جهود إغاثية مكثفة لدعم عائلات النازحين البدو في السويداء
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
السويداء- شهدت محافظة السويداء (جنوب سوريا) خلال الأيام الماضية موجة نزوح غير مسبوقة لعائلات من العشائر البدوية نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية.
ففي قرى السويداء الريفية، حيث كان البدو يعيشون حياة هادئة تعتمد على الرعي والزراعة البسيطة، أجبرت الاشتباكات الأخيرة وانعدام الأمن الغذائي مئات العائلات على الفرار، وقد توجهت معظم هذه العائلات إلى ريف درعا، حاملة معها ما استطاعت من متاع قليل.
آلاف العائلات، التي تركت قراها بحثا عن الأمان، وجدت نفسها في مخيمات مؤقتة بريف درعا، تعاني نقصا حادا في الموارد الأساسية. ووسط هذه الأزمة، تتكاتف جهود إغاثية محلية ودولية لتقديم يد العون، بقيادة مبادرات قطرية ومنظمات أممية، إلى جانب فرق تطوعية محلية تواجه تحديات أمنية كبيرة.
تقول سمية عمر، نازحة من قرية الثعلة في ريف السويداء، للجزيرة نت: "تركنا بيوتنا على عجل ولم نحمل سوى ملابسنا. الطريق كان مخيفا، والأطفال كانوا يبكون من الجوع والخوف. الآن نعيش في مدرسة مهجورة بريف درعا، لا ماء نظيف ولا كهرباء".
وتضيف بحسرة: "كل ما نريده هو مكان آمن لأطفالنا، لكننا لا نعرف إلى متى سنظل هكذا".
شهادة مشابهة قدمها عبد الله الحريري، وهو أب لـ5 أطفال نزح من قرية المجيمر حيث يقول للجزيرة نت "لم نكن نملك خيارا؛ الاشتباكات اقتربت من بيوتنا، ولم يعد هناك طعام أو دواء، اضطررنا للمغادرة تحت القصف. الآن نحن في مخيم مؤقت، لكن البرد يقتلنا والمساعدات لا تكفي".
جهود إغاثيةوفي مواجهة هذه الأزمة، تحركت جهات إغاثية دولية ومحلية بسرعة لتقديم الدعم، وفي مقدمة تلك الجهات السفارة القطرية في دمشق، التي أعلنت -بالتعاون مع الهلال الأحمر القطري والسوري- عن إرسال 7 شاحنات محملة بـ3600 سلة غذائية تزن الواحدة 45 كيلوغراما، استهدفت النازحين في ريف درعا.
إعلانوحسب السفارة القطرية، فإن هذه الشحنة جزء من التزام دولة قطر بدعم الشعب السوري في هذه الظروف الصعبة، مؤكدة أنها تعمل بالتنسيق مع الجهات المحلية لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.
استكمالا للجهود الإنسانية المشتركة التي تبذلها السفارة القطرية في دمشق والهلال الأحمر القطري لدعم الأشقاء في سوريا، قام الهلال الأحمر القطري بإدخال قافلة مساعدات قطرية جديدة من الأردن إلى الجنوب السوري مكونة من 12 شاحنة متوسطة تحمل 96 طنا من مادة الطحين بهدف دعم تشغيل الأفران… pic.twitter.com/ltmHLKsml5
— سفارة دولة قطر – دمشق (@QatarEmb_Syria) July 22, 2025
وإلى جانب الجهود القطرية، تستعد منظمات دولية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبرنامج الأغذية العالمي لتوسيع عملياتها في الجنوب السوري.
وأكد مصدر في الصليب الأحمر أن المنظمة تعمل على تأمين ممرات آمنة للمساعدات، مع التركيز على توفير المياه النظيفة والرعاية الصحية. كما يجري التنسيق مع سفارات نشطة في دمشق لضمان استمرار تدفق المساعدات.
من جانبه، أكد أحمد وتي -مسؤول في الهلال الأحمر السوري- أن المنظمة وسعت عملياتها لتشمل خدمات صحية ونفسية، خاصة للأطفال الذين يعانون صدمات نفسية جراء النزوح.
وأضاف -في حديث للجزيرة نت- "الوضع معقد، فالمجتمعات المضيفة في درعا تعاني أيضا من ضغوط اقتصادية، مما يتطلب استجابة شاملة لا تقتصر على النازحين فقط".
مبادرات محليةومع تفاقم الأزمة الإنسانية، برزت الفرق التطوعية المحلية بوصفها عامل حاسم في سد الفجوات التي تعجز المنظمات الكبرى عن تغطيتها، ومن أبرزها فريق "هيئة شباب البلد"، بقيادة إبراهيم زيدان، الذي كان من بين الجهات المحلية التي تحدت الظروف الأمنية لإيصال المساعدات.
يقول زيدان للجزيرة نت: "تلقينا مناشدات عاجلة من أهالي السويداء ونازحي البدو في درعا، وعلى الفور جهزنا وجبات طعام جافة وحليب أطفال، لكننا واجهنا إطلاق نار من سلاح مضاد للطيران قرب بلدة ولغا، ورغم ذلك، فإننا واصلنا مهمتنا، لأن الناس بحاجة إلينا".
كما أشار زيدان إلى أن الاحتياجات تتجاوز المواد الغذائية، حيث يعاني النازحون نقصا حادا في كل شيء.
وأضاف "نعمل الآن على جمع تبرعات لتأمين هذه الاحتياجات، لكن الموارد محدودة والتحديات كبيرة".
فريق آخر، هو "مبادرة أهل الخير"، ركز على الوصول إلى المناطق الوعرة التي يصعب الوصول إليها.
وقال أحد أعضاء المبادرة للجزيرة "نحن نعمل كجسر بين النازحين والمنظمات الكبرى. مرونتنا تتيح لنا التحرك بسرعة، لكن الأمن يظل التحدي الأكبر".
وإلى جانب النازحين، يعاني من بقي من السكان في السويداء من انعدام الأمن الغذائي، وانقطاع الكهرباء والمياه، وغياب فرص العمل.
وتقول سلمى، وهي أم من مدينة شهبا بريف السويداء، للجزيرة نت: "لم نتمكن من النزوح، لأننا لا نملك المال. الآن نعيش على مساعدات متقطعة، لكنها لا تكفي لتغطية احتياجاتنا اليومية".
منظمات محلية، مثل "جمعية البر والإحسان"، تحاول تقديم طرود غذائية ومستلزمات طبية، لكن مصادر محلية تؤكد أن حجم الاستجابة لا يتناسب مع الاحتياجات المتزايدة.
إعلانوتشير تقديرات إلى أن أكثر من 60% من سكان السويداء بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
و تواجه السويداء ودرعا أزمة إنسانية متفاقمة تهدد حياة الآلاف من النازحين والمقيمين، ورغم الجهود الإغاثية المبذولة، فإن التحديات الأمنية، ونقص الموارد، وتزايد الاحتياجات تعوق الاستجابة الكاملة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات غوث للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
شيرين دعيبس: كل فلسطيني له قصصه العائلية التي تتعلق بالنكبة وهذا سبب تقديمي لـ«اللي باقي منك»
يقام مساء غدا الثلاثاء العرض الثاني لفيلم «اللي باقي منك» للمخرجة شيرين دعيبس بسينما 4 بميدان الثقافة ضمن فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي بجدة، وحصل صناع العمل على تصفيق حار من الجمهور استمر لأكثر من تسع دقائق.
واستطاع العمل لمس مشاعر الكثير من الحضور الذين أكدوا نجاحه في نقل معاناة الشعب الفلسطيني. كما شهدت القاعة حضور عدد من الفلسطينيين، خاصة من أهالي حيفا، الذين أعادتهم قصة الفيلم إلى ذكريات مؤلمة عاشوها أو سمعوا عنها من أجدادهم.
وعن تنفيذها لهذا العمل الغني بالتفاصيل، قالت دعيبس: «لقد كان عملاً صعباً، وتكمن صعوبته في كونه يحكي قصة حقيقية وشخصية. أردت أن أعطي للقضية حقها، فهي قضية شخصية وتحدٍ نفسي لي. لقد كنا نصور فيلماً عن النكبة التاريخية، بينما كنا نعيش نكبة أكبر أثناء التصوير نفسه، لذلك كانت التجربة صعبة نفسياً. كل صانعي الفيلم وضعوا ألمهم وحزنهم الشخصي في العمل. الحقيقة أن كل فلسطيني لديه قصص عائلية، وكل منا له قصة في العائلة تتعلق بالنكبة».
وأضافت شيرين: «كتبت السيناريو عام 2020، خلال فترة جائحة كورونا، عندما توقّف كل شيء. لكنني كنت أفكر في بنائه قبل ذلك بسنوات، وكنت أعرف تفاصيل كثيرة. لسنوات، ظللت أدوّن في دفتر خاص ملاحظاتي عن الشخصيات وأفكاراً للحوار. كنت أكتب كل ما يخطر ببالي. لذلك، كانت كتابة السيناريو سهلة ومُتدفّقة. من المسودة الأولى، شعرت أنّ هناك شيئاً خاصاً. كتبت ثلاث مسوّدات، قدّمت الأولى منها لبعض الأصدقاء للقراءة، فكان رد الفعل قوياً. أحبّوا النص، ومن بينهم أمريكيون، ووكيل أعمالي في هوليوود.لذا وجدت منتجاً بسهولة نسبياً. الحقيقة أنه منذ أن جاءتني الفكرة، عرفت أنها تحتاج إلى فيلم كبير يُنجز، فيلم عن عائلة فلسطينية من ثلاثة أجيال، يتناول ما حدث لأفرادها عام 48، وكيف أصبحوا لاجئين».
وتابعت: «من خلال التركيز على الإنسانية وتجاوز المعاناة، أردنا خلق معنى والحفاظ على إنسانيتنا، لإظهار الفلسطينيين الذين قدموا نموذجاً للإنسانية رغم أكثر من ثمانين عاماً من التحديات، وتكريم من يقودون حياتهم بهذه الروح الإنسانية».
وعن سبب اختيارها التركيز على شخصيات الرجال في الفيلم، أوضحت: «اخترت ذلك لأن الرجال غالباً ما يتعرضون للقمع تحت الاحتلال، وأردت تكريم والدي وجدي، وتجسيد انتقال الصدمات النفسية عبر الأجيال. رغم أن القصة تدور حول الرجال، أردت وجود صوت نسائي قوي يروي القصة ويحاول شفاء العائلة، ليمنح الفيلم بعداً روحياً».
وأكدت أن فيلم «اللي باقي منك تعتبره هدية كبيرة، خاصة خلال الظروف الصعبة التي نشاهدها كل يوم»، مضيفة: «وضعنا كل ألمنا وتعاطفنا وغضبنا في هذا الفيلم».
من جانبها، أعربت الممثلة ماريا زريق عن التأثير العاطفي العميق للفيلم عليها، قائلة: «هذه المرة الرابعة التي أشاهد فيها الفيلم، وفي كل مرة أبكي وأتأثر بشدة، لأن العمل مرتبط بي شخصياً. جدتي من قرية عيلبون في الجليل، وبعد النكبة وقعت مذبحة في القرية، فسافرت هي وأهلها إلى لبنان لمدة ثمانية أشهر، وانقطعت علاقتها بخطيبها. وعندما عادت، وجدته قد توفي في تلك المذبحة».
يذكر أن فيلم «اللي باقي منك» للمخرجة الفلسطينية المرشحة لجائزة الإيمي، شيرين دعيبس، سيبدأ عرضه السينمائي في محطته الأولى بالمنطقة في الأردن، حيث يمثل الفيلم المملكة الأردنية الهاشمية رسمياً في سباق جائزة الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم الصور المتحركة «الأوسكار» ضمن فئة أفضل فيلم روائي طويل دولي، بمشاركة متميزة للنجمين العالميين خافيير بارديم ومارك رافالو كمنتجين تنفيذيين.
تم تصوير الفيلم لمدة عام ونصف في مواقع حقيقية بين: رام الله، الأردن، قبرص، واليونان.
وكان العرض العالمي الأول للفيلم في مهرجان «صندانس» السينمائي، حيث حظي بإشادة واسعة من النقاد، بينما كان عرضه الأوروبي الأول في مهرجان «كارلوفي فاري».
حصد الفيلم لاحقاً عدداً من الجوائز في مهرجانات دولية بالولايات المتحدة وأستراليا وماليزيا. ومن أبرز الجوائز التي نالها: جائزة البوابة الذهبية، وجائزة الجمهور لأفضل فيلم روائي في مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي الدولي، وجائزة الجمهور لأفضل فيلم روائي دولي في مهرجان سيدني السينمائي، وذلك من أصل ثماني جوائز جمهور حصل عليها الفيلم حتى الآن، إضافة إلى جائزتي أفضل فيلم وأفضل سيناريو في مهرجان ماليزيا السينمائي الدولي.
تدور أحداث الفيلم حول قصة مراهق فلسطيني ينجرف في احتجاج بالضفة الغربية المحتلة، ويعيش لحظة عنف تهز عائلته. تتوالى الأحداث بينما تروي والدته الخيوط السياسية والعاطفية التي أدت إلى تلك اللحظة المصيرية. يمتد الفيلم على مدى سبعة عقود، ويتتبع آلام وآمال عائلة مُهجّرة، شاهداً على ندوب التهجير وإرث البقاء الذي لا يُمحى.
يشارك في بطولة الفيلم نخبة من أبرز الممثلين الفلسطينيين والعرب، وهم: صالح بكري، شيرين دعيبس، آدم بكري، محمد بكري، ماريا زريق، ومحمد عبد الرحمن. تصوير كريستوفر عون «مصور فيلم كفرناحوم»، أزياء زينة صوفان، وموسيقى أمين بوحافة.
«اللي باقي منك» من كتابة وإخراج شيرين دعيبس، وإنتاج ثاناسيس كاراثانوس، شيرين دعيبس، مارتن هامبل، وكريم عامر. بالاشتراك مع OSN+، ومدينة الإنتاج الإعلامي بقطر، وMedan Productions، وBaird Films، والمجموعة الوطنية للصناعات الإبداعية، وTEN X Group، وفيلم كلينك، ومؤسسة الدوحة للأفلام. والإنتاج التنفيذي من قبل صندوق البحر الأحمر. تتولى توزيع الفيلم عالمياً شركة The Match Factory، وفي العالم العربي تتولى التوزيع شركة «فيلم كلينك» المستقلة.
اقرأ أيضاًسوق البحر الأحمر السينمائي يواصل فعالياته ببرنامج حافل بالعروض والجلسات الحوارية
العرض العربي الأول لفيلم «فلسطين 36» بمهرجان البحر الأحمر السينمائي
ريم سامي تثير الجدل بفسان مفتوح وتلفت الأنظار في مهرجان البحر الأحمر