المسؤول الإقليمي لـ "تريند مايكرو": نقدم حلولًا مرنة لحماية الشركات الناشئة.. ونعمل مع الحكومة والبنوك وقطاعات الاتصالات
 

كشف أسعد عرابي، المدير العام الإقليمي لإفريقيا وحوض المتوسط والأسواق الناشئة بشركة تريند مايكرو، أن الشركة أطلقت مؤخرًا CyberTron، أول محرك أمني في العالم مدعوم بالكامل بتقنيات الذكاء الاصطناعي، في خطوة تهدف إلى إعادة صياغة طريقة مواجهة التهديدات السيبرانية عالميًا، وخاصة في الأسواق النامية مثل مصر، التي وصفها بأنها "أرض الفرص الواعدة" للشركات الناشئة والتحول الرقمي.

وفي حوار خاص لـ" الفجر"، شدد عرابي على أن الشركات الناشئة أصبحت الهدف الأول للهجمات الإلكترونية المتقدمة، ما يتطلب حلولًا أمنية ذكية، مرنة، وسحابية، تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في رصد التهديدات والتعامل معها لحظيًا.

CyberTron.. مستقبل الأمن السيبراني يبدأ من الذكاء الاصطناعي

أكد عرابي أن محرك CyberTron يمثل نقلة نوعية في قدرات الحماية الإلكترونية المبنية على الذكاء الاصطناعي، موضحًا أنه يعمل على تحليل مليارات الإشارات الرقمية، ويتعلم منها بشكل ذاتي لتحديد السلوكيات غير الطبيعية والتهديدات المحتملة، حتى تلك التي لم تُسجَّل من قبل في قواعد البيانات.

 

الكاتب الصحفي أحمد الشيخ خلال الحوار

ويقول: "اليوم، لا يكفي أن تكون الاستجابة سريعة، بل يجب أن تكون استباقية. CyberTron يوفّر ذلك عبر استشراف الأنماط الخبيثة قبل تنفيذها، ما يقلل من الأضرار المحتملة، خصوصًا في بيئات التشغيل 

القيود الحكومية تعطل التوسع في استخدام الحوسبة السحابية

قال المدير العام الإقليمي لشركة تريند مايكرو، إن التحول الرقمي في منطقة شمال إفريقيا يواجه تحديات كبيرة، أبرزها القيود المفروضة على استخدام خدمات الحوسبة السحابية في القطاعين الحكومي والمالي، مؤكدًا أن هذه القيود، رغم ارتباطها بمخاوف أمنية مشروعة، تؤخر تطوير البنية التحتية الرقمية وتبطئ تبنّي التكنولوجيا الحديثة.

وأوضح أن شركة تريند مايكرو كانت من أوائل الشركات التي قدمت حلولًا متقدمة لحماية بيئة الحوسبة السحابية، تشمل إعدادات التطبيقات والتعريفات وبيئة التشغيل، مشيرًا إلى أن الشركة عرضت هذه الحلول على الجهات الحكومية وهي في انتظار الموافقات لتوسيع نطاق استخدامها. كما لفت إلى أن الشركة تعمل بالفعل مع عدد من الوزارات وقطاعات استراتيجية مثل النفط والتجارة، وهو ما أكسبها خبرات متنوعة في تقديم حلول أمنية مرنة تتكيف مع طبيعة كل قطاع.

وأشار عرابي إلى أن المبادرات الحكومية الداعمة لتمويل التحول الرقمي، مثل توفير قروض عقارية بفوائد تنافسية، تسهم جزئيًا في تحفيز الاستثمار، لكنها تظل غير كافية ما لم تُرفَع الحواجز التنظيمية التي تعيق استخدام السحابة، وخاصة في المؤسسات الحكومية والمالية. وأضاف:

"اعتماد الحوسبة السحابية بشكل أوسع سيُحدث تحولًا جذريًا في الخدمات الحكومية والمالية، من حيث السرعة والكفاءة، ونحن في تريند مايكرو جاهزون لدعم هذه النقلة بالحلول المتقدمة التي تواكب أعلى معايير الأمان."

35 مليون هجمة إلكترونية استهدفت مصر مؤخرًا

أكد عرابي أن مصر أصبحت من الدول الرائدة في الأمن السيبراني على مستوى المنطقة، حيث صُنّفت ضمن الفئة الأولى بفضل جهود الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والاستثمارات الحكومية في تطوير القدرات الرقمية.

وأوضح أن الشركة تمكنت خلال الفترة الأخيرة من صد أكثر من 35 مليون هجمة إلكترونية استهدفت مصر، كان معظمها يتم عبر البريد الإلكتروني المخادع، الذي يعد من أكثر الأساليب شيوعًا وتعقيدًا في الوقت الحالي. كما لفت إلى أن التهديدات أصبحت أكثر استهدافًا ودقة، خاصة في بعض دول الخليج وداخل قطاعات مثل الرعاية الصحية، التي تواجه ضغطًا متزايدًا بسبب هذه الهجمات.

وأضاف عرابي: "تريند مايكرو تقدم منظومة متكاملة من الحلول الأمنية، تناسب الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وكذلك الأفراد. كما نولي أهمية لحماية الأسر من التهديدات الرقمية، من خلال أدوات تمكّن أولياء الأمور من مراقبة الأجهزة الإلكترونية الخاصة بأبنائهم."

وكشف أن تريند مايكرو تستحوذ على نحو 23% من السوق العالمية في مجال الأمن السيبراني، ونسبة أعلى في السوق المصري، ما يعكس قوة علامتها وثقة المؤسسات في حلولها.

مصر في صدارة الاستراتيجية الإقليمية لـ "تريند مايكرو"

وتابع عربي، اختارت "تريند مايكرو" القاهرة لتكون أول محطة في سلسلة فعاليات Cyber Shield في إفريقيا، تأكيدًا على أهمية السوق المصري الذي يشهد نموًا متسارعًا في التحول الرقمي، وانتشارًا متزايدًا في اعتماد الحوسبة السحابية بين المؤسسات والشركات الناشئة.

ويشير عرابي إلى أن مصر تلعب دورًا محوريًا في المنطقة، قائلًا: "مصر تمثل مركزًا استراتيجيًا للأسواق الناشئة، وشهدت نموًا في بيئة الشركات الناشئة والتكنولوجيا المالية والتعليم الرقمي، هذه البيئات، رغم قوتها، بحاجة إلى حماية متقدمة لمواكبة التهديدات المتطورة".

دعم الشركات الناشئة بأمن سيبراني مرن ومتاح

وبحسب عرابي تولي "تريند مايكرو" اهتمامًا خاصًا بدعم الشركات الناشئة، موضحًا أن أغلبها يعمل بميزانيات محدودة، ويعتمد على فرق تقنية صغيرة، ورغم هذا، فإن تلك الشركات أصبحت في مرمى نيران المهاجمين، نظرًا لتسارع اعتمادها على الخدمات الرقمية والحوسبة السحابية.

وتابع: "نحن نوفر للشركات الناشئة حلول أمنية قائمة على نموذج الأمن كخدمة Security-as-a-Service، مما يتيح لها الوصول إلى تقنيات حماية متقدمة دون الحاجة إلى استثمارات بنية تحتية ضخمة، مع إمكانية التوسع حسب نمو أعمالها".

وأكد أن الشركة بصدد إطلاق مبادرات تدريبية وإتاحات مجانية لحلولها الأمنية لدعم بيئة ريادة الأعمال في مصر وإفريقيا.

الحوسبة السحابية ضرورة استراتيجية لا ترف تقني

أوضح عرابي أن الحوسبة السحابية أصبحت ركيزة أساسية في تطور بيئة الأعمال، خصوصًا في الأسواق النامية، لكنها تمثل في الوقت ذاته نقطة جذب للهجمات الإلكترونية إن لم تُحمَ بشكل صحيح.

وقال إن "تريند مايكرو" تقدم حلولًا متكاملة ضمن منصة Cloud One لتأمين كامل البيئة السحابية، بداية من البنية التحتية إلى التطبيقات، مع تضمين الذكاء الاصطناعي لتسريع كشف الثغرات والاستجابة للتهديدات في الوقت الحقيقي.

الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في الاستراتيجية الأمنية

يشدد عرابي على أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تحسين، بل أصبح ضرورة لمواجهة الهجمات السيبرانية التي أصبحت بدورها تعتمد على نفس التقنيات لتطوير تكتيكاتها.

وأوضح أن "تريند مايكرو" تقوم بتضمين الذكاء الاصطناعي في كل طبقات منتجاتها، بدءًا من حماية البريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونية، وصولًا إلى تحليل سلوك المستخدمين وكشف الاختراقات الخفية، كما توفر الشركة لوحات تحكم تحليلية تتيح للمؤسسات فهم مصادر التهديدات والتفاعل معها بطريقة استباقية.

Cyber Shield.. منصة للحوار الأمني والتحول الرقمي

حول فعالية Cyber Shield التي استضافتها القاهرة، أكد عرابي أنها جمعت بين صانعي القرار والخبراء في الأمن السيبراني، وشكلت منصة تفاعلية لمناقشة أحدث الاتجاهات، وأبرزها الاعتماد المتسارع على الحوسبة السحابية، وتزايد استخدام الذكاء الاصطناعي، وتحديات تأمين البنية التحتية في المؤسسات الكبرى والشركات الناشئة على حد سواء.

وقال: "فعالياتنا لا تقتصر على العروض التقنية، بل نحرص على بناء حوار فعّال بين القطاعين العام والخاص حول سياسات الحماية والأمن، وكيفية التكيّف مع مشهد تهديدات متغير يومًا بعد يوم".

توجهات مستقبلية واستثمارات مرتقبة

كشف المدير الإقليمي أن "تريند مايكرو" تدرس حاليًا توسيع نطاق أعمالها في إفريقيا عبر إنشاء مركز تحليل تهديدات إقليمي في شمال إفريقيا، ستكون القاهرة مركزه الرئيسي، لما تمتلكه من بنية تحتية رقمية قوية، وكوادر تقنية شابة مؤهلة، مشيرًا إلى أن هناك خططًا لإطلاق برامج متخصصة تدعم الشركات الناشئة بالتدريب، والاستشارات الأمنية، والحلول الذكية منخفضة التكلفة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: أسعد عرابي تريند مايكرو الأمن السيبراني الذكاء الاصطناعي التهديدات الإلكترونية الحوسبة السحابیة الذکاء الاصطناعی الأمن السیبرانی الشرکات الناشئة تریند مایکرو أن الشرکة إلى أن حلول ا

إقرأ أيضاً:

تضليل بالذكاء الاصطناعي.. الانتصارات الزائفة في حرب باكستان والهند

أثناء اشتعال الأزمة الأخيرة بين الهند وباكستان، تحديدا في مساء الثامن من مايو/أيار الجاري، أعلن عدد من مذيعي القنوات الهندية سقوط العاصمة الباكستانية إسلام آباد. ادّعى بعضهم -وفقا لتقارير- أن انقلابا قد أطاح برئيس أركان الجيش الباكستاني، فيما أكد آخرون أن البحرية الهندية شنّت ضربة مدمرة أزالت ميناء كراتشي من الخريطة. وعلى إثر تلك الأخبار، اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي، وانتشر وسم "#استسلام_باكستان" ليحتل صدارة عدد من المنصات في الهند.

لمدة وجيزة، بدا أن النصر قد تحقق للهند فعلا، لكن الحقيقة كانت بعيدة تماما عمّا راج حينها؛ فيما تكشّف أن هذا الانتصار زائف، وأنه لا يعدو إلا أن يكون جانبا من طبيعة الحرب الحديثة: حرب المعلومات.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صائد الطائرات الصيني.. كيف تمكنت باكستان من إسقاط المقاتلات الهندية؟list 2 of 2حافة الهاوية.. تصدُّعات المكان والوجدان في صراع الهند وباكستانend of list

وقد وضعت حرب المعلومات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي المواجهة الأخيرة بين الهند وباكستان تحت دائرة الضوء، إذ غيّرت هذه التقنيات الجديدة طبيعة النزاعات وأدخلتها إلى العصر الرقمي، بكل حمولاته المراوغة، ومنتجاته شديدة التضليل.

فقد أظهرت تلك الأحداث بوضوح مدى قوة وخطورة تقنيات الذكاء الاصطناعي، وما تسببه من نشر للشائعات على منصات التواصل الاجتماعي، وترويج لمقاطع مزيّفة، ويترافق كل ذلك مع هندسة هجمات سيبرانية تستهدف منصات الخصم الرسمية.

إعلان

ومع تدفق المعلومات المضلِّلة عبر شبكات التواصل الاجتماعي ومن ثم انتقالها إلى القنوات الإعلامية والصحف والمؤثرين، يصعب للغاية على الجمهور التمييز بين ما هو حقيقة، وما هو خيال.

طبقات من التزييف

يرتبط عادة اندلاع الأزمات والحروب بانتشار الشائعات والأخبار المضللة، لكن ربما ما تغيّر اليوم هو مستوى واقعيتها وسرعة انتشارها؛ إذ يكفي أن ينتشر مقطع واحد مزيف خلال دقائق حتى يؤثر في إدراك جمهور واسع تجاه قضية ما، وبالتالي يؤدي إلى خلق رأي عام يشكل أداة ضغط مؤثرة على صُنّاع القرار.

مثلا، في الثالث من مايو/أيار الجاري، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للرئيس الأميركي دونالد ترامب، يظهر فيه وهو يدلي بتصريحات مسيئة تجاه باكستان، ويهدد بـ"تدميرها" دعما للهند. كما ورد في نسخ أخرى من الفيديو ما يشير إلى دعوته لإزالة باكستان من الخريطة.

Trump को सुनो…
" If Pakistan attacks India, I will support India erase Pakistan" !

ऐसा पहली बार होगा जब भारत और पाकिस्तान में युद्ध होने का रहा हो और अमेरिका पाकिस्तान की जगह भारत का साथ देने की बात कह रहा हो….. pic.twitter.com/mBafhBRDOQ

— विकास प्रताप सिंह राठौर???????????? (@V_P_S_Rathore) May 3, 2025

وبعد تحقق من صحة الفيديو، تبيّن أنه مُفبرك، لكن هذا التحقق جاء بعد انتشار الفيديو ورواج التصريح على منصات التواصل. وعلى إثر انتشاره، أوضحت تقارير إعلامية في الهند أن إنتاج الفيديو كان بتقنية "التزييف العميق".

ووفقا لإحدى مواقع تدقيق الحقائق الهندية، فإن المقطع الأصلي يعود إلى عام 2016، خلال كلمة ألقاها ترامب حول الاقتصاد في نادي نيويورك الاقتصادي، دون أن يتحدث فيها عن الهند أو باكستان. كما أكدت شركة "هايف" أن الفيديو لم يُعدّل بصريا، لكن الصوت المرفق يبدو أنه من إنتاج تقنيات الذكاء الاصطناعي.

إعلان

وبعدها بأيام قليلة، وتحديدا في الثامن من مايو/أيار، انتشر مقطع فيديو آخر يُظهر المتحدث باسم الجيش الباكستاني، الفريق أحمد شريف شودري، وكأنه يعترف بأن الهند نجحت في إسقاط مقاتلتين باكستانيتين من طراز "جي إف-17″، وهو مقطع تبين أيضا أنه معدّل بتقنية "التزييف العميق" بالذكاء الاصطناعي.

Pakistan confirms 2 JF17 shot down by India

News coming in that we have hunted one F16 as well just a while ago! pic.twitter.com/DSEriRfuQW

— Ashu (@muglikar_) May 8, 2025

حصد هذا المقطع نحو 760 ألف مشاهدة على منصة "إكس"، قبل أن تُضاف إليه ملاحظة تحقق تكشف تزييفه. وقد خدع المقطع بعض وسائل الإعلام الهندية، إذ بثّته بعض القنوات على أنه خبر عاجل، ثم سحبته بصمت من مواقعها الرسمية.

ودَمج مقطع الفيديو بين لقطات حقيقية من مؤتمر صحفي للفريق شودري ومشاهد مفبركة. واستُخدمت لقطة للجمهور لتغطية نقطة الانتقال بين المقطع الأصلي والمُفبرك، وظهرت قفزة صوتية واضحة عند موضع التلاعب بالصوت.

كذلك اجتاحت الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي منصات التواصل الاجتماعي، من مشاهد تفجير طائرات حربية إلى صور دموية من ميادين المعارك لا أساس لها على الأرض. وفي إحدى الحالات، جرى تداول مشاهد من لعبة فيديو عسكرية على أنها لقطات حقيقية، وحققت أكثر من مليوني مشاهدة، ما يكشف حجم الإقبال على المحتوى المضلل في أثناء الحروب والنزاعات، كما أشارت صحيفة واشنطن بوست.

انتصارات زائفة

في هذا السياق، وصف المحلل السياسي المتخصص في شؤون جنوب آسيا، مايكل كوغلمان، هذا المشهد بوجود "كمّ هائل من الأخبار الكاذبة بصورة فجّة" في وسائل الإعلام الهندية الموالية للحكومة، وفقا لما ذكره لصحيفة واشنطن بوست.

وقد زعمت قنوات شهيرة مثل "زي نيوز" و"إيه بي بي" بأن انقلابا عسكريا يجري في باكستان، مدعية أن الجنرال عاصم منير، قائد الجيش الباكستاني، قد اعتقله مجموعة من الضباط تحت قيادته. ولم تُقدَّم تلك القنوات والصحف أي دليل يدعم هذه الرواية، ومع ذلك تناولها المذيعون بوصفها أمرا واقعا، بل وصل الأمر إلى حد التكهن باسم القائد العسكري الجديد.

إعلان

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصلت بعض التقارير إلى تأكيد أن العاصمة الباكستانية إسلام آباد قد سقطت فعلا، فقد أعلنت "زي نيوز" أن القوات الهندية استولت على إسلام آباد، وأن الجيش الباكستاني قد استسلم.

وسارت قناة "تايمز ناو" الناطقة بالهندية في نفس التوجّه الخيالي، داعية البحرية الهندية إلى "إحراق كراتشي حرفيا". كانت القناة تروّج لسيناريوهات عن قوات هندية سيطرت على إسلام آباد، فيما ارتفعت الأصوات هناك حول توقيت "الاستسلام الرسمي لباكستان".

According to @ZeeNews, Pakistan's capital Islamabad has already been captured. pic.twitter.com/MZZHaf3dAR

— Mohammed Zubair (@zoo_bear) May 8, 2025

في السياق ذاته، بدأت قنوات هندية، باللغات المحلية والإنجليزية، تروّج لانتصار على جبهة بحرية جديدة، معلنة -دون دليل- أن البحرية الهندية قصفت ميناء كراتشي بصواريخ أُطلقت من حاملة الطائرات الهندية " آي إن إس فيكرانت" (INS Vikrant)، ودمرت الميناء بالكامل. إحدى القنوات الهندية أعلنت أن هذه أول ضربة من البحرية على كراتشي منذ عام 1971، بينما زعمت أخرى أن 26 سفينة حربية هندية تحاصر الميناء وأن "باكستان ستنتهي اليوم".

ولإضفاء بعض الطابع التوثيقي المرئي على هذه المزاعم، عرضت قناة ناطقة بالهندية مقطعا لتحطم طائرة في فيلادلفيا عام 2022، وادّعت أنه يُظهر دمار كراتشي بعد القصف.

ولم ترد تقارير ميدانية ولا تأكيدات عسكرية ولا تحقيق صحفي، لكن كان السبق هو المسيطر؛ حتى أن المؤسسات الإعلامية الشهيرة انزلقت إلى ترديد روايات جمعتها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ومن مصادر مجهولة غير موثّقة. ومع حلول صباح اليوم التالي، كانت هذه الروايات المفبركة قد خلقت شعورا عاما باقتراب النصر لدى شرائح واسعة من الجمهور الهندي.

هجمات سيبرانية

بالطبع، لن يكتمل مشهد ساحة المعركة المعلوماتية إلا بالهجمات السيبرانية، وتزامنا مع مزاعم عن قصف كراتشي، بُث من حساب هيئة الميناء على منصة إكس –بعد اختراقه– منشور يؤكد الضربة، ويصف الميناء بأنه في حالة دمار، وأن حالة الطوارئ تسيطر على الأجواء.

إعلان

ففي التاسع من مايو/أيار، فوجئت هيئة ميناء كراتشي بأن حسابها الرسمي على منصة "إكس" قد تعرّض للاختراق، وبدأ في بث أخبار كاذبة تدّعي أن ضربة صاروخية هندية ألحقت أضرارا جسيمة بالميناء، مما أثار موجة من الشائعات عن كارثة إستراتيجية.

خلال 30 دقيقة، تمكن فريق تكنولوجيا المعلومات الخاص بهيئة ميناء كراتشي من استعادة السيطرة على الحساب، وأصدر بيانا رسميا أعلن فيه عن اختراق الحساب، مؤكدا أن الميناء آمن ويعمل بصورة طبيعية. دُعي الصحفيون لزيارة الموقع مساء اليوم ذاته، حيث كانت العمليات اللوجيستية تسير بسلاسة، دون أي أثر للمزاعم السابقة. ولم يتردد البيان الصحفي للهيئة في اتهام جهات هندية بالمسؤولية عن الاختراق وبث المعلومات المضللة.

Press Release
KPT'S OFFICIAL TWITTER ACCOUNT HACKED BY INDIA

This is to state that India has released fake news from official twitter/X account of KPT. It is clarified that KPT's official X/Twitter Account was hacked

Pls reconfirm the news from KPT PR before showing on media

— Karachi Port Trust Official (@official_kpt) May 9, 2025

وفي حادثة مشابهة في الليلة نفسها، تعرض حساب وزارة الشؤون الاقتصادية الباكستانية للاختراق، حيث استخدم القراصنة الحساب لنشر تغريدة زائفة تزعم أن باكستان تطلب قروضا طارئة بسبب "خسائر فادحة ألحقها بهم العدو". تلك التغريدة الملفقة حققت ملايين المشاهدات قبل حذفها، ما يبرز قدرة الهجمات السيبرانية على اختراق قنوات رسمية ونشر روايات زائفة على نطاق واسع.

هذه الحوادث تكشف بُعدا متقدما من الحرب المعلوماتية، إذ يتسلل المخترق -سواء كان جهة حكومية أو مرتزقة سيبرانيين- إلى حسابات رسمية، ليزرعوا الأكاذيب بغطاء رسمي، فيُطمس الخط الفاصل بين الحقيقة والبروباغندا.

إعلان معركة فرض السردية

مع تصاعد موجات الشائعات والأخبار الزائفة، لجأت حكومتا الهند وباكستان إلى أدوات رقمية متطورة -من ضمنها تقنيات رقابة مدعومة بالذكاء الاصطناعي- بهدف كبح السرديات التي تعدّها مُؤذية. في الهند، مارست السلطات ضغوطا أكبر على شركات التواصل الاجتماعي لإجراء عمليات حذف بالجملة للمحتوى، بل وحظر حسابات بالكامل.

بموجب أوامر طارئة، اضطرت منصات مثل إكس وفيسبوك إلى تقييد آلاف المنشورات المرتبطة بالأزمة. ففي الثامن من مايو/أيار، أعلنت إدارة العلاقات الحكومية العالمية، التابعة لمنصة إكس، أنها بدأت بحجب أكثر من 8 آلاف حساب داخل الهند استجابة لطلب حكومي.

X has received executive orders from the Indian government requiring X to block over 8,000 accounts in India, subject to potential penalties including significant fines and imprisonment of the company’s local employees. The orders include demands to block access in India to…

— Global Government Affairs (@GlobalAffairs) May 8, 2025

حتى وسائل الإعلام المستقلة في الهند لم تسلم من هذه المواجهة مع الحكومة، فموقع "ذا واير" -أحد أبرز المنصات المستقلة- حُجب فجأة لدى عدد من مزوّدي الإنترنت، دون تنبيه أو تفسير. واختفت تقاريره التي تناولت الفوضى من الواجهة لساعات، خاصة تلك التي انتقدت تعامل الحكومة مع الحرب المعلوماتية.

Dear Readers of The Wire

In a clear violation of the Constitutional guarantee of freedom of the press, the Government of India has blocked access to https://t.co/mEOYg6zJMu across India. + pic.twitter.com/K1jRk3Vxpy

— The Wire (@thewire_in) May 9, 2025

أما على الجانب الباكستاني، فرغم اتباع إسلام أباد لهجة رسمية أكثر تحفظا، تُدار المعركة المعلوماتية بحزم مماثل. فقد أعلن الفريق الوطني للاستجابة السيبرانية (National CERT) حالة "التأهب القصوى"، محذرا من تصاعد التهديدات السيبرانية، وتدفّق الرسائل المُفبركة المُنتجة بالذكاء الاصطناعي على الشبكات الحكومية.

إعلان

ويُرجّح استخدام الحكومتان لخوارزميات رقابية وآليات ذكاء اصطناعي للكشف عن المحتوى، إذ وُسمت بعض المنشورات الزائفة على منصة إكس بإشعارات تصحيحية، فيما استعانت شركة ميتا بفِرق تحقق مدعومة بأنظمة ذكية تعمل بمختلف اللغات الإقليمية.

لم تكن الحكومات وحدها من خاضت تلك المعركة، فقد أظهرت عاصفة المعلومات في الثامن من مايو/أيار كيف يمكن لبيئة التضليل أن تتحول إلى منظومة مكتفية بذاتها، بتحولها إلى حلقة ذاتية التوليد تعيد فيها وسائل الإعلام الموالية للحكومة، والحسابات المجهولة، والمستخدمون العاديون، تدوير الأكاذيب نفسها حتى تترسّخ كحقائق.

على الجانب الهندي، بدأ السيناريو من الجهات المعتادة: مؤثرون قوميون، وحسابات تروّج للجيش، تدفع بـ"معلومات استخباراتية" غير مؤكدة، كطائرات باكستانية أُسقطت، وقوات خاصة تسللت إلى إسلام آباد، أو ضربات بحرية استهدفت كراتشي. النبرة كانت احتفالية، والوسوم جاهزة للانتشار، ثم دخلت القنوات الإخبارية الكبرى، فالتقطت هذه المزاعم، وقدّمتها بوسم "عاجل" على الشاشة، ومنحتها طابع الحقيقة.

هكذا أُغلقت الدائرة: من وسائل التواصل إلى شاشات التلفاز، ثم تعود السردية إلى المنصات الرقمية، وتنتقل منها إلى تصريحات المتحدثين الرسميين، الذين كرر بعضهم الادعاءات ذاتها، مما أضفى عليها شرعية من خلال التكرار وحده. لا أدلة؟ لا توجد مشكلة، المهم أن القصة تُباع وتحقق رواجا.

حتى واقعة اختراق حساب هيئة ميناء كراتشي -رغم واقعيتها- تحولت إلى أداة في حرب فرض السردية. في الهند، اعتُبرت العملية برهانا على هشاشة البنية التحتية الباكستانية. بينما في باكستان، كانت دليلا على حملة نفسية سيبرانية تديرها الهند. والنتيجة؟ منظومة رقمية لا تشترط صحة المعلومة، بل اتساقها مع الهوية والانتماء.

بمجرد أن يتبنّى عدد كافٍ من المتابعين خبرا زائفا -أو تضخّمه حسابات لها مظهر موثوق- ينطلق كحقيقة. يلتقطه المذيعون، ويردده السياسيون، ويستقر في وعي الجمهور. وبحلول وقت التصحيح -إن حدث- تكون الرواية قد ترسّخت.

إعلان

هكذا تعمل ماكينة الأكاذيب بكامل طاقتها: كذبة تولد في تغريدة، ثم تغذيها خوارزمية، بعدها تتوّجها غرفة أخبار، ثم يُعاد ضخّها إلى مجرى الرأي العام، وقد صارت أكثر صلابة، وأصعب في نفيها أو التحقق منها.

في معارك فرض السردية الجديدة، لا تنتصر الحقيقة، بل تسبقها الصورة الأولى بصرف النظر عن مصداقيتها. الرابح هنا هو من يملأ الفراغ الرقمي أولا، لا من يصحح المعلومة لاحقا.

الحقيقة كضحية جانبية

يحذر بعض المحللين من المخاطر المستحدثة التي يفرضها تصاعد الحرب المعلوماتية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي. يذكر جويجيت بال، الأستاذ في جامعة ميشيغان ومتخصص في المعلومات المضللة، أن انفلات الخطاب على وسائل التواصل الاجتماعي قد يُرغم الحكومات على اتخاذ قرارات مصيرية؛ الفكرة الجوهرية أن الأكاذيب المتداولة، والخطاب القومي المتشنّج عبر الإنترنت، قد يدفعان القادة إلى اتخاذ خطوات متهورة تحت ضغط جماهيري يسعى إلى ردّ فعل سريع، لا إلى حكمة إستراتيجية، كما أشار لصحيفة واشنطن بوست.

ويخشى بعض الباحثين من سرعة وواقعية المحتوى المُنتَج بالذكاء الاصطناعي. إذ تشير راشيل موران، الباحثة بمركز جامعة واشنطن للرأي العام، إلى أن الأزمات تُربك الجمهور أصلا، وتجعل التمييز بين الشائعة والحقيقة مهمة صعبة. لكن وجود مقاطع مزيفة عالية الجودة داخل هذا المزيج يزيد الأمر تعقيدا، ويُضعف قدرة الجمهور على اتخاذ قرارات مبنية على معلومات موثوقة. ببساطة، يمكن للمحتوى المقنع والمفبرك أن يشتّت الانتباه عن تحذيرات حقيقية، أو يضخم تهديدات وهمية، بما يؤدي إلى حسابات خاطئة قد تكون مكلفة.

لكن ربما يتمثل القلق الأعمق في أن وتيرة إنتاج المعلومات المضللة، عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، باتت تتجاوز قدرتنا على الاستيعاب والرد. فعندما يُكتشف التزييف، تكون الرواية المضللة قد انتشرت وألقت بظلالها، في حين لا تلقى التصحيحات ذات الانتشار أو التأثير. وبهذا ندخل سباق تسلح جديد، ليس بين الدول فحسب، بل بين أدوات صناعة الأكاذيب وتلك التي تسعى إلى كشفها، في مشهد تتآكل فيه الثقة أكثر، ويُصبح التيقن من أي معلومة عملة نادرة.

إعلان

في هذا المشهد، يجد الجمهور نفسه غارقا في سيل من الادعاءات: الصادق منها والزائف، وذاك الذي يستحيل التحقق منه فورا. الحقيقة الرقمية باتت هشة للغاية، فصورة مصممة بإتقان أو تغريدة مضللة تكفي لتشكيل واقع مواز مؤقت، حتى يأتي النفي إن أتى أصلا. حتى الأخبار الحقيقية لم تعد تُستقبل بثقة، بعد أن أضعف التضليل المُمنهج مصداقية جميع المصادر.

ومع تحوّل الحرب المعلوماتية المعززة بالذكاء الاصطناعي إلى الوضع الطبيعي الجديد، لم يعد ضباب الحرب يخيّم على جبهات القتال فحسب، بل غزا شاشات أجهزتنا، وتوغّل في صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي. التحدي الأكبر الآن لا يكمن في كشف الأكاذيب، بل في استعادة الحد الأدنى من الثقة والعقلانية في زمن تتفوّق فيه البروباغندا الفورية، وتُصبح فيه الحقيقة أولى ضحايا الذكاء الاصطناعي.

قد لا نعتبر ما جرى مجرد حلقة جديدة في حروب البروباغندا المعتادة، بل يمكننا اعتباره محاكاة تمهيدية لعالم أصبحت فيه الحقيقة نفسها ضحية جانبية؛ عالم تُفبرك فيه الادّعاءات بأدوات ذكية، ويُصدّقها أغلب الجمهور فورا، ثم تُضخَّم عالميا قبل أن تتاح أي فرصة لأقرب مدقّق معلومات للتثبت من صحتها.

مقالات مشابهة

  • «شراع» و«هوريفيستا» يدعمان نمو الشركات الناشئة بين الإمارات والصين
  • في نسخته الرابعة.. مؤتمر "الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمّية" بمكتبة الإسكندرية
  • مكتبة الإسكندرية تطلق النسخة الرابعة من «سلسلة الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمّية»
  • «إيتيدا» تطلق «Start IT» بامتيازات جديدة لتعزيز جاهزية الشركات الناشئة
  • ميزات متقدمة بالذكاء الاصطناعي.. «HONOR 400 Series» تقدم تجربة أداء رائدة
  • تضليل بالذكاء الاصطناعي.. الانتصارات الزائفة في حرب باكستان والهند
  • الصين تتعهد برد حازم على توجيهات أمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي
  • نائب محافظ الأقصر يفتتح فعاليات ورشة عمل رواد الأعمال/ الشركات الناشئة في الأقصر
  • جوجل تكشف عن أداة “Flow” لإنشاء الفيديو بالذكاء الاصطناعي