل نكبة الوعي العالمي المشوّه، نكبة التواطؤ الإعلامي الذي يُلبس القاتل ثوب الضحية، ويحمّل الضحية وزر وجودها. الاحتلال لا يكتفي بقتل الإنسان الفلسطيني، بل يقتل صوته، يحارب صورته، يزيف حقيقته، ويُغرق القضية في متاهات المصطلحات والاتهامات الملفقة. لكن الحقيقة تبقى أقوى من كل حملات التزييف: نحن أمام شعب أعزل يُذبح، وأمة صامتة، وضمير عالمي مُنهار.
النكبة ليست لحظة عاطفية تُستعاد كل عام، بل هي واقع متواصل، يتجدد كل صباح، يلاحق اللاجئين في المنافي، ويحاصر أبناء الداخل، ويخنق الضفة، ويفتك بغزة. ملايين اللاجئين الفلسطينيين لا يزالون ينتظرون العودة، يحتفظون بمفاتيح منازلهم، بصور أجدادهم، بذكريات لم تُمحَ رغم الألم. في كل مخيم، قصة وطن لم يُنسَ، وفي كل طفل يولد في أرض محاصرة، ميلاد لجيل جديد يواصل حمل الحلم.
لكن ما لا يدركه الاحتلال، أن النكبة رغم قسوتها، لم تكسر هذا الشعب، بل صقلته، صنعت منه رمزا للصمود والتحدي. الفلسطيني الذي عاش النكبة وورّثها لأبنائه، لا يعيش على أمل الخلاص من الذكرى، بل على أمل كسرها، ومواجهة من أعاد إنتاجها. فكل شهيد يرتقي، كل بيت يُهدم، كل أسير يصمد، هو شهادة جديدة على أن فلسطين لم تُمحَ، وأن الحق لا يُدفن تحت الركام.
في الذكرى الـ77، لا نكتب فقط عن الماضي، بل نكتب عن الحاضر الذي يُكتب بالدم، وعن المستقبل الذي لا يزال الفلسطيني يؤمن به رغم كل الألم. فلسطين باقية، لا تنكسر، لأن فيها من لا ينسى، ومن لا يفرط، ومن لا يستسلم.
النكبة مستمرة، نعم، لكن الفلسطيني أيضا مستمر، ثابت لا يزول، لا تغتاله المجازر، ولا تشتته المخيمات، ولا تطفئه النكبات. هو باقٍ.. لأنه الحقيقة التي لا تموت.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء النكبة الفلسطينية الاحتلال غزة احتلال فلسطين غزة ابادة نكبة قضايا وآراء مدونات مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على أمل
إقرأ أيضاً:
في الذكرى الـ12.. كيف تصدت ثورة 30 يونيو لمحاولات الإخوان طمس الهوية المصرية؟
يحتفل المصريون غدا، الاثنين، بحلول الذكرى الثانية عشر لثورة 30 يونيو، والتى أسقطت نظاما فاشيا حاول أن يجر البلاد إلى منعطف خطير لا يحمد عقباه، ولولا نزول ملايين المصريين فى الميادين ودعم القوات المسلحة المصرية، وعلى رأسها وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي فى وقتها لما أصبحت مصر دولة ذات نظام بجميع مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية.
واستطاعت ثورة 30 يونيو العظيمة أن تنجح فى القضاء على محاولات جماعة الإخوان الإرهابية لطمس الهوية المصرية.
وسعت جماعة الإخوان الإرهابية بشتى الطرق منذ وصولها إلى الحكم إلى تغيير الهوية المصرية من خلال فرض سيطرتها على المصريين باعتبارها أنها الوصية عليهم، وأنها وحدها التى تتحدث باسم الدين، وسعيها المستمر لتكفير المصريين.
وأكبر مثال على ذلك هو استغلال جماعة الإخوان الإرهابية للدين بهدف تحقيق مكاسب سياسية، وظهر ذلك من خلال شعارهم الانتخابى الذى رفعوه خلال السنوات الماضية وهو “الإسلام هو الحل”، إلا أن الإسلام برىء منهم ومن أعمالهم الإرهابية.
ويستعرض “صدى البلد” من خلال هذا التقرير محاولات جماعة الإخوان الإرهابية لطمس الهوية المصرية.
محاولات أخونة مؤسسات الدولة
وبدأت جماعة الإخوان الإرهابية السعى بكل أساليبها للسيطرة على مفاصل الدولة المصرية والعمل على أخونتها.
وظهر ذلك من خلال الدفع عدد كبير من كوادرها فى الوزارات والمحافظات، هذا بالإضافة إلى سيطرتهم على المؤسسات التشريعية ممثل فى مجلسى الشعب والشورى.
السيطرة على القضاء
ولم يتوقف الأمر عن محاولات أخونة مؤسسة الدولة، بل امتد أيضا إلى التدخل فى أمور القضاء من خلال إصدار الرئيس المعزول محمد مرسى الإعلان الدستورى المكمل فى نوفمبر عام 2012، والذى كان يعتبر بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير.
وقد شمل الإعلان الدستورى المكمل قيام الرئيس المعزول محمد مرسى بعزل المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام السابق، من منصبه وتعيينه طلعت عبد الله نائبا عاما بدلا منه، وذلك فى إشارة لتطهير القضاء على حد قول جماعة الإخوان الإرهابية فى هذا الوقت، إلا أن محكمة استئناف القاهرة ألغت قرار الرئيس المعزول محمد مرسى بعزل النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود من منصبه وقضت بإعادته إلى منصبه.
ولاقى الإعلان الدستورى المكمل موجة غاضبة عارمة من ملايين المصريين، والذين احتشدوا بالملايين فى ميادين ليعبروا عن غضبهم الشديد من هذا الإعلان الدستورى المكمل، لكى يعود الرئيس المعزول محمد مرسى فى قراره ويلغى هذا الإعلان الدستورى المكمل فى ديسمبر عام 2012، ليؤكد أنه رئيس مذبذب ولا يملك قرار نفسه.
حصار مدينة الإنتاج الإعلامىوفى مارس عام 2013، حاصر المئات من جماعة الإخوان الإرهابية والجماعات الإسلامية الداعمة لها مقر مدينة الإنتاج الإعلامى بحجة معارضتها للرئيس المعزول محمد مرسى، وأعلنوا الاعتصام أمام أبوابها فى شكل غير حضارى لا يعبر عن مصر، حيث رأت جماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها أنهم بحصارهم لمدينة الإنتاج الإعلامى يقومون بتطهير الإعلام فى هذه الفترة، على حد قولهم.
ومع كل هذه الأحداث المتلاحقة فى عهد جماعة الإخوان الإرهابية، رفض المصريون كل محاولات جماعة الإخوان الإرهابية طمس الهوية المصرية، لكي يستعيد المصريون هويتهم من جديد بعد نزولهم إلى كل ميادين مصر للاحتشاد فى ثورة 30 يونيو لكى يعلنوا رفضهم لحكم جماعة الإخوان الإرهابية الدينية الفاشية، والتى نصبت نفسها أنها الجماعة المحافظة على الدين الإسلامى، إلا أنها للأسف أساءت للدين الإسلامى بأفعالها وجرائمها الإرهابية.
إلا أن الشعب المصرى العظيم الأبى نجح بكل اقتدار بمساعدة القوات المسلحة ممثلة فى وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي فى إزاحة جماعة الإخوان الإرهابية من الحكم لكى يكتب شهادة وفاتهم إلى الأبد، بعد أن لفظهم الشعب المصرى واستطاع أن يثبت للعالم كله أنه قادر على التغيير فى أى وقت طالما هناك الإرادة الحقيقية للتغيير واستعادة الوطن من براثن جماعة الإخوان الإرهابية التى حاولت اختطاف الوطن.