كيف تستطيع أمتنا مواجهة التحدي الاقتصادي المقبل؟
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
في ظل التحولات السياسية والاقتصادية في عالم اليوم، يتوقع بعض المحللين أن تأتي الأزمات الاقتصادية وتعم العالم، كنتيجة لهذه الأزمات الناتجة عن صراع قديم وممتد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والحرب الأيديولوجية القائمة على النفوذ على الدول الصغيرة، وبروز الحرب الباردة خاصة بين الصراعات الاقتصادية والعسكرية، والخلافات السياسية التي تجلب الحروب الاقتصادية بينهما، ولذلك هذا الصراع الأيديولوجي والسياسي والاقتصادي قائم، لكنه يتحرك بخطوات محدودة مع خفوت الأزمات، لكن لا يستبعد من أن هذا الصراع قد يشتد في ظل الأزمات الراهنة، خاصة بعد قرارات الرئيس الأمريكي ترامب، بزيادة الضرائب على دول أوروبية وآسيوية وعربية، فالاقتصاد من أخطر الوسائل التي تسهم في الحروب بين الدول الكبيرة، ذات الاقتصاديات الضخمة.
ولا شك أن العالم العربي، بحكم ارتباطه بالاقتصاد العالمي بشكل أو بآخر، وعدم وجود كتلة عربية متكاملة لحماية نفسها من هذه الأزمات، فتقع في مشكلات اقتصادية بشكل أو بآخر، نتيجة التأثير العالمي على اقتصاديات العالم كله، ومع كل الأزمات الاقتصادية العالمية، تأثر العديد من دول الوطن العربي، ولذلك من المهم أن يخطط أهل الاختصاص الاقتصادي، لمثل هذه الكوارث الاقتصادية العالمية وأثرها على أمتنا، من هنا فإننا نحتاج كدول عربية، لرؤية جماعية متوافقة العمل على تأسيس منهجية اقتصادية مبنية، على مفاهيم جديدة تقينا من هذه الزوابع والأعاصير الاقتصادية، التي قد تحدث في عالم اليوم بصورة متكررة في أي وقت، والتي بحكم ارتهاننا لمفاهيم هذه الأسس الاقتصادية العالمية، فإننا قد نتعرض إلى إشكالات وأزمات، وكأننا نحن الذين أوجدناها أو تسببنا في حدوثها، مع أنها حدثت من دول أخرى بعيدة عنا! والحقيقة أننا كأمة علينا أن نستخلص العبر، من هذه الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية، التي وقعت في العديد من الدول الغربية في العقود الماضية، وأصابت الاقتصاديات العالمية بهزات مالية كبيرة، تأثر الكثير من دول العالم، ومنها دولنا العربية، سيما دول مجلس التعاون بنسب مختلفة ومتفاوتة.
والاقتصاد الرأسمالي معروف عنه منذ نشأته، بأنه اقتصاد متذبذب، وتأتيه الأزمات بين الفترة والأخرى، وأحيانا فترات ركود وتقلبات وأزمات، حتى غير متوقعة أو مفاجئة، حتى للمختصين في المال والاقتصاد، وقد تشل الحركة الاقتصادية بكاملها في دورات معينة، وتحدث من جراء ذلك الخسائر والتضخم والركود، وغيرها من المشكلات المالية والاقتصادية، التي أساس بعضها تلاعبات ومضاربات غير مقننة، أو أساليب وطرق غير صحيحة، يتآكل معها الحراك الاقتصادي، ثم تأتي الأزمات بتقلبات مفاجئة تدمر ربما اقتصاديات الدول، إذا لم يأت العلاج بخطوات جادة وصحيحة، بعيدًا عن الغش والخداع والأكاذيب التي تضلل المستثمرين والمضاربين، والأنشطة التجارية ، كما حصل في الأزمة الأخيرة بالولايات المتحدة قبل سنوات، بتداعياتها، والتي لا تزال متفاعلة حتى الآن في بعض المؤسسات الاقتصادية.
ولا جدال أن الخطوة القادمة تتطلب اجتماعات اقتصادية عربية، عبر الجامعة العربية أو غيرها من المؤسسات، للنظر والتحاور حول ما ينبغي عمله لطرح الأفكار والموضوعات التي تسهم في بلورة رؤية عربية اقتصادية، تنطلق من مفاهيم إيجابية للاقتصاد العالمي كله، والحقيقة أن العديد من الباحثين الغربيين تحدثوا عن أهمية الرؤية الاقتصادية الإسلامية للحد من الأزمات التي تحدث للاقتصاد العالمي، بسبب النظام المالي للرأسمالية الليبرالية، وهذا القول جدير بالاهتمام والمراجعة وضرورة طرحه كحل من الحلول العالمية للأزمات الراهنة. وقد أسعدني كثيرًا ما طرحه الاقتصادي الدولي د. هنري عزام في إحدى مقالاته الاقتصادية من أن العالم بعد كل أزمة اقتصادية، سيركز على صحة ومصداقية النظم الإسلامية، التي لا تسمح للشركات والأفراد المضاربة بالمال أو الإفراط في الاقتراض.
ولا شك أن الرؤية الاستراتيجية ـ عمان 2040 ـ والتي يشرف عليها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ـ منذ تأسيسها، رسمت الملامح الأساسية خلال ما تم تحديده، والتي سيكون لها أثرها الإيجابي على التنمية الاقتصادية في سلطنة عمان، وتفادي تداعيات التقلبات الاقتصادية في العالم، ما يسهم في النمو الاقتصادي، أو من خلال تنويع مصادر الدخل القومي الذي تتمتع عُمان بمقوماته الكبيرة، إلى جانب التخطيط السليم لكل مرحلة من الخطط الخمسية، مع ضبط ما يمكن من قضايا الفساد من خلال أسس تحمي المال العام من أي تلاعب، فالأهداف التي وضعت في رؤية عمان 2040 ، كما أشرنا، تحتاج من جهات الاختصاص الرصد والمتابعة، والنظر إلى أهمية التجسيد والتطبيق الكامل، إلى ما تم تحديده وتخطيطه من مرئيات في هذه الخطط، وتتحول إلى الواقع الملموس وفق ما تم رسمه، في مختلف البرامج للخطط ، كما وضع لها من برامح ومحددات ومرئيات، وبما يضمن لهذه الرؤية الاستراتيجية الطموحة النجاحات المستمرة، دون معوقات أو ارتباكات في مسارها، لتحقيق الأهداف المرجوة التي حدد معالمها جلالة السلطان هيثم المفدى - حفظه الله -، وأكد على ذلك في بعض خطاباته وأحاديثه مع شعبه، ومن هذه الأسس والمحددات التي ستكون ضمن هذه الخطة الإستراتيجية الوطنية، ومنها أهمية الارتقاء بالتعليم والتأهيل إلى جانب البرامج الاقتصادية الأخرى الموضوعة في هذه الخطة، وأن يسيرا معًا جنبًا إلى جانب، مع رؤى جديدة ومتجددة ومتوازنة في هذه الخطط، مع الثورة المعلوماتية ونتاج تقنياتها العلمية، وكذلك أهمية تنويع مصادر الدخل القومي، ما تزخر به بلادنا من ثروات طبيعية هائلة في مجالات متعددة، وبما يعزز التطوير والتخطيط السليم في مراحل الخطة كما سارت عليه منذ عدة سنوات.
ولذلك فإن مسار هذه الخطة بإذن الله، سيكون مختلفًا وإيجابيا عما سبقها من الخطة الماضية 2020، من خلال ما تم في فيها من برامج مستفيضة ونقاشات وحوارات مع المجتمع الأهلي ، وقد أشرت في أحد المقالات السابقة، إلى أهمية البيان الذي صدر من المجلس الأعلى للتخطيط في البداية، عن خطة تنفيذ هذه الخطة الجديدة، والتي تم الإعداد لها منذ عدة سنوات مضت بصورة مكثفة، وذلك بهدف أن تأتي الخطة معبرة عن تطلعات كافة شرائح المجتمع، وللتأكد من مدى مصداقية أهدافها وأولياتها الموضوعة ، كما عقدت حلقات نقاشية امتدت لفترات طويلة وممتدة، استهدفت التعرف على مرئيات الوزارات ومختلف الهيئات فيما يتعلق بالأهداف والمرتكزات المقترحة للخطة، ولذلك نتأمل أن تستمر المتابعة الفنية والعلمية المستمرة والبرامجية، بنفس الوتيرة السابقة، بحيث تنطلق الخطط كما حدد لها من قبل، خاصة مراحل التنفيذ التي تم تحديدها مع المراجعة المستمرة بعد كل خطة مرحلية وهي الخطط الخمسية، بعيدًا عن التنظير دون التطبيق الفعلي للخطط، وهذا ما نتمناه أن يتحقق بالصورة التي رسمت منذ الإعداد لهذه الخطة من بداية تأسيسها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذه الخطة من هذه
إقرأ أيضاً:
المجلس العربي: سياسة الحصار والتجويع التي تُمارس بحق غزةتحولت الى إبادة جماعية صامتة
أدان المجلس العربي، جريمة “التجويع الممنهج” التي يتعرض لها سكان قطاع غزة منذ أشهر، محمّلًا الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن الأوضاع الإنسانية الكارثية التي تهدد حياة أكثر من مليوني مدني، وسط صمت دولي مخزٍ ومتواطئ.
وقال المجلس في بيان صادر عنه إن سياسة الحصار والتجويع التي تُمارس بحق أهالي غزة أدت إلى موت العشرات من الأطفال والمسنين جوعًا وعطشًا وحرمانًا من الدواء، محذرًا من أن الوضع قد يتحول إلى “إبادة جماعية صامتة” ما لم يتحرك العالم لوقف هذه الجريمة.
وأضاف البيان: “الاحتلال يمنع حتى الفتات من المساعدات، في تحدٍ سافر للقانون الدولي الإنساني، وبدعم مكشوف من قوى دولية تكتفي بالشجب اللفظي بينما توفّر له الغطاء السياسي والعسكري.”
وحمّل المجلس العربي عددًا من الدول العربية المشاركة في الحصار – سواء بإغلاق المعابر أو التنسيق الأمني أو الصمت – مسؤولية أخلاقية وإنسانية في استمرار هذه المأساة، داعيًا إياها إلى كسر الحصار وفتح المعابر فورًا أمام المساعدات وفرق الإغاثة.
كما دعا المجلس الشعوب العربية، وقوى المجتمع المدني، والضمائر الحية في العالم إلى التحرك العاجل نهاية هذا الأسبوع من خلال مسيرات احتجاجية سلمية في العواصم والمدن، بهدف الضغط على الحكومات والهيئات الدولية لتحقيق ثلاث مطالب أساسية متمثلة بفرض وقف فوري للعدوان، وإنهاء الحصار الظالم على غزة، وإطلاق مسار جدي لإعادة إعمار ما دمّره الاحتلال.
وأكد المجلس العربي أن ما يحدث في غزة “يمسّ ضمير الإنسانية جمعاء”، مشددًا على أن الصمت هو تواطؤ، ومعركة غزة لم تكن يومًا معركة حدود، بل “معركة كرامة وعدالة وحرية لكل الأمة ولكل أحرار العالم