يعمل تحالف البريكس والذى يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا على التوسع وإنشاء عملة جديدة لإدارة المدفوعات التجارية الدولية مع نية ثابتة لتحدى وضع الاحتياطى العالمى المهيمن للدولار الأمريكي. 
بهذه الطريقة يمكن لنتائج قمة البريكس فى الفترة من ٢٢ إلى ٢٤ أغسطس ٢٠٢٣ فى جوهانسبرج جنوب أفريقيا، أن تكون بمثابة منصة لاتخاذ قرار جماعى بشأن طرح عملة البريكس الجديدة هذه.


رغم أن غالبية دول البريكس بما فى ذلك البرازيل وروسيا والصين وجنوب أفريقيا تضغط من أجل عملة مشتركة تبرز الهند باعتبارها الدولة الوحيدة فى التحالف التى لم تظهر حماسًا مفرطًا لهذه الخطة وهو ما أعلن عنه ريزول لاسكار فى مقالته بصحيفة هندوستان تايمز: "توسيع مجموعة البريكس المدعومة من الصين وروسيا سيكون فى دائرة الضوء الأسبوع المقبل. ماذا يعني".
ولا شك أن انطلاق المناقشات حول العملة المشتركة المحتملة لمجموعة البريكس يدفع الهند الى توخى الحذر بشأن تبنى هذه المبادرة وتخشى نيودلهى أن يؤدى مثل هذا التحرك إلى تعقيدات ومشكلات فى علاقاتها التجارية الراسخة مع القوى الغربية.
كما تسعى إلى تحقيق التوازن بين علاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة وأوروبا من جهة، ومشاركتها النشطة فى تحالف البريكس من جهة أخرى. وفى الحقيقة أن الهند تدير موقفها بمهارة ولا شك أن هدف البلاد هو حماية مصالحها المتعددة وتجنب الإجراءات التى يمكن أن تعرض الأطر التجارية والعسكرية المفيدة التى تم إنشاؤها بالفعل مع الدول الغربية للخطر.


إلا أن هناك ما هو أكثر من ذلك.. إن توسع الدول الأعضاء فى التحالف سيكون أيضًا فى قلب المخاوف خلال قمة البريكس وفى الوقت الحالى لم تجد الدول الخمس الأعضاء فى التحالف بعد أرضية مشتركة حول هذه القضية ومن هذا المنظور فإن بكين شأنها شأن موسكو ترغب فى توسيع الدول الأعضاء فى التحالف ومن المؤكد أن بكين تنوى جعل هذا التجمع بمثابة نقطة مقابلة للهيمنة الغربية على الشؤون العالمية.
وفى هذا السياق أعربت مجموعة صغيرة من ٤٠ دولة عن اهتمامها بالانضمام إلى البريكس. وقررت القمة بالفعل ضم ست دول هي: الأرجنتين، مصر، إيران، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، وإثيوبيا. ومع استمرار التوسع فإن هذا الضم هو الأول منذ توسيع البريكس بضم جنوب أفريقيا فى سبتمبر ٢٠١٠.
وبالمثل فإن مصدر القلق الأكبر لدى نيودلهى هو توسع مجموعة البريكس وخاصة أن التحالف سيصبح فى نهاية المطاف "متمركزا حول الصين".
يحدث هذا التوتر فى نفس الوقت التى تكون فيها العلاقات بين نيودلهى وبكين فى أدنى مستوياتها بسبب الجمود العسكرى على خط السيطرة الفعلية. (خط السيطرة الفعلية LAC هو خط ترسيم غير دقيق يفصل الأراضى الخاضعة للسيطرة الهندية عن الأراضى الخاضعة للسيطرة الصينية فى النزاع الحدودى الصينى الهندي).
فى هذا السياق؛ أعلن البروفيسور هارش فى بانت نائب رئيس قسم العلاقات الدولية فى مؤسسة أوبزرفر للأبحاث (ORF) وهى مؤسسة بحثية فى مومباى إن الهند تتراجع تجاه عملية التوسع إذ أكد ذلك بقوله "إذا كان التوسع تدعمه بالصين فسوف يميل إلى تعزيز تصور الهند بأن مصلحة بكين ليست فى العمل معًا للحصول على صوت أكبر للاعبين الناشئين ولكن بدلًا من ذلك فى جعل البريكس منصة مناهضة لأمريكا فى توجهاتها وفقا للأولويات الصينية".
ومع اكتساب المحادثات حول توسعة البريكس زخمًا خلال العام الماضى فقد عمل الجانب الهندى إلى التأكيد على التغييرات التي تمنح المجموعة المزيد من الثقل والاتساق وفى هذا الاطار يذكر هارش فى بانت "هناك حاجة لترشيد عمليات البريكس والعمل على بعض الآليات القائمة التى قد تؤدى إلى الازدواجية. فعلى عكس المجموعات الأخرى فإن دول البريكس ليس لديها أمانة عامة ثابتة". 
ملحوظة: كُتب هذا المقال قبل لقاء الرئيس الصينى شى جين بينج ورئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى فى جوهانسبرج، وأجريا محادثات "صريحة ومعمقة" لتهدئة التوتر على الحدود المتنازع عليها بين بلديهما خلال أول لقاء ثنائى جمعهما منذ فترة طويلة، وفق ما أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الماضى.

معلومات عن الكاتب: 
أوليفييه دوزون.. مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى.. من أهم مؤلفاته: «القرصنة البحرية اليوم».. و«ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟» و«الهند تواجه مصيرها».. يتناول فى مقاله موقف الهند فى مجموعة البريكس وسط اهتمامها بتحقيق التوازن بين علاقاتها بواشنطن ومشاركتها فى التحالف الجديد.

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: تحالف البريكس روسيا جنوب أفريقيا مجموعة البریکس فى التحالف

إقرأ أيضاً:

لوتان: الشرق الأوسط بين هدنة هشة وقمة سياسية محفوفة بالمخاطر

تعيش منطقة الشرق الأوسط لحظة دقيقة ومتوترة، تتقاطع فيها الآمال في التهدئة مع المخاوف من انهيار وشيك، في وقت تنطلق فيه التحضيرات لقمة سياسية حاسمة في شرم الشيخ، وسط هدنة هشة ووضع إنساني حرج في قطاع غزة.

هكذا مهدت صحيفة لوتان السويسرية لتقرير حول الحراك الحالي في الشرق الأوسط، مشيرة، في البداية، إلى عودة آلاف العائلات من جنوب قطاع غزة إلى شماله وسط الدمار الشديد الذي تعرض له القطاع خلال الشهور الماضية، وذلك في ظروف لا تزال صعبة بسبب ندرة الوقود وارتفاع أسعار المواصلات، مما دفع كثيرين للسير على الأقدام.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2على غرار الرومان والإغريق.. هل الحضارة الأميركية آيلة للسقوط؟list 2 of 2كاتب إسرائيلي: نتنياهو متخوف من وقف المساعدات الأميركيةend of list

ولفتت الصحيفة -في تقرير بقلم فاني ليونور كروزيه- إلى أن كثيرين ما زالوا متمسكين بالصبر مثل فداء، وهي أم لـ4 أطفال لجأت إلى خيمة ولا تزال تنتظر الظروف المناسبة للعودة إلى منزلها.

تبادل الأسرى بين إسرائيل والفلسطينيين يشهد توترا وتحفظا كبيرا  (رويترز)

وأوردت لوتان، في هذا السياق، إعلان الأمم المتحدة عن خطة طارئة مدتها 60 يوما لإعادة توزيع المساعدات في قطاع غزة، تشمل إدخال 170 ألف طن من المواد الغذائية والطبية، إلى جانب إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي وتوفير آلاف الخيام استعدادا للشتاء.

كما يشمل البرنامج -حسب الصحيفة- إعادة فتح المدارس لأكثر من 70 ألف طفل، رغم أن المخاوف لا تزال قائمة بشأن قدرة المؤسسات الإنسانية على تلبية الاحتياجات المتزايدة، وسط حالة من المجاعة وسوء التغذية التي تهدد نصف مليون شخص.

وعلى الصعيد السياسي، تتجه الأنظار إلى تبادل الأسرى بين إسرائيل والفلسطينيين الذي يشهد توترا وتحفظا كبيرا -كما تقول الصحيفة السويسرية- إذ ينتظر الإفراج عن 48 إسرائيليا ما بين حي وميت، مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين.

وبهذه المناسبة تسود أجواء الحذر في الضفة الغربية، حيث تلقت العائلات تعليمات مشددة من الجيش الإسرائيلي بمنع أي احتفالات أو تعبيرات علنية، في ظل تهديدات وعمليات دهم إسرائيلية استباقية، كما تقول الصحيفة، مشيرة إلى أن بعض المصادر ذكرت أن قوائم المفرج عنهم من قبل إسرائيل قد تتغير في اللحظة الأخيرة، مما يثير مخاوف لدى أهالي الأسرى من استبعاد أحبائهم إذا تحدثوا للإعلام.

وعلى المستوى الدولي، تستضيف مدينة شرم الشيخ المصرية قمة سلام يشارك فيها أكثر من 20 بلدا، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ويترأسها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تجاوزه صدمة عدم الفوز بجائزة نوبل للسلام، وفقا للوتان.

إعلان

وتهدف القمة -حسب الصحيفة- إلى بحث إنهاء الحرب في غزة، وترتيبات ما بعد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، سواء عبر إدارة دولية أو عربية أو فلسطينية، ولكنها تنطلق في جو من الحزن بسبب وفاة 3 دبلوماسيين قطريين في حادث سير قبيل الحدث.

في ظل هذا المشهد المعقد، تبقى الهدنة مرهونة بتطورات ميدانية ودبلوماسية شديدة الهشاشة، حيث يرقب كل طرف الآخر، والعالم يتابع بقلق، متأرجحا بين بوادر الانفراج وشبح الانهيار، حسب ما ختمت به الصحيفة تقريرها.

مقالات مشابهة

  • الفنان أحمد عبدالعزيز: الشر جزء من تكوين الحياة ووجوده ضروري لتحقيق التوازن الكوني|فيديو
  • الشرع: سوريا ستعمل على إعادة ضبط علاقاتها مع روسيا
  • خالد أبو بكر: ترامب وصفنا بالأقوياء.. وقمة شرم الشيخ للسلام مفيهاش غلطة
  • الوكيل: التوازن بين الخبرة والحداثة أساس نجاح الشركات ونمو الاقتصاد الوطني
  • الهند: نُقدر دور مصر في تحقيق خطة السلام بغزة
  • عصام خليل: قمة شرم الشيخ للسلام جسدت نجاح الدبلوماسية المصرية في إعادة التوازن للمنطقة
  • الهند: نُقدر دور مصر وقطر في تحقيق خطة السلام والمضي قدما نحو تنفيذها
  • نائب: قمة شرم الشيخ جسدت قدرة مصر على تحقيق التوازن الإقليمي والدولي
  • نيويورك تايمز: هل تستطيع إسرائيل إصلاح علاقاتها مع الأميركيين؟
  • لوتان: الشرق الأوسط بين هدنة هشة وقمة سياسية محفوفة بالمخاطر